الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المستغل

كاريكاتير: عماد عبدالمقصود
كاريكاتير: عماد عبدالمقصود

أبلغ من العمر 48 عامًا، أعيش فى بلد أجنبى منذ أكثر من ربع قرن، انقطعت خلالها عن العالم العربى تمامًا، تزوجت وأنجبت أطفالى ثم انفصلت، حتى أولادى لا يتكلمون لغتى الأم،  قررت عدم الزواج والتفرغ لتربية الأولاد، وبعد نحو 18 عامًا رجعت وتواصلت مع العالم العربى،  وبالصدفة تعرفت على شاب من بلد عربى،  وسريعًا ما عرض على الزواج بعد أن علم عمرى،  وطلب منى أن أسافر إلى بلده وفى حالة اتفاقنا نقدم على الزواج.



كان الشاب يصغرنى بـ15 عامًا، فى البداية لم أتعامل مع الموضوع بشكل جدّى،  لكن بعدها لا أعرف ماذا حدث، وكأنه استطاع أن يعمل لى «غسيل دماغ»، فرض نفسه علىّ وتعامل كأنه زوجى، وليس مجرد تعارف وتفكير بالزواج، لا أنكر أننى سألت عنه، حيث كانت لى صديقة من نفس البلد، وأكدت لى أنه من عائلة محترمة وذو سمعة طيبة.

بعد أن حجزت للسفر إلى بلده، فوجئت به يطلب منى مبلغًا كبيرًا، وعندما قلت له إننى لا أمتلك هذا المبلغ، طلب مبلغًا صغيرًا، ولا أعرف كيف حولت له المال! وبعدها قال لى أنه كان يختبرنى، وأنه سيعيد لى مالى عند وصولى إلى بلده، وعندما وصلت حجزت غرفة بفندق لكى نتزوج، لكننى اكتشفت أمورًا غريبة جدًا لم أستطع تفسيرها، مثلًا أبرم عقد الزواج فى كافيتريا بحضور والدته وإخوته وحتى الشهود، وبعدها ذهبنا للفندق، والغريب أنه منذ وصولى، وتحديدًا فى الكافيتريا، طلب منى مالًا، واكتشفت أنه إنسان فقير، وكل ما قاله لى كان من الماضى الذى لم يعد موجودًا، وقبلت الوضع لأنه ليس من قيمى أن أستغنى عنه لمجرد أنه فقير، رغم أنه يستغلنى طوال عامين من الزواج، فمن اليوم الأول حتى الآن أتحمل كل المصروفات، فطعامه وشرابه فى بلده وسفرياتى إليه على حسابي!

فى البداية قال لى إننى سأساعده لمدة سنة واحدة حتى يستطيع تكوين نفسه ثم يسافر إلىّ، وقمت بفرش شقة استأجرتها من مالى،  بدعوى أن عادات بلده تفرض على الزوجة أن تشترى الفرش، وأصبح العام عامين إلى أن تدهور وضعى المادى،  وأصبح تحت الصفر، وكنت أقول له إن وضعى يتدهور لكنه لا يهتم ويطلب المزيد من المال، حتى جاء هذا الشهر وقررت ألا أرسل له المال نهائيًا، واستغربت أنه خلال العامين ما تحسن وضعه أبدًا.

ومنذ أن أبلغته بعدم قدرتى على إرسال المال إليه، توقف عن محادثتى عبر الإنترنت، مؤكدًا أنه لا يملك تكلفة الخدمة، وقال إنه أخذ من والده مالًا هذا الشهر حتى يدفع إيجار الشقة، ولا أعرف كيف لا يستطيع الدفع، وقد حصل منى خلال العامين على نحو 10 آلاف يورو، وهذا المبلغ بالنسبة لبلده كبير جدًا.

أما من ناحية تعامله معى،  فأول ما تعرفنا كان مهتمًا بى، ومهتمًا بعلاقتنا الجنسية، وبعد ما أنهينا أوراق الزواج ورجعت إلى بلدى تغير كثيرًا، ما عاد يحدثنى إلا قليلًا، يكتب كل يوم صباح ومساء الخير فقط، ولكن لا يحكى معى صوتًا وصورة إلا مرة كل أسبوعين، ولم يعد رومانسيًا أو يهتم بالمناسبات، فعندما أذكره بعيد ميلادى مثلًا يكتفى بكل سنة وأنت طيبة، ولا يحاول حتى التحدث معى، وبعد عام من الزواج رفض سفرى إليه بحجة انشغاله فى عمله الحكومى الجديد، ثم لم أستطع السفر إليه بسبب كورونا طوال عام.

وخلال هذا العام لم يكن بيننا أى تفاعل عاطفى، ويحدثنى كأننى إنسانة عادية ولست زوجته، وكلمته أكثر من مرة قال لى إنه لا يحب المشاعر عبر الإنترنت، رغم أنه كان يتحدث فى كل شيء عبر الإنترنت بعد زواجنا، وعندما سافرت إليه  لم يخرجنى من البيت طوال 21 يومًا إلا مرة واحدة مع أهله، بدعوى أنه لا يملك المال، رغم أننى أعطيته بمجرد وصولى مالًا، كما أننى فوجئت به فى أول مشكلة بعد زواجنا يحاول ضربى ويهددنى، وعندما وجدنى لا أخاف تراجع، وأخذ كل المال من حقيبتى مع جواز سفرى، وهددنى بأنه لن يتركنى أسافر.

ورغم كل هذه الأمور أشعر أنه إنسان طيب، ولكن الظروف جعلته فى هذا الفقر، وأنا تقبلت فقره لكن المشكلة أنه لا يتقبل فقرى الآن، بعد أن أصبح حالى متدهورًا بسببه، وشعورى أنه تزوجنى فقط لكى يسافر، ومنذ فترة أفكر فى الانفصال، ولكن لا أريد أن أفسد خطته، لكن إذا كانت المصلحة هى المعيار فلا أريد أن يسكن معى،  ووقتها عليه تدبير مكان آخر.

أعيش الآن في صراع، مرة أفكر فى منحه فرصة شهرين وإذا لم يتحدث معى أبدأ فى إجراءات الطلاق، وكل طرف يتحمل نتيجة خطئه، فمثلما تحمّلت وأصبحت تحت الصفر ماديًا، وقتها يتحمل نتيجة طمعه بعدم سفره ويضيع مخططه، وأحيانًا أفكر فى انتظار قدومه لعل الوضع يتغير عندما نكون معًا، ولا أعرف كيف ستسير الأمور فى هذا الوقت، خاصة أن ولداى يبلغان من العمر 19 و18 عامًا.. فما الحل؟ِ!

 عزيزتى

 أنت مسئولة عن مصاريف وإعاشة أولادك.. وهذا الزوج نيته واضحة.. «ببساطة لو عايزة تعرفى نية حد تجاهك راقبى تصرفاته معاكى مش كلامه.. بطلى تديله أى فلوس ولا أتصور أنك محتاجة حِجّة.. أنت أصلًا فى بلد غربة ومسئولة عن شابين ربنا يحميهم ويكملوا مشوارهم علشان هما كمان يقفوا على رجليهم ويعطوكى ما تستحقينه كأمهم».

«وبعد قطع المصروف عنه.. شوفى هيعمل إيه.. لو غضب وهدد وأصر على إنك الحل المادى لمشكلاته.. يبقى خلاص عرفتى هو ارتبط بيكى ليه.. والاختبار محتاج وقت طويل شوية علشان تتأكدى،  وبعدها قررى.. ووقتها قرارك يصدر على نور».

مع حبى