الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«عمرو دياب» والتجديد مع كل جديد: «يا أنا يا لأ».. محاولة ناجحة لمغازلة المزاج الشعبى

لماذا يتهم عمرو دياب مؤخرًا بعدم التجديد؟ هل كلمات أغانيه أصبحت مبتذلة؟ لماذا ازداد حجم إنتاجه الفنى فى السنين الأخيرة؟ فى السطور التالية، نحاول أن نقدم إجابات على هذه الأسئلة التى تشغل قطاعات كبيرة من جمهور الأغنية فى مصر والوطن العربى.



أرقام قياسية

إنجاز كبير يحققه الفنان «عمرو دياب» بطرح ألبوم (يا أنا يا لأ)، فعلى مستوى الأرقام هذا هو الألبوم رقم 40 فى مسيرته الغنائية الطويلة التى بدأت فى عام 1983- بحساب ألبومات الريمكس وألبومات أغانى الأفلام والمسلسلات والأدعية. وهو الفنان الوحيد فى الشرق الأوسط الذى يمتلك كل هذا الكم من الأعمال الغنائية المجمعة، بل إنه طبقًا للأرقام فهو الأكثر مبيعًا للألبومات فى تاريخنا العربى، وأيضًا هى المرة الأولى التى يصدر له فى عام واحد ألبومان «ستوديو»، الأول كان فى بداية 2020 بعنوان (سهران) والثانى (يا أنا يا لأ) الصادر مع نهاية السنة وبالتحديد فى 25 ديسمبر.

«عمرو دياب» فى طريقه لاستكمال الـ«60» عامًا وهو من أكبر الفنانين المتواجدين على الساحة الغنائية سنًا، ولكنه أيضًا الأكثر نشاطًا وحيوية، فهو يتعامل معنا فى كل عمل جديد يصدره وكأنه مغنٍ جديد بنفس شغف البدايات ومحاولة إثبات الذات.

تقدم «عمرو دياب» فى العمر ربما يعطى لنا دلالة تخص تغير استراتيجيته فى الظهور المكثف على السوشيال ميديا وإصداره لأغانٍ فى أوقات متقاربة، وزيادة ملحوظة فى حجم النشاط الفنى، وكأنه يريد أن يستثمر كل وقته فى تقديم أعمال تعزز من بقاء اسمه فى السجلات التاريخية، وذلك بأرقام قياسية من حيث العدد والجودة الفنية والانتشار الجماهيرى، حتى يصعب كسرها مستقبلاً.

سنة أولى مع الهضبة

طريقة تعامل «عمرو دياب» مع صدور ألبوماته بشغف البدايات تجعله يستعين بمجموعة متميزة من الفناين طوال الوقت، ومنهم الذين عملوا معه هذا العام لأول مرة، وأهمهم الملحن «عزيز الشافعى» صاحب النجاحات الكبيرة مع الهضبة، صحيح أن التعاون الأول كان فى ألبوم (سهران)، ولكن «الشافعى» يستكمل نجاحاته فى (يا أنا يا لأ) بأغنيتين مختلفتين هما (شكرًا) وهى من توزيع «وسام عبدالمنعم» صاحب بصمة النجاح لأكثر من أغنية فى 2020 تحمل الطابع الموسيقى نفسه مثل (اختراع ولينا رقصة)، والأغنية الثانية هى (طبل)، والتى تشهد هى الأخرى التعاون الأول للموزع «توما» مع «عمرو دياب»، بعد النجاحات الكبيرة التى حققها العام الماضى خاصة فى أغنيتى (عدى الكلام وبالبنط العريض)، وهذا دليل على منهج «الهضبة» فى دراسة السوق الغنائية وتحليل أسباب نجاح المنافسين والاستفادة منها بما يتماشى مع هويته الغنائية.

الملحن والمغنى «تامر عاشور»، تعاون أيضًا مع «عمرو دياب» لأول مرة فى أغنية (من العشم)، ليشق لنفسه طريق تواصل مع جمهور الهضبة بعمل ربما سيبقى طويلاً مع مرور الزمن لاعتماده على حالة «الشجن» التى يتميز بها «عاشور» وبنى عليها نجوميته كمغنٍ وملحن أيضًا.

وفى أغنية (يا دلعو) يتعاون عمرو دياب مع الملحن «أحمد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود» والمشهور باسم «سهم»، فى أغنية من كلمات «تركى آل الشيخ»، لتحمل الأغنية طابعًا خليجيًا من حيث المضمون، بشكل جديد على أسلوب «الهضبة» الغنائى.

أيضًا الموزع «رامى سمير» تعاون لأول مرة مع «عمرو دياب» فى ألبوم (سهران) بأغنية (عم الطبيب) والتى نفذت بشكل موسيقى «المقسوم»، وفى (يا أنا يا لأ)، تعاون معه بنفس الشكل الموسيقى فى أغنية (بتهزر)، ولكنه اعتمد على موسيقى الـ«روك»، فى تنفيذ توزيع (عايز أعمل زيك).

نفس الأمر مع الشاعر الشاب «محمد القياتى» الذى شارك فى بداية عام 2020 بأغنية (تحيرك) واختتمه بالأغنية الرومانسية (الجو جميل)، والتى تشهد هى الأخرى التعاون الأول للموزع «أحمد عادل» مع «عمرو دياب».

 

أسماء الأغانى الصادمة

بمجرد الإعلان عن فريق عمل الألبوم بالكامل على صفحة «عمرو دياب» الرسمية، صار هناك حالة من الصدمة لدى محبيه وعشاقه، هذه الحالة ظهرت فى تعليقاتهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى خاصة أنهم لم يستمعوا إلى «بروموهات» الأغانى.

وبشكل قاطع أسماء أغانى ألبوم «عمرو دياب» الجديد هى الأجرأ من بين كل الأعمال الصادرة على الساحة خاصة (فاكرنى يا حب؟، يا دلعو، طبل، بتهزر)، وتعد هذه السياسة استكمالاً لما حدث فى ألبوم (سهران)، وبالتحديد فى أغانى (عم الطبيب، يوم تلات، قدام مرايتها، يا روقانك، جامدة بس، مهرجان)، ورغم كل ذلك نجد من يتحدث عن أن «دياب» لا يقدم الجديد!

منهج اختيار الكلمات

فى عام 2020 بالتحديد تأكد لنا بشكل واضح أن استراتيجية «عمرو دياب» تغيرت فى طريقة صناعته للأغنية، ففى السنين الماضية كان الاعتماد الأهم على «التوزيعات الموسيقية» المواكبة لحركة تطور موسيقى الـ«بوب» فى العالم، وتقديمها بشكل يتناسب مع ثقافتنا المصرية، صحيح أنه لم يتراجع عن ذلك، ولكن هذا المفهوم لم يكن هو المسيطر على طريقة صناعته للأغانى، وبدا وكأننا نشهد محاولة «حقيقية» فى تغيير مرادفات الأغنية المصرية، بحيث تصبح اللغة التى يتحدث بها الشباب فى الوقت الحالى وما بها من مصطلحات ربما يعتبرها البعض «غريبة»، توظف فى الأغانى بشكل عاطفى.

ومن هنا يكشف لنا «عمرو دياب» عن سر من أسرار نجاحه واستمرار نجوميته، فهو دائمًا ما يسعى للتعبير عن متطلبات الجمهور - فى اللحظة التى تتزامن مع صدور أعماله - لكى لا يكون منعزلًا عنه، فإذا كانت أغانى «المهرجانات» مسيطرة على المزاج العام بكلماتها الجريئة الخارجة من «الشارع» المصرى، فما المانع أن يقوم الهضبة بتقديم الكلمات الواضحة والصريحة بالمفردات الجديدة على سوق الأغنية المصرية، ولكن فى صورة شعرية متقنة، وتحمل توقيع أهم شعراء الأغنية فى الوقت الحالى مثل «بهاءالدين محمد» فى (بتهزر)، و«أيمن بهجت قمر» فى (مهرجان، طبل)، و«صابر كمال» فى (عم الطبيب، وفاكرنى ياحب)، و«تامر حسين» فى (يوم تلات، قدام مرايتها، جامدة بس)، و«أحمد المالكى» فى (يا روقانك)، و«تركى آل الشيخ» فى (يا دلعو)، وقبلها (برج الحوت)، وأن تكون الغلبة الموسيقية فى تنفيذ أغلب أفكار هذه الأغنيات التى تحمل كلمات مختلفة على إيقاعات «المقسوم» والـ«أورينتال بوب»، كمغازلة لحالة المزاج الشعبى المصرى المحب لهذا الشكل الموسيقى فى الوقت الحالى.

التوزيعات الموسيقية

كعادة «عمرو دياب» دائمًا ما يحب أن يفتتح ألبوماته بأغانٍ تحمل هوية ربما تكون متماشية مع الطابع الغربى أكثر منها للشرقى، فجاء التنفيذ الموسيقى لـ(يا أنا يا لأ)، من «عادل حقى»، بشكل موسيقى الـ«هاوس»، أما فى الأغنية الثانية (محسود)، فكانت الهوية تتجه إلى بلاد أمريكا الجنوبية وبالتحديد الـ«لاتن بوب»، ولنا هنا ملاحظة خاصة أن كلمات الأغنية التى كتبها «تركى آل الشيخ» تقول «على دقة عود»، والمقصود بالـ«عود» هنا هو الآلة الموسيقية المرتبطة بثقافتنا الشرقية، فكان من المفضل أن يكون التوزيع الموسيقى معبرًا عن هوية الكلمات، حتى فى النسخة الـ«ريمكس أورينتال» كان الجيتار متصدر المشهد وغاب العود المذكور فى الكلمات، وعلى العكس تمامًا، نفس الموزع كان موفقًا للغاية فى التعبير عن الهوية «الخليجية» لروح الكلمات والألحان والتعبير عنها بطريقة لعب «الدفوف والطبول» ومزجها بإيقاعات الـ«ريجا تون» فى أغنية (يا دلعو).

موسيقى الـ«روك» كانت مسيطرة على تنفيذ أغنيتين من أغانى الألبوم، الأولى هى (وأنا معاك) من توزيع «عادل حقى» وجاءت بروح «خوليو إجلسياس» المتيم به «حقى»، وبالتحديد فى أغنية (J>aibesoin de toi) الصادرة فى عام 1990، أما الأغنية الثانية فكانت بتوقيع «رامى سمير» فى واحدة من أهم أغنيات الألبوم وهى (عايز أعمل زيك)، والتى جعلتنى أستشعر روح فريق الروك الأشهر «Coldplay» خصوصًا فى طريقة لعب الدرامز طوال مدتها، وكذلك الجيتار الكهربائى فى الفواصل الموسيقى، والـ«بيانو» خلف صوت الهضبة أثناء غناء جملة السينيو -الجزء الذى يتكرر- وبشكل عام فدائمًا ما يتميز «عمرو دياب» فى تقديم هذه النوعية من الأغانى التى تنتمى إلى شجرة موسيقى الـ«روك»، بتفريعاتها الكثيرة.

أما باقى أغانى الألبوم باستثناء (من العشم) من توزيع «نادر حمدى» الذى حاول أن يعطى لها طابعًا شرقيًا أصيلاً بهوية «طربية»، ولكن بشكل عصرى، وما عدا ذلك فالمتبقى ينتمى إلى أشكال الـ«مقسوم» والـ«أورينتال بوب».>