الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

1 ـ حكايات العهر والقهر

مدينة الطالبات

فى بيتنا أديب 

مثلما كانت «روزاليوسف» دائمًا حاضرة بأدبائها وكُتَّابها المبدعين.. منذ نشأتها على يد ملكة الكتابة «فاطمة اليوسف».. لتشهد عصرها الأدبى الذهبى مع نشر كلمات الأديب الكبير إحسان عبدالقدوس على صفحاتها..



«روزاليوسف» تستمر فى تقديم رسالتها، ومباشرة دورها المؤثر بالوسط الثقافى المصرى والعربى.. وتقدم فصولًا متسلسلة من رواية «مدينة الطالبات»، للكاتب هانى دعبس، أحد أبناء المؤسسة وصحفييها وكُتَّابها المتميزين.. والذى دخلت رواياته قوائم الكتب الأكثر مبيعًا فى مصر والعالم العربى..

رئيس التحرير 

 

مئات الحكايات، لا تتسع الروايات لسردها، مرت على مسامعى وعيونى طوال ليالٍ مبهجة، وقاسية أيضًا، قضيتها بين جدران مدينة الطالبات، أبكى مع هذه على حالها، وأستمع إلى أخرى وهى تتحدث عن زوجها الأنانى، وأداوى جرح ثالثة من حبيبها المراهق.

كان هذا حال غرفتى الصغيرة فى المدينة، التى شاركنى فيها ثلاث طالبات، لكل منهن حكاية، وآلام وأحلام.. كانت صديقتى المقربة بينهن؛ هى «نورا»، أو رفيقة كفاحى، كما أطلق عليها، الطالبة بكلية طب الأسنان، جامعة القاهرة.. وهى أيضًا أول من أفتح له قلبى، بعدما توطدت علاقتنا سريعًا فى أول أيامنا بالغرفة.

ببساطة وجدتها تشبهنى فى أشياء عديدة؛ أهمها قهرها أسريًا.. فهى ابنة رجل صعيدى بسيط، أصرّ على إتمام زواجها بابن عمها، فور حصولها على الشهادة الإعدادية، قبل 3 سنوات من لقائى بها على أرض المحروسة، بعدما انتقلت من مسقط رأسها بالمنيا إلى القاهرة، لنبدأ معًا مسيرة النضال ضد الفقر والتخلف.

كانت صديقتى مثالًا يُحتذى به فى كل شىء، متفوقة جدًا، ومتديِّنة إلى أبعد مدى، لكن الحظ لم يحالفها فى الحياة، فوقعت فريسة للجهل، وتحولت سريعًا إلى «مدام نورا»، بدعوى أن زواجها المبكر سيحميها من ولاد الحرام، لذلك لجأ والدها إلى الحيلة المعتادة، وزوَّجها عرفيًا فى سن الرابعة عشرة، بينما تولى إمام مسجد قريتها إشهار عقد الزواج، وسط عاصفة من الزغاريد.

لن أسرد هنا الكثير عن مأساة «نورا»، يكفى أن أقول إن وقتها كان مقسمًا، بين البكاء ليلًا، والمذاكرة نهارًا، وغالبًا ما كنت أشاركها فى ذلك وتلك، فلن تتخيلوا أبدًا أن تلك الطالبة المجتهدة، نورا كانت أرملة عند التحاقها بالكلية، بل تعول طفلًا لم يتجاوز عمره العامين، مجهول النسب!

حياة «نورا» انقلبت رأسًا على عقب، بعد تسعة أشهر فقط من زواجها، عندما لقى والدها وزوجها حتفهما بحادث سيارة، غرقت بهما فى ترعة الإبراهيمية بالمنيا، لتواجه الفتاة مصيرًا مأساويًا، مع جشع عائلة زوجها، الذين أرادوا حرمانها من ميراثه، وقايضوها بين التنازل عن حقوقها، وحق الطفل الذى أنجبته بعد شهرين من وفاة زوجها، أو عدم الاعتراف بنسبه من الأساس.

ولأن العناد يُورث الكفر، كُتب على المولود الحرمان من نسب والده، لعامين، ظلت فيهما الأم الصغيرة تجرى بين المحاكم، محاولة إثبات صحة عقد زواجها العرفى، فى ظل إنكار عائلة الأب حدوثه من الأصل، بينما كانت أسرتها الفقيرة تقف قليلة الحيلة، أمام جبروت الطامعين فى الميراث، الذى لم يكن قليلًا، فزوجها ترك وراءه عشرات الأفدنة، ورثها من والده، لذلك سعى أعمام الطفل إلى أكل حقه، خاصة بعدما رفضت «نورا» الزواج من أحدهم، لتشتعل حرب ضروس ضدها.

ظلت الصغيرة تقاتل من أجل حق طفلها، وقُيِّد اسمها فى سجلات القضايا، ولجأت لأهل قريتها ممن حضروا زواجها، طالبة شهادتهم أمام المحكمة، ومثلما قالوا الحق، شهد آخرون زورًا، ممن استعانت بهم عائلة الزوج، لتزييف الحقيقة مقابل المال، وظل الصراع قائمًا لشهور طويلة، تبكى فيها الأم، وتخرج همها فى المذاكرة، علها تحقق حلمها بأن تصبح «الدكتورة نورا»، ورفعت شعار: لا ترحمى من يقف فى طريق نجاحك.. اهزميهم جميعًا بإصرارك.. وقد كان.

لكن مأساة الأم اتخذت أبعادًا مختلفة، بعد دخولها مدينة الطالبات، فلم تقتصر أوجاعها على فراق طفلها، الذى اضطرت لتركه مع والدتها فى بلدتها، وباتت تراه مرة كل أسبوعين، لكن ما زاد الطين بلة، هو تحملُّها نفقة الطفل؛ لحين البت فى مسألة الميراث، لتبدأ رحلة البحث عن عمل، وتسطر قصة كفاح حقيقية، لن تنساها طالبات مدينتنا الجامعية أبدًا.

«نورا» لم تكن الضحية الوحيدة لقسوة المجتمع، فهناك «فاطمة» شريكتنا الثانية فى الغرفة، ابنة محافظة بنى سويف، الطالبة فى كلية السياسة والاقتصاد، والمطلقة، التى لم يصمد زواجها عامين كاملين، بعدما زفت إلى عش الزوجية فى إجازة العام الأول من الثانوية العامة؛ وبنفس طريقة زواج «نورا»، وتوسمت خيرًا فى شريك حياتها الجديدة، المحاسب فى شركة إماراتية، لكنه لم يمكث بمصر كثيرًا بعد الزفاف، وصعد طائرة متجهة لدبى فى نهاية شهر العسل، تاركًا عروسته الصغيرة لمدة عام، بعدما فجر بركان أنوثتها، واكتفى بمحادثتها عبر الإنترنت ساعة واحدة يوميًا، لإفراغ أشواقه الحبيسة.

عاد المحاسب بعد عام الغياب، مصرًا على ألا يعود للإمارات، إلا وزوجته فى يده، مؤكدًا أنه لا يطيق الحياة هناك بمفرده، ولا بُدّ أن يكون معه مَنْ تخدمه، ولولا تدخل والد «فاطمة» الحاسم لضاع مستقبلها؛ حيث تمسك بالوعد الذى قطعه زوج ابنته على نفسه قبل الزواج؛ بأن تكمل تعليمها، وفى النهاية أُجبر الأخير على التراجع عن طلبه، وقضى شهرًا ثانيًا فى العسل، ثم عاد إلى عمله بالخارج، بينما تفرغت طالبة الثانوية للمذاكرة، والسعى بين أطباء النساء، علها تجد سببًا لتأخر إنجابها.

استمرت المحادثات عبر الإنترنت بين الزوجين، وفى أحد الأيام أخبرت «فاطمة» زوجها، بأنها ذهبت لعيادة طبيب، وعرضت عليه التحاليل التى أجرتها لبيان مدى خصوبتها، ليؤكد الدكتور على عدم وجود ما يمنع إنجابها.. وبحسن نية طالبت العروس زوجها بإجراء كشف طبى، بهدف الاطمئنان فقط، علهما يستطيعان الوصول إلى السبب لعدم حملها.

وهو ما استقبله الزوج بثورة عارمة، حالفًا بالله بأنه لن يطرق باب عيادة أبدًا، قبل أن يختفى من المحادثة، التى لم يتحدث بعدها قط، حيث قاطع زوجته لمدة شهرين كاملين، فشلت خلالهما كل محاولاتها للوصول إليه، عبر الهاتف أو الإنترنت، حتى عاد فى الإجازة الصيفية، وليته بقى هناك!

كان والد «فاطمة» موظفًا فى الجمعية الزراعية؛ وواحدًا من عقلاء القرية، فرغم ارتكابه خطيئة زواج ابنته مبكرًا، التى يراها شيئًا طبيعيًا؛ تربى عليه؛ فإنه أصر على حماية ابنته من قسوة زوجها، الذى ندم مؤخرًا على الموافقة عليه.. حيث تمسك الأب بطلب نجلته، بأن يذهب الزوج إلى طبيب، لإسكات الألسن التى بدأت تتحدث عنها، وتشيع بأنها تعانى من مشاكل تعيق إنجابها، ومع إصرار المحاسب على رفض طلب زوجته ووالدها، اشتعلت الخلافات حتى جاء اليوم الموعود. 

ظهرت نتيجة الثانوية العامة، ونجحت «فاطمة» بتفوق كبير، ومجموع تعدى الـ97% بالشعبة الأدبية، وهو ما أسعد والدها جدًا، للدرجة التى دفعته لذبح ثلاثة عجول، وتوزيع لحمها ابتهاجًا، بينما ظل زوجها صامتًا ومتجاهلًا، وكأن شيئًا لم يحدث، حتى ظهرت نتيجة التنسيق، لتكشف عن الكلية التى رشحت الفتاة للالتحاق بها.

ولحسن الحظ تحققت رغبتها الأولى، وفازت بدراسة السياسة والاقتصاد.. تلك الرغبة التى لم يعلم زوجها شيئًا عنها، وكيف يعلم؟ وهو لم يهتم أصلًا بنجاحها الباهر، لتشعر الزوجة بأنها مجرد وجبة على سرير، تقدم لرجل لا يعبأ بأى شىء سوى إشباع نهمه وإفراغ شهوته.. وكانت الأيام كفيلة بالكشف عن مفاجآت أخرى، فى شخصية الزوج الناقص!

بمجرد علم المحاسب بالكلية التى ستلتحق بها زوجته، رفض أن تواصل الأخيرة دراستها، وجدد طلبه بسفرها معه إلى الإمارات، وبإصرار قاطع، وهو ما اعتبره والدها خرقًا للعهد، خاصة بعدما تحول زوج ابنته كليًا، للدرجة التى جعلته يخير زوجته بين استمرارها على ذمته، أو استكمال دراستها.

كان تفوق «فاطمة» كفيلًا بإشعال حقد زوجها؛ صاحب التعليم فوق المتوسط، ليعاملها بجفاء شديد، وقسوة موجعة، لدرجة أنه تعدى عليها بالضرب أمام والدتها، عندما أعلنت إصرارها على تحقيق حلمها، وحين أكدت أنها ستلتحق بالكلية مهما كانت التضحيات، كان رد زوجها: أنتِ طالق.. ومن هنا بدأت حياتها الجديدة، الصعبة جدًا!

أما رفيقتنا الثالثة فى الغرفة، فكانت «نانا»، الطالبة بكلية التجارة، التى لم تكمل معنا عامنا الأول بالمدينة الجامعية، حيث عادت إلى بلدتها بفضيحة مدوية، ولم نرها مرة أخرى، ولا نعرف شيئًا عما حدث لها..كانت لعوبًا، وعلى علاقة بالعديد من الشباب، واكتشفنا أنها تستغل تصاريح الخروج من المدينة، وتدعى السفر إلى مسقط رأسها فى المنوفية، ثم تقضى ليالى طويلة داخل شقق العزاب بالقاهرة.

لم أختلط كثيرًا بهذه اللعوب، لكن صديقتى «نورا» سمعت منها قصتها، ثم سردتها فى جلسة نميمة؛ جمعتنا مع «فاطمة».. وقتها فتحنا أفواهنا من المفاجآت، خاصة بعدما علمنا سر إصرار «نانا» على البقاء بالغرفة وحدها، وعدم نزولها معنا فى وقت الغداء أو العشاء، حيث كانت تبدأ مكالماتها الساخنة مع الشباب، بمجرد إغلاقنا باب غرفتنا خلفنا.

كانت قصة «نانا» غريبة فعلًا، لم نصدقها إلا عندما استيقظنا ذات صباح على فضيحتها، التى هزت أرجاء المدينة، وقتها قالوا إن شقيقها ضبطها فى شقة مفروشة بمنطقة وسط البلد، لنتيقن أن الحكايات التى سردتها «نورا» عنها كانت حقيقية، ومنها أنها بدأت علاقاتها بالشباب فى المرحلة الثانوية، بعدما نجح أحدهم فى الإيقاع بها، وجردها من عذريتها باسم الحب، مستغلًا سرًا قالته له، اعتبره نقطة ضعف، ولعب عليه ببراعة.

بدأ الشاب فى ملاحقة «نانا» بعامها الثانى الثانوى، ليسير وراءها كلما رآها تخطو فى الشوارع الضيقة بقريتهما، وذات صباح كانت الصبية فى موقف سيارات الأجرة بمركز قويسنا، تنتظر عربة تنقلها لمسقط رأسها التابع للمركز، وفجأة وجدت الشاب الجرىء يقف أمامها، ويصر على الحديث معها، غير عابئ بالواقفين فى الموقف المزدحم، ومع خوفها من الفضيحة، لو رآها أحد سكان قريتها، قررت السير إلى خارج الموقف، لإنهاء الموقف الصعب!

طاردها الشاب كالعادة، حتى وصلت للشارع المجاور للموقف، وأسرع من خطواته، إلى أن سبقها، وقال: «أنا بحبك أوى»، وهى الجملة التى استسلمت بعدها الفتاة، ليبدأ الحديث بينهما لمدة ربع ساعة، وسرعان ما تبادلا أرقام الهواتف، وبعد عودتهما للقرية، بدأت المكالمات الرومانسية تحتل وقت الصبية، وبحكم المراهقة، تحولت الهواتف إلى ساحة لعنفوان المشاعر.

ومع قلة خبرة الفتاة، استجابت سريعًا إلى محاولات الشاب لاستثارتها، بل فتحت له قلبها، وفتشت عن سرها الحساس، عندما تجرأ وسألها عن إجرائها الختان من عدمه، حتى يفتح بابًا للحديث حول المسكوت عنه، بحجة إزاحة كل الحواجز بينهما، وهو ما حدث بعد إجابتها بالإيجاب، قائلة: «أيوه حصل وأنا فى خامسة ابتدائى».

نجح المراهق فى إقناع الصبية بأن هذه العملية، أدت إلى برودها جنسيًا، وأنها لن تستطيع إمتاعه بعد زواجهما، مما أدخل الفتاة فى حيرة فظيعة، جعلتها تفتح مواقع الإنترنت، وتبحث عن كل ما كتب عن الختان، وبالفعل تأكدت من صحة ما يقوله حبيبها، وقررت أن تفهم كل شىء، لتلقنه دروسًا فى الأنوثة، تنفى عنها اتهاماته ببرودها، وخلال يومين جابت مواقع الإثارة، وقرأت العديد من القصص الجنسية، وباتت جاهزة لرد هجمات عاشقها المباغتة بجراءة، فى مكالمات نص الليل.

كان الشاب ذكيًا، ولم يهتم بتحول الفتاة المفاجئ معه، وانفتاحها الشديد بين ليلة وضحاها، وعاملها كأنها لم تفعل شيئًا جديدًا، ومع إحباطها من رد فعله؛ قررت المبالغة فى جرأتها، فرد بسخرية شديدة، وضحكات كانت كالرصاص الذى يخترق أنوثتها، قبل أن يتهمها بأنها لا تشعر بشىء، وتتحدث من باب التمثيل؛ لإقناعه بأن ما بداخلها يتحرك، مؤكدًا أنه لن يصدق مشاعرها الساخنة إلا عندما يعانقها فى الواقع.. وبعدما شعر بأن الفريسة اقتربت من الفخ؛ الذى نصبه جيدًا، قال لها: «نفسى تكونى فى حضنى.. وتحسى بيا بجد».

وبعد كثير من الشد والجذب، والإقناع، استطاع الشاب جر «نانا» للحرام، بعدما شعر بأنها تعلقت به، ودخل قلبها، وأشعل مكامن أنوثتها، ليبدأ فى مراوغتها ومراودتها.. فأخذ يبتعد لأيام كلما رفضت الفتاة طلبه؛ الذى فاجأها به ذات ليلة، فى مكالمة نص الليل المعهودة، عندما أخبرها بأنه ملّ من المكالمات الساخنة، وأنه يتمنى الاقتراب منها فعليًا، والحل موجود.. حيث يمتلك والده شقة فى قويسنا، ويحتفظ هو بنسخة من مفتاحها، مشددًا على أنه لا سبيل لإرضائه سوى أن تستجيب لهذا الطلب، وتحقق حلمه، بأن تصبح بين يديه.

مرت أيام فى خصام، بعد رفض «نانا» طلب حبيبها، الذى رفض الرد على مكالماتها ورسائلها، ما أشعل نار الأشواق داخل الفتاة، خاصة أنها تعودت على النوم كل ليلة؛ وهى تشعر بأن أنفاس عاشقها تحاصرها، حتى لو عبر أثير الهاتف، والأصعب كان افتقادها تلك الرعشة؛ التى كانت تجتاح جسدها، كلما تجاوز صوته الحانى الخطوط الحمراء.. كل هذا الاحتياج دفعها فى النهاية إلى الاستسلام، وتسليم جسدها له دون تراجع.

ذات صباح، سافرت «نانا» إلى قويسنا صباحًا، بدلًا من الذهاب لمدرستها، وطبعًا بالاتفاق مع حبيبها، ليتقابلا فى شقة والده، وبالفعل التقيا هناك مع دقات الساعة التاسعة، ليحدث كل شىء بين المراهقين، وتخرج الفتاة من الشقة فاقدة بكارتها، وبعدها تكررت اللقاءات كثيرًا، فى نفس التوقيت، حتى تعودت الفتاة على الذهاب إلى الشقة مرتين أسبوعيًا، بدلًا من المدرسة، مستغلة قرب قريتها من المركز.

وبعد شهر من الحرام، بدأت معاملة الشاب تتغير، أصبح ينهرها بشدة، ويعاملها كساقطة، بل قام بضربها ذات صباح، حينما قالت له إنها حدثت والدتها عنه، وأن الأخيرة تنتظر زيارته، حتى يدخل البيت من بابه.. ومنذ هذا اليوم، قرر الشاب التخلى عن ضحيته، والبحث عن وردة جديدة لقطفها، وبات يتهرب منها، ومع الوقت خرج نهائيًا من حياتها.

عاشت العاشقة الموجوعة ليالى قاسية، شعرت فيها بالضياع، بعد فقدانها كل شىء، وبمرور شهرين على فراق حبها الأول، كانت تبحث عن بديل، يطفئ وهج أنوثتها المشتعلة، ومن شاب إلى آخر، تحولت المختونة إلى عاهرة، مستعدة لفعل المستحيلات فى سبيل إفراغ شهوتها، حتى جاء اليوم الذى ضبطها فيه شقيقها، داخل شقة وسط البلد.

***

ما كتبته بالصفحات السابقة، حول «مدينة الطالبات»، كان صاحب الفضل فى الحفل، الذى انتهى منذ قليل بالفندق، لذلك فضلت أن أنسخه من ملفه الأصلى على جهازى، وأضعه هنا، قبل أن أعود إليكم الآن، لأحدثكم وأنا فى منتهى سعادتى، فقد تم تكريمى بشكل مُشرِّف، شعرت خلاله بمائة رعشة فخرًا واعتزازًا.. فأخيرًا تحقق حلمى، الذى جاهدت فى سبيله كثيرًا، وحصدت ما زرعته طوال 4 سنوات من العمل بمكتبات وسط البلد، قرأت خلالها مئات الكتب، سعيًا وراء هدفى، بأن يوضع اسمى يومًا على كتاب.

الحفل، شهد مفاجأة غريبة للغاية، لم أكن أتوقعها أبدًا، تصوروا أننى شاهدت ابن عمدة قريتنا داخل القاعة، قبل تكريمى بدقائق، للدرجة التى جعلتنى أتلعثم قليلًا، وأنا أتحدث عن «مدينة الطالبات»، المقام بسببها هذا الاحتفال، يبدو أن المحامى قرأ خبر تكريمى فى الجرائد أو مواقع التواصل الاجتماعى، أو شاهدنى بالبرامج التى ظهرت فيها بفضائيات لبنان.. لكن الأكيد أننى لقنته درسًا قاسيًا؛ يليق بما فعله فى بنات الناس.

يتبع..