الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وحدة.. ما يغلبها غلاب..!

لايعرفون الآن فى أوروبا حكاية نقاط التفتيش على الحدود والمدافع الرشاشة فى أيدى الجنود.. والحواجز الضخمة والأسلاك الشائكة بين حدود دولة وأخرى.. ومن الواضح أنها اختراعات منقرضة.. تخلت عنها دول أوروبا المتحدة.. ولانراها الآن سوى فى أفلام الأبيض والأسود.. أو فى بلادنا العربية التى نحلم بالوحدة ونغنى لها.. مع أنها أبعد ما تكون عن شروط الوحدة التى نعرفها وتعرفها دول أوروبا.. وقد عاينت المسألة شخصيا.. وتعمدت الدخول والخروج من جنيف السويسرية إلى فرنسا وبالعكس عشر مرات فى اليوم الواحد.. عسى أن يضبطنى جندى واحد من حرس الحدود.. دون جدوى.



ومع أننا أولاد العرب.. من هواة الاقتباس والنقل عن الخواجة.. إلا أننا فى مسألة الحدود والتراب الوطنى لا نفرط ولا نساوم.. وأراهن لو استطاع مواطن عربى أن يمر من نقطة حدودية واحدة فى دولة عربية.. دون أن يخلع ملابسه كاملاً للتفتيش طبعا - وليس لأسباب أخرى - بل إن المواطن المصرى لا يستطيع أن يعبر مثلا إلى داخل بعض المدن دون أن يتوقف للتفتيش والسؤال عن الصحة والأحوال وأسباب الزيارة الكريمة!!

ومع أننا شعب واحد.. فى أقطار عربية متجاورة.. ولا أعرف لماذا لا نستخدم القطر السريع للربط بين الأقطار.. كوسيلة للترابط والمعرفة.. مع أننا فى عصر المحتل الغاشم كنا نستخدم هذا القطار الذى كان يمتد من حلب السورية إلى أوروبا.. ويمتد طبعا من جميع الأقطار العربية إلى حلب التى كانت محطة الترانزيت قبل الانطلاق الأوروبى.. والغريب يا أخى أننا الآن نمتلك الفلوس الكثيرة.. ونشترى جميع أنواع السيارات المعروفة وغير المعروفة.. ونقتنى الطائرات طبعا.. العامة الخاصة.. لكن فى مسألة القطار الذى يوحدنا ويجمعنا.. هناك حالة من الخصام والمقاطعة.. لا أعرف لها سببا!!

الخيبة.. أننا فى مصر المحروسة التى ترفع شعار السياحة.. ولدينا وزارة للسياحة لها وزير ووكلاء وزارة ومديرو عموم وهيئة تنشيط ومجلس أعلى وميزانية سيارات وسفريات.. ومع هذا نضرب السائح ونصر على استخدام القطار المجرى فى الربط بين أسوان قبلة السياحة وباقى مدن الجمهورية.. ولو نصفنا لكانت أسوان بالذات هى مركز القطار الفائق السرعة!!

ولو كنا جادين حقا.. ونرغب فى تحقيق الوحدة العربية واقعيا.. وليس بالكلام والأغانى والأشعار.. لاستوردنا هذا القطار فورا لنربط المحيط بالخليج حق وحقيقى.. لنخلق حالة من التعارف والتآلف العربى.. نفتقدها بشدة.. تصور سعادتك أن المسافة من طنجة بالمغرب إلى الإسكندرية فى مصر.. يقطعها القطار السريع فى تسعة ساعات فقط ولا تزيد.

وأقر وأعترف.. أننى رغم حماسى لاستخدام القطار السريع الذى تعرفه أوروبا كلها وتستخدمه للربط بين مدنها وعواصمها يقرب فيما بينها.. وإلا.

إننا لا نستطيع التعامل بواقعية مع الفكرة.. وتخيل حضرتك أنك لو ركبت هذا القطار فى سياحة داخلية من النوع المخصوص.. كما يفعلون فى أوروبا المتصالحة.. فسوف تعرض حياتك لخطر عظيم.. وسوف تصادر فلوسك وأوراقك.. وسوف يتحفظون على شنط هدومك وكتبك ونظارة القراءة.. وسوف تزور جميع السجون العربية بلا استثناء!

سياحة فريدة.. مرة بتهمة الشيوعية ومرة بتهمة الناصرية.. ومرة بتهمة الرجعية والعمالة للأمريكان.. وتارة لأنك جاسوس متنكر.. وتارة لأنك تشبه واحد صينى.. وسوف تعرض على جميع نيابات أمن الدولة.. ونيابات تهريب العملة والمخدرات.. ومباحث التزييف والآداب والتموين فوق البيعة!!

وفى النهاية سوف يودعون حضرتك مستشفى الأمراض العقلية.. على اعتبار أنك مجنون رسمى.. وضعت نفسك موضع الشبهات بركوبك هذا القطار العجيب.. وصدقت ما يقولون عن الوحدة العربية.. التى ما يغلبها غلاب..!!>