الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد تصريحاتها بإباحة زواج المسلمة من غير المسلم

د. آمنة نصير لمعارضيها: حلوا المشكلة بدلاً من مهاجمتى

تعرَّضت الدكتورة آمنة نصير- أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر- خلال اليومين الماضيين لحالة من النقد والهجوم الشرس الذى وصل إلى حد السُباب على صفحات التواصل الاجتماعى بسبب تصريحات لها تم تناقلها عبر بعض المواقع الإلكترونية والإعلامية الكبرى،  تفيد بأن الدكتورة آمنة تبيح زواج المسلمة من غير المسلم وأنه لا يوجد نص من القرآن الكريم يُحرِّم هذا الزواج.



وحقيقة قصة الإباحة فى زواج المسلمة من غير المسلم بدأت منذ عام 2008 حينما أطلق جمال البنا شقيق مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية حسن البنا تصريحًا يؤكد فيه عدم وجود نص قرآنى يحرم زواج المسلمة من قبطى أو يهودى، قائلًا: إن ما ظن العلماء أنه مانع لزواج المسلمة من الكتابى، هو أن الله حرم زواج المسلمين من المشركين، فقد قال الله تعالى فى سورة البقرة الآية 221: «وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ»، ومن خلال سياق الآية نتبين أن التحريم هنا جاء بعدم زواج المسلمة من مشرك وليس من كتابى، والكتابى ليس بمشرك، وإن كان هناك بعض الناس يقولون إن المسيحى مشرك لأنه يؤمن بثلاثة أقانيم، إلا أن هذا كلامٌ مرسلٌٌ من بعض الناس المتشددين، الذين لا يكلفون أنفسهم عناء البحث.

بل إن البنا ذهب إلى أبعد من ذلك حين أكد أنه لا يوجد أى مانع من وقوع فتاة مسلمة فى حب مسيحى أو يهودى أو حتى من يسمونهم مشركين، فما دام الأمر - فى حالة المشركين - لم يخرج عن المشاعر ولم يتطرق إلى ممارسات عملية كالزواج أو ممارسة الجنس، فهو مباح شرعًا».

فى هذا الوقت كانت الدكتورة آمنة نصير هى أول من قام بالرد على جمال البنا قائلة: إنه لا بُد أن تحرص الفتاة عندما تختار شريك حياتها أن يكون أولًا من نفس عقيدتها سواء كانت مسلمة أو قبطية، رغم أن زواج قبطية من مسلم مباح فى الشريعة الإسلامية، لكن لا بُد أن تكون هناك ضوابط وتكافؤ فى الدين والمركز الاجتماعى، لأنها كلها عوامل تساعد على نجاح الزواج، وأنه لا بُد أن يكون هناك اتزان وتحكم فى العواطف والاختيار يتم عن طريق أسس ومعايير واضحة.

وشدَّدت وقتها على أن زواج المسلمة من القبطى «ممنوع»، رغم عدم وجود نص قرآنى واضح يمنع زواج المسلمة من المسيحى، لأن تغيير الدين يمنع التوارث، بالإضافة إلى العديد من المشاكل الاجتماعية التى يواجهها الأبناء، وهذا ما اتفق عليه الفقهاء.

>كشف الحقيقة 

وعن حقيقة إطلاقها تصريحات تخالف موقفها السابق فى قضية زواج المسلمة من غير المسلم، كشفت الدكتورة آمنة نصير أنها ليست هى المرة الأولى التى يتكرر الهجوم عليها فى هذا الأمر؛ حيث تم الهجوم عليها العام الماضى حين نُسب إليها نفس التصريحات حين قالت، ردًا على إفتاء علماء تونس لامرأة بأنه لا مانع أن تتزوج من الكتابى المسيحى أو اليهودى،لأنهم أهل كتاب وليسوا كفارًا أو وثنيين،: «يجب احترام رأى تونس وعلمائها ولا يجب خسارة الشقيقة تونس من أجل زواج امرأة من مسيحى أو يهودى».

وأكدت نصير لـ«روزاليوسف»: أن تلك الهجمة سببها السلفيون والإخوان الذين يحاولون نشر حالة من الحقد بشكل متكرر على  السوشيال ميديا ضد شخصى من خلال محاولة تحريف تصريحات أطلقتها فى قضية زواج المسلمات من غير المسلمين فى الغرب، مؤكدة أنه من الغباء نقل التصريحات بلا استيثاق وأن الأصل أن تتزوج الفتاة ممن هو فى نفس دينها وبيئتها وثقافتها حتى لا تحدث مشاكل اجتماعية.

أضافت: «إن المشكلة تكمن فى تأويل كلامى، حيث إن هناك مسلمات يزدن على الملايين فى الغرب يعشن تلك المشكلة وهى الزواج من غير مسلمين؛ حيث إن الثقافة تسمح بمختلف العلاقات دون قيد،  ولذلك طالبت علماء الشريعة وأهل الفقه أن يبحثوا فى تلك المسألة بما يتفق مع عصرنا ولا يخالف شريعتنا».

وكشفت د. آمنة أن فتاة من نيويورك قامت بسؤالها بأنها تحب شخصًا غير مسلم وأنه وعد باحترام عقيدتها وعبادتها ولن يحرمها من الصلاة والصوم،  إلا أنها طالبتها بأن تراجع نفسها لكن الفتاة رفضت وقالت إن لم تتزوج هذا الشخص ستنحرف.

ولفتت لى أنه لا بُدّ ممن يتصيدون تصريحاتى لصنع زوبعة أن يجلسوا لحل تلك المشكلة التى تعيشها ملايين البنات فى الغرب؛ حيث إن قضية زواج المسلمة بحاجة إلى اجتهاد لأنها قضية حساسة جدا ولا بُدّ من إعادة النظر فيها على ضوء إيماننا بالسيد المسيح وسيدنا موسى. 

فتاوى سابقة 

 يذكر أن قضية إباحة زواج المسلمة من غير المسلم تكررت بصورة مستمرة مع تزايد أعداد الجاليات المسلمة بالغرب؛ حيث أطلقت فتاوى تبيح هذا الزواج كان آخرها عام 2017 على لسان دكتور مصطفى محمد راشد عالم أزهرى بأستراليا أكد فيها أن زواج الرجل غير المسلم بالمرأة المسلمة قد حرمته الشريعة، واستثنت من ذلك أهل الكتاب المسيحيين واليهود، حيث لا يوجد أى دليل شرعى يمنع زواج المسلمة من اليهودى والمسيحى،  فلايوجد أى نص قرآنى يمنع زواج المسلمة من المسيحى أو اليهودى، أو حديث صحيح يمنع هذا الزواج.

بينما رد شيخ الأزهر د. أحمد الطيب بأن الزواج فى الإسلام ليس عقدًا مدنيًا كما هو الحال فى الغرب؛ بل هو رباط دينى يقوم على المودة بين طرفيه، والمسلم يتزوج من غير المسلمة كالمسيحية مثلا؛ لأنه يؤمن بعيسى عليه السلام، فهو شرط لاكتمال إيمانه، كما أن الإسلام يأمر المسلم بتمكين زوجته غير المسلمة من أداء شعائر دينها، وليس له منعها من الذهاب إلى كنيستها للعبادة، ويمنع الزوج من إهانة مقدساتها؛ لأنه يؤمن بها».

وقال شيخ الأزهر إن زواج المسلمة من غير المسلم، يختلف عن زواج المسلم من الكتابية، فالكتابى لا يؤمن بالرسول محمد، ودينه لا يأمره بتمكين زوجته المسلمة، إن تزوجها، من أداء شعائر الإسلام أو احترام مقدساتها؛ لأن الإسلام لاحق على المسيحية؛ ولذا فهو يؤذيها بعدم احترام دينها والتعرض لرسولها ومقدساتها.

من جهتها، أصدرت دار الإفتاء فتوى عقب ما أُثير من تصريحات منسوبة للدكتورة آمنة نصير تؤكد أنه لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم وهذا الحكم الشرعى «قطعى» ويشكل جزءًا من هوية الإسلام والعلة الأساس فى هذه المسألة تعبدية؛ بمعنى عدم معقولية المعنى، فإن تجلّى بعد ذلك شىءٌ من أسباب هذا التحريم فهى حِكَمٌ لا عِلَل. فالأصل فى الزواج أنه أمرٌ لاهوتيٌّ وسرٌّ مقدس، وصفه ربنا تبارك وتعالى بالميثاق الغليظ؛ فقال تعالى: «ؤَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًاء».

الفتنة نائمة 

من جانبه، قال د.عبدالمنعم فؤاد أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، إن الأمر محسوم دينيًا منذ عهد النبى  -صلى الله عليه وسلم - ونزلت فيه آيات واضحات يتعبدها المسلمون رجالا ونساء ليلا ونهارا، والسنة شرحت ذلك والأمة قالت لربها ونبيه صلوات ربى عليه: (سمعنا وأطعنا) واستقر الأمر إلى وقتنا هذاوإلى قيام الساعة؛ إذ لا يجوز شرعا زواج المسلمة بغير المسلم، ولو وقع فهو زنى محرم ويخالف الشرع  والدستور والقانون فلماذا النفخ فى الكير  كلما ظهر استقرار فكرى فى المجتمع؟

وتساءل فؤاد: «هل هذا وقته والإسلام يتهم بسبب المتطرفين الأغبياء علنا خارج حدودنا ويثار  الغبار حول نبينا  افتراءً وزورًا وبهتانًا ثم  يخرج علينا من بيننا من يريد زعزعة ما عرفناه عن شرعنا؟!! فهناك ثوابت يا سادة أقرها الشرع وارتضاها المجتمع، ولا يجوز العبث الفكرى تجاهها؛ «والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها»، لأن هذا الزعم لو صدقه الشباب، وترجموه لواقع فى محيط حياتنا لاشتعلت الفتن وظهرت الاضطرابات فى القرى والمدن والنجوع!! ألا فليقف هؤلاء عند حدودهم وليتقوا الله فى دينهم وأمن مجتمعهم فكريًا وعقديًا ووطنيًا.>