الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كنوز آمال العمدة.. وردة: أنا نادرة الأصدقاء جدّا!

تألقت فى زمن الأصالة وسط العمالقة، وحينما ظهر الجيل الجديد توقّع الجميع أن تكون من بين مَن ستغرقهم الموجة الغنائية الجديدة، لكنها استطاعت ببراعة أن تعيد صياغة نفسها وتدخل فى منافسة مع المطربين وتتفوّق عليهم، ولم يكن تفوقها عليهم مفاجأة؛ فأصالة فنّها وشباب صوتها لا يجتمعان إلا فى وردة..



وهذا نص الحوار النادر الذى تنشره مجلة «روزاليوسف»

 ميكروب عبدالوهاب هو الشافى

آمال: ما هى آخر أغنية سعدت بها؟

وردة: «باندَه عليك» للأستاذ عبدالوهاب، فهو يشبه الميكروب الذى تغلغل فى حياتى وأصبحتُ لا أستطيع الاستغناء عنه، وميكروب عبدالوهاب هو الشافى بالنسبة لحياتى الفنية.

آمال: ألم تفكرى فى الغناء للشعراء أمثال نزار قبانى وأبو القاسم الشابى؟

وردة: نزار له مطربون يحبهم ولا يؤلف إلا لهم، أمّا بالنسبة للقصائد بشكل عام فلقد غنيت الكثير من القصائد الوطنية للجزائر، ونجحت جدّا داخل الجزائر.

آمال: قلتِ إنك تريدين الخروج عن القديم، وأنت فنانة متحضرة.. فما الذى تتصورينه عن الجديد الذى يمكن أن يبهر الناس بك؟ وردة: لا بُد أن أغنى عملًا جديدًا، وهذا يتطلب وجود مؤلف يكتب لى شيئًا أقوله وليس كلامًا مرصوصًا بجوار بعضه لا يربطه رابط؛ بل أريد قصة أغنيها تختلف عن القديم وتخرج عن نمط المذاهب والكوبليهات.

آمال: هل تعتقدين أن الأغانى القصيرة يمكن أن تستقر فى أذهان الناس؟ 

وردة: نعم؛ لأنها قصيرة وجميلة، وهذا أفضل من سماع ملحمة طويلة، والكارثة أننى لم أعد أستطيع التفرقة بين أغنياتى. آمال: وماذا عن الكلاسيكيات؟

وردة: أنا لستُ كلاسيكية كأم كلثوم، فأنا لست أم كلثوم ولا نسخة منها لكن طريقى غير ذلك تمامًا.

آمال: هل تستطعين معرفة رد فعل أغنيتك عند الناس؟ 

وردة: أقيس رد فعل الناس من أول كلمة فى الأغنية فأعرف إن كانت ستعجب الحاضرين أم لا، وهذا نابع من تجربتى وخبرتى مع الفن.

آمال: هل تمنيت يومًا أن تغيرى شكل الأوركسترا على المسرح؟ 

وردة: نعم فكرت فى ذلك، ولكن لو فعلت ذلك فسأواجه نقدًا عنيفًا، فمثلًا لو تحركت بالميكروفون على المسرح الجمهور لن يقبل هذا من وردة، وتصورى أننى مثلًا لو قمت بعمل أى حركة بسيطة على المسرح فأجد عشرات المقربين لى ينتقدوننى وعلى رأسهم عبدالوهاب.

آمال: وفى الموسيقى.. ما الجديد الذى تريدينه؟ 

وردة: أريد فورمات وليس مذاهب وكوبليهات، وكل الملحنين يستطيعون فعل ذلك لكنهم يرون أن الجمهور اعتاد على نمط معين ويخشون من عدم النجاح ومن عدم تصفيق الجمهور، فالفرومات ليس فيها تقطيع يتيح للجمهور التصفيق.

آمال: هل تشعرين بأن الجمهور فى هذا العصر يسمع بأذنيه؟

وردة: بل بوسطه، ولو لم تكن فى الأغنية جملة يرقصون عليها فويل للمطرب منهم.

آمال: وما دلالة ذلك من ناحية الذوق؟

وردة: هناك مشكلة اسمها أحمد عدوية؛ حيث نجح هذا المطرب فى أن يجعل أذن الناس تعتاد على نمط موسيقى معين، وأنا غنيت من قبل أغنية «بلاش تفارق» وكانت أغنية جميلة وتحكى قصة ولكن أهم ما فيها أن كان فيها قطعة للرقص، وليس معنى ذلك أننى أريد أن أغنى محزنة، لكن أيضًا ليس أغنية كلها رقص، والمَلل الذى أشعر به هو من أعمالى أنا ولا دخل لأحد فيها فأنا أريد تجديد نفسى وتجديد السمع أيضًا وجعل الناس يحبون ما أتمنى تقدميه لهم.

 حزنت على فايزة وتفهمت بليغ

آمال: ما سر صداقتك للمطربة الراحلة فايزة أحمد فى أواخر أيامها؟

وردة: أنا حزنت على فايزة أحمد كما لم أحزن على أحد من قبل، فلقد صدمت لوفاتها صدمة غير عادية لدرجة أننى فشلت فى السير فى جنازتها، فقبل أسبوع من وفاتها كنا قد أصبحنا صديقتين حميمتين وسألتها لِمَ لَمْ تكن هذه الصداقة من قبل؟ فقالت لى إنها لم تحبنى إلا الآن حينما رأت وردة الإنسانة، وكانت خفيفة الظل بشكل غير عادى.

آمال: ألاحظ أن أكثر ما يحزنك فى البشر هو المرض…

وردة: أنا أخشى المرض جدّا وأكرهه وأشعر أن المرض هو الشىء الذى يشل حركة الإنسان.

آمال: فِيمَ تتمثل السعادة من وجهة نظرك؟

وردة: فى الاستقرار.

آمال: ما الشىء الذى استفدتيه فى حياتك من علاقتك بالرجل عمومًا؟

وردة: أولًا أنا لم أكن زوجة مثالية لأننى حُرمت من أولادى مما كان يصيبنى بنوع من العصبية والقلق.

آمال: فى لحظة اعتراف مَن الذى تسبب فى فشل العلاقة بينك وبين بليغ حمدى؟

وردة: نحن معًا سبب ذلك، فلا يمكن أن يكون هو السبب فى ذلك وحده، صحيح هو أهملنى فى فترة ما، لكن لم يكن يجب أن أصدق كلام الناس عنه وكان يجب أن أواجهه وأتأكد من صحة كل كلمة تقال ضده، لكننى طلبت الطلاق ودون إعطاء نفسى مهلة للتفكير. آمال: من غير المعقول أنه حينما يرتكب الإنسان أخطاء فى الحياة أن يظل باستمرار يرتكب نفس الأخطاء.. فما هى الأشياء التى تشعرين بداخلك أنه يجب أن تفعليها لتعيشى مستقرة فى بقية حياتك؟

وردة: أولًا يجب ألّا أسَلِّم نفسى لأى رجل بنسبة 100% مَهما كان هذا الرجل، وثانيًا أن أحاول بقدر الإمكان أنه حينما أطلب منه تقديم تنازلات فلا بُد أن أقدّم أنا بعض التنازلات، لكن المهم ألا تتعلق هذه التنازلات بابنى؛ لأن ابنى هو الإنسان الأول فى حياتى، ولتعلمين أن ما كان يُغضب بليغ حمدى هو شوقى الدائم لرؤية أبنائى وطبعًا تَركى للبيت ثلاث مرات فى السنة غير مقبول من معظم الرجال.

آمال: وبالنسبة للأصدقاء.. هل حصلت على دروس فى حياتك من الصداقات؟

وردة: أنا لم أصدم من أصدقائى أبدًا لأنه لم يحدث يومًا أن كان عندى أصدقاء كثيرون.

آمال: ومَن هم أقرب الأصدقاء إليك؟

وردة: محمد عبدالوهاب وأسرته وأحمد فؤاد حسن وأسرته وهؤلاء هم الذين لا يمكن أن تسير حياتى من دونهم لدرجة أنه قد مرت فترة لم يكن من الممكن أن يمر يوم لا أرى عبدالوهاب فيه.

آمال: أسفارك فى أوروبا وفى باريس على وجه التحديد ماذا أعطتك كفهم وكتصور؟

وردة: هذه الأسفار هى التى تجعلنى لا أعيش فى قمقم كغيرى من الفنانين، فأنا ولدت فى باريس وأستفيد من الحياة والغناء هناك، فالغناء هناك فيه حرية كاملة فى النصوص.

 أخاف السينما وقسوة النقاد

آمال: لِمَ لَمْ تستمرى فى التمثيل رغم أننا نحتاج للممثلة ذات الصوت الجميل ونفتقد للفيلم الغنائى،  ورغم أنك أثبت حضورًا جيدًا فى أفلامك؟

وردة: هناك أسباب كثيرة وراء عدم استمرارى فى التمثيل؛ أولها عدم وجود القصة الجيدة، وهناك شىء لا يعجبنى هذه الأيام وهو أننى أسمع الناس يتحسرون على الأفلام الغنائية أيام الأبيض والأسود، وهذا يبعث فى النفس الإحباط لأن كل أفلامى ألوان لذا فإنهم يرون أننى لم أمثل أفلامًا جيدة وأتعب فيها.

آمال: هل هناك قسوة من النقاد الحاليين؟ 

وردة: نعم، وهناك جهل من بعض الناس أنهم يرددون ما يقوله النقاد.

آمال: لكن حينما يقتنع الممثل بالعمل يجب أن يقوم به دون أن يفكر فى النتيجة؟ 

وردة: هذا ينطبق على مجال الغناء الذى أعتاد عليه، فحينما أغنى أغنية لا أكون متأكدة من نجاحها ورغم ذلك أغنيها بثقة، أمّا التمثيل فليس هو المجال الذى اعتدت عليه، ولذلك فأنا أخشى السينما وأخطو كل خطوة فيها بخوف.

آمال: هل خوفك من الجماهير وأنت تواجهينها على المسرح كمطربة أقل من خوفك فى مواجهة كاميرا فى بلاتوه سينما؟

وردة: الأمر مختلف تمامًا، فأنا أواجه الجمهور على المسرح كمطربة وأنا أغنى وهذا مجالى ويخالف الأمر تمامًا بالنسبة للتمثيل. آمال: وما انطباعك عن منتجى السينما؟ 

وردة: إنهم للأسف لا ينفقون على القصة أو الفنان أو المخرج وكل ما يريدونه هو التوفير، فنشعر أن العملية كلها عبارة عن بيع وشراء، ومعظم المنتجين الذين اجتمعت بهم كنت أريد أن أنهى الجلسة معهم فى منتصفها وهذا باختصار هو موقفى عن منتجى السينما.

 فى هذه الأيام أنام بمهدئ

آمال: كم ساعة تنامينها كل يوم؟

وردة: لا بُد أن أنام ثمانى ساعات، والنوم يوفر لى الكثير من التركيز رغم أننى فى بعض الأحيان أتقلب فى السرير لا أستطيع النوم. آمال: فى الليالى التى تسبق الحفلات التى تغنين فيها، هل تنامين؟ 

وردة: لا أنام أبدًا فى هذه الليالى إلا بمهدئ؛ لأننى أتخيل ما الذى سأفعله وماذا سيحدث لى وهل ستنجح الأغنية أمْ لا.

آمال: كم تستغرقين من الوقت فى شراء ملابسك التى تظهرين بها فى حفلاتك؟ 

وردة: أنا أقوم بتفصيل مجموعة من الفساتين فى باريس سنويّا، وأنا لا أتعامل مع مصميين وخياطين محددين بل أغيّرهم باستمرار تبعًا لتطور الصيحات العالمية.

آمال: مَنْ مِن المطربين الجُدُد تشعرين بأن فيه أملاً للغناء العربى؟ 

وردة: أنا أحب محمد الحلو، وأحب أيضًا إيمان البحر درويش لكن عليه أن يخرج من اللون الذى يغنيه ويجدد.

آمال: وبالنسبة للمطربات مَن منهن تشعرين فى صوتها بالأصالة؟ 

وردة: نجاة.

آمال: ومَن الذى تشعرين بأنه ملحن فنان ومعطاء مثل الأستاذ عبدالوهاب؟ 

وردة: لا يوجد ملحن مثل الأستاذ محمد عبدالوهاب أبدًا.

 بدأت أتعب من فراغ حياتى

آمال: ماذا عن ظروف حياتك النفسية فى الوقت الحالى؟

وردة: لا تسأليننى عن ظروفى النفسية فى الوقت الحالى لأنها ليست جيدة، فلقد بدأت أتعب من فراغ المساحة الفنية فى حياتى،  ففى الماضى كانت المنافسة تعطينى حماسًا لكل شىء؛ للأغانى والحياة والحركة، أمّا الآن فلا يوجد من أنافسه وأتفوّق عليه، وهذا لم يهدم حياتى لكنه يتعبنى بالفعل، والشىء الثانى أننى أشعر أننى أكبر فى السّن، وحينما أشاهد أفلامى وأغنياتى القديمة أشعر أنه لا يمكن أن أعمل مثل هذه الأعمال، ولا تسأليننى كيف ذلك فهو إحساس بداخلى، والحقيقة أن وجود أولادى معى أيضًا يزيد من هذا الإحساس بداخلى، فإحساس الأم يطغى على إحساس الفنانة بداخلى.

آمال: كم سَنة عشتِ فيها بعيدًا عن أولادك؟

وردة: أنا عشت بعيدة عنهم لمدة عشر سنوات كنت أزورهم ثلاث مرات كل عام.

آمال: ألم يحدث القرب الحادث الآن طوال هذه السنوات؟

وردة: للأسف لم يحدث، وهذا القرب جعلنى أشعر بأن هناك سندًا بجوارى وأن هناك أحدًا من دمى يخاف علىَّ ويساندنى وليس شخصًا أعطى له راتبًا لكى يخاف علىَّ ويرعانى،  ويكون سندًا لى.

آمال: احكى لى عن ابنك رياض....؟

وردة: رياض طيب جدّا وطموح ويميل للفن والموسيقى والرسم بشكل غير عادى، وهو يسمع كل أعمالى،  ويفهمها وفى بعض الأحيان يُسمعنى أعمالًا أجنبية جميلة.

آمال: هل إجادته للغة العربية ضعيفة؟

وردة: لا طبعًا؛ فهو يجيد التحدث والكتابة باللغة العربية، لكن اللغة الفرنسية أقوى لأنه يعتبرها لغته الأولى.

آمال: وهل وجوده نظّم لك حياتك؟

وردة: نعم؛ ففى الماضى كنت أستيقظ فى الثالثة عصرًا أمّا الآن فلقد اعتدت على الاستيقاظ فى التاسعة أو التاسعة والنصف وأصبحت حياتى مبرمجة على أن فى البيت شخصًا لا بُد أن يتناول غداءه فى الثانية والنصف بعد الظهر.

آمال: إذن فلقد أعاد رياض إليك الأمومة؟

وردة: الأمومة لم تكن كاملة عندى لكنها كانت موجودة ولم تكن ضائعة، لكن الآن يعيش معى ابن يخاف علىَّ وعلى مشاعرى وحياتى وعملى.

آمال: وماذا عن ابنتك وداد؟

وردة: هى تعيش فى الجزائر ومتزوجة من رجل جزائرى.

آمال: ألم تتمنين أن يكون ابنك فنانًا؟

وردة: لا أتمنى أن يكون فنانًا، إلا فى حالة واحدة وهى أن يتمنى هو ذلك، وهو يجيد العزف على الأورج بمنتهى البراعة فيعزف كل أغنياتى إضافة إلى ألحان محمد عبدالوهاب وحلمى بكر.

آمال: ما الذى أخذه منك من السمات والشخصية؟

وردة: فى الحقيقة لا أعرف، لكن هناك الكثير من أقاربنا وأصدقائنا يقولون إنه يشبهنى، وأنا أعتقد أن شخصيته قريبة منّى جدّا، لكنه هادئ جدّا وإن كانت بداخله عصبية لا يُظهرها، ولكنّ لديه شيئًا لسنا مشتركين فيه فهو يحسب حياته ويحدد طريقه بنفسه، لكنى دائمًا أقول له إن طموحه شىء وميوله العاطفية شىء آخر.

آمال: هل نزع من حياتك الإحساس بالوحدة؟

وردة: بلا شك؛ لقد ملأ دنياى.

آمال: وأخيرًا فى نهاية رحلة حوارنا معًا أسأل وردة متى تذبل الوردة؟

وردة: لن نهرب من الحقيقة؛ فلقد بدأت وردة فى الذبول.