الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الذى وقف على يمينه وأحد أهم أعضاء فرقته يتحدث هانى مهنا: كان يغير علينا إذا عزفنا مع غيره

حفلات «العندليب» التى تم بثها على شاشة التليفزيون المصرى فى سبعينيات القرن الماضى.. كان أكثر ما يميزها، طبعا بجانب روعة الأغانى وأداء «عبدالحليم» لها هو أفراد فرقته الذين كان يختارهم بعناية شديدة. فهو فنان يأبى أن تظهر حفلاته فى مستوى أقل من الممتاز.. لذلك كان يسعى لاختيار العازفين المتميزين فقط.. ومن هؤلاء الموسيقار «هانى مهنا» الذى فتح صندوق ذكرياته عن «حليم» فى السطور التالية..



 

كيف كانت بداية تعاونك مع «عبدالحليم حافظ»؟

ــ كنت أشارك بإحدى الفرق الموسيقية لإقامة حفل للمطربة «نجاة». وعندما كنا نحضر للبروفة كان «حليم» ينتظر بالخارج لبدء بروفة أغنيته الجديدة.. وقد كان دائم التركيز ومراقبة أعضاء الفرق الموسيقية لاستقطاب العناصر المميزة منها.. وبالفعل بعد انتهاء البروفة سأل عنى أحد المتواجدين، والذى عرفه بى، وأكد على رغبته لضمى إلى فرقته. وعرض علىّ الانضمام له ببروفة أغنيته الجديدة والتى كانت (حاول تفتكرنى)، ومنذ تلك الأغنية عملت معه حتى آخر حفلة قدمها فى حياته.

 

 

 

وكيف كان يتعامل مع أعضاء فرقته؟

ــ كان إنسانا كبيرا وكان خيّرا وعطوفا وخاصة مع المقربين له، فكنا فى الفرقة نتعامل كأهل وأصدقاء وهو يعرف أفراد عائلاتنا وما يجرى فى حياتنا الشخصية، رغم أننا كنا نحاول ألا نشغله بمشاكلنا الخاصة، فمن المعروف أن «حليم» كان مجهدا ومتعبا بسبب مرضه المزمن، فكنا نحاول ألا نشغله بأمور سلبية حتى لا يشعر بالسوء. ومع ذلك لم يتأخر أبدا على أحد منا صادفته مشكلة. وبالمناسبة كنا أنا والراحل «عمر خورشيد» الأقرب له وكنا ندخل فى الجزء الشرقى الذى تسكن فيه السيدة «علية» أخته دون باقى الموسيقيين وكان دوما يدعونا للعشاء.

احك لنا عن كواليس البروفات؟

ــ كان يسودها الحب والاحتراف والتركيز الشديد. وهو يحب الأفكار الجديدة والإبداع المختلف، وهذا ما كان يشجعنا على العمل على إضافة بعض الحركات الموسيقية للحن الذى نعمل عليه. فكل منا يستخدم آلته لإظهار مهاراته وعندما يعجب بها «حليم» كان يدعو لإضافتها للنوتة الموسيقى. فهو دائما يشجعنا لأن كل إبداع نقدمه يضيف لأغنيته، فنصبح كلنا جزءًا من الأغنية بالفعل. فكنا مثل فريق كرة القدم الذى يقوم كل لاعب به باستعراض مهاراته لخدمة الفريق ككل وإحراز الهدف فى النهاية.

ما هى الطقوس التى كان يقوم بها قبل كل حفل؟

ــ الحقيقة فى الحفلات الأخيرة لم تكن له طقوس يقوم بها، ولكن كانت هناك طقوس مفروضة عليه.. الإعياء والنزيف والإرهاق بسبب المرض. فكان طبيبه الخاص يتواجد معنا قبل الحفل وبعده. وأذكر أنه قبل حفل أغنية (قارئة الفنجان) أصيب بنزيف مرتين قبل نزوله من المنزل وقبل الصعود على المسرح وكانت حالته صعبة جدا. ولكنه كان مصرا على تقديمها والظهور بأفضل شكل وتحديه كان حافزا لنا أيضا.

هل كان يمنعكم من العمل مع بعض المطربين المافسين له؟

ــ لا لم يحدث، على العكس، كان يريد لنا النجاح ولكنه كان يغار كثيرا على أعضاء فرقته ويريد أن تظل أكثر العناصر تميزا معه دون غيره. ورغم غيرته علينا إلا أنه لا يملك بأى شكل أن يمنعنا، وكنا نشعر بغيرته من نبرات صوته، فأذكر أنه عندما طلبت منى السيدة «أم كلثوم» العزف معها فى إحدى الحفلات عام 1973، أخبرته بالأمر وقال لى أنه سعيد من أجلى وردد قائلا: «مبروك يا سيدي». ولكن ظهر على وجهه علامات الغيرة والخوف من أن يفقد عنصرا من عناصر الفرقة التى يرتكز عليها. وبالمناسبة «عبد الحليم» كان يحب أن يكون فريقه كله من المميزين أى أنه يعمل مع أشطر مصور وكوافير ومصمم ملابس وغيرهم من فريق عمله المقرب، وكان يغير عليهم أيضا.

 

 

 

كيف كنتم تتعاملون مع جماهيره؟

ــ كل أعضاء الفرقة أسماؤهم وأشكالهم أصبحت محفورة فى أذهان الجماهير، وعندما كنت أمر من مكان أو أسير فى الشوارع كنت أصادف أناسا من جمهوره يسألوننى عنه وعن أحواله وآخر أخباره وأغانيه المقبلة، ومعجبات كن يحاولن حضور البروفات وغيرها من هذه الأمور. وبمناسبة المعجبين فهو كان لا يغار من فكرة أنه نجم ونحن كشباب لنا معجبون أيضا. وأذكر أنه كان يدعونا أنا و«خورشيد» على العشاء فى الخارج وعندما كان المعجبون يحيوننا كنا نشعر بالخجل لوجوده بجانبنا، ولكنه كان يشجعنا على التعامل مع المعجبين لأننا شخصان مشهوران فيجب علينا التعامل على هذا الأساس، مؤكدا أن ما نحصل عليه من إعجاب يضيف لرصيده معنا ولا يقلل منه. 

 

ما أكثر شىء تعلمته منه مهنيًا وإنسانيًا؟

ــ حبه للفن كان غريبا لدرجة أنه ضحى بحياته حرفيا من أجل الفن.. وكان دوما يقول لنا «عمر ما حد بيحب فنه وربنا مش بيكرمه». فهو كان حاد الذكاء ويعرف أين طريق النجاح لدرجة أنه لو أحد تعرض طريقه، كان من الممكن أن «يدوسه»، ليس بمعنى الإيذاء، لأنه يعود بعدها ويعتذر لكنه لم يكن يسمح لأى شىء أن يعطل مسيرته الفنية أو طريقه للوصول للقمة.

هل كان أنانيا؟

ــ ليس أنانيا، ولكنه كان يحب فنه إلى أعلى درجة، وبالمناسبة هو يحب نفسه بالفعل ولكن ليس على حساب الناس والجمهور. ولم يؤذ أحدا فى طريقه لأنه يركز على طريقه مهما حدث، حتى إنه كان يتحدى مرضه من كثرة حبه لفنه ولا يلتفت لأوامر الأطباء الذين طالبوه فى سنواته الأخيرة بالتوقف عن الغناء.. وبالفعل كان يعانى من أعراض نزيف حاد وقت البروفات والحفلات وكلنا كنا نشهد على تحديه لنفسه لكى يقدم ما يسعد به جمهوره.