الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تصدق أن "أم أحمد" لا تملك مصدر رزق وتطعم حيوانات المنطقة يومياً!

مَنْ منّا لم يُشاهد فيلم (Home Alone)، بالتأكيد تتذكرون مَشهد السيدة المُشرَّدة التى لا تملك مسكنًا أو مَصدر رزق، ومع ذلك تشترى حبوبًا لإطعام حمَام (الهايد بارك) بكل ما تتحصل عليه من مساعدات حتى إن صورتها أصبحت أيقونة.



سوف تتبادر صورتها إلى ذهنك عندما تقرأ قصة الست «أمّ أحمد»، فهى  سيدة بسيطة تسكن فى بيت متواضع بمنطقة العوايد بالإسكندرية، ولمَن لا يعرف هى منطقة شعبية. ربما تكون بطلة قصتنا أفضل حالاً من أيقونة الفيلم، إلّا أنها تبقى فى خانة معدومى الدخل تعيش اليوم بيومه، وبالكاد تستطيع توفير الطعام والدواء حامدة ربّها على أن لديها على الأقل أربعة جدران وفوقها سقف يحميها، ومع ذلك هى أشهَر من نار على عَلم بين سكان المنطقة، فالجميع يعرفون أن منزلها هو مَلجأ لإيواء وإطعام وعلاج أى قط أو كلب مُشرَّد. فهى ترعاها حتى يستطيع القط أو الكلب الاعتماد على نفسه، لذا أصبح من الطبيعى أن يطرُق بابَها أحدُ جيرانها ويعطيها كلبًا أو قطة تعانى من مشكلة، فارتبطت بها العديد من القصص الجميلة والغريبة فى بعض الأحيان!

تروى لنا «أمّ أحمد» إحدى هذه القصص، وتقول: منذ فترة ليست كبيرة أحضر لى مجموعة من شباب المنطقة كلبة أنجبت 5 جراء، وعلى الفور قمت بعمل كوخ لها بجانب منزلى؛ حيث يوجد بيت صغير مهجور شيَّدته لها من بقايا «توك توك»، وقمت بإحضار «موكيت» وفرشت لها أرضية الكوخ وقمت بتغطيته لكى تقيم بداخله الكلبة مع أبنائها.

وكل يوم أضع لها الطعام وأنظف الكوخ، وكنت أشعر بسعادة عندما تستقبلنى هى وأبناؤها، وفى يوم استيقظت على عواء وكأنها تبكى وتستغيث فهرولت إليها لكى أعرف ماذا حدث، ففوجئت باختفاء جرائها، ووجدتها تبكى بالدموع وتنظر لى وكأنها تستعطفنى أن أتدخل لأعيد لها أبناءها، فعاهدت نفسى أن أفعل ذلك، وقد كانت لدىّ فكرة، وبالفعل جمعت بعض شباب المنطقة وتحدّثت إليهم عن الرّفق بالحيوان والرحمة وأقنعتهم أن يُشكلوا فريقًا للبحث عن أبناء تلك الكلبة، وما كان من شباب المنطقة إلا أن استجابوا لطلبى، وبالفعل قاموا بالبحث فى جميع الصصأماكن ووجدوا الجراء الصغيرة ملقاة فى أحد مقالب القمامة القريبة؛ حيث تبين بعد ذلك أن مَن قام بخطف الجراء والتخلص منها هو أحد العاملين بالفرن القريب من الكوخ، وأن سبب إقدامه على هذه الفعلة هو رغبته فى التخلص من ضجيج نباحها المستمر.

ولا يمكن أن أصف لكم مدى سعادة الكلبة بعودت أبنائها؛ حيث انطلقت نحوى وأنا متوجهة إليها بالجراء، وقفزت لتحتضننى ووضعت كفيها على كتفى ووقفت على قائمتيها الخلفيتين، وظلت تنبح تدور فى دوائر حولى ثم بكت بالدموع، لكن كانت دموعها هذه المرّة مختلفة، فهى دموع الفرَح، ومَن لم يشاهد بكاء الكلاب والقطط فرحًا أو حُزنًا لم يتعلم بعد معنى الوفاء والرحمة.

وعن القصة الأغرب فى رعايتها للقطط تقول: كنت أرعى قطًا من الشارع أيضًا، ومن شدة اهتمامى به أصبح شكله جميلاً ولافتًا للنظر لدرجة أن غافلنى أحدُ الضيوف فى يوم أثناء زيارته لى واصطحبه معه دون أن يستأذن منّى ولم أشك فيه عندما اختفى القط، وبحثت عنه كثيرًا حتى فوجئت بعدها بعدة أيام بالقط وقد عاد، وبعد عودته جاء هذا الشخص إلى زيارتى فاندهش وسألنى: هل هذا قط آخر بنفس الملامح؟ فقلت له: لا إنه نفس القط. فاعترف بما فعله فى الزيارة السابقة، وأنه أخذه  دون علمى لأنه يعرف أنى لن أوافق على تركه له، وأن سبب دهشته بعد أن عرفت  مكان سكنه هو كيف عاد كل هذه المسافة التى تحتاج إلى ركوب أكثر من مواصلة دون أن يتوه؛ خصوصًا أن القطط لا تمتلك حاسة شم وتتبُّع كتلك التى لدَى الكلاب ولا وفاءها، فكانت ولاتزال علامة استفهام كبيرة لم أجد لها إجابة!

لكن الشىء الأكيد أن الله يمنحنى القوة والصحة وكثيرًا ما أشفى من المرض دون علاج وأقف على قدمى سريعًا لأواصل رعاية هذه المخلوقات التى لا يشعر أحدٌ بها غيرى ولا يشعر بى غيرُها، وأتمنى من الله دوام الصحة لأستمر فى رسالتى.