الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فلسفة الاختيار والتسليم فى «جمال الحريم»

لمن روحك؟ أتبيع روحك للشيطان فيستعبدك ويذلّك وتعيش خادما له مقابل السلطة والقوة والمال، أم تُسلم روحك لربك من له الملك والعزة مقابل النور الإلهى الذى سيلازمك والسلام النفسى الذى ستنعم به؟!. اختيار ليس سهلا يقف أمامه كل إنسان على وجه البشرية منذ بدء الخليقة.. والاختيار لا يأتى مرة أو مرتين ولكن على مدار رحلة حياته المليئة بالاختيارات أو بمعنى أصح بالاختبارات. كل ذلك بمثابة فلسفة الوجود واللقاء الروحانى لمن يكون.



عمق يدور حوله مسلسل (جمال الحريم) الذى تعرضه منصة watch it وإحدى الفضائيات، فى قالب دراما الرعب والتشويق، والذى تعتقد أنه مجرد مسلسل يناقش ما يسمى بالجن العاشق للنساء ولكن مع تماهيك كمشاهد مع أحداثه وأفكاره وخطوطه الدرامية ستفهم رسالته الأعمق وهى التسليم والإيمان واللجوء للنور الإلهى بدلا من جحيم الشيطان وخُدّامه مهما كانت المخاطر والإغراءات بالسلطة والمال.

أما عن براعة صناعة عمل فنى مثل (جمال الحريم) فحدث ولا حرج بدءا من الموسيقى التصويرية لـ«تامر كروان» التى اعتمد فيها بشكل أساسى على الآلات الوترية من الكامنجا والتشيللو فتجعلك تعيش حالة الشخصيات من توتر أو خوف أو غضب أو مشاعر حب إلى جانب المؤثرات الصوتية التى تقوم بدور أساسى ومُكمل تلعب على مشاعر المتلقى من صوت الهمس – همس الجن – الذى يتسارع ويتزايد مع تصاعد الأحداث أو صوت الهواء الشديد الأشبه بالرياح المصاحب لحضور أحد خدام الشيطان، كل ذلك يزيد من تماهى المشاهد مع الحدث ويحقق هدفًا أساسيًا للدراما وهو الخوف والتطهير فهو خائف من أن يتعرض لنفس ما تعيشه شخصيات العمل خاصة أن قصة مسلسل (جمال الحريم) مستندة على أحداث حقيقية.

ساعد على حالة الاندماج أيضا احترافية المؤثرات البصرية للشيطان والجن، حيث تشعر كمشاهد أنه مألوف بالنسبة لك، يشبهك، وقريب منك مما يحقق الهدف الأهم وهو التصديق، تصديق المشاهد لكل ما يراه ويسمعه كأنه واقع. وبالطبع مهما كانت فكرة العمل الفنى قوية ومؤثرة لن يأخذ صك الإبداع إلا إذا تضمن حوارا قويا مكتوبا بمهنية والأهم أن يكون مكتوبا بإحساس وشفافية ينقل حالة كل شخصية ومراحل تطورها من أزمة ثم حل وذلك لمسناه فى (جمال الحريم) للمؤلفة «سوسن عامر» على لسان فنانين موهوبين بداية من «نور» فى شخصيتى «نور» و«صفية»، كيف عاشت مشاعر التيه والحيرة الممزوجة بالخوف والتوتر ، ومشاعر الضعف والقوة فى نفس اللحظة، وأيضا الفنان القدير «صلاح عبدالله» فى دور الشيخ «حسن» وتوحده مع الشخصية التى تمثل النور الإلهى على الأرض بملامح وجه صافية مُسلِمة وقوة داخلية إلهية تلمس الروح.

يعتبر أيضا (جمال الحريم) إعادة اكتشاف لبعض المواهب مثل «إسلام جمال» فى دور «سليم» وأيضا اكتشاف لفنانين شباب فى بداية مسيرتهم الفنية مثل «غفران» فى دور «سارة» والتى جعلت المشاهد يكرهها إلى جانب «كريم عبدالخالق» فى دور «إردن» الذى جسد الابن العاق بشكل سلس وصادق، وأخيرا «محمد الألفى» فى دور «تيكو» الذى انتظر المشاهدون انتقامه لصديقته.

أما ما يثير تساؤلا هاما هو استخدام طلاسم وتعاويذ وأسماء حقيقية لشياطين فى عمل فنى يدخل كل البيوت، حيث أعتبره من وجهة نظرى خطأ كبيرا وتصرفا غير مسئول من صناع العمل أو جهلاً بيّنًا بمدى خطورته، ولكن سواء تتفق أو تختلف مع نوع الدراما الذى يقدمه (جمال الحريم)، لا يمكن أن نغفل إبداع صُناعه فى خلق عمل فنى يناقش فلسفة كون بأكمله وتلك هى قوته.