الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تحذير: هذه الأعمال رديئة شكلًا وخائبة مضموناً: الرعب على الطريقة المصرية.. موضة أَم «كورونا»؟!

«تحذير!! هذا المحتوى قد يحتوى على مَشاهد مُرعبة ويرجى إغلاق المنافذ والأضواء للحصول على أجواء أكثر رعبًا فى المنزل».. هذه العبارات التحذيرية التى قد تسبق أى عمل فنى تم تقديمه مؤخرًا ويندرج تحت تصنيف أعمال الرعب، والتى رُغم عدم مناسبتها لجميع الفئات من الجمهور؛ فإن الاهتمامَ بتقديمها بكثرة فى الفترة الأخيرة قد يثير التساؤلات؛ خصوصًا بعد عرض عدد كبير من الأفلام والمسلسلات التى تندرج تحت ذاك التصنيف.



 

 كذلك الإعلان عن مجموعة جديدة من الأعمال التى تنتمى لذات الفئة أيضًا.. من هنا كان يجب رصد تلك الظاهرة فنيّا، شكلًا ومضمونًا، ومجتمعيّا؛ لمعرفة أسباب انتشارها ومدَى تأثيرها.. وجاءت تفسيرات المتخصصين فى السطور التالية:

يبدو أن أغلب المنتجين فى السينما والدراما لجأوا لتيمة الرعب كنوع من التماشى مع الموضة التى انتشرت مؤخرًا؛ خصوصًا بعد نجاح مسلسل (ما وراء الطبيعة) الذى عُرض أواخر العام الماضى على شبكة نتفليكس، ورُغم أن المسلسل كان يحمل الكثير من الأخطاء التقنية؛ فإن عددًا كبيرًا من المنتجين قرّروا خوض التجربة بمسلسلات رُعب بدأت بوادرُها منذ فترة قصيرة بعرض مسلسل (جمال الحريم).

بينما انتشرت الأخبار حول عدد من المسلسلات التى سوف تنتمى لنوعية دراما الرعب، ومنها مسلسل (قصر النيل) الذى بدأ تصويره مؤخرًا، وتدور أحداثه حول جريمة قتل وقعت فى أحد القصور القديمة.. ويشارك ببطولة العمل كل من «دينا الشربينى وريهام عبدالغفور وصبرى فواز» وعدد كبير من النجوم، وهو من تأليف «محمد سليمان عبدالمالك» وإخراج «خالد مرعى» ومن المتوقع عرضه بموسم رمضان المقبل.

أيضًا بدأت «روبى» الإعداد لتصوير مسلسلها (شقة 6)، الذى ينتمى للنوعية نفسها ويتكون من جزئين كل منهما يحمل قصة مختلفة، والاثنان عن عوالم خارقة للطبيعة، حسب وصف مؤلفه «محمود وحيد». والعمل ستدور أحداثه حول دخول «روبى» فى عدد من المغامرات التى تتطلب التركيز بشكل كبير من الجمهور؛ لأن جميعها مترابط بشكل ما، وهو من إخراج «محمود كامل».

ومن المقرّر إنتاج عدد من المشروعات الدرامية خلال العام الحالى، ومنها مسلسل (الغرفة 207) المأخوذ عن رواية للكاتب الراحل «أحمد خالد توفيق»، صاحب (ما وراء الطبيعة) والجزئين الثانى والثالث من مسلسل (زودياك) ومسلسل يحمل عنوان (قارئة الفنجان)، ولكن تلك الأعمال لم تدخل طور الإعداد الفعلى حتى الآن.

العدد الكبير للأعمال الفنية التى تنتمى لنوعية الرعب، لم يكن الأمرُ اللافت الوحيد، ولكن المشكلة أن أغلب هذه الأعمال تدور حول الجن والسّحر والشعوذة وكأن ثقافة الزمن وغيرها من مسببات الرعب قد توقفت عند تلك النقطة. وعن اهتمام الدراما بهذه التفاصيل تحديدًا تقول الناقدة «علا الشافعى» إن هذا الأمر يعود غالبًا لجزء من الثقافة العربية، التى تؤمن بالسحر والشعوذة والجن، فالأعمال التى كانت تتناول هذه الأفكار قديمًا مثل فيلم (البيضة والحجر) وغيره كانت تتناول هذه الأفكار لإظهار مدَى الخداع والكذب بأمور الدّجل.. بينما الأعمال التى تقدم حاليًا ترسّخ للفكرة بشكل كبير وتساعد على انتشارها بدلًا من محاربتها.

وأضافت: «فكرة انتشار كل هذا الكم من أعمال الرعب يدل على الانجراف خلف الموضة، مع العلم أننا نقوم بتقليد الأعمال الأجنبية ولكن بشكل سيئ، ومَهما كنا نقدّم من تقنيات؛ فإنها تظهر فى النهاية مقلدة وغير متقنة.. ولا أعلم لماذا لا نعترف أننا لا نجيد تقديم نوعية الرعب فى أعمالنا السينمائية والدرامية، فهذا ليس عيبًا، كما أن الموضوعات المقدمة لا تأتى بالجديد ولا تُعَبر عن هويتنا، فهناك الكثير من الأساطير المرعبة فى تاريخنا مثل الحكايات الخيالية التى تتداول فى الريف المصرى. وبشكل عام هناك العديد من القضايا المجتمعية الجديدة التى يمكن تقديمها فى عمل درامى ناجح، فليس بالضرورة الانجراف وراء موضة وتقديم لون نحن لسنا جيدين به».

وعلى جانب آخر تستعد قاعات العرض السينمائى والمنصات الإلكترونية لاستقبال عدد من الأفلام التى تنتمى لنوعية الرعب فى الفترة المقبلة، بعد أن احتلت الأفلام قليلة التكلفة دور العرض فى الفترة الماضية؛ خصوصًا مع عدم انتظار صُناعها لتحقيق النجاح أو الربح الكبير، ومنها أفلام (ريما، فيرس وخان تيولا)، وعلى المنصات كانت هناك تجارب لأفلام الإثارة، ومنها (خط دم والحارث)، التى لم تحقق كذلك أى نجاح فنى أو جماهيرى.. ومع ذلك، بدأ عرض مجموعة جديدة من النوعية نفسها، منها فيلم (قبل الأربعين) الذى تدور أحداثه حول الجن والأرواح التى تعود لتنتقم من الآخرين، وهو من بطولة «بسمة، داليا مصطفى ومعتز هشام»، وتأليف «أحمد عثمان» وإخراج «معتز حسام».  

بينما تستعد السينما لاستقبال عدد من الأفلام، منها (يوم 13) الذى يدور حول لعنة أحد القصور، وهو من بطولة «دينا الشربينى وأحمد داوود»، وتأليف وإخراج «وائل عبدالله».. وقد انتهى «عمرو يوسف» من التحضير لفيلمه الأول فى عالم الرعب، الذى يحمل عنوان (التهويدة)، والذى تدور أحداثه حول ارتكاب أحد الأشخاص لعدة أخطاء بالماضى وبعد تعرّضه لحادث ما يعانى من أزمات الرعب النفسى بسبب ملاحقة اختياراته له فيما بعد.. الفيلم تأليف «محمود دسوقى» وإخراج «طارق العريان».. كما تواصل «دُرّة» تصوير أحداث فيلمها (الكاهن)، الذى تدور أحداثه حول تعرُّضها لحادث يقلب حياتها لتفاصيل مرعبة، ويشاركها البطولة «إياد نصار»، بينما أعلن صُناع فيلم (هانوفيل) عن طرحه قريبًا بدور العرض؛ حيث انتهى المخرج «أشرف فاروق» من عملية المونتاج.. والعمل يدور فى منطقة الهانوفيل فى الإسكندرية حول مشكلة يتورط بها عددٌ من الشباب.. والعمل من بطولة مجموعة من الوجوه الشابة.. وكذلك أعلن «محمد نجاتى» عن تصويره لفيلم رعب جديد يحمل عنوان (ليلة فى الجحيم).

حول السبب فى انتشار هذا الكم الكبير من أفلام الرعب فى فترة قصيرة، يتحدث الفنان والموزع «شريف رمزى» قائلًا: «السبب فى انتشار أفلام الرعب وغيرها بالسينمات فى الفترة الأخيرة هو قلة تكلفتها؛ حيث إن المنتجين حاليًا يقومون بطرح أفلامهم التى لا تحتوى على نجم الشباك والتى لا ينتظرون منها تحقيق أى إيرادات تُذكر، وهذه الأفلام تحمل الكثير من الأنواع مثل الكوميدى والدرامى وأيضًا الرعب، التى يقومون من خلالها بالاكتفاء بمواقع تصوير قليلة وفنانين «عاديين» ليسوا بنجوم الشباك، بينما يتم استخدام تقنيات ذات جودة قليلة.. وهناك العديد من الأفلام الكبيرة- إنتاجيّا وفنيّا- تم تخزينها لحين انتهاء جائحة الـ«كورونا» وافتتاح السينمات بشكل طبيعى، لذلك ومع وجود دور عرض محدودة ونصف عدد المقاعد، فالمنتجون الذين يقدمون أعمالًا غير مكلفة سواء الرعب أو غيرها يقومون بطرح أفلامهم لأنها لن تسبب خسارة واضحة؛ خصوصًا أنهم كانوا فى كل الأحوال يطرحون تلك الأعمال فى غير المواسم السينمائية الرسمية لعدم تمكنهم من منافسة الباقين».

فى النهاية؛ هل يؤثر انتشارُ تلك الأعمال بأفكارها الخرافية على المجتمع؟ توجَّهنا بهذا السؤال إلى د.«سامية قدرى» أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس، التى بدأت حديثها قائلة: «فى الوقت الذى تتقدم فيه الشعوبُ بتفكيرها نقوم نحن بنشر دعوات صريحة للإيمان بالخيال والسحر والخرافة، فاتباع الفن لكل «موضة» يكون غالبًا على حساب المجتمع وأفكاره ويؤثر بشكل سلبى عليه، والأعمال التى تقدم بشكل مكثف وتسمَّى بأعمال الرعب تدعو دعوة صريحة للخرافة والتراجُع الفكرى المجتمعى بدلًا من التفكير بالعقل والمنطق، فنجد أن الحلول تأتى بالسحر والشعوذة؛ لأن المجتمع غالبًا يؤمن بذلك، والفن يرسّخ لتلك الأفكار بدلًا من مهاجمتها وتصحيح المفاهيم».

وعن الإقبال الجماهيرى عليها حاليًا تستكمل: «صُناع الدراما والسينما هم الذين يتبعون أى خط درامى جديد حتى لو كان قد يؤدى إلى خلل مجتمعى، وذلك بسبب الرواج الاقتصادى بحجة أن هذه هى رغبة الجماهير.. بينما الفن يؤثر بشكل مباشر، وكثرة تلك الأعمال قد تزيد الاعتقادات الخاطئة بين الناس كما حدث من قبل بانتشار أفلام السلاح الأبيض والبلطجة التى تسببت فى كثرة الجرائم بشكل كبير».