الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الصديقية الشاذلية طوق نجاة للتصوف

الطريقة الصديقية الشاذلية هى أحدث طريقة صوفية تم اعتمادها فى مصر رسميًا، وهى طريقة صوفية سُنِّيَّة، شيخها ومؤسسها الدكتور على جمعة محمد عبدالوهاب الشافعى المصرى، وهى طريقة معترفٌ بها من قِبَلِ المجلس الأعلى للطرق الصوفية بجمهورية مصر العربية، بالقرار رقم 11/2018 بتاريخ 26 فبراير 2018.



 

سُميت الطريقة بالصديقية نسبة إلى السيد محمد بن الصديق الغمارى الطنجى الدرقاوى، والشاذلية نسبة إلى الإمام أبى الحسن الشاذلى المصرى مستقرا، ومقامه بصحراء عيذاب فى قرية حميثرة، حيث تتعدد أسماء الطرق الصوفية فى مصر وغيرها بتعدد أوضاعها والانتساب إلى كبار أشياخها، وكل هذه الطرق على كثرتها هى شيء واحد فى حقيقتها، فكلها تبدأ بالتوبة وتنتهى بالمعرفة؛ ولذلك سُميت الطرق بالمسالك.. ويتميز شيخ الطريقة الصديقية د. على جمعة بأنه أحد علماء التجديد وله إصدارات عديدة فى هذا الصدد منها كتاب «التجديد فى أصول الفقه»، كما اختير فى 13 يونيو 2012 كأحد أهم الشخصيات المصرية المؤثرة فى تفعيل منظومة العمل الخيرى والتطوعى لتنمية المجتمع ونشر ثقافة البذل والعطاء من أجل تنمية المجتمع المصرى. كما نال وسام الجمهورية للعلوم والفنون من الدرجة الأولى تقديرًا لجهوده فى الدعوة الإسلامية. ونال وسام الاستقلال من الدرجة الأولى من الملك عبدالثانى عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، كما نال وسام نجمة القدس من الرئيس الفلسطينى محمد عباس. 

 طوق نجاة للتصوُّف 

ويُعد ظهور الطريقة الصديقية الشاذلية طوق نجاة للتصوف الذى أصبح متهمًا بالخرافات، وأنه لا يعرف سوى الموالد، والرقص، حيث اعتمدت الطرقة منهجًا صوفيًا علميًا قادرًا على محاربة الانحرافات، خاصة التى ظهرت داخل الطرق الصوفية نفسها من مظاهر لا تليق بالتصوف.

وتعتمد الطريقة الصديقية الشاذلية فى منهجها على بناء عقيدة الحب ويشمل: حب الله حب سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء والمرسلين ثم الأولياء والأصفياء والمقربين، وحب كل ما أحبه الله ورسوله، والعطف على الخلق، والرفق بهم.

وتهدُف الطريقة إلى تحقيق التربية الدينية والروحية، لأتباعها ومريديها ولعموم المسلمين، بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتدعو إلى الالتزام بالعمل بالأحكام الشرعية، وتتبع فى ذلك سبيل الوعظ والإرشاد، ولذلك عُرف بأنها طريقة صوفية تحمل المنهج العلمى فلا تعترف بالخزعبلات ولا أعمال التكلف التى يقوم بها بعض المنتسبين للتصوف.

وسلسلة الطريقة الصديقية الشاذلية أُسِّست على يد الدكتور على جمعة حيث عرف باسم نور الدين على بن جمعة بن محمد بن عبدالوهاب الشافعى المصرى، نقلا عن عبدالله بن محمد بن الصِّدِّيق الغُمَارِيِّ (1328هـ- 1413هـ) عن والده محمد بن الصِّدِّيق بن أحمد بن عبدالمؤمن الغُمَارِيّ الشريف الحسنى (1295هـ- 1354 هـ) عن سلسلة شملت أكثر من 40 ناقلًا بينهم  الإمام أبى العباس المُرْسِيّ (...- 686هـ).، والإمام أَبِى الحَسَنِ الشَّاذُلِيّ (571هـ- 656م) حتى تصل السلسلة إلى الإمام الحسن بن على بن أبى طالب عن والده الإمام على بن أبى طالب، عن النبى صلى الله عليه وسلم

 مميزات الطريقة 

وتتميّز الطريقة الصديقية عن بقية الطرق الصوفية بتعدد الجهات فى سندها الذى يشمل الأوراد وما عليه المريد فى الطريقة وصولًا إلى العالم الصوفى الكبير أبو الحسن الشاذلى؛ حيث اعتمدت الطريقة الصديقية على ثلاث جهات لأخذ السند وتجمعت كلها على يد الشيخ على جمعة شيخ الطريقة الذى قام بتأسيسها بناءً على هذه السلسلة، فقد تلقى إمام الطريقة د.على جمعة وأُذِنَ له بالإرشاد من ثلاثة أقطاب: الأول: عبدالله بن محمد بن الصديق الغمارى، والثانى: محمد زكى الدين إبراهيم الحسينى وهو مؤسس العشيرة المحمدية. والثالث الدكتور حسن عباس زكى وزير الاقتصاد المعروف، حيث جمع د.على جمعة من خلالهم بين الفقه والزهد والعلم والتصوف.

كما تميَّزت الطريقة بأنها مبنية على الصحبة والاقتداء، لا على التلقين فقط، فالانتساب إليها يحصل بالتلقين عن شيخ الطريقة؛ حيث إن الشيوخ فى الصوفية على ثلاثة أنواع شيخ التلقين، وشيخ الخرقة، وشيخ الصحبة والاقتداء. وهذا الأخير هو الذى عليه الطريقة العلية الصديقية الشاذلية.

وتتميز الطريقة الصديقية الشاذلية أيضا بالاعتماد على المنهج الواقعى؛ بحيث يكون أتباع الطريق ممثلين للتصوُّف فى معاملاتهم ومحققين للسلام المجتمعى بين الناس ومن هذا اعتمادها ما جاء من كلام الشيخ محمد زكى الدين إبراهيم فى قوله: الصوفية هم المؤثرون بخصائصهم المحبة والاتحاد والتعاون والسلام والتسامح والاحترام والبساطة والحضارة والعمارة، لا يسعون لجاه ولا سلطان ولا دنيا.

كما أنها تحظر على أتباعها إقامة موالد أو احتفالات أو أذكار تخالف ما وردت به الشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب.

وعلى عكس ما عليه بعض المتصوفة ترفض الطريقة الصديقية قضية الملابس الغريبة لإظهار التصوف والزهد، وتورد فى هذا كلام الشيخ زكى الدين إبراهيم: (ليس من التصوف لبس عمائم الريش ولا حمل سيوف الخشب والصفيح والعكاكيز، ولا القذارة ولا البلادة ولا البطالة ولا الجهالة بدين الله، ولا المواكب الهازلة، ولا ادعاء الولاية، ولا تسخير الجن فى فعل الخوارق).

وتُشدِّد الطريقة على أن العلم أصل العبادة والسلوك، وأنه لا بُد من الاتساق مع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهدى الشريعة الإسلامية ومقاصدها واجتهاد فقهائها وعلمائها، دون شذوذ أو تشدُّد.

 مبادئ وآداب عامة

وتعتمد الطريقة الصديقية وفق آدابها المعلنه لأتباعها والمعتمدة من المجلس الأعلى للصوفية على أربعة مبادئ هى  العفاف (الزهد) والرفق بالخلق وتحمل أذاهم، والتيسير على الخلق، وموافقة الأعمال لكتاب الله وسنة رسوله.

واعتمدت فى تلك المبادئ على أحاديث نبوية صحيحة، ففى مبدأ العفاف استندت لعدة أحاديث منها عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ».، وفى الرفق بالخلق وتحمُّل أذاهم استندت لحديث النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا كَانَ مُخَالِطًا النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الْمُسْلِمِ الَّذِى لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ»، وفى التيسير على الخلق استدلت بحديث النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». وحديث: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا ».

أما فى موافقة الأعمال لكتاب الله وسنة رسوله فاستندت الطريقة الصديقية لحديث أبِى هُرَيْرَةَ عن َ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الله قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ».

كما تُوجِّه الطريقة الصديقية أتباعها لعدد من الوصايا والواجبات التى تحقق شخصية صوفية متوازنة ومتسقة مع الواقع والشريعة من نبذ فضول الدنيا، والتخلى عن مفاتنها، والاستعانة بالله فى كل الأمور وإخلاص الأعمال كلها لله تعالى، وتجنُّبْ فضولَ الكلامِ، وفضولَ النظر والتزام أمور أربعة تعد أساس الزهد هى قلة الطعام وتحرى الحلال فيه، وقلة الأنام بمعنى ترك الغيبة والنميمة على الخلق، وقلة الكلام الذى يستهدف ترك الحديث فيما لا يعنى، وعدم إيذاء الآخرين بالقول، وقلة المنام وملء الوقت بالعبادة.

 أصول الطريق

وفى أصول الطريق كان للطريقة الصديقية عدد من الواجبات التى يلتزم بها من ينتمون إليها أهمها التقرب إلى الله تعالى بما شرعه وسنه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم. وحفظ الجوارح عن المحرمات، والتحلى بالصدق فى الأقوال والأفعال، وبالصبر فى كل الأمور، ومراقبةُ الله تعالى فى السر والعلن، وإكثار الصدقات، وحسن الظَنَّ بالله والناس، ومداومة الاستغفار، والتسليم الكامل للشيخ «شيخ الطريقة»، والتفانى فى خدمته، واتباع أوامره، وألا يعزم على أمر مهم حتى يستأذنه.