الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رحلة النجم الأسمر بين الشهد والدموع.. شيكابالا ذو الوجهين «المشاغب والحريف»

الإجماع على موهبة زرعها الله فى إنسان، تعد نعمة ورزقًا طيبًا قلما يحدث، وحسن التصرف فى هذه الموهبة من عدمه متروك كليًا لمن رُزق بهذه الموهبة، من حيث التفريط فيها فى غير محلها أو تكريسها وتوجيهها فى المكان الصائب، ويعد مالكها هو صانع القرار فى النجاح أو الفشل.. محمود عبدالرازق الشهير بـ «شيكابالا»، موهبة لا يختلف عليها اثنان من حيث السرعة والمهارة والتسديد، كل فنون اللعبة تتلخص فى كلتا قدميه، صاحب توكيل انتزاع الآهات من أفواه المعلقين، وإخراج الصيحات من حناجر المعلقين، سارق قلوب جماهير القلعة البيضاء، يملك مخزونًا مهاريًا وفنيًا يجعله بين كبار اللعبة فى عالم الساحرة المستديرة، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، أحيانًا تأتى بعض المعوقات تعطِّل وتؤخر مسيرة نجم سطع اسمه ولمع بريقه على المستطيل الأخضر، وهذا مع حدث مع النجم الأسمر الساحر شيكابالا.



رغم التخبط الإدارى الذى عصف بنادى الزمالك، والتغيرات التى لحقت بالجهاز الفنى، وتذبذب المستوى وتراجع النتائج فى الفترة الأخيرة؛ فإن الساحر شيكابالا نجح بتألقه وأدائه المميز فى المباريات الأخيرة مع الزمالك أن يُعيد تقديم نفسه مرة أخرى بحثاً عن تحقيق «الأمنية الأخيرة»، بالصعود لمنصة التتويج وقيادة الفريق الأبيض، لحصد الألقاب المحلية والإفريقية حتى يكون بمثابة مسك الختام لمشوار أحد المواهب الحقيقية فى عالم كرة القدم.

 الوجه الأول لشيكا «الحريف»

يظل واحدًا من أساطير نادى الزمالك، كونه ساحرًا نجح فى خطف قلوب كل الجماهير الزملكاوية، بلمساته وتمريراته الدقيقة، ومراوغاته وأهدافه الجميلة، والتى طالما رسمت الفرحة على قلوبهم، منذ البداية ومع أول لمسة له مع الفريق حين تم تصعيده عام 2002 أمام فريق غزل المحلة، فى بطولة كأس مصر، وضع بصمة فى عقول كل جماهير الزمالك، إنه لاعب من طراز فريد بفضل لمساته وتحركاته، ولم يكتف بهذا القدر؛ بل نجح فى إحراز هدف عالمى فى شباك زعيم الفلاحين، ليؤكد أنه موهبة جديرة بالاهتمام ويعلن عن انضمام وافد جديد ونجم كبير إلى مدرسة الفن والهندسة، ولكنه لم يستمر طويلًا مع الفريق وخرج فى رحلة احتراف قصيرة فى الدورى اليونانى مع فريق باوك، ولكنه لم يستمر وعاد بسبب ظروف التجنيد.

هنا بدأت لحظات العشق والغرام بين جماهير الزمالك، والنجم الأسمر شيكابالا، والذى قدم مستويات رائعة وأداءً جعل فريق الزمالك يتلخص فى شيكا، لدرجة جعلت المدير الفنى البرتغالى لنادى الأهلى مانويل جوزيه، فى أحد المؤتمرات الصحفية، قال: إذا أردت وقف زحف الزمالك، نحو قمة الدورى عليكم بإيقاف شيكابالا، إنه الأفضل والورقة الرابحة بالفريق، وصل الأمر أن 90 بالمائة من أهداف الزمالك، فى فترة من الفترات كانت تحمل توقيع النجم الأسمر، أو تكون من إحدى تمريراته، أهدافه عالقة بالأذهان كونها تحمل النكهة العالمية، وحبه الجارف للقلعة البيضاء، جعله حين يتم إيقافه يحضر اللقاءات مع جماهير الدرجة الثالثة، ليؤازر الفريق كل هذا جعله الحب الأول والحقيقى لجماهير ميت عقبة.

الفترة الأخيرة شيكابالا يسعى جاهدًا لتحقيق ما فاته فى السنوات الماضية، وهو البحث عن البطولات والألقاب، مع رفاقه ويسخّر مجهوداته ولعبه الفردى للصالح العام، ويكفى القول إن معظم الأهداف الحاسمة للزمالك فى الفترة الأخيرة تحمل توقيع النجم شيكابالا، عاد المدربون ليعتمدوا عليه من جديد، هو أثبت «أن الدهن فى العتاقى»، وبات يصول ويجول فى الملعب ويمرر ويحرز ويعود إلى سابق عهده ولكن بمزيد من الخبرات، والهدوء والعقلانية، والتحفز لكسب البطولات مع فريقه.

 الوجه الآخر لشيكا «المشاغب»

كان العدو اللدود لشيكابالا، دائمًا هو تصرفاته التى يشوبها بعض التوتر والانفعالات الزائدة، التى عرقلت مسيرته نحو النجومية والتألق وحصد البطولات، فى عز مجده الكروى كان يختلق الأزمات مع المدربين أو مجالس الإدارات، أو الحكام وأحيانًا الجماهير ليكون الإيقاف هو العقاب الرادع له، ولعشاقه الذين يحرمون من فنيّاته ولعبه وسحره داخل المستطيل الأخضر، من أشهر المشاكل التى اختلقها النجم الأسمر، كانت مع المعلم حسن شحاتة، فى مباراة بدورى أبطال إفريقيا، كانت «تحصيل حاصل» والفوز ضمن للزمالك، التأهل ورغب المدير الفنى للزمالك إراحة شيكابالا، إلا أنه لم يتفهّم الموقف وخرج عن الملعب والنص، وظل يصرخ فى وجه المدرب، ليتم إيقافه لفترة طويلة، وفى الكثير من الأحيان يفقد تركيزه لدخوله فى أحاديث جانبية مع جماهيره أو جماهير الفريق المنافس، لدرجة تجعله ينهمر فى البكاء من شدة موجة الغضب التى تشنها الجماهير عليه، بسبب تفاعله مع الجماهير وحدوث شد وجذب بين الطرفين.

يعد شيكابالا بالفعل موهبة نادرة فى الملاعب المصرية والعربية والإفريقية، وكادت أن تصل إلى العالمية، ولكن التدليل والدلع فى الصغر بمدرسة الكورة بنادى الزمالك، والإحساس المفرط بالنجومية منذ الصغر، جعل ابن النوبة دائم التمرد والعصيان، ويصعب ترويضه؛ حيث كان مثل « الترمومتر» الزئبقى، غير ثابت أو مستقر وفى عز تألقه تظهر مشكلة تجنح بالمستوى العالى الذى يقدمه إلى دكة البدلاء أو الإيقاف، النجم الأسمر «شيكا»، موهبة كبيرة ولكنها لم تستغل بالشكل اللائق، وتم استنفاد طاقتها بشكل غير صحيح، على الجانب الفردى والمهارى والخططى، لاعب كبير قلّما تكرر، لكن مشاكله وأزماته كانت حائلًا وحائط صد لمسلسل التألق والسير على نفس الوتيرة، ولكن لا لجماهير الزمالك آمال عريضة تضعها على شيكابالا للعبور بالفريق من هذا النفق المظلم، ويكون هو ربان السفينة، خاصة بعد هدف الغالى والحاسم فى المباراة الماضية أمام فريق المولودية الجزائرى، فى الجولة قبل الأخيرة من دور المجموعات بدورى أبطال إفريقيا، ليكون الفوز بمثابة بارقة أمل بيضاء للقلعة البيضاء.