الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكاية الرقص الشرقى ـ الحلقة الخامسة ـ

راقصات "هزوا" شباك تذاكر السينما

منذ بدايات السينما وإقبال الناس عليها كان للرقص الشرقى لنجمات تلك الأيام وجودٌ قوىٌّ وظاهرٌ فى تلك الأفلام، فالكثير من مُشاهدى السينما لم يكونوا يذهبون إلى الكازينوهات والملاهى الليلية ليشاهدوا ما تقدّمه الراقصات فى تلك الأماكن، وبالتالى كانوا يكتفون بمشاهدتهن على شاشة السينما، كان الناس يعرفون أخبار هؤلاء الراقصات من خلال صفحات الفن فى المجلات الفنية، لكنهم كان بهم رغبة شديدة فى رؤيتهن، وهذا ما حققته لهم مٌشاهدة الأفلام السينمائية.



ولأن الراقصة تَعرف أن عمرَها الفنى قصير فقد اتجهت معظمهن إلى العمل فى السينما أو المسلسلات التليفزيونية، مثل فيفى عبده ودينا، نجحن كراقصات كما نجحن أيضًا كمُمثلات، وكل هؤلاء كان مَثلهن الأعلى الفنانة تحية كاريوكا التى كانت مبدعة كراقصة، وأيضًا كممثلة أشاد بها الجمهور والنقاد، فلا أحدٌ ينسَى لها أدوارَها المتميزة فى أفلام: (أم العروسة، وشباب امرأة، وخلى بالك من زوزو).

وشيئًا فشيئًا أصبحت الراقصات من عناصر الفيلم السينمائى المهمة، وعندما تقدمت هؤلاء الراقصات فى السّن واكتسبن الخبرة السينمائية أصبحن ممثلات ونجمات أيضًا فى التمثيل كما كن فى الرقص، وهذه بعض النماذج نتوقف أمامَها ممن لهن بصمة متميزة من خلال رقصهن فى السينما.

> كاريوكا.. نصيب الأسد

عملت الراقصة تحية كاريوكا مع غالبية مخرجى السينما ونجومها المشاهير، قدمت أدوارًا عظيمة ومختلفة وليس دور الراقصة فقط، ولكن قدمت أدوارًا مختلفة مثل: (احنا التلامذة، وصباح الخير يا زوجتى العزيزة، والفتوة، وشباب امرأة) وغيرها من الأعمال الجادة.

أمّا أفضل الأدوار التى قدمت فيها دور الراقصة فدعونا نتوقف عند فيلم (لعبة الست) مع الكوميديان العظيم نجيب الريحانى، فلعبتْ دور فتاة متطلعة تحلم بالشهرة السريعة من خلال موهبتها كراقصة فتقرر الانفصال عن زوجها «حسن» لتسلك طريق النجومية.

ولا ننسى رقصتها الشهيرة فى فيلم (شباب امرأة) عام ١٩٥٦، ورُغْمَ أنها لم تقُم بدور راقصة وإنما امرأة صاحبة سرجة خيول، شهوانية، فقد رقصت للشاب الريفى شكرى سرحان الذى يقطن لديها لكى تغويه وتستقطبَه.

كما قدمت رقصة شهيرة أيضًا فى فيلم (احنا التلامذة) أمام أبطال العمل عمر الشريف ويوسف فخر الدين وشكرى سرحان.

> سامية جمال: زواج الرقص الشرقى بالغربى

كانت سامية جمال تبدع فى الرقص على أنغام أغانى فريد الأطرش فى الأفلام، إلى جانب رقصها أيضًا على ألحان محمد فوزى، بالإضافة إلى دمجها الرقص الشرقى بالغربى وأصبح لها مَدرسة خاصة بها، وقد تميزت فى التمثيل أيضًا إلى جانب تقديمها للرقصات مثل فيلمها الشهير (الرجل الثانى) مع الفنان رشدى أباظة وصباح.

 ومن أدوارها السينمائية المميزة أيضًا دورها فى فيلم (أمير الانتقام) الذى قامت بدور الجارية التى تكنّ كل الولاء لمالكها الذى سُجن ظلمًا وخرج لينتقم، ورقصت فى هذا العمل رقصات ملائمة للدور الذى تقدمه عن فترة المماليك بأداء مبهر ومتمكن.

> نعيمة عاكف النجمة الشاملة

من الراقصات أيضًا اللاتى تميزن فى السينما نعيمة عاكف، التى جمعت بين أدائها التمثيلى المتميز خفيف الظل فاستطاعت الجمع بين الرقص وغنائها المنولوج، وكان من أشهَر أدوارها فى السينما فيلم (أمير الدهاء)، وقدمت نعيمة دور الجارية «زمردة» التى قدّمته من قبل الراقصة سامية جمال فى فيلم (أمير الانتقام).

من أعمالها الشهيرة أيضًا التى قدّمت فيها دورًا متميزًا ولافتًا للنظر فيلم (خلخال حبيبى)، وقدمت دور الراقصة «بهية» التى ترقص فى مقهى تمتلكه أمُّها وتحب شابّا جاء ليشاهدها وهى ترقص، ولا ننسى أيضًا دورَها فى (تمر حنة) وفيلم (أربع بنات وضابط).

> نجوى فؤاد ولحن عبدالوهاب

تربّعتْ الراقصة نجوى فؤاد على قمة الرقص الشرقى لفترة طويلة، وعندما بدأت العمل فى السينما قدمت الكثير والكثير من الأفلام المهمة، أهمها فيلم (ملاك وشيطان) الراقصة فى الملاهى الليلية تَطرها الظروفُ أن تتستر على خطف فتاة صغيرة، ولكنها تعاملها بمنتهى الحب والحنان كأنها ابنتها التى لم تلدها، ولفت الأنظار بهذا العمل إلى أدائها التمثيلى الجيد مما توالت عليها الأعمال بعد ذلك، وقد لحن لها الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب موسيقى خاصة لها للرقص عليها.

> على أنغام أم كلثوم

تجربة سهير زكى مع السينما كانت محدودة، للغاية رُغْمَ أدائها التمثيلى الجيد الذى قدّمته فى الأعمال التى ظهرت فيها ولقبت وقتها بـ«المَلكة» من رقصها بهدوء وتمكُّن، إلا أنها لم تنطلق فى السينما بشكل يتناسب مع تلك الموهبة ولكن يحسب لها أنها كانت أول راقصة ترقص على أغانى أم كلثوم؛ فإن فبراعتها فى الرقص الشرقى غلبت على أدائها التمثيلى، ومن أهم الأفلام التى شاركت فيها إلى جانب الرقص (رجال فى المصيدة) و(ألو أنا القطة و(العبيط).

> زمن فيفى عبده

وبعد ذلك دخل الرقص الشرقى مرحلة جديدة بظهور الفنانة فيفى عبده، وذلك لفترة قصيرة واتجهت سريعًا إلى التمثيل وتركت بصمة فى الأعمال التى قدمتها، سواء فى السينما أو المسرح أو الدراما، ولعل أهم ما قدمته فى السينما فيلم (قدارة) جسّدت شخصية فتاة فقيرة باعتها أمُّها لأحد الأثرياء العرب ليتزوجها عُرفيّا، وعندما وضعت مولودها خطفه وسرق عَقد الزواج، أصابتها الصدمة بعُقدة نفسية جعلتها تصطاد الفتيات الفقيرات وتزوّجهن عُرفيّا.

أمّا الدورُ الآخر الذى تميزت فيه أيضًا فهو فى فيلم (امرأة واحدة لا تكفى) أمام الراحل أحمد زكى، وقامت بدور فتاة شعبية يجد لديها البطل الدفء والحنان وكانت ترقص له رقص فتاة ترقص لحبيبها.

> دينا والسينما الراقصة

عندما اتجهت الراقصة دينا إلى السينما كانت تمُر بفترة ركود، وبدأت تستعين براقصة ضمن أحداث الفيلم لكى تروج له وتجذب أكبر عدد من الجمهور، مثل الأعمال التى قدمتها مع المطرب سعد الصغير، وأذكر منها فيلم (عليا الطرب بالثلاثة).

 > أفلام بطولة راقصة

واهتمت السينما أيضًا بإعطاء الراقصة دور البطولة فى السينما مثلما رأينا فى فيلم (الراقصة والسياسى) من أهم الأفلام التى تناولت الرقص الشرقى، هو فيلم «للكبار فقط» بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، ولا أقصد للكبار فقط بأن مَشاهده جريئة، ولكن الجرأة تكمن فى مضمونه؛ خصوصًا مَشهد النهاية، فقد استطاع السينارست وحيد حامد رسْم شخصية الراقصة جميلة طموحة واثقة من نفسها محبوبة ومتطورة، فالراقصة والسياسى وجهان لعُملة واحدة، كل واحد منهما يرقص بطريقته من خلال الحوار أو اللغة السينمائية. وقبل ذلك بسنوات طويلة لعبت نادية لطفى دور راقصة وقعت فى حُب الطالب الجامعى عبدالحليم حافظ، وكان ذلك فى فيلم (أبى فوق الشجرة) الذى حقق أرقامًا قياسية وظل ٥٢ أسبوعًا فى السينما.

ولا يزال الرقصُ رُكنًا مُهمّا من أركان معظم الأفلام السينمائية، ولكن الجدير بالذّكْر أن الرقصَ كما استطاع أن يحتل مكانة مهمة فى السينما؛ أن يحتل مكانة فى السينما، فقد فشل تمامًا أن يكون له دورٌ فى المسلسلات التليفزيونية بحجة أن التليفزيون موجود فى كل بيت، أمّا السينما فأنت تذهب إليها!.