الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الثعلب والإنسان.. إعادة تصنيف أيهما "المتوحش" ومن "الأليف"؟

البشر بعضهم شياطين، ومنهم الملائكة.. الشياطين منهم ليس لهم قرون بل لهم أفعال مخجلة، والملائكة لا تحتاج أن ترى أجنحة بيضاء لتعرفهم، تستطيع أن تميز شخصًا يحمل صفات ملائكية عندما ترى أفعاله؛ أو تسمع قصصًا مميزة جدًا قام بها.. أحدهم هى (Mikayla Raines) أمريكية من ولاية مينيسوتا.



 

بالتأكيد صادفك وأنت تتصفح اليوتيوب أو الفيس بوك فيديو لها وهى تلاعب الثعالب وتدللها وتطعمها، عندما كان عمرها 15 عامًا عثرت على ثعلب صغير فى حالة سيئة بحديقة منزلها الخلفية وبجوار آلة رش العشب.. وخاضت تجربة لتربية أول ثعلب لها بعد أن أنقذت حياته، وعندما أصبح عمرها 18 عامًا قامت بدراسة العلاج البيطرى مع دراسة إعادة التأهيل للحيوانات، وتطور الأمر لتطلق موقعًا متخصصًا تحت مسمى (إنقاذ الثعالب) أو (Save A Fox Rescue) وتقود مبادرة ضخمة لحماية الثعالب ونشر ثقافة تربية بعض الأنواع المستأنسة منها والتى تصلح للتربية فى المنازل (لكن بشروط خاصة للرعاية) وعلى مدار عشر سنوات قامت بتربية وإنقاذ العشرات منها، لكن الرقم الذى استطاعت حصره منذ إطلاق مشروعها غير الهادف للربح فى عام 2017 وحتى الآن حوالى 150 ثعلبًا أنقذتها من الموت المحقق.

ملاك تمضى سنوات من عمرها بل أجمل سنوات من العمر فى مشروع نبيل وهو حماية الثعالب من الصيادين بغض النظر عما يحققه ذلك من توازن بيئى، لكن بشكل إنسانى هى تحافظ على (روح وحياة) فى وقت يجد البعض بطولة فى قتل هذه المخلوقات الضعيفة.. لا تتعجبوا فالحقيقة العلمية الثابتة أن الثعالب لا تمثل أى أذى أو خطر مباشر على حياة الإنسان، ولا تقوم بأى محاولات لافتراسه، ربما يتمثل الأذى الوحيد الذى يسببه حيوان الثعلب للإنسان فى انقضاضه على حظائر الحيوانات الأليفة من طيور وأرانب.

الثعالب تحافظ على توازن بيئى مهم جدًا، ففى فصل الشتاء فى الأماكن الزراعية يتناول الثعلب القوارض من فئران ويربوع وغيرهما من القوارض، كما يقوم الثعلب فى الصحراء باصطياد الثعابين والزواحف غير السامة ليتناولها، وبذلك هو يقوم بعملية تنظيف للبيئة المحيطة به من كائنات ضارة للإنسان.

الغريب أنه إذا لم يجد فرائس أو مخلفات طعام من اللحوم يقوم بالتغذية على بعض النباتات، مثل العنب والشمام والتوت البرى وبعض الفواكه الأخرى والنباتات.

ورغم أن كل الدراسات العلمية وعلماء الطبيعة يؤكدون على أن الثعلب حيوان غير ضار للإنسان، فإن التاريخ الثقافى الجمعى للبشر بكل اللغات دائمًا ما ينحاز ضد الثعلب؛ والذى دومًا كان يُنظَر إليه كلصٍّ ماكر وخبيث، وتسود معظمَ الثقافات الشعبية فكرةٌ عامة عن الثعلب، تَرمُز إليه كتجسيد لقوى بدائية تكون خيِّرة أحيانًا، وشريرة فى أحايين أخرى، وتتمحور معظم الأساطير والمجازات حول صِنف واحد، وهو «الثعلب الأحمر».

يؤكد ذلك المؤلف «مارتن والن» فى كتابه (الثعلب.. التاريخ الطبيعى والثقافى) فى الفصل الثانى من الكتاب بعنوان «الثعلب فى الأساطير والحكايات الفولكلورية والمجازات», ويذكُر أن القصص الأسطورية للثعلب تَمثُّلَه فى هيئات متعدِّدة؛ تُشير إلى القوى المختلفة لهذا الحيوان المُدهِش.

إلا أن الشىء الوحيد الأكيد أن التعريف الأمثل لكلمة «وحش» أنه هو الكائن الذى يهاجم ويصيب ويقتل كائنات أخرى لا يدفعه إلى ذلك غريزة البقاء ولا دفاعا عن النفس ولا الجوع ولا الحاجة إلى الطعام، إنما القتل والتدمير بغرض الاستمتاع والشهرة، فأصبح التعريف يُشير إلى كائن واحد فقط هو.... (الإنسان)!.