الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أمين عام التعاون الإسلامى لمجلة «روز اليوسف»: 60% من جميع النزاعات فى العالم تقع ضمن جغرافية منظمة التعاون الإسلامى

الحوار مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين ليس بالأمر الهيّن أو اليسير، فالرجل هو الأكثر همًا فى الكرة الأرضية، تتوزع مسئولياته على 57 دولة تتشابك مصالحها ومشاكلها الداخلية والخارجية لتشكل غالبية مشاكل العالم المعاصر، تتعلق به آمال أكثر من مليار و700 مليون مسلم تتطلع أنظارهم إلى المنظمة التى وُلِدت فى خضم حريق المسجد الأقصى فى عام 1969؛ أى منذ 52 عامًا وهى تستدعى كإطفائى فى محاولات منها لحل قضايا العالم الإسلامى العديدة والمتشعبة.



 

فى حواره الخاص لمجلة «روز اليوسف» كشف الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين أن المنظمة تعمل من خلال أذرعها وأجهزتها فى 32 مليون كيلو متر مربع، تمثل 20 % من مساحة اليابسة، وتضم أكثر من 25 % من عدد سكان العالم، ويبلغ ناتجها المحلى أكثر من 6,7 تريليون دولار، وتتوزع جهودها على مجالات متعددة مثل مكافحة التطرُّف والإرهاب، ورفع مستويات التنمية، وتعزيز التجارة البينية، وتمكين المرأة المسلمة، ومحاربة الفقر والتصحر، وتوعية الشباب المسلم، ومناصرة قضايا الأمة الإسلامية، والدفاع عن القيم الحقيقية ومعالجة المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، ومواجهة جميع أشكال التحيُّز ضد المسلمين، ودعم الأقليات المسلمة فى جميع أنحاء العالم.

وأشار إلى أن منظمة التعاون الإسلامى تصدّت للعديد من القضايا والأزمات والكوارث مثل الإسلاموفوبيا، وجائحة كورونا، وكلفت دولة جاميبيا بالذهاب لمحكمة العدل الدولية بشأن قضية الروهينجيا، وتتابع بقلق تطورات الوضع السياسى والأمنى ​​فى جمهورية إفريقيا الوسطى، كما تعمل على توحيد الجهود الجماعية فى الجوانب السياسية والاقتصادية والعلمية والفقهية والثقافية والاجتماعية والإنسانية للدول الأعضاء.

وأكد أن القدس وفلسطين هى قضية المسلمين الأولى، وأن المنظمة نجحت فى استصدار قرار تاريخى بالإجماع من محكمة العدل الدولية ضد حكومة ميانمار؛ حيث ألزمتها باتخاذ جميع التدابير لمنع ارتكاب جميع أعمال الإبادة الجماعية ضد الروهينجيا 

وإلى نص الحوار:

ما الذى حقّقته المنظمة طوال فترة ترؤس معاليكم؟ وما هى استراتيجيات المنظمة فى الفترة الأخيرة للتعامل مع قضايا العالم الإسلامى (رغم تفشى فيروس كورونا التى فرضت نمطًا معينًا من الحياة وقيدت حرية الحركة)؟ 

-  قامت المنظمة بالعديد من المبادرات وبذلت جهودًا ملموسة فى شتى المجالات التى تضطلع بها، لاسيما فى مجال محاربة الإرهاب والتطرف، وفى المجالات الثقافية والسياسية والعلوم والتكنولوجيًا على سبيل الذكر لا الحصر، حيث إننا، على مستوى الأمانة العامة، قمنا بجهود معتبرة للتصدى لظاهرة الإسلاموفوبيا لأننا نولى هذه المسألة اهتمامًا بالغًا. كما عُقدت القمة الأولى للعلوم والتكنولوجيا لأول مرة فى تاريخ المنظمة، وشهدت فترة ولايتى عدة قضايا مهمة فى العالم الإسلامى والعالم أجمع، لعل أبرزها الذهاب لمحكمة العدل الدولية بشأن قضية الروهينجيا، وعقد القمة الإسلامية الرابعة عشرة فى مكة المكرمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومشروع إصلاح المنظمة والتحول الرقمى فى أعمالها، وتأسيس مركز صوت الحكمة. ثم كانت جائحة كورونا المستجد التى اجتاحت العالم بأسره وحاولت الأمانة العامة بذل الجهد لتنسيق جهود الدول وعقد عدة اجتماعات على مستوى اللجنة الاستشارية لوزراء الصحة فى الدول الإسلامية وعلى المستوى الوزارى للجنة التنفيذية. هذا فضلا عن ندوة كبرى جمعت الفقهاء والأطباء للتفاعل مع الجائحة.

وعودة إلى الشق الثانى من السؤال الذى يتعلق باستراتيجيات وجهود المنظمة فى التعامل مع وباء فيروس كورونا المستجد، فكما أشرت فإن المنظمة عقدت العديد من الاجتماعات لبحث سُبل دعم الدول الأعضاء للتغلب على هذا الوباء لاسيما الدول الأعضاء فى المنظمة الأقل نموًا. فمنذ شهر مارس حتى أكتوبر 2020 قامت المنظمة وأجهزتها المختلفة بالعديد من الفعاليات؛ حيث خصص البنك الإسلامى للتنمية مبلغ 2.3 مليار دولار وأسَّس مركز استجابة لمساعدة الدول الأعضاء لتجاوز تداعيات الجائحة، كما تم عقد مؤتمر عن بُعد لبحث آثار جائحة كورونا على جامعات منظمة التعاون الإسلامي؛ وأسهم صندوق التضامن الإسلامى التابع للمنظمة فى تقديم مساعدات ومنح مالية عاجلة على دفعات للدول الأعضاء الأقل نموًا لمواجهة تداعيات كورونا؛ وعقد اتحاد وكالات أنباء الدول الأعضاء فى المنظمة (يونا) اجتماعات افتراضية لبحث سبل دحض الأخبار الزائفة خلال جائحة كورونا؛ وعقدنا اجتماعًا طارئًا افتراضيًا للجنة التنفيذية للمنظمة على مستوى وزراء الخارجية لبحث الحلول للآثار المترتبة على هذه الجائحة وسبل الاستجابة المشتركة لها؛ حيث تم التأكيد على ضرورة تعزيز الإجراءات الوطنية للدول الأعضاء للتخفيف من وطأة تداعيات الوباء. إضافة إلى ذلك، عقد مجمع الفقه الإسلامى الدولى التابع للمنظمة اجتماعًا لبحث الوباء وما يتعلق به من معالجات طبية وأحكام شرعية؛ وعقدت اللجنة التوجيهية المعنية بالصحة اجتماعًا طارئًا افتراضيًا على المستوى الوزارى لتبادل المعلومات ومناقشة استراتيجيات مكافحة وباء كورونا. وقد حظيت هذه الاجتماعات المهمة بتغطية إعلامية واسعة لترويج توصياتها وقراراتها لجميع الدول الأعضاء، وقمنا فى الأمانة العامة للمنظمة أيضًا بإطلاق موقع على شبكة الإنترنت تم تخصيصه لجهود المنظمة ومؤسساتها لمواجهة الوباء يتضمن إحصائيات مهمة عن الإصابات بالوباء فى الدول الأعضاء يتم تحيينها دوريًا.

 

 

 

ما هو الدور الذى تؤديه منظمة التعاون الإسلامى فى عالم مليء بالصراعات وبؤر التوتر؟

- تعمل منظمة التعاون الإسلامى، منذ إنشائها فى عام 1969، على تعزيز السلام والاستقرار والوئام والأمن والتنمية فى العالم؛  حيث إن تعزيز الحل السلمى للنزاعات من خلال الوساطة والحوار يعد أولوية قصوى فى جدول أعمال منظمة التعاون الإسلامى.

وتنص المادة الأولى من ميثاق منظمة التعاون الإسلامى على أن من بين أهداف المنظمة ومبادئها، التأكيد على تعزيز العلاقات بين الدول على أساس العدل والاحترام المتبادل وحُسْن الجوار لضمان السلم والأمن والوئام العام فى العالم. كما ينص الميثاق على أن تتعهد جميع الدول الأعضاء بحل نزاعاتها بالطرق السلمية، وتمتنع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها فى علاقاتها. لذلك يؤكد ميثاق المنظمة على التزامها بتحقيق السلم والأمن، ودرء النزاعات، والوساطة، والتسوية السلمية للنزاعات.

وليس سرًا أن 60 %من جميع النزاعات فى العالم تقع ضمن جغرافية منظمة التعاون الإسلامى. وبسبب هذه الصراعات، تعانى الشعوب والبلدان التابعة للمنظمة من الجهل وانعدام الأمن. فإن ثمن الصراعات باهظ للغاية ولا يمكن تجاهله. لذلك يوجد التزام قوى بين الدول الأعضاء ومنظمة التعاون الإسلامى للوصول لحل سلمى ودائم للنزاعات المعلقة باتباع نهج متكامل واستراتيجية مشتركة. وهنا أشير إلى وجود (وحدة الأمن والسلم) فى المنظمة ونحن لا نتردد إذا طلب منا الوساطة.

ما هو دور المنظمة فى التعامل مع ظاهرة التنظيمات الإسلامية المتطرفة؟

- إن منظمة التعاون الإسلامى فى الطليعة فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب من خلال سلسلة من المبادرات التى تجعلها إحدى الأولويات القصوى على جدول أعمالها. ويعد التعاون فى مكافحة الإرهاب من بين الأهداف والمبادئ الرئيسة لميثاق منظمة التعاون الإسلامى؛ حيث تعتبر من بين الأوائل الذين صاغوا موقفًا واضحًا ومبدئيًا باعتماد مدونة السلوك واتفاقية مكافحة الإرهاب الدولى فى عامى 1994 و1999 على التوالى.

لدى منظمة التعاون الإسلامى برنامج العمل إلى غاية 2025 الذى تم اعتماده فى الدورة الثالثة عشرة للقمة الإسلامية، فى إسطنبول سنة 2016، حيث يتضمن البرنامج أهدافًا استراتيجية تصور دور المنظمة كعامل فعال للسلام والتنمية داخل العالم الإسلامى وخارجه. ويركز برنامج العمل على 18 مجالًا ذات أولوية، مع 107 أهداف تشمل قضايا مهمة، من ضمنها السلام والأمن، مكافحة التطرف والغلو والإرهاب، والاعتدال.

وتدعم منظمة التعاون الإسلامى جميع الجهود الدولية والإقليمية الهادفة إلى منع التطرف ومكافحة الإرهاب الدولى من أجل ضمان السلم والأمن العالميين. وقد وجهت باستمرار انتباه الدول الأعضاء والمجتمع الدولى إلى الحاجة الملحة لمعالجة الأسباب الجذرية والعوامل الكامنة وراء التطرف العنيف والإرهاب.

كما يُعتبر مركز صوت الحكمة فى الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى من أهم المراكز التى تقوم بدور مهم فى هذا المجال فى ظل تنامى نشاط الحركات المتطرفة. وقد شهدت أنشطة مركز صوت الحكمة منذ عام 2019 تحولًا جذريًا، حيث قام بتفعيل استراتيجية مبتكرة لصياغة المحتويات تركز بشكل أساسى على نشر المحتوى الذى يواكب الأحداث اليومية المتعلقة بآفة الإرهاب. وارتفع مستوى تأثير المركز على شبكات التواصل الاجتماعى بشكل ملحوظ مع مئات الآلاف من المتابعين فى العالم الإسلامى وبمعدلات تفاعل عالية. وتعتمد استراتيجية المحتوى المعتمدة لدى المركز على الرسائل الإيجابية اليومية المبتكرة وإنتاج أكبر عدد ممكن من الرسوم البيانية ورسومات الفيديو والأفلام الوثائقية حول مواضيع تهم عامة الناس.

فى العقود الماضية التصق الإرهاب باسم الإسلام، رغم أن الإرهاب لا دين له، ما هو الدور الذى تضطلع به المنظمة لإظهار الإسلام على حقيقته السمحة أمام العالم؟ 

- تعتبر منظمة التعاون الإسلامى التطرف والإرهاب من أكثر الظواهر خطورة فى تاريخ العالم الإسلامى الحديث، وقد تنبهت المنظمة مبكرًا لخطر هذه الظاهرة، فمنذ سنة 1987 والمنظمة تصدر القرارات السياسية التى تدعو الدول الأعضاء لتكييف سياساتها مع ظاهرة التطرف والإرهاب، وقد وقعت المنظمة معاهدتها الخاصة بمكافحة الإرهاب سنة 1993، وسبقت فى ذلك الكثير من المنظمات الدولية. وتكافح المنظمة ظاهرة الإرهاب من أبعاد متعددة منها السياسية وهى المتعلقة بالقرارات السياسية ومتابعة تطبيقها فى الدول الأعضاء، ومنها الاقتصادية وذلك بدعم الدول الفقيرة والأكثر تعرضًا لظاهرة العنف والتطرف، وذلك عبر برنامج الدعم الاقتصادى والتنموى الذى تمنحه الأمانة العامة أو أجهزتها المتفرعة. والبعد الثالث هو البعد الثقافى والدينى، حيث تعمل المنظمة من خلال أجهزتها الثقافية على تحصين الشباب والأسر المسلمة من خطر التعرض للأفكار المتطرفة التى اخترقت الدين الإسلامى، وسلبت الكثير من المجتمعات واستقرارها. .

 

 

 

 

على الرغم من أن العالم الإسلامى يمتلك قدرات لوجستية وموارد بشرية هائلة؛ فإنه يضم أفقر الشعوب فى العالم. كيف تنظر لمثل هذا التناقض؟ وكيف تتعامل المنظمة مع هذا التباين الحاد؟

- إن منافع التعاون الاقتصادى والاجتماعى النسبية داخل المنظمة الذى يستمد جذوره من طبيعة اقتصادات الدول الأعضاء التى تتكون منها المنظمة، حيث إن هناك دولًا ذات دخل عال وأراض غير صالحة للزراعة من جهة، ودولًا ذات أراض خصبة لكن دخلها متواضع من جهة أخرى، وقد أدى وجود هذه الفرص لتبادل المنافع والتعاون البينى إلى جعل منظمة التعاون الإسلامى فى مقدمة المؤسسات وبمثابة منصة دولية للتعاون جنوب-جنوب. وطبقًا لبيانات منظمة التعاون الإسلامى فإن من بين 75 دولة عضوًا فى المنظمة، هناك 21 دولة ذات دخل منخفض و18 دولة من الدول المصدرة للطاقة، بينما يوجد 91 دولة ذات دخل متوسط، ومما تمتاز به الأراضى الزراعية فى الدول الأعضاء فى المنظمة إنتاجها للسلع الزراعية الرئيسة، حيث إن 25 دولة عضوًا فى المنظمة هى أكبر 20 منتجًا للسلع الزراعية الرئيسية، مثل القمح والأرز والذرة والكاكاو والبن والمطاط والسكر، وأقرت منظمة التعاون الإسلامى العديد من التشريعات التى تهدف إلى تعزيز التجارة البينية، وأنشأت العديد من البرامج والمشاريع وآليات التمويل لزيادة القدرة التنافسية ووصول منتجات المنظمة إلى الأسواق وتعزيز بناء القدرات البشرية والصناعية بين شعوبها، وخاصة بين الدول الأقل نموًا، والتى يبلغ عددها 21 دولة فى المنظمة.

وعلى المنوال نفسه، أدى إنشاء برامج دعم التنمية شبه الإقليمية مثل البرنامج الخاص لتنمية إفريقيا والبرنامج الخاص لآسيا الوسطى إلى سد الفجوة فى البنية التحتية فى الدول الأعضاء فى هذه المناطق. وقد نتج عن ذلك أن المساهمات المختلفة فى إطار هذه البرامج وفرت الدعم الكافى للمشاريع الاجتماعية ومشاريع البنية التحتية، ونتيجة لجهود المنظمة، ارتفع إجمالى الناتج المحلى للدول الأعضاء كمجموعة (على أساس تعادل القوة الشرائية) من 17.6 تريليون دولار أمريكى فى عام 2015 إلى 21.5 تريليون دولار أمريكى فى عام 2019. وقد أنتجت دول المنظمة فى مجموعها ٪15.1 من إجمالى الناتج العالمى و25.4 ٪ من إنتاج البلدان النامية فى عام 2019.

وارتفع متوسط دخل الفرد فى دول المنظمة من 8785 دولارًا أمريكيًا فى عام 2010 إلى 10275 دولارًا أمريكيًا فى عام 2019، وهو ما يمثل فى مجموعه، زيادة بنسبة 17 ٪. 

ومن بين أذرع المنظمة المهمة المركز الإسلامى لتنمية التجارة فى الدار البيضاء بالمملكة المغربية، واللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادى والتجارى (الكومسيك)، وذلك فى سبيل تقديم كل السبل لتشجيع التجارة البينية فى دول منظمة التعاون الإسلامى.

لماذا معظم النزاعات حول العالم لها جانب واحد أو كلاهما من البلدان الإسلامية؟ كيف تتعامل منظمة التعاون الإسلامى مع الخلافات بين هذه الدول؟

- لا علاقة للصراعات حول العالم بالإسلام، فالنزاعات ثنائية، سياسية أو إقليمية بطبيعتها. ومع ذلك فمن المؤسف أن معظم صراعات العالم تقع ضمن جغرافية منظمة التعاون الإسلامى. ويؤكد ميثاق منظمة التعاون الإسلامى على أهمية حل النزاعات من خلال الحوار والوساطة. كما أن هناك آليات مختلفة داخل هيكلية السلام والأمن فى منظمة التعاون الإسلامى تعزز الحوار وجهود الوساطة، وكمثال لذلك نستعرض دور المنظمة فى تسوية النزاعات بين دولها الأعضاء:

ففى مالى ومنطقة الساحل: تحظى منظمة التعاون الإسلامى بعضوية فاعلة فى كُلٍّ من لجنة متابعة تطبيق اتفاقية السلام والمصالحة فى مالى، وفريق الوساطة الدولية لإنجاح هذا الاتفاق، وهى تحرص على المشاركة بانتظام فى أشغال لجنة المتابعة المذكورة. وتُجدِّد المنظمةُ من خلال مشاركتها فى اجتماعات لجنة المتابعة دعمَها والتزامها بوَضْع بنود اتفاق السلام والمصالحة مَوْضِعَ التنفيذ الفعليّ، بوصفها من ضامنى هذه الاتفاقية وأحد أعضاء لجنة متابعة تنفيذها. ومن هذا الجانب، تضطلع الدول الأعضاء ومؤسسات المنظمة بنصيبها فى تنفيذ هذه الاتفاقية وفى جهود تحقيق التنمية فى مالى ومنطقة الساحل.

وقد أدى تكثيف الهجمات الإرهابية فى الأشهر الأخيرة فى العديد من بلدان الساحل، ولا سيما فى منطقة الحدود الثلاثة (بوركينا فاسو ومالى والنيجر)، إلى تفاقم انعدام الأمن فى هذه المنطقة، ويؤكد ذلك الحاجة إلى تعاون إقليمى ودعم من المجتمع الدولى لمواجهة التحديات التى تواجه هذه المنطقة. وفى هذا الإطار قد أنشأت المنظمة مؤخرًا بعثةً إقليميةً لها فى عاصمة النيجر نيامى، عَهَدَتْ إليها بمُهمة ضمان تعزيز مستوى التمثيل وحشد التعهدات بتوفير ما يلزم من دعم سياسى، ناهيك عن تنفيذ أنشطةٍ إنمائية وإنسانية فى منطقتى الساحل وحوض بحيرة تشاد.

وفى جمهورية إفريقيا الوسطى: فإن المنظمة، فى إطار ما تبذله من جهود لفض النزاعات فى دولها الأعضاء، قد دعت المجتمعَ الدولى لمواصلة الالتزام حِيال دعم السلام فى جمهورية إفريقيا الوسطى، وذلك لتلافى عودة البلاد إلى ما مرت به من أحداث مُفجعة خلال السنوات الماضية. ومن هذا المنطلق، أقامت منظمة التعاون الإسلامى فى ديسمبر 2017 مائدةً مستديرة لتسخير ما يلزم من دعم سياسى ومادى وفنى لتمكين السلطات المعنية فى جمهورية إفريقيا الوسطى من تحقيق التنمية المستدامة وإرساء عهد دائم من السلام فى البلاد.

وتتابع المنظمة بقلق تطورات الوضع السياسى والأمنى ​​فى جمهورية إفريقيا الوسطى وتدين بشدة تصاعد أعمال العنف الذى يشكل عقبة أمام العملية الانتخابية فى البلاد وانتهاكًا لاتفاق السلام؛ كما أنها ستواصل -بوصفها عضوًا فى فريق الدعم الدولى المعنى بجمهورية أفريقيا الوسطى- حرصها على الإسهام فى جهود المجتمع الدولى لدعم البلاد.

يواجه العالم الإسلامى العديد من المشاكل، ما هى أهم المشاكل التى تضعها المنظمة على قائمة الأولويات وحلها؟

- تظل قضية القدس وفلسطين الدافع الأكبر لعمل المنظمة الجماعى وتوحيد جهود دولها الأعضاء؛ حيث تعود جذور تأسيس المنظمة إلى حادثة الحرق البشعة التى استهدفت المسجد الأقصى المبارك فى عام 1969. ومنذ ذلك الحين، واصلت البلدان الإسلامية تحت راية منظمة التعاون الإسلامى متحدة على المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية من أجل حماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى. وحتى يومنا هذا، لا تزال المنظمة ملتزمة بدفاعها عن القضية الفلسطينية وتدعم كل الجهود المبذولة لتمكين الشعب الفلسطينى من ممارسة حقوقه الوطنية، بما فى ذلك حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود عام 1967.

بالإضافة إلى قضايا فلسطين والقدس الشريف وجامو وكشمير والروهينجيا ومنطقة الساحل وإفريقيا الوسطى، وغيرها من القضايا المهمة على أچندة المنظمة، فإن القمة الإسلامية ومجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامى يناقشان ويضعان مواقف موحدة حول مختلف القضايا والتطورات الرئيسة فى العالم الإسلامى. 

 

 

 

تشكل المرأة نسبة كبيرة فى العالم الإسلامى فهل لدى المنظمة اهتمام بتعظيم دور المرأة، وهل لدى المنظمة توجه لدى النساء خصوصًا أن تأثيرهن التربوى والثقافى والمجتمعى كبير جدًا فى بناء أجيال المستقبل؟

- إن قضايا المرأة وتمكينها من الأولويات الاستراتيجية لمنظمة التعاون الإسلامى وذلك انطلاقًا من مبادئ المنظمة بأن تعزيز دور المرأة التربوى والثقافى والمجتمعى له أكبر الأثر فى بناء الأسرة والمجتمع ودفع عملية التنمية الشاملة، الأمر الذى يستدعى اتخاذ تدابير ملموسة من أجل تعزيز دور المرأة وحمايتها وتمكينها من المشاركة الفاعلة فى جميع القطاعات.

ولتوطيد دور المرأة فى العالم الإسلامى، وتعزيز حضورها الفعّال وتمكينها فى ميادين العمل والإنتاج والإبداع، وفى سبيل مواجهة جميع التحديات والتغلب على المعوقات التى قد تواجهها، اتخذت منظمة التعاون الإسلامى الإجراءات التالية:

إطلاق مؤتمر قطاعى خاص بالمرأة: فقد عقدت المنظمة سبع دورات للمؤتمر الوزارى حول دور المرأة فى التنمية فى الدول الأعضاء منذ المؤتمر الوزارى الأول فى إسطنبول عام 2006، وكانت آخر دورة فى بوركينا فاسو فى ديسمبر 2018. وتستعد الأمانة العامة لعقد الدورة الثامنة من هذا المؤتمر فى 2021 بجمهورية مصر العربية.

اعتماد خطة منظمة التعاون الإسلامى للنهوض بالمرأة (أوباو): تم اعتمادها فى الدورة الثانية للمؤتمر الوزارى حول دور المرأة فى التنمية فى الدول الأعضاء المنعقدة فى جمهورية مصر العربية عام 2008، وتم مراجعة الخطة عام 2016، ومن أهدافها الرئيسية: مشاركة المرأة فى عملية صنع القرار، وتوفير التعليم الجيد والتدريب والفرص المتساوية للنساء والفتيات، وتحسين وتوفير الخدمات الصحية وضمان وصولها للنساء والفتيات، والتمكين الاقتصادى والاجتماعى والسياسى للمرأة، وتوفير خدمات الحماية الاجتماعية للنساء والفتيات، وحماية المرأة من جميع أشكال العنف ضدها، وضمان الحماية الضرورية للمرأة ولاسيما المرأة الريفية والتى تعيش فى حالات النزاعات المسلحة. وتسعى الأمانة العامة لتحقيق هذه الأهداف بالتنسيق مع أجهزة ومؤسسات المنظمة ذات الصلة مثل البنك الإسلامى للتنمية والغرفة الإسلامية للتجارة والصناعة والزراعة ومنظمة العالم الإسلامى للتربية والعلوم والثقافة وصندوق التضامن الإسلامى.

إنشاء منظمة تنمية المرأة فى الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامى: وهى أول جهاز متخصص من أجهزة منظمة التعاون الإسلامى يُعْنى بشئون المرأة والنهوض بوضعها وبناء قدراتها ومهاراتها وكفاءاتها فى الدول الأعضاء، أنشئت عام 2009 ومقرها جمهورية مصر العربية. وقد اعتمد نظامها الأساسى عام 2010، واحتفلنا فى شهر أغسطس الماضى بدخول النظام الأساسى لهذه المنظمة الوليدة حيز النفاذ بعد مصادقة 15 دولة من الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى عليه، وذلك بعد جهود مكثفة من قبل الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى، وجمهورية مصر العربية، دولة مقر منظمة تنمية المرأة لحث الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى على المصادقة على النظام الأساسى. ومن أهم ما ستهتم به هذه المنظمة هو متابعة تنفيذ وتطوير خطة عمل منظمة التعاون الإسلامى للنهوض بالمرأة فى الدول الأعضاء (أوباو).

إنشاء جائزة منظمة التعاون الإسلامى لإنجازات المرأة فى العالم الإسلامى: أنشأت المنظمة جائزة منظمة التعاون الإسلامى لإنجازات المرأة، على سبيل الاعتراف بأفضل المبادرات التى تقوم بها المرأة وتكريم وتشجيع وتعزيز دور المرأة فى الدول الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامى. وتم منح النسخة الأولى للجائزة فى 2018 خلال فعاليات المؤتمر الوزارى السابع للمرأة فى بوركينا فاسو، وتستعد المنظمة لمنح النسخة الثانية للجائزة خلال فعاليات الدورة الثامنة للمؤتمر الوزارى الثامن للمرأة فى جمهورية مصر العربية. 

اختيار صاحبة السمو الملكى الأميرة للا مريم بنت الحسن، سفيرة للنوايا الحسنة فى مجال الدفاع عن قيم الأسرة ومؤسسة الزواج ومكافحة زواج القاصرات فى 8 مارس 2018 فى مراكش، المملكة المغربية.

بالإضافة إلى عقد العديد من الندوات وورش العمل حول مواضيع تهم المرأة وتمكينها بالتعاون مع مؤسسات تابعة للمنظمة ومنظمات إقليمية ودولية ذات الصلة..