الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حاورتها من 25 عامًا: شادية "الحلقة الأولى "..الفن أن نعمل أولا ونتعب!

الاسم فاطمة، والشهرة شادية، والصوت ملائكى،  ابتعدت عنا، وانزوت بعيداً عن أضواء الشهرة، ولكن مهما ابتعدت فسيظل صدى صوتها يتردد فى الشوارع والمنازل والآذان والقلوب، فالفن لا يلد كل يوم فنانة تستطيع أن تثرى الطرب والغناء كما فعلت.



وهذا حوارى معها الذى أهديه لمجلة روزاليوسف ذات الـ 95 عاماً.

 

آمال: ما أقرب الألقاب إليك، هل المطربة أم الممثلة، باعتبار أنك تفوقت على نفسك فى اللونين؟

شادية: أنا أحب اللقبين معاً، ولكنى فى بعض الأحيان لا أجد النصوص الجيدة فى الأغانى أو لحنًا يجذبنى لغنائه، وفى نفس الوقت أجد رواية جيدة فأتجه إلى التمثيل وأتفرغ للرواية، وفى بعض الأحيان أتفرغ لحفظ الأغانى والتدريب عليها وأعمل فيها بنفس الحب الذى أعمل به فى التمثيل، فالتمثيل والغناء مثل التوأم الذى يلقى لديَّ كل الحب، وتضيف: أجد نفسى فى العمل المتقن من كل الجهات، وما أحسه سواء كان غناءً أم تمثيلاً.

آمال: فى فترات البيات الشتوى لشادية أثناء الإعداد لعمل جديد، ما الذى يشدك فيها للفن والعودة للساحة، هل كلمة جيدة أم لحن جميل أم رواية جميلة؟

شادية: يشدنى أى عمل جميل خاصة إذا كان مكتملاً، لكن فى بعض الأحيان يكون اللحن والكلمات جيدين، ورغم ذلك لا أوفق فى الأداء بلا سبب، وقد يرجع ذلك إلى أننى أكون غير ممتلكة للإحساس اللازم للغناء فى هذا اليوم، وفى مثل هذه الأيام أشعر بالمرض لأننى لم أوفق فى التسجيل، فحتى لو توفرت الكلمة الجيدة، فلا أحد يضمن وجود الإحساس اللازم للغناء، لأن هذا الإحساس من الصعب جداً أن يبقى دائماً لدى المطرب بل يتخلى عنه فى بعض الأحيان.

آمال: فى تصورك ما هو أخطر عناصر الأغنية، والذى يوصلها للناس، هل الكلمة الحلوة أم اللحن الحلو أم الصوت الجميل؟ 

شادية: العناصر الثلاثة مهمة وضرورية لكى تصل الأغنية للجماهير، لكن الكلمات تمثل فكرة الأغنية نفسها، فلا يمكن أن تكون الأغنية عبارة عن كلام بدون فكرة تربطها فإذا كان الكلام والفكرة جيدين فيجب أن يكون اللحن جميلاً وأن يخرج كل ذلك للناس عن طريق صوت جميل.

آمال: من وَرث عرش الأغنية الاستعراضية؟

شادية: أنا لم أرَ أفلاماً استعراضية غنائية مثل أفلام ليلى مراد، ورغم أن هناك أفلاماً جيدة خرجت إلى النور بعد ليلى مراد، لكنها لم تكن بعظمة تاريخ ليلى مراد فى الأفلام الاستعراضية، حتى الآن يصيبنى الانبهار كلما رأيت أفلامها الغنائية، ولا يتوقف الأمر على جيلنا فقط باعتبار أننا نعرف ليلى مراد ونحبها، ولكن الجيل الجديد أيضاً ينبهر بهذا المستوى من الأفلام الغنائية والاستعراضي

فترة التدهور الفنى طالت

آمال: باعتبار أنك فنانة هل يمكنك التنبؤ بما ستعبر عنه أغنية الغد؟ وما الجديد فيها؟ وما تطلبينه فيها؟

شادية: لا يمكن أن يظل حالنا الفنى كما هو عليه الآن، فالوضع سيئ جداً لكن لا بد أن تحدث انتفاضة وتظهر أفكار جديدة، وأنا عندى أمل كبير فى عودة الفن إلى حاله السابق لأن الإنسان بصفة عامة والفنان بشكل خاص لا يمكن أن يعيش بدون أمل، ولكن الحقيقة أن فترة تدهور الفن طالت والأمر يتطلب أسلوباً جديداً فى التعامل مع الفن، وهذا الوضع يجعلنى فى حالة نفسية سيئة جداً بشكل دائم.

آمال: متى كانت أكثر فترات ازدهارك النفسى؟

شادية: كلما كنت أرتبط بالاستديو فى أداء عمل أحبه أكون فى أكثر حالات ازدهارى النفسى وكلما أتعب فى إخراج العمل الفنى الجيد كلما ارتحت أكثر لأننى أحب هذا الشئ وأشعر وأنا متجهة إلى الاستديو أننى ذاهبة إلى موعد غرامى.

آمال: إذن أنت تسعدين نفسك بأعمالك قبل أن تسعدى الناس؟ 

شادية: طبعاً فأنا أسعد نفسى لأننى أستمتع وأنا أحفظ الأغنية، وأيضاً وأنا أسجلها وأقوم بعمل بروفاتها، فهذا الإحساس هو أكسير الحياة بالنسبة لى،  وأيضاً فى الروايات السينمائية أستمتع بكل مشهد أقوم بأدائه وأعتبر العاملين بالفيلم كلهم أسرتى.

آمال: هل هناك فارق بين الفن فى الوقت الحالى والفن فى جيلكم من وحى وجودك كفنانة من وراء الكواليس؟ 

شادية: هناك فارق كبير جداً، ففى الماضى كان العاملون فى الفيلم يقدرون بعضهم ويكونوا جميعاً كصف واحد وروح واحدة، أما الآن فالوضع مختلف تماماً فلم يعد هناك التزام بالمواعيد من الفنانين وأصبح الفيلم الذى كنا ننتهى منه فى شهرين أصبح ينتهى الآن فى أربعة أشهر بسبب عدم احترام مواعيد العمل، فلا يوجد ممثل متفرغ لعمل واحد وبالتالى لا بد أن يتأخر ويؤخر العمل، وأنا تعلمت من الأستاذ الكبير «حلمى رفلة» أن مواعيد العمل مقدسة وأننى لا بد أن أكون أمام الكاميرات فى الوقت المحدد وأكون جاهزة تماماً للعمل وهذا لا يحدث فى الوقت الحالى،  ففى أعمالى الأخيرة كنت أتعذب لأننى كنت أذهب فى مواعيدى المحددة فأجد البلاتوه خالٍ رغم الموعد المحدد، فى حين أننا كنا فى السابق نذهب فى موعدنا لنجد أن كل شىء جاهز والأنوار مضاءة، أما حينما أندمج وأعيش فى الشخصية وأرتدى الملابس وأنهى الماكياج وأذهب فأجد أن البلاتوه خالٍ فهذا شىء يقتل أى فنان.

آمال: فى تصورك هل الفنان لا يتم تقديره فى مصر عندما يزيد سنه كما قال لى الفنان «عماد حمدى»؟

شادية: للأسف هذا الكلام صحيح فمؤلفونا لا يهتمون بعمل أدوار خاصة للكبار فى الأفلام، وممثلونا الكبار أمثال شكرى سرحان، ويحيى شاهين يعملون بفنهم، وشخصيتهم وتجاربهم ويستطيعون جذب أى مشاهد رغم أن المؤلفين يظلمونهم، أما فى أمريكا فلا يزال كل الممثلين الكبار يعملون وتفصل لهم الأدوار التى تظهر إمكانياتهم، أما فى مصر فلا يتم ذلك ولكنى أؤكد أن مركب الفن سترسو فى النهاية على الفن الحقيقى للجيل القديم لأن هذا هو الفن الحقيقى.

آمال: يبدو عليك الحزن على حال الأغنية المصرية فى الوقت الحالى.

شادية: أنا أتمنى أن تعود الأغنية لإطارها المعروف عنها، فهذه هى مصر التى تغذى العالم العربى بكلامها وأداء فنانيها، ولا يمكن أن تظل مصر طويلاً فى هذه الكبوة الغنائية، فالعالم العربى أيضاً مشتاق، والدليل أننى أتلقى فى اليوم خمسين خطاباً معظمها من الأقطار العربية الشقيقة كلها تظهر مدى حب الناس لجيلنا ويتمنون منا الجديد لإنقاذ الأغنية المصرى، وعلينا أن نؤكد لهم أن مصر تستطيع عبور هذه الكبوة.

كل يوم أعيش فى أغنية لى

آمال: ماذا عن إحساسك وأنت فى الاستديو تسجلين إحدى أغنياتك؟

شادية: لا أستطيع وصف شعورى فأنا لا أكون أنا وأنسى نفسى،  أنسى شادية، وأشعر بإحساس غريب أعيش فيه داخل الأغنية ولا أشعر بمن حولى وفى بعض الأحيان يكون أمامى أشخاص أعرفهم وأنظر لهم ولا أدرى بهم، لأننى أعيش فى الأغنية وأسعد بها وأدمع لها ليس من السعادة أو الحزن بل من الإحساس ولا أعرف الوقت الذى أستغرقه فى تسجيلها إن كان ساعة أو اثنتين أو خمسًا وحينما أعود إلى المنزل تصبح كجهاز التسجيل فى رأسى فأنام بها وهى تتردد كصدى الصوت فى أذنى ومهما حاولت الهروب منها فهى تظل تطاردنى دائماً.

آمال: إذا استرجعت أغانيك القديمة، فما هى الأغنية التى تعيشين فيها حالياً؟ 

شادية: هى حسب حالتى النفسية، فكل يوم أعيش فى أغنية لى أو لغيرى وأنا فى الوقت الحالى أعيش فى أغنية «يا شاغلنى وقلبك خالى» ولا أعرف لماذا فقد يكون بسبب انشغالى بالأغانى،  ودائماً أغنيها طوال الوقت بدون انقطاع.

آمال: هل تنشغلين بحال الأغنية؟ 

شادية: طبعاً فالغناء هو حياتى،  فلقد ولدت وأنا أغنى،  مثل روايات السينما فهى أيضاً تشغلنى فلا يوجد أى دور يسعدنى،  فحتى الأدوار الحالية لا تناسب المرأة المصرية المعاصرة، فمثلاً لقد أحببت دورى فى فيلم «مراتى مدير عام» لأن مشكلة الدور كانت هى السائدة فى أيامها فعلاً.

أحب الأفلام التى تعالج قضايا اجتماعية

آمال: فى حوار سابق مع الفنان «صلاح ذو الفقار» سألته عن الفيلم أو القصة التى تخدم موقفاً عاماً، والتى توظف فى إبراز نقطة ضعف فى المجتمع أو تستوحى حلولاً أو تقترح حلولاً لبعض المشكلات فقال أنه شاركك البطولة فى فيلم «مراتى مدير عام» وأن هذا الفيلم كان نقطة انطلاق لهذه النوعية من الأفلام لأنه كان أول فيلم يعالج مشكلة تعيشها المرأة المصرية، فما قولك فى هذا؟

شادية: كلامه صحيح لأن مشكلة عمل المرأة كانت كبيرة جداً فى هذه الأيام وهذه الفترة كانت كل أفلامها عن أفكار قديمة أصيب الناس بالملل منها، لكنها كانت فكرة جديدة وكنت سعيدة حينما قرأتها، لأننى وجدت أنها فكرة جديدة لم تعالج من قبل عن مشكلة كبيرة وكانت المعالجة بأسلوب كوميدى لطيف من إخراج المخرج الكبير «فطين عبدالوهاب» صاحب الأعمال اللطيفة الراقية والذى كان يعالج المصائب فى الأفلام ويحولها إلى نكتة يتأملها الناس، ولم تعالج هذه المشكلة إلا بعد هذا الفيلم فتمت معالجتها سينمائياً عشرات المرات.

آمال: كان فيلم «مراتى مدير عام» يعبر عن وجه جديد من وجوه شادية، فإذا رصدنا تاريخك نجد فيه التراجيديا العنيفة فى «المرأة المجهولة» وغيره من الأفلام الحزينة، لكن فى «مراتى مدير عام» طرقت باب أفلام الكوميديا وفن إضحاك الناس من خلال الموقف. 

شادية: «مراتى مدير عام» لم يكن أول فيلم كوميدى أقوم ببطولته، بل شاركت قبله فى «الزوجة 13» مع فطين عبدالوهاب وكان فيلماً كوميدياً يعالج أيضاً إحدى مشكلات المجتمع ومن قبله قمت بالعمل فى أفلام كوميدية خفيفة كان هدفها الإضحاك فقط، لكن فى فترة «مراتى مدير عام» شاركت فى «الزوجة 13» و«مراتى مدير عام» و«عفريت مراتى» و«كرامة زوجتى»، وبدأنا بهذه الأعمال الدخول فى مشاكل مجتمعنا بنوع من الكوميديا التى كان يجيدها فطين عبد الوهاب، وهى كوميديا الموقف.

أسلحتى هى إخلاصى

آمال: ما السر الذى وصلت به إلى قلوب المعجبين فى خريطة العالم العربى؟ ما هى أسلحتك فى التوغل أو لنقل أدواتك للاستمرارية والتدفق الفنى؟

شادية: لا أستطيع الرد على هذا السؤال بالذات، لكن أقول إن أهم أسلحتى هى إخلاصى فى عملى وحبى له وعملى بنفس مفتوحة، وأحب أن أسعد الناس، والإخلاص فى أى عمل يصل للناس، فلا يمكن النجاح فى أى عمل بدون إخلاص.

آمال: أرى فى مكتبك شرائط فيديو أفلامك القديمة، فهل تشاهدين هذه الأفلام ليعود لك الإحساس بأنك موجودة بالكامل فى دنيا الفن، أو تعيدين عرضها لتعيشين إحساسك الذى عشته أيامها؟

شادية: الحقيقة أننى حينما اشتريت الفيديو كنت سعيدة جداً به وكنت أتمنى مشاهدة أفلام قديمة خاصة فيلم «ليلة العيد» حيث كان فيلماً رائعاً قمت بتمثيله فى بداياتى السينمائية فأهدى لى بعض أصدقائى هذه الأفلام، وهى تذكرنى بالفعل بالأحداث والمواقف والأغانى الجميلة.

آمال: هل فيلم «ليلة العيد» هو أحب أفلامك إلى قلبك؟

شادية: هناك أيضاً فيلم «شىء من الخوف» فهو فيلم كامل من كل جوانبه من رواية جيدة وسيناريو محكم وإخراج الأستاذ حسين كمال كان رائعاً وكانت الأيام التى صورنا فيها هذا الفيلم من أحسن أيام حياتى،  وموسيقى الفيلم للأستاذ «بليغ حمدى» كانت من عناصر نجاح الفيلم أيضاً.