الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فى بيتنا «حيوان»!

فى أبسط  معانيها، تشير جملة «الرفق بالحيوان» إلى العلاقات التى تربط الناس بالحيوانات وواجبهم نحوها فى ضمان معاملة تلك الحيوانات التى التزموا برعايتها بطريقة إنسانية ومسئولة. رُغْمَ انتشار ظاهرة الاهتمام بالحيوانات ورعايتها خلال السنوات الأخيرة؛ فإن تلك الظاهرة ليست حديثة على الإطلاق، وربما ساهمت مواقع التواصل الاجتماعى فى إبرازها فقط..



 

فقبل آلاف السنين بدأ اهتمام الإنسان بالحيوانات وتربيتها ورعايتها، ووفقًا لموقع The National Animal Interest Alliance فإن العديد من المؤرخين اعتبروا تطوّر الزراعة هو أهم حدث فى تاريخ البشرية وعلاقتها بالحيوانات التى ساعدتها وبالطبع قدماء المصريين وعلاقتهم بالقط الفرعونى الشهير الذى كان مقدسًا.

أخلاقيات الرفق بالحيوانات التى نشأت منذ آلاف السنين والتى ألزمت الإنسان بمراعاة رفاهية تلك الحيوانات من أجل تحقيق أغراضه الخاصة تحولت إلى علاقة مفيدة للطرفين تتلخص فى أننا إذا اعتنينا بتلك الحيوانات فسوف تعتنى بنا أيضًا.

هذا الميثاق القديم غير المكتوب بين الطرفَيْن خدم على المصالح الذاتية للإنسان وبالتالى رد الجميل لهم بالعناية الجيدة ومع الزمن أسُس للأخلاقيات الأساسية لرعاية الحيوان والتى لاتزال قائمة حتى اليوم وتطورت إلى دور كاملة للرعاية والآلاف  وربما الملايين حول العالم الذين يشعرون برابط  بينهم وبين تلك الحيوانات. 

من جانب آخر يقول الدكتور برنارد رولين، أستاذ علوم الحيوان فى جامعة ولاية كولورادو، إن تكنولوجيا القرن العشرين كسرت هذا العَقد القديم عندما سمحت لنا بوضع الحيوانات فى بيئات واستخدامات لا تضعف إنتاجيتها فقط ولكنها أيضًا تضر برفاهيتها.

هذا التحدّى اليوم هو الأبرز فى علاقتنا بتلك الكائنات اللطيفة بتوفير لها مستويات من الرفق والرعاية فى دول لم تعد ريفية أو زراعية بل حضرية صناعية، وهو وضع يجعل أمر الرفق ورعاية الحيوان أكثر بروزًا وأهمية ويضع الإنسان فى اختبار أخلاقى كبير.

يدرك المزارعون ومربو الماشية ومدربو وعلماء الحيوانات ومربو الكلاب والقطط والأطباء البيطريون ومربو حدائق الحيوانات وغيرهم ممن يعيشون ويعملون مع الحيوانات هذه التحديات ويعملون فى مهنهم وهواياتهم وأعمالهم للتصدى لها بشكل يومى. 

والفرق بين الرفق بالحيوان وحقوق الحيوان يتمثّل فى الآتى:

تتبنّى المؤسّسات التى تعمل على رعاية الحيوانات سياسات وممارسات وبرامج لرعاية الحيوان ولضمان حاجاتها الأساسية من غذاء صحى ومياه ورعاية بيطرية وتعامل سليم، وفى السنوات الأخيرة تطورت تلك الشروط كثيرًا ورعايتها زادت وأصبحت تلك المؤسّسات تستخدم أساليب علمية للحفاظ على الحيوانات وصحتها وسلالتها.. وبشكل عام يُعتبر الأداء عالميّا مقبولًا بشكل كبير؛ خصوصًا إذا أخذنا فى الاعتبار مراقبة تلك المؤسّسات لمستوى الرفق بالحيوان فى المجتمع والتى ترتكز على عدة نقاط مهمة، وهى:

- تحرر الحيوان من الشعور بالجوع والعطش من خلال الوصول الفورى إلى المياه العذبة واتباع نظام غذائى للحفاظ على الصحة الكاملة والحيوية.

-التحرر من الخوف من خلال توفير البيئة المناسبة، بما فى ذلك المأوى وبُعدها عمّا يؤذيها ويشعرها بالألم أو الإصابة أو المرض عن طريق الوقاية أو التشخيص السريع والعلاج. 

- حرية التعبير عن السلوك الطبيعى من خلال توفير مساحة كافية ومرافق مناسبة.

هناك اتفاق واسع بين محترفى تربية الحيوانات والعامة على أن الناس يجب أن يعاملوا حيواناتهم بطريقة إنسانية، ولكن الشيطان فى التفاصيل والنقاش حول كيفية تحقيق هذا الهدف لايزال محتدمًا فى ظل التحديات التى تواجه الإنسان نفسه يوميّا بجانب وجود نفوس شريرة وغير رحيمة بتلك المخلوقات الرحيمة وبجهل يتجاهلون حقوقهم وضرورة وجودهم العلمى لحفاظهم على التوازن البيئى، بالإضافة للميزات النفسية المتعددة للعناية بالحيوانات.

بمعنى آخر؛ الرفق بالحيوان هو مصطلح يشير لكيفية التعامل مع الحيوان فى الظروف التى يعيش فيها بضمان حياة جيدة له وتمتعه بصحة جيدة وتغذية سليمة وحياة آمنة من المخاطر والألم والخوف وحتى مع الحيوانات التى نأكلها يجب مراعاة معاملة إنسانية لها وذبحها بطريقة تراعيها كما أمرنا الدين، وهى كلها أمور ليست من باب الرفاهية بل نحن مأمورون بمراعاتها وأخذها بجدية.

فى هذا الباب الثابت سنكون عينًا راصدة على المجتمع والشارع والمؤسّسات ودرجة اهتمامها ورعايتها لتلك الحيوانات من حيث الإجراءات المتعلقة بإيواء الحيوانات وإدارتها ورعايتها والتعامل معها، فالحفاظ على الحيوانات وإدارتها أمرٌ إنسانى  ومسؤلية اجتماعية ويجب علينا جميعًا معاملة الحيوانات باحترام وكرامة. 

يجب أن تسعى مهنة الطب البيطرى باستمرار لتحسين صحة الحيوان ورفاهيته من خلال البحث العلمى والتعليم والتعاون والدعوة للمساعدة، وهنا تبرز نقطة مهمة وهى جهود الإنقاذ التى تطورت كثيرًا على المستويين الفردى والجماعى خلال السنوات القليلة الماضية.

إنقاذ الحيوانات هو مصطلح واسع يشير إلى أى جهد لإنقاذ الحيوانات من القسوة وسوء المعاملة، ويحدد القائمون على عمليات إنقاذ الحيوانات تلك المحددات والطرُق بما فيها بذل كل جهد لمنح تلك الحيوانات حياة أفضل.

تمتلك معظم البلديات فى العديد من الدول وحدات لمراقبة الحيوانات تستجيب للمكالمات المتعلقة بالقسوة على الحيوانات بل إنهم يحققون مع الجناة بشكل رسمى ويساعدون فى وضع الحيوانات فى منازل جديدة.

بشكل عام يمثل التحدى الكبير فى وجود المئات من الحيوانات فى شوارعنا مصابة وتعانى دون وجود ملجأ لها، وهنا يجب ألّا نغفل وجود الكثير من أصحاب القلوب الرحيمة الذين يوفرون لها الطعام وفى بعض الأحيان المآوى، ولكن هذا للأسف غير كافٍ.

الملاجئ الخاصة بالحيوانات ورعايتها تواجه الكثير من التحديات والمشاكل بالإضافة إلى عددها القليل نسبيّا إلّا أننا بالتالى سنبذل قصارَى جهدنا فى إيصال أصواتهم ومساعدتهم وعرضها سواء بالتحقيقات أو الأخبار المختلفة أسبوعيّا.. 

خلق الله تعالى الحيوانات وجعل بينها الكثير من الاختلافات لتأدية دورها فى الطبيعة، ولكن أدّت نشاطات الإنسان المباشرة وغير المباشرة إلى موت أعدادٍ ليست بالقليلة من هذه الحيوانات، فبعض الأنواع قد انقرض فعلاً، وبعضها مهددٌ بالانقراض إذا لم يسارِع الإنسان إلى حمايتها والتقليل من الأخطار الواقعةعليها؛ حيث يُقدِّر العلماء أنَّ المعدل الحالى لانقراض الحيوانات قد تضاعف أكثر من ألف مرةٍ عن المعدل المعتاد.