الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

المنفي الاختياري أمريكا.. الحلم والوهم "7" جراج سيل.. تقليد أمريكي للتخلص من الكراكيب.. رأفت يهودي مصري.. يبيع روبابيكيا بامريكا ويزور الإسكندرية كل عام..

إذا سرتَ فى شوارع أمريكا يوم  «الويك إند» يلفت انتباهك الكثيرُ من البيوت الأمريكية التى تَعرض أشياءً للبيع أمام أبوابها، أو بالجراج الخاص بالمنزل فيما يُعرَف هناك بـ«جراج سيل».. وعرفتُ أنه تقليد أمريكى للتخلص من الكراكيب القديمة فى البيت ببيعها بسعر رمزى.. بحيث تكون أمام المارّة.. وغالبًا ما تكون أشياءً سليمة وغير معيوبة من مستلزمات البيت أو أدوات المطبخ أو الحقائب والملابس والأحذية.. التى تم الاستغناء عنها وربما تنفع غيره..وكذلك يستفيد هو بثمَنها.. وتمنيت لو ينتقل هذا التقليد الجيد لبيوتنا فى مصر؛ حيث إننا من أكثر الشعوب التى تحتفظ بالكراكيب وتزدحم بها بيوتنا. 



 

وأتذكر أن صديقتى قد اشترت طاقم سُفرة صينى كاملًا من «جراج سيل» بـ 5 دولارات.. كما اشتريتُ أنا شوّاية كهربائية دورين بـ 7 دولارات، وكذلك ماكينة قهوة أمريكانى كبيرة الحجم بـ 6 دولارات.. وقد عرفتُ «جراج سيل» كبيرًا.. يضم كثيرًا من الأشياء التى يستغنى عنها الآخرون فى جراج كبير.. ويتم عرضها يوم السبت لمُدة ساعتين من الساعة الحادية عشرة صباحًا حتى الساعة الواحدة ظهرًا.

فكان أشبه بمحلات الروبابيكيا لدينا، وكان صاحبه يهوديّا مصريّا اسمه «رأفت».. رجل أربعينى ذو بشرة بيضاء وجسد ضخم رياضى كأنه أحد أبطال كمال الأجسام..فرح كثيرًا حين علم أننى مصرية وتحدّث معى باللغة العربية التى يعرفها جيدًا.. وأخبرنى أن والده قد هاجر  من مصر إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى الخمسينيات وأنه وُلد وكبر بأمريكا.. ورُغم ذلك يزور الإسكندرية كل عام ويقيم فى شقة اشتراها بحى «المنتزه» مسقط رأس آبائه.. ولديه أصدقاء بمصر، كما أنه تعلم اللغة العربية من أبيه الذى كان حريصًا أن يُحَدّث ابنه بالعربى، حتى إنه كان لا يرد عليه لو تَحدّث معه بكلمة واحدة إنجليزية.

وكان «رأفت» يرص بضائعه على طاولة كبيرة يضعها أمام الجراج.

وبالفعل وجدتُ لديه أشياءً كثيرة ونادرة، فرأيت أجهزة طبية.. ولوحات فنية وسجاجيد قديمة أصلية وأدوات صحية وأجهزة كمبيوتر مستعملة واكسسوارات وحقائب سفر ومنظار مكبر... واشتريت منه لوحة زيتية بـ 7 دولارات.. وقد فاصلتُ معه حتى خفّض ثمَنها من 9 دولارات إلى 7 دولارات.

وصار الذهاب إلى جراج رأفت اليهودى المصرى هواية أقوم بها كل يوم سبت بصحبة صديقة لى لأشاهد الجديدَ الذى لديه والأشياءَ الغريبة التى يبيعها والتى أراها أشبه بكنوز سوق الجمعة فى مصر؛ حيث يكون بينها أشياءٌ لا أعرفها وأشاهدها للمرّة الأولى، وأسأل رأفت عن استخداماتها ويشرح لى.. وكانت متعتى فى الفرجة تفوق متعة الشراء.

وبعد ذلك عرّفتنى صديقتى بمكان آخر يبيع مثل تلك البضائع المستعمَلة بجوار بيتها بمدينة «وين»، واكتشفتُ أنه يبيع أشياءً نادرة ومعظمها جديدة من بقايا المحلات؛ حيث يتبرع بها أصحابُ المحلات الشهيرة ويتم بيعُها لصالح مَرضَى السرطان..وذهبتُ لمشاهدة تلك البضائع التى حكت لى عنها.. ووجدتُ سيدة أنيقة جميلة تقف فيه وأخبرتنى «أسماء» أنها إحدى المتطوعات للعمل الخيرى وهى تقوم بالبيع طوال اليوم دون أن تتقاضى أجرًا، بل لصالح مرضَى السرطان.. ووجدتُ أشياءً رائعة، وكان به حقائب ذات ماركات معروفة وفساتين سواريه جديدة وفراء فيزون أصلى، وعرفت أن هناك بعض السيدات العرب تشترى البلاطى الفراء المستعمَلة من هناك وتبيعها للفنانات وسيدات المجتمع بآلاف الدولارات على أساس أنها أصلية ومستوردة من أمريكا. 

ومن الأسواق التى لفتت انتباهى أيضًا تلك السوق الصغيرة التى تعرض بضائع مستعمَلة يوم الأحد أمام كنيسة جيرسى سيتى؛ حيث يقوم البائعون بتأجير الأرضية أمام الكنيسة  مقابل عشرة دولارات فى اليوم للمائدة التى يضع عليها البائع بضاعته من السلع الجديدة والمستعمَلة أيضًا.. ومعظم البائعين الرجال فى هذه السوق  من المصريين، بينما البائعات من أصول إسبانية..  ويوجد عليها إقبال كبير من المهاجرين حديثى الهجرة ورقيقى الحال.

هكذا نجد أسواق المستعمل والروبابيكا فى أمريكا.. وصارت مشاهدة كل ما هو جديد فى «الجراج سيل» هوايتى المفضلة.