الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كنوز آمال العمدة..هند رستم: كنا نجيد سرقة الكاميرا!

كانت ملكة متوجة في زمن الفن الجميل، ورفضت التنازل عن عرشها رغم العروض التي انهالت عليها، فلقد تمسكت بتقاليد الفن، فعاشت فنياً وسكنت القلوب رغم ابتعادها عن الكاميرات وستظل في مكانتها الفنية العالية مهما طال الزمن.



وهذا حواري معها الذي أهديه لمجلة روزاليوسف ذات الـ 95 عاماً.

 

آمال: الفنانة العربية الكبيرة هند رستم.. السينما العربية إلى أين، هل تسير فى خط تصاعدى أم تنازلى أم تحافظ على مستواها السائر في خط مستقيم؟

هند رستم: هي في الحقيقة تشبه ميزان الحرارة بعض أوقات تهبط إلى درجة الموت وفي بعض الأوقات ترتفع بسرعة، وقليلاً جداً ما يكون الميزان الطبيعي، ونحن الآن في وقت يتعرض فيه هذا الميزان لخلخلة غير عادية، بمعنى أننا الآن لا نملك سينما ورغم ذلك فإن الممثلين ليسوا مسئولين عن ذلك، ولكن أستطيع أن أقول إن ما عندنا ليس سينما بل خيال الظل والمنتجون هم المسئولون عن ذلك لأنه هو التاجر الذي يتحكم في السينما، فأنا أستطيع أن أقول إن الجزار وصانع السينما والمكوجي والسباك أصبحوا في مستوى واحد.

آمال: هل فقدت الثقة في الفن؟

هند رستم: إلى حد ما، وأيضاً أنا لم أنجح حينما عملت مع الجدد، فأنا أحب حينما أمثل أن نكون فريقا واحدا فى مباراة جميلة، فأنا أشعر أن الممثل يعرض مشكلة اجتماعية نعيشها بطريقة لطيفة تجذب المشاهد وتجعله يفرح أو يحزن أو يبكى مع أحداث الفيلم، ويجعل المشاهد يجلس بقلبه ويرى نفسه في الفيلم.

آمال: إذا تحدثنا عن فيلم «باب الحديد» وهو إحدى علاماتك الفنية الذى كان يمس عدداً من القضايا، وهذا الفيلم حقق صدى عالميا ويمثلنا عالمياً فى الخارج، فماذا تقولين عن هذا الفيلم؟

هند رستم: المنتج في هذا الفيلم قال لنا بوضوح إنه لا ينتج هذا الفيلم لكي يُعرض في مصر بل لكى يمثل مصر فى الخارج، ولم يكن يهمه أن ينجح في مصر بقدر ما يهمه أن ينجح فى الخارج، وهذا هو المنتج الحق الذى تهمه مصلحة بلده ولديه رؤية نادرة ليست موجودة في الوقت الحالي، ومثله أيضاً السيدة آسيا التي أنتجت «رد قلبى» ورهنت بسببه أملاكها وأنتجت أيضاً «الناصر صلاح الدين» وغيرهما من الأعمال الكبيرة التي كان من المفروض أن تنتجها المؤسسات وليس الفرد وحده، وهي كانت تنتج أفلاماً وهي تعلم أن بعض هذه الأفلام سيرفض عرضها في بعض الدول، لكنها لم تهتم لأن مصلحة بلدها كانت هى هدفها.

آمال: السينما من وجهة نظر الفنانة الكبيرة هند رستم لأى شىء تحولت؟

هند رستم: إلى أرانب، أى إلى ملايين الجنيهات تجمع من السينما. 

آمال: كم أرنبًا جمعتها من السينما؟

هند رستم: أفقر ممثلين فى تاريخ السينما هم ممثلو جيلنا، فنحن لم نكسب أموالاً بل بصمات، فالأموال تنتهي لكن التاريخ والبصمات لا تنتهى، وأنا أؤكد أن هناك ممثلين حاليين جيدين جداً، لكن ينقصهم أن يعيدوا أعمالهم معنا ويراجعوا أوراقهم فسيجدون فرقاً كبيراً، ومنهم أيضاً من جعل جيلنا يترك الفن وهو غير راضٍ عنه، وهم بذلك يرتكبون جريمة لأن الفنان الذي يموت لا يعوض بدليل أن أحداً لم يسد فراغ فنان مثل حسين رياض أو زكى رستم أو سليمان نجيب أو المرحومة فردوس محمد، وأيضاً لن يأتى من يعوضونهم فالفنان الأصيل الذي يموت لا يُعوض.

آمال: مَن يستوقف عينى الفنانة هند رستم ويثير حسها الفنى من الجيل الحالى؟

هند رستم: أولاً فنانو السينما الحاليون يمتلكون حظاً وافراً، حيث نشأوا فوجدوا سينما منتشرة ويقبل عليها الناس وتشجع الدولة الفن والطريق مفروش بالورود عكس من كانوا قبلنا ولكن حظهم سيئ في أنهم لا يستطيعون الأداء مع ممثلين من القدامى لأنهم يتعبونهم بشدة.

آمال: وماذا ينقص فن الجيل الحالى؟

هند رستم: ينقصهم الكثير، فيمكن القول إن الخامة موجودة ممثلة فى عناصر تمثيلية مثل نور الشريف ومحمود ياسين الذي يذكرني في أدبه بأدب الأستاذ عماد حمدى وأخلاق شكرى سرحان، وهناك أيضاً حسين فهمى وهم ممثلون ممتازون بلا جدال، ولكن ليس الكل كذلك.

عصر النجومية الفجائية  والأرقام الخيالية

آمال: الخبرة لا تأتى إلا بالعمل ومرور السنين، ولكن هل النجومية تأتى بشكل مفاجئ حالياً؟

هند رستم: نعم النجومية تأتى فى الوقت الحالى بشكل مفاجئ، وأيضاً هناك كارثة كبرى وهى بعض الأعمال التي أفاجأ بها تُعرض على شاشة التليفزيون فأظنها في البداية إعلاناً عن مبيد حشرى ولكن أفاجأ بأنه إعلان لشريط كاسيت غنائى، فحتى الغناء أصبحت فيه هوجة وليس السينما فقط، الفن اليوم ليس في مستوانا والمسألة ليست مسألة ملء علب وشرائط.

آمال: ما هى قوة الدفع التي كانت تحث جيلكم على العمل بمنتهى الجدية وأقصى الإبداع؟

هند رستم: المنافسة الشريفة كانت أكبر دافع لفناني جيلنا لكي يبدعوا، ومن لم يكن قادراً على إدراك زملائه كان يموت فنياً، والجميل أن كل فنان من المتنافسين كان له وزنه، ولكننا كنا نتربى في البداية على أساس، فعمالقة الجيل الذين علمونا كانوا يرعوننا ويتعاملون معنا بصدق ورغبة في منحنا الخبرة بشرط أن يكون لدى الممثل منا الموهبة والقدرة على الإبداع أما من يفتقد هذه الشروط فكان يطرد ويطلب منه الاتجاه إلى مهنة أخرى.

آمال: قلت إن الحب فقد فى السينما، فلمَ فقد هذا الحب؟

هند رستم: إذا فكر الإنسان في الماديات فستصبح كل القيم بالنسبة له لا شىء، نحن نسمع اليوم أرقاماً خيالية، وهنا يجب أن نتساءل عن النقاد الذين كانوا يمثلون «بعبع» الممثلين في جيلنا، فأين ذهبوا؟ ولمَ كانوا يستأسدون علينا فقط؟ لقد ربوا فينا الكثير من الصفات الجيدة وأفادونا، وأنا أتمنى عودتهم لتربية هذا الجيل، فلقد كانوا كرباجاً وراءنا نعمل له ألف حساب، ونحن كنا نحبهم ونحترمهم لأنهم كانوا يوجهوننا إلى ما في صالحنا لأننا لم نكن نرتبط معهم بعداء، فلقد كانوا يريدوننا أن نكون ممتازين وصادقين، ولو لم أكن قد أخطأت لما كانوا قد حملوا أقلامهم وكتبوا، فأين هؤلاء النقاد الآن؟ فأنا لا أسمع إلا كلمة «كويس» إذن فنحن كنا «ميح».

آمال: لو جاءتك فنانة لديها رغبة في الاستفادة من خبرتك وطلبت منك النصيحة، فماذا ستفعلين؟

هند رستم: للأسف كلهن يشعرن بأنهن ولدن نجمات، وأنا أتمنى أن يحدث ذلك، كما كنا نفعل في الماضى، فلقد كنا نتوجه إلى المخرجين وكبار الممثلين الذين يعملون معنا ونسألهم عن رأيهم فينا، وما ذكرته هو من أسباب ابتعادي فلقد سقط الزمن والخبرة كل شىء، فلم أجد النوعيات التي تماثلنا، ولكنني أفاجأ في بعض الأحيان بفتيات من خارج السينما يعرضن عليّ مشاكلهن ويطلبن النصيحة والتوجيه للدخول في مجال السينما والعمل به.

آمال: ألا تزالين هاوية للفن؟

هند رستم: طبعاً فأنا هاوية للفن ولم أكن أبداً محترفة لدرجة أننى خائفة الآن من الميكروفون لأنها ليست مهنتى ولكن مهنتى السينما والكاميرا، وسيدة الغناء العربى أم كلثوم بلغت بها درجة الخوف أنها كانت تقرأ القرآن قبل صعودها للمسرح مباشرة وهذا نابع من صدقها في فنها.

وفاة أم كلثوم جعلتنى أعيد حساباتى

آمال: ما الحادث الذى تسبب فى نقلك من الاهتمام بالحياة الفنية فقط إلى الاهتمام بحياتك الشخصية أيضاً؟ - هند رستم: وفاة أم كلثوم سببت لى صدمة جعلتنى أهتم بحياتى الخاصة بشكل كبير فلقد رأيت كيف يتحول الفنان العملاق إلى تاريخ، ولذلك فلقد بدأت أغير منظوري، وأهتم بشدة بحياتي الخاصة بعد أن كان اهتمامي الوحيد هو الفن.

آمال: قلت في يوم إنك معتزلة 80 % وغير معتزلة 20 % فماذا قصدت من ذلك؟

هند رستم: الفن هو أسرتى الحقيقية، وقد أظل سنوات لا أرى أحد أقاربى لكن لا يمكن أن أنساه، وأنا أشعر بأننى أفتقد للناس والوسط الفني ولكن حينما أقابل الناس وأرى استقبالهم لى وكلمة وحشتينا هذا يعطينى دفعة جميلة إلى العمل مرة أخرى.

أنا حرامية كاميرا

آمال: في حديث سابق قالت لي الفنانة تحية كاريوكا إنكم لم تكونوا تعلمون شيئاً عما يسمى بسرقة الكاميرا.. فهل هذا صحيح؟

هند رستم: أنا لست مع تحية كاريوكا في ذلك فسرقة الكاميرا عملية فيها حرفنة وفن، ونحن كنا نجيد عملية سرقة الكاميرا.

آمال: هل هذا اعتراف على مسئولية الفنانة هند رستم؟

هند رستم: نعم لأننى حرامية كاميرا كبيرة.

آمال: وكيف كنت تسرقين الكاميرا؟

هند رستم: هي نوع من الغيرة الجميلة، فلو لم أكن أغير من الفنانات الأخريات وهن يغرن مني فلا يمكن أن نقدم عملاً جيداً، لكن يجب أن يكون هناك منافسة شريفة التي يستفيد بها المتفرج في النهاية، ويشيد بالمتنافسين كلهم. آمال: إذن فسرقة الكاميرا فى صالح العمل؟

هند رستم: لا شك في ذلك، وكل فنان يعلم ذلك وأنا أعلم أن هناك ممثلين من جيلي كانوا يكرهون تألق الكومبارس، وأنا كنت أشجع الكومبارس وأتمنى تألقهم، وأتذكر ذات يوم جاء الفنان فطين عبدالوهاب بوجه جديد وهي منيرة سنبل وكانت في منتهى الشياكة والجمال، وعملت معها ومع زبيدة ثروت ومريم فخر الدين في فيلم واحد، لكني نجحت في سرقة الكاميرا منهن لأنها كانت منافسة مشروعة مع فنانات لهن وزنهن.

آمال: هل تقبلين أن يُعاد تمثيل أفلامك مرة أخرى بفنانين جدد؟

هند رستم: أتمنى أن يُعاد تمثيل كل أفلامي، وأسعد لذلك لأن المشاهدين يقارنون بين الفيلمين، ويقارن بين العملين ويعرف الفارق بينهما وبين الممثلين الذين يقومون بتمثيل الأدوار.

آمال: كنت معروفة بلون معين من الأفلام وكانت لديك شخصيتك المتفردة على الشاشة من بدايتك خاصة في لون من ألوان الإغراء... فما ردك على هذا الكلام؟

هند رستم: يكفينى أن كل النقاد يؤكدون أنه لم يأت أحد بعدي في هذا المجال وأنا أسعد جداً بذلك، فما يفعلونه مجرد تقليد فقط.

آمال: ماذا عن تقييمك لمن حاولوا شغل مكانك على الشاشة؟

هند رستم: لا يوجد من يستطيع سد مكاني.

آمال: ماذا عن مفهومك للإغراء؟

هند رستم: لا توجد سيدة خالية من الإغراء، إنما إغراء الأنثى هو المهم وليس الإسفاف والابتذال، فهناك بعض الفنانات اللاتي يمثلن أدوار الإغراء حالياً يهيأ لهن لو ارتدين الملابس العارية فسيقدمن الإغراء، وللأسف فأنا أعتبر هذا إسفافاً، فالممثلة التي تفعل ذلك تضيع مقدرتها الفنية، لأن المشاهد يترك فنها ويشاهد ما تبينه من جسدها, وهنا تضيع الكاميرا مجهودها الفني رغم أنها قد تكون قد أجادت، لكن الإغراء يمكن تقديمه بنظرة أو بكلمة أو بالمشي أو بالصمت أو حتى بسلام اليد.

آمال: ما أحب أفلامك إلى قلبك؟

هند رستم: هناك أفلام أحبها بالفعل، ولكن من الأفلام التي أعتز بها فيلم «شفيقة القبطية» و«الراهبة» و«الخروج من الجنة» و«الوديعة» و«حب في حب»، وهناك بعض المشاهد من الأفلام أحبها جداً مثل مشهد شم الكوكايين في «شفيقة القبطية»، والراهبة التي تطلب الغفران من ربنا وهي نائمة في الأرض في فيلم «الراهبة» وغيرها من المشاهد، فمهما كانت حلاوة الفيلم يجد الممثل نفسه في مشهد واحد من الفيلم بشكل خاص.

آمال: مَن مِن فناني جيلك كنت تشعرين بالقلق حينما يعرض فيلمك في السينما في وقت عرض فيلمه؟

هند رستم: لوني الفني كان مختلفاً ولا يشابه دور أي ممثلة أخرى لأقلق منها، لكن ما كان يقلقني هو مستوى الفيلم ومدى استجابة الناس له.

آمال: هل تغير جمهور اليوم عن جمهور الأمس؟

هند رستم: نعم، لقد غيرته المشاكل فجمهور اليوم يدخل السينما لينسى الكثير من همومه، أما أيامنا فلقد كان الجمهور يدخل السينما لينتقد ويستمتع أما الجمهور الحالي فقد غلبته الهموم.

زوجي رقم 1

آمال: من هو صاحب الشخصية رقم واحد في قلبك؟

هند رستم: زوجي الدكتور محمد فياض.

آمال: لماذا؟

هند رستم: لأنه هو المسئول عنا ويحتوينا ورب الأسرة الذى يجب أن يكون رقم واحد.

آمال: هل أمم الدكتور فياض قلبك؟

هند رستم: هذا صحيح، وأنا سعيدة بهذا التأميم.