الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من الانقسامات والميليشيات إلى كورونا والأزمة الاقتصادية البيت الأبيض فى مواجهة اختبار «الكعكة المسمومة»

إرث ثقيل يتركه الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» لخليفته جو بايدن فى فترة تترنح فيها البلاد على المستويين الداخلى والخارجى، فمشاهد اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكى «الكابيتال هول» لن تمر دون تأثير بالغ على الولايات المتحدة، ليس على صورتها الخارجية فحسب، ولكن داخل مجتمعها أيضًا الذى أظهر انقسامات عديدة بين فئاته، وعنصرية قوية قد تترك آثارًا واضحة على البلاد ربما لسنوات عديدة.



بين قضايا الانقسامات والعنصرية، التى تفشت بعد تولى ترامب لكرسى الرئاسة، واقتصاد مترنح، ووباء ينهش فى المجتمع ويترك آلاف الضحايا كل يوم على طريق الموت، تأتى فترة حكم جو بايدن فى فترة أزمات لم تشهدها «الولايات المتحدة الأمريكية» منذ الحرب العالمية الثانية.

انقسامات داخلية

فى التاسع من يناير الجارى، شاهد العالم عملية «اقتحام الكابيتال هول» من قبل الآلاف من أنصار الرئيس، المنتهية ولايته «دونالد ترامب»، رافضين إقرار الكونجرس لنتيجة الانتخابات الأمريكية، وذلك عقب العديد من التغريدات والخطابات المعادية والمشككة فى تزوير هذه النتيجة من جانب «ترامب»، ورغم عدم إثبات ترامب لحقيقة تزوير الانتخابات الرئاسية، فإنه أصبح بمثابة البطل الشعبى للبعض، وأصبح «الترامبيست» نهجًا يتبعه الملايين حول العالم، ليس فى الداخل الأمريكى فحسب.

ولسد هذه الفجوة داخل المجتمع الأمريكى يواجه «جو بايدن» تحديًا غير مسبوق، بين «الترامبيست» و«الأنتى ترامبيست» أو المناهضين لترامب، فى وقت أكدت فيه صحيفة «فاينانشال تايمز» الأمريكية، أن الديمقراطية الليبرالية ستظل محاصرة فى الولايات المتحدة».

وقالت «سحر خميس» أستاذة الإعلام فى جامعة ميريلاند الأمريكية: إن دونالد ترامب يترك لخلفه فى الحكم جو بايدن «كعكة مسمومة»، وأضافت أن الحزب الجمهورى بات أيضًا منقسمًا جراء سياسة ترامب، مشددة على أن نظريات المؤامرة التى روج لها الرئيس المنتهية ولايته جعلت الشعب يفقد الثقة حتى فى وسائل الإعلام.

وعقب حادث الاقتحام، وعد بايدن خلال خطابه للجمهور الأمريكى، بأنه فى ظل رئاسته ستستعيد أمريكا دورها القيادى فى العالم، موضحًا أنه سيقوم بتنظيم «قمة للديموقراطيات» فى السنة الأولى من ولايته لكى يظهر أن التعددية عائدة وأنه يجب إنهاء الانعزالية التى سادت سنوات حكم ترامب.

ويرى العديد من الخبراء أن الرئيس المنتخب المعروف باهتمامه بالسياسة الخارجية، سيضطر للتركيز على الوضع الداخلى المتأزم لبلاده، ونقلت وكالة «دوتشه فيله» الألمانية أن «مجموعة الأزمات الدولية»، وهى مؤسسة فكرية متخصصة فى تحليل النزاعات، أوضحت فى تقرير أن الولايات المتحدة «التى أمضت عقودًا وهى توجه الدول الأخرى إلى كيفية حل مشاكلها، قد حان الوقت لتقوم بمراجعة الذات».

ميليشيات وحرب أهلية

لم تكن مشاهد اقتحام الكونجرس هى الأولى التى يجتمع فيها أنصار «ترامب» المسلحون، فقد شاهد العالم مشاهد مماثلة لمؤيدى الرئيس على مدار العام الماضى، كما انتشرت ظاهرة الميليشيات المسلحة فى المجتمع الأمريكى بشكل كبير خلال سنوات حكمه الأربع سواء من مناصرين له أو مناهضين لحكمه وعنصريته.

وعلى الرغم من انتشار الجماعات والميليشيات المسلحة داخل المجتمع الأمريكى، الأمر الذى يشير ربما إلى بوادر اندلاع حرب أهلية بين المجتمع المنقسم، إلا أن المحللين السياسيين يرون أن هذا أمر مستبعد ربما فى الوقت الراهن، وقال الخبير الاستراتيجى «دنيس جيفر» فى حديث تليفزيونى، إنه رغم انخراط «ترامب» فى دعاية عنيفة وعنصرية له ولحكمه منذ بداية حملته الانتخابية لفترة الرئاسة الثانية، فإن تطبيق القانون الأمريكى سيكون أمرًا حتميًا، ويجب معاقبة ترامب عن أفعاله سواء بعزله أو تقديمه للمحاكمة.

وكانت السلطات الأمريكية قد ألقت القبض على 4 متهمين من جماعة «براود بويز» (Proud Boys)، بعد حادث اقتحام الكونجرس.

ونشأت هذه الجماعة عام 2016 ويترأسها إنريكى تايلور، أمريكى من أصول كوبية وإفريقية، ورغم ذلك فهذه الجماعة تمجد العرق الأبيض ويتخذون من الفاشية الجديدة سياسة لهم كما سجلت الشوارع الأمريكية حوادث كثيرة قاموا بها وحظرت وسائل التواصل حسابات المجموعة مرارًا.

وعلى نهج جماعة «براود بويز» ظهرت عدة ميليشيات وجماعات مسلحة أخرى من أنصار ترامب منها: مجموعات «حركة بوجالو» (Boogaloo Movement)، «حفظة القسم» (Oath Keepers)، و«الثلاثة بالمائة» (Three Percenters).

وفى الطرف الآخر، توجد جماعة «أنتيفا» (Antifa) المناهضة لـ«ترامب»، والتى أدرجها الأخير كمنظمات الإرهابية، وهى مجموعة قديمة، لكنها ظهرت بشكل واضح منذ عام 2016، عقب فوز «ترامب» بالرئاسة، وانتشرت بشكل كبير خلال الاحتجاجات الأمريكية التى اندلعت هناك عقب مقتل المواطن «جورج فلويد»، وهى حركة يسارية مناهضة للفاشية والنازية، ويعتنق أعضاؤها الأفكار الشيوعية والليبرالية.

ورغم أن «أنتيفا» هى الجماعة اليسارية الأكثر انتشارًا فى الشارع الأمريكى، فإنه يوجد عدد آخر من الجماعات المناهضة لترامب وحكمه منها جماعة، «الميليشيا السوداء» (NFAC)، و«محاربو الحرية» (Freedom Fighters).

الاقتصاد وأزمة الوباء

أعلن «بايدن»، الجمعة الماضية، عن حزمة المساعدات الاقتصادية التى سيعمل عليها فور توليه الرئاسة، مشددًا على ضرورة التحرك سريعًا بعد فقدان 140 ألف وظيفة فى ديسمبر الماضى بسبب الموجة الثانية لكورونا.

أما البداية فستكون من خلال تقديم دعم إضافى لأسر العمال والشركات الصغيرة، وتقديم 900 مليار دولار كدفعة أولى من حزمة المساعدات وأنه بصدد إصدار خطته التنفيذية تفصيليًا خلال أيام.

وعن أزمة فيروس كورونا المتفشى فى البلاد، أوضح «بايدن» مؤخرًا، أن خطة توزيع لقاح كورونا قد شهدت إخفاقًا غير مسبوق، مؤكدًا أنه سيعمل على تجنب هذه الأخطاء فور توليه منصبه.

يذكر أن الجنرال «جوستاف بيرنا» المسئول عن توزيع لقاح كورونا، قد أعلن فى 20 ديسمبر الماضى، عن إخفاقه فى عملية توزيع اللقاحات على الولايات المتضررة.

حكومة «رأب الصدع» تضم كل أطياف المجتمع

تباهى الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن، بسلسلة ترشيحاته لوزراء إدارته، والتى أطلق عليها «حكومة الأوائل ومحطمى الحواجز»، وتضم الحكومة بالفعل وزراء يمثلون الأقليات فى المجتمع الأمريكى وهم مزيج من السود واليهود واللاتينيين وحتى المثليين، كما حازت النساء على نصيب كبير من اختياراته.

وعلى رأس هؤلاء تأتى «كامالا هاريس»، نائبة الرئيس المنتخب، هى أحد هذه الاختيارات التاريخية، باعتبارها أول امرأة وأول صاحبة بشرة سمراء فى هذا المنصب. كذلك رشح «بايدن» الجنرال المتقاعد «لويد أوستن» ليكون أول وزير دفاع أمريكى من أصل أفريقى.

أما «ليندا توماس جرينفيلد» ذات البشرة السمراء والتاريخ الطويل من العمل الدبلوماسى فى عهد «بوش الابن» و«أوباما» فقد عينت بمنصب المندوب الدائم لـ«واشنطن» فى «الأمم المتحدة».

كما اختار «بايدن» حاكمة ولاية رود آيلاند، جينا ريموندو وزيرةً للتجارة، وهى ذات أصول إيطالية، ورئيس بلدية بوسطن الأيرلندى الأصول، «مارتن والش»، وزيرًا للعمل.

كما رشح الرئيس المنتخب «بيت بوتيدجيج»، خريج منحة «رودس» لوزارة النقل فى الإدارة المقبلة، وفى حال المصادقة عليه سيكون أول وزير مثلى يترأس وزارة أمريكية.

أما اليهودى «أنتونى بلينكين»، خريج «رودس» أيضًا، فقد اختاره «بايدن» كوزير للخارجية.

وجاء اختيار «بايدن» لوزير الأمن الداخلى «اليخاندرو مايوركاس»، الذى تعود أصوله إلى أمريكا الجنوبية، والذى شغل منصب رئيس جهاز خدمات المواطنة والهجرة خلال رئاسة أوباما، وقاد عملية تطبيق برامج مثل «العمل المؤجل للقادمين فى مرحلة الطفولة»، وهو برنامج سمح لأطفال المهاجرين غير الشرعيين بالحصول على إقامة فى البلد.