السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

وصف الاحتفال بأنه "بدعة وشرك" لغة الجماعات المتطرفة والإخوان "الأهواء والفكر الظلامى" وراء فتاوى الإخوان والسلفيين فى عيد الأم

تزامنًا مع الاحتفال بعيد الأم، الذى يوافق يوم 21 مارس من كل عام؛  يتردَّد الحديث عن فتاوى متشددة منسوبة للجماعات المتشددة، وكلها تصب فى بؤرة التحريم أو التبديع أو الشبهة، وبعضها يصبح متضاربًا مع الآخر، والغريب كما ذكر المؤشر العالمى للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، أن  (60 %) من فتاوى عيد الأم صادرة من شخصيات غير رسمية، و(40 %) منها من مؤسسات رسمية، وأن (99 %) من فتاوى التنظيمات الإرهابية تتضمن حكم «الكفر» وترى أن الأعياد تقتصر فى الإسلام على عيدَى الفطر والأضحى، وأنه «مناسبة مستوردة من ديار الكفر، وأن  (70 %) من فتاوى جماعة الإخوان الإرهابية عن عيد الأم تدور حول أحكام (غير مستحب – بدعة)، مشيرة إلى أن عدم جوازه يأتى من باب سد الذرائع.



ووفقًا لتقرير الإفتاء فإنَّ ألفاظ فتاوى جماعة الإخوان الإرهابية فقد احتوت على سياسة التنظيم المسمومة والتى تسير حسب الأهواء والمواقف، فكان مما اشتملت عليه ألفاظهم (لا حاجة لنا به – بدعة محدثة – ليس حرامًا – يوم الأم وليس عيد الأم)، لكن فتواهم تضاربت وفقًا للأهواء والمواقف السياسية دفعت الإخوان فى مصر أثناء وجودهم بالسلطة إلى حث الناس على عيد الأم، وتوزيع البطاقات الملونة على المصلين فى المساجد رغم فتاواهم السابقة بعدم الجواز.

أما (السلفيون الجهاديون)  فيذهبون إلى «التحريم وعدم الجواز» بنسبة (%92)، وبرروا حكمهم بأن «عيد الأم» من البدع المردودة ولا يجوز أصلًا تسميته بالعيد، وأبرز مفردات خطاب السلفية الجهادية حول عيد الأم أنه   (عيد كُفار – يوم صليبى – مشابهة المشركين - تقليد أعمى).. بينما كانت أبرز مفردات خطاب التنظيمات الإرهابية عن عيد الأم. (مناسبات ديار الكفر - مناسبات كفرية - ثكلتكم أمهاتكم – أفكار منافية لتعاليم الإسلام)..  وبرصد أشهر فتاوى السلفيين والإخوان عن عيد الأم برزت فتوى تنظيم داعش الإرهابى، التى تعتبر الاحتفال بعيد الأم كُفرًا، وكذلك فتوى يوسف القرضاوى التى قال فيها إن الاحتفال بعيد الأم مُحرَّم شرعًا، وفتوى ياسر برهامى الذى يقول : لا يجوز المشاركة فى الاحتفال بعيد الأم، ولو حزنت أمك، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.

واعتبر الداعية أحمد عبد الله «أبو إسلام»، فى تصريحات تليفزيونية، أن الاحتفال بعيد الأم «حرام» كونه «عيدًا مسيحيًّا» ولا يجوز للمسلمين الاحتفال به، بحسب قوله، أما حاتم الحويني: عيد الأم شرك بالله والاحتفال به تشبُّه بالقوم الكافرين.

مواجهة أزهرية 

 الأزهر من جانبه حاول محاربة تلك الفتاوى من خلال بيانات وفتاوى متعددة كان منها رسالة أصدرها مجمع البحوث الإسلامية بمناسبة عيد الأم قدَّم فيها الأزهر تحية تقدير ووفاء لكل أم أو زوجة مصرية ضحت من أجل تربية أبنائها وبناتها، وأسهمت فى تنشئتهم على القيم الإنسانية واحترام الآخر، وشدَّد على دور الأم فى المجتمع فهى شريك أساسى فى بنائه وتنميته، فهى من تربى الأجيال وتعد الشباب القادر على مواجهة التحديات والوقوف أمام الصعاب لأجل وطنه وللحفاظ على حضارته وتراثه.

بينما أوصت دار الإفتاء  باعتبار مناسبة عيد الأم دلالة رمزية لتكريم الأمهات اللاتى أفنين عمرهن فى تربية أبنائهن، والتذكير بدور الوالدين وحقوقهما التى جحدها كثير من الأبناء، كما نادى بضرورة إيجاد صيغة توافقية تجمع بين مقتضيات العصر ومناسباته الاجتماعية وبين نصوص الشرع، والتوعية المستمرة من جانب المؤسسات المعتدلة، والأخذ بروح الدين فى مثل تلك المناسبات التى تغرس قيمًا إسلامية فى نفوس الناس.

مناسبة لا تخالف الشرع 

وحول مواجهة الفتاوى المتطرفة والمسيَّسة حول عيد الأم يقول د. على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب إن الاحتفال بعيد الأم أمرٌ جائز شرعًا ولا حرج فيه؛ بل هو مظهرٌ من مظاهر البر والإحسان المأمور بهما شرعًا على مدى الوقت؛ فقد قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ).

وتابع: لا يوجد فى الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمرٌ تنظيمى لا علاقة له بمسألة البدعة التى يدندن حولها كثير من الناس؛ فالبدعة المردودة هى ما أُحدث على خلاف الشرع.

كما يؤكد د. مجدى عاشور المستشار العلمى لمفتى الجمهورية أن يوم الأم أمر اجتماعى وهو بدعى لكنه لا يخالف أصول الشرع وبالتالى فهو بدعة حسنة، أنه يجوز تسمية يوم الأم بعيد الأم نظرًا لعوده كل عام.

 وأشار إلى أن من يقولون ببدعية عيد الأم هم البدعيون لأنهم يخالفون قول العلماء بجواز تخصيص يوم الأم، وأوضح أن عيد الأم بدعة حسنة لأنها مطلب شرعى وهو بر الأم، وأن الاجتماعيات تدخل فى موضوع الإباحة، والبدع التى هى بمعنى الاستحداث لا تعنى التحريم، لأن تحريم كل ما هو جديد يجعل الإسلام لا يصلح لكل زمان ومكان، فالإسلام لديه سعة لقبول البدع الحسنة والتجديد أساسه البدعة الحسنة. 

ولفت إلى أن من خصائص التشريع الاسلامى أن يكون ثوبه متسعًا للبدع الحسينة من أجل تحقيق التجديد فى الخطاب الدينى.

احتفال مطلوب 

كما يوضح د. أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الاحتفال بعيد الأم ليس فيه أى منكر أو حرمانية، وقال إن المناسبات الدينية والاجتماعية تدخل فى نظام المصلحة المرسلة، ولم يأت فيها من الشرع لا إعمال ولا إهمال.

واعتبر د. محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية ورئيس الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان، أن الاحتفال بالأم مطلوب تمامًا وهو من المصالح لتقوية العلاقات، وهو جزء من الوفاء للمتطلبات التى تريدها الأم فهى الإنسانة التى سهرت على ابنها وإذا شكر الإنسان أمه طوال عمره لا يوفيها حقها.

إن مثل هذه الفتاوى مسيئة للإسلام وتظهره على أنه دين لا يعرف الرفق فى حين أن الاحتفال بالأم حق إنسانى، مؤكدًا أن الفتوى أمر يحتاج لتخصص ومعايير وأصول معينة ولا يحق لكل أحد لا يقبل شيئا أن يصدر فتوى، وقال « ليرفق هؤلاء بالإسلام».

كما يوضح د. محمد وسام أمين الفتوى بدار الإفتاء أن من يحرمون عيد الأم يريدون أن يسحبوا العصر النبوى على عصرنا الحاضر رغم التغيرات، التى تدعونا أن نطبق القيم الإسلامية فى هذا العصر ونسلك الوسائل التى ابتكرها الناس لتطبيق القيم.

وأوضح أن بعض الناس يقولون بأن عيد الأم تقليد للغرب مع أن الاحتفاء بالأم أمر إسلامى أصيل، وتخصيص يوم للاحتفال به هو نوع من التذكير ولا حرج فيه شرعًا.