الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خيال واقعى.. ورا كل باب

أبواب مغلقة على حكايات من قلب المجتمع وروح الناس، قصص من الممكن ألا تسمع عنها عمرك كله، لكن من الممكن أن تتخيلها، تتخيل ما يحدث وراء كل باب، فتسأل نفسك: «يا ترى إيه قصتهم؟»، هل جاء عليك يوم وأنت تمشى وسط زحام الشارع المكتظ بالبشر وتنظر لأى منهم وتتساءل عن قصته وفرحه وألمه، عمّا يشغل عقله ويفطر قلبه، أو مررت بجانب سيارة بداخلها رجل وامرأة يتشاجران وتساءلت فى مخيلتك عن سبب الشجار ومَن منهما على حق، بعض منّا لديه تلك المُلكة، مُلكة التخيل أو التوقع أو بمعنى أصح التعمق فى تفاصيل كل ما يحدث من حولنا، وذلك بالتحديد ما صنعه مسلسل (ورا كل باب) الذى تعرضه منصة «watch it»، ويقدم قصصًا مختلفة، كل منها تدور فى خمس حلقات يكتب مؤلفوها كلمات تحوى عمقًا وجمالاً فنيّا يعكس واقعًا نعيشه يوميّا.



«إحنا فى غفلة الناس دى كلها عندها نعم كتير ومش حاسين بيها أو حاسين وعاملين مش واخدين بالهم، وأهى الكورونا جت علشان تفوَّقنا يمكن نفوق ونفهم إيه فى كل إللى حوالينا ده يسوى وإيه ميسواش».

كلمات تحمل رسائل مفعمة بالحكمة والمعنى الحقيقى للحياة وحجمها الضئيل بكل ما نعيشه بها من أفراح وأحزان، انتصارات وانكسارات، كلمات من الممكن أن ترد على ألسنة كبار السِّن كترجمة للحكمة التى وصلوا إليها بعد مرور حياة كل منهم المليئة بالأحداث، لكن من غير الطبيعى أن تصلك تلك الرسائل وأنت شاب فى مقتبل العمر تبدأ رحلة حياتك، إلّا بعد معايشتنا لأزمة وباء كورونا، فمعظمنا وصلت له تلك المعانى والرسائل بعد مرور شهر أو اثنين من تلك الأزمة، فهناك من ظل يردد كلمات مشابهة بينه وبين نفسه، وهناك من فتح نقاشًا حول معنى الحياة وقيمة كل شىء مع أهله أو أصدقائه، لكن فى النهاية معظمنا باختلاف اللغة والدين والعِرق لمسنا تلك الكلمات. هى جُمل من جُمل كثيرة تضمنها حوار مسلسل (ورا كل باب) فى حكايته الأولى (مالناش إلا بعض) الذى يجسد بشكل أشبه بالمعايشة اليومية الحقيقية ما مَرّ بنا منذ مارس 2020، جُمل كتبها المؤلف «باهر دويدار» عَبَّرت عن حالة عدد من الشخصيات التى توارت وراء أبواب بيوتها حفاظًا على السلامة الشخصية أو سلامة الآخرين، خمس حلقات نقلت تلك الحالة، كيف يعيشون يومهم، مما يعانون، ما يتمنون، مشاعر داخلية زخمة لا تختلف كثيرًا عن جُمل أخرى كتبها المؤلف «محمد الشواف» فى الحكاية الثانية (يوم من الأيام)، فعندما كتب «الخطوة فى الخير زى المشى على الرمل مالهاش صوت بس بتسيب أثر»، وهى جُملة ترددت أكثر من مرّة خلال خمس حلقات الحكاية لتوصل رسالة نسيناها جيلاً بعد جيل وهى العطاء والإيثار ومَد اليد بالخير الذى يتوارثه الأجيال ليصبح أغلى ميراث وأكثره تأثيرًا وبقاءً، جُمل نقلها للمشاهدين مجموعة من الفنانين ارتدوا عباءة قريب لهم أو صديق أو جار أو حتى أنفسهم فى أى من الحكايتين، وعلى رأسهم «صابرين» فى دور الأم التى تعانى الوحدة، و«جمال عبدالناصر» فى دور الطبيب المصاب بـ«كورونا»، وأيضًا «سمر علام» فى دور الطبيبة المقيمة فى مستشفى عَزل، و«عابد عنانى» فى دور الشاب الذى فقد عمله بسبب أزمة «كورونا»، و«أحمد خليل» فى دور الجد المعطاء ،و«يوسف عثمان» الذى أتقن دور الشاب الكفيف، وغيرهم من الشخصيات الذين تم تجسيدهم بإبداع وحرفية وصدق يجعلك كمشاهد تعيش كل حالة بكل تفاصيلها ومعاناتها، معايشة تأخذك لحياة كل منهم فترى نفسك مكان إحدى الشخصيات وتشعر بكل ألم أو فرح أو قلق أو أمل.

كلها عناصر اجتمعت لتحقيق هدف المصداقية والنقل الواقعى للأحداث وحالة الشخصيات النفسية التى تأخذنا لأهم ما يمكن أن يحققه أى عمل فنى، وهو التأثير فى المتلقى مع بث الأمل فى النهاية حتى لو كانت النهايات الواقعية ليست سعيدة.