الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد اتهام «عمر هاشم» لهم بنشر «الفاحشة»: أهل الفن: نرفض التعميم.. وتعودنا أن نكون «شماعة»

أثارت خطبة الجمعة قبل الماضية التى ألقاها الشيخ د. «أحمد عمر هاشم» بجامع الأزهر الشريف، جدلاً واسعًا بين صناع الفن والثقافة فى مصر، خاصة أن العالم الجليل الذى أبدى احترامه مسبقًا لأهل الفن، قام بربط ما يحدث من مشاكل وأزمات وما يمر به العالم من انتشار للأوبئة بالـ«الفواحش» التى تعرض فى السينما والتليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعى.



ورغم أن «هاشم» كان يتحدث عن ضرورة لجوء المواطنين إلى الله والتضرع لرفع البلاء، خاصة أن البلاء والبأساء والضراء تأتى من أعمال القوم بأنفسهم مستشهدًا بآيات قرآنية وأحاديث نبوية.. إلا أن إدخاله للفن كأحد أسباب الجهر بالفواحش فى المجتمع، جعل بعض الآراء تأتى ضده.. فهى ليست المرة الأولى التى يتم اتهام الفن فيها بنشر الفساد، ولكن فكرة التعميم واستخدامه كسبب لكل ما يحدث حولنا من مصائب كونية وحروب وأوبئة يحمل الفن أكثر من طاقته ومن رسالته.

الواقع أكثر فسادًا

عبر المخرج الكبير «داوود عبد السيد» عن دهشته من فكرة اتهام الفن بأنه السبب فى نشر الفاحشة والفساد بالمجتمع، مؤكدًا أن ما يحدث هو العكس، حيث ينتشر الفساد بين طبقات مختلفة فى المجتمع بشكل قوى بطريقة لا يمكن للفن تناولها سواء فى الطبقات التى تتمتع بالثراء الفاحش أو فى الطبقات الفقيرة جدًا.. حيث قال: «المجتمع تجاوز الفن فى التحرر والفساد، وإذا كان الأمر بهذه المعايير فلماذا لم يبتلِ الله بلاد الغرب «الكفرة» كما يدعى البعض، وترك بلاد المسلمين. الأمور واضحة بأن بعض رجال الدين يحاولون أن يغضوا أبصارهم عن عناصر الفساد الحقيقية بالمجتمع ويقوموا بإلقاء اللوم على الفن فقط.. رغم أن هناك أمورًا اقتصادية واجتماعية أكثر أهمية وتأثيرًا عن الفن».

شماعة   لكل شىء

بينما قالت القديرة «سميحة أيوب»: إن الوباء ابتلاء من عند الله وهو الوحيد القادر على رفعه، مؤكدة أن ليس كل أمر سيئًا يمر بالناس يتم اتهام الفن بأنه السبب فى الفساد أو فى الحروب أو الأوبئة.. وقالت إن الفن فى مصر والوطن العربى ليس مثل تحرر السينما فى أوروبا وأمريكا، فهل هم من قاموا بنشر الفساد لذلك تم ابتلاؤهم وإيانا؟

وقالت «أيوب» فى لهجة حازمة: «الفن هو الشماعة التى يعلقون عليها أى مشكلة، وكفانا من هذا الأمر ولا بد من البحث عن شماعة أخرى لبلائهم».

وتحدث الفنان القدير «عزت العلايلى» قائلًا: إنه ربما يكون التعبير قد خان الشيخ الجليل خاصة أنه بالفعل هناك بعض الأعمال التى تقدم حاليًا ولا ترتقى لمستوى الفن برسالته السامية، مضيفًا أن من يتهم الفن بشكل عام بنشر الفاحشة يعتبر شخصًا جاهلاً لا يمكن الرد عليه وهم كثيرون حاولوا طمث حرية الفن عبر السنين، ولكنهم لم ولن يفلحوا فى التأثير على الفن.

وأضاف «العلايلى»: «ربما علينا مراجعة الخطاب الدينى فلو كان هناك أعمال تنشر الفساد فهناك فن جيد ومحترم ولا يمكن لأحد أن يلقى التهم بالتعميم، كما أن الدولة لا تكون دولة متحضرة وعظيمة بدون وجود أربعة أركان رئيسية وهى نظم سياسية وموارد اقتصادية وتقاليد اجتماعية والفنون والآداب، أى أن الفن ركن من أركان الحضارة الرئيسية ولا يمكن تعليق التهم عليه جزافًا».

الفنان أيضًا يصلى

قال المخرج ورئيس النقابات الفنية «عمر عبدالعزيز» إنه علم بأمر الخطبة لأنه يصلى الجمعة ويتابع ما يبثه علماء الدين، مؤكدًا أن أهل الفن يصلون أيضًا، وبعض رجال الدين يحاولون الدخول بين العبد وربه ويقومون بحملة كراهية للفن، بينما الرسول نفسه تم استقباله فى المدينة المنورة بالأناشيد.

وأضاف قائلًا: «كل مجال به الجيد والسيئ والفن سلاح ذو حدين فهناك أعمال تقدم بشكل جيد وهناك أعمال لا ترتقى لمستوى الفن.. ومثله مثل الخطاب الدينى فهناك من يدَعون التدين ويدعون للتطرف فى خطبهم وهناك من ينشرون التسامح وقيم الدين الحق. وبشكل عام أتوسم فى المتلقى أن يكون على قدر من الثقافة والوعى بأن يفرق بين تصريحات الشيخ «هاشم» وفهم مقصده بأنه هناك بعض الأعمال السيئة، ولكن ليس الفن بشكل عام».

انقسامات بين التجاهل والرد

وبما أن الاتهامات كانت موجهة لأهل الفن بشكل عام وللمسلسلات وللأفلام بشكل خاص، كان يجب اللجوء إلى النقابات الفنية والسؤال عن موقف كل منها.. وقد انقسمت الآراء بين التجاهل وبين الردود الرسمية للتعبير عن رفض التجاوز فى حق الفنانين. حيث قال د. «أشرف زكى» نقيب الممثلين إنه قام بإرسال رسالة رسمية لفضيلة الإمام الأكبر «أحمد الطيب» شيخ الأزهر يعبر فيها عن رفض النقابة لأى تجاوزات توجه للفنانين، حيث قال إنه يرحب بالنقد البناء وأنه يرحب بكل الآراء.. ولعل الأفضل للشيخ أن يقوم بطرح رأيه عن القضايا التى تعرض بالدراما والسينما، ولكن لا يمكن قبول التجاوزات.

ومن جانبه قال «مسعد فودة» نقيب السينمائيين إنه لم يستمع إلى نص الخطبة بشكل مباشر مؤكدًا أنه يحترم الشيخ الجليل وأنه هو والكثير من الفنانين قاموا باختياره للحصول على جائزة النيل من قبل، ولكنه بشكل عام يتساءل عن كيفية توجيه اتهام للفن  بشكل عام بنشر الفحشاء، مؤكدًا أن كل مجال وبه الخارجون عن القواعد، فمثلما هناك فنون لا تليق بالمجتمع هناك خطب دينية تدعو للتطرف وليس التسامح الدينى.

وعن إطلاق بيان رسمى من النقابة قال فودة: «ليس من المجدى أن نعطى المسألة أكبر من حجمها، ورغم أن التصريح به تعميم إلا أننى أدعو فضيلة الشيخ للحضور لحوار مجتمعى معنا لعرض رأيه فى المشاكل بدلاً من التشهير فى الخطب. فالفن له رسائل جيدة ومؤثرة وبناءة ومنها الرسائل الاجتماعية مثل فيلم (أريد حلاً) الذى تسبب فى تغيير القوانين وأيضًا الأعمال التى خلدت البطولات الوطنية والتاريخية».