الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رحلة المعلمين.. من التدريس إلى «التطريز»!

زى مدرسى يضيف عبئًا جديدًا على كاهل الأسر المُثقلة بأحمال المصاريف والمستلزمات الدراسية، لا فرق فيه بين حكومة وخاص.. الجميع تحت المقصلة!



ومدرسون تحولوا لتجار تركوا مهنتهم السامية ومواقعهم كمعلمين للأجيال ليشاركوا فى حرب المدارس على الطلاب وذويهم طمعًا فى الغنائم.

ما بين بائع وترزى وتاجر، ما بين محلات خاصة يتاجر فيها المدرسون ومنافذ خاصة بالمدارس يبيع فيها المدرسون، تجرى وقائع هذا التحقيق

23.5 مليون طالب موزعون على 56.5 ألف مدرسة - بحسب وزارة التربية والتعليم- ، يبلغ إنفاق أولياء أمورهم على الزى المدرسى والشنط  5.7% من إجمالى إنفاق الأسر المصرية على التعليم -وفقًا لآخر إحصائية من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء-

> البيع برعاية المدير

فى مدرسة الأندلس الخاصة  التى تقع فى منطقة أرض اللواء

تفرَّغت  الأستاذة «أماني» مدرسة مادة الحاسب الآلى لخياطة وتصنيع الزى المدرسى الخاص بالمدرسة فى غرفة بمنزلها خصَّصتها لهذا النشاط، بالاتفاق مع مدير المدرسة ومالكها بعد أن هجرت الحصص المدرسية،  تعاونها الأستاذة سعاد مدرسة اللغة العربية والأستاذة آية مدرسة الدين بالمدرسة اللتان تقومان أيضًا ببيع الزى فى منفذ التوزيع بجانب مدرسات أخريات مقابل جنيه واحد لكل طقم مباع- بحسب الأستاذة أماني-

والتى قالت لنا  إن أسعار الزى الصيفى بالمدرسة تبدأ من 250 جنيهًا، بينما يبدأ ثمن الزى الشتوى من  500 جنيه، مؤكدة أن التكلفة الفعلية للطقم الواحد لا تتجاوز 80 جنيهًا.

> عربى أصلى وزى مقلد

«ميس مروة» معلمة اللغة العربية فى مدرسة السادات الابتدائية بالهرم.. سيدة تبدو فى العقد الخامس من عمرها، تجلس وأمامها مكتب وشاشة لعرض كاميرات المراقبة منهمكة فى حساب الزبائن.

افتتحت منذ عدة أعوام متجرها فى شارع عز الدين عمر بالهرم لبيع الزى المدرسى لجميع المدارس – حكومة وخاص ودولية- وتحظى بشهرة واسعة بين أولياء الأمور والمدارس. 

بسبب الأسعار المناسبة التى تُقدِّمها، خاصة لزى المدارس الخاصة والدولية -الباهظ الثمن- والتى تستطيع «ميس مروة» تقليده وتصنيع مثيله دون أن تكتشف إدارات تلك المدارس الأمر-كما قالت لنا-

تقوم ميس مروة بتصنيع الزى وتقليده  من خلال ورشتها الملحقة بالمتجر والتى  تعمل فيها 10 فتيات تتقاضى الواحدة منهن 5 جنيهات فقط عن كل قطعة مباعة!

الأسعار تختلف حسب نوع المدرسة فزى المدارس الحكومية هو الأرخص بالطبع، بينما يرتفع سعر الزى بارتفاع مستوى المدرسة. 

«ميس مروة» قالت لنا إن مرحلة الحضانة «كى جي» سعر القميص فيها 80  جنيهًا والبنطلون  50 جنيهًا، أما  قميص المدارس الحكومية لجميع المراحل الدراسية  فيبلغ ثمنه  30 جنيهًا وثمن البنطلون 25 جنيهًا، مشيرة إلى أن أسعار زى المدارس غير الحكومية متفاوتة حسب المدرسة والشعار المطلوب وضعه والخامة.

 ولية أمر تواجدت لشراء الزى المدرسى لنجلتيها اللتين تدرسان فى مدرسة خاصة فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية قالت لنا: إنها اختارت هذا المكان لشراء الزى بسبب انخفاض سعره لأقل من نصف الثمن الذى يُباع به فى منافذ المدارس الرسمية، مشيرة إلى أن المدرسة طلبت منها 2500 جنيه قيمة مصاريف زى نجلتيها، بينما استطاعت هى الحصول على مثيل الزى من حيث الشكل والخامة لدى «ميس مروة»  بـ560 جنيها فقط!

 > نجوم الرياضيات

أستاذ مصطفى مدرس الرياضيات بمدرسة الزهراء الخاصة  بمنطقة المريوطية الهرم،  استأجر محلًا تجاريًا ليتاجر فى الزى المدرسى بعد أن عقد اتفاقا بينه وبين إدارة المدرسية لاحتكار الزى الخاص بهم ودفع أولياء الأمور لشراء الزى المدرسى من متجره الشخصي.

مدرس الرياضيات صاحب محل النجوم للزى المدرسى، قال لنا عندما ذهبنا إليه طالبين شراء الزى المدرسى: إن المقاسات غير موجودة لأنها نفدت، قبل أن يتابع:  «حضرتك متأخرة احنا شغالين من شهر 7 اللى فات» -فى مخالفة لقرار الوزارة بعدم تحديد أو تحصيل قيمة المصروفات من قبل المدارس الخاصة إلا بعد إعلان الموقف من العام الدراسى الجديد-

قبل أن يدعونا لحجز الزى مع دفع ثمنه كاملاً بحجة الحصول على نصيبنا من الدفعة الجديدة قبل نفاد الكمية !  الأستاذ مصطفى أخبرنا أن سعر الزى هو 500 جنيه للزى الصيفى و 800 جنيه للزى الشتوي، و 350 جنيهًا للطقم الرياضى بمجموع 1650 جنيهًا للطالب الواحد!

 > جدول البيع-الحصص سابقًا-

فى مقر مدرسة الأهرام الدولية بالمعادى أرشدتنا «نرمين» - المسئولة الإدارية - بعد أن قامت بمراجعة جدول تنظيم حضور المدرسين للبيع - وليس للتدريس- الذى يتضمن أسماء المدرسين وأيام البيع الخاصة بهم لعنوان منفذ البيع قائلة: «النهاردة يوم ميس مها ومستر حمزة» ثم أعطتنا ورقة بها عنوان المنفذ.

« فيتالو» هو منفذ البيع الخاص بالمدرسة الدولية وهو عبارة عن محل يقع  بمنطقة المطبعة بشارع الهرم.

«مستر حمزة»  و«ميس مها» مدرسا اللغة الإنجليزية المنهمكان فى البيع داخل المنفذ واللذان يعملان فى اليوم المخصص لهما من الساعة العاشرة صباحًا وحتى الـ6 مساء أخبرانا بالأسعار قائلين: إنها تختلف باختلاف المقاسات والصيف والشتاء، حيث يتراوح سعر القميص الصيفي  من 150 إلى 450 جنيهًا، والبنطلون من 100 إلى 300 جنيه، بينما الزى الشتوى يبدأ من 250 إلى 1000 جنيه، والزى الرياضى يتراوح سعره ما بين 200و800 جنيه.

 > Math للبيع !

ميس مى معلمة «Math»  فى مدرسة الجزيرة للغات تحولت لبيع الزى المدرسى مع زملائها بجانب دورها الرئيسى كمدرسة مقابل نسبة من البيع تختلف باختلاف حجم الأرباح.

مدرسة الرياضيات، قالت لنا إنها تعمل بالمنفذ الذى خصصته المدرسة فى مبنى مجاور للمبنى الرئيسى فى الأوقات التى لا ترتبط بها بحصص وفقا للجدول اليومى. 

الأسعار كما أخبرتنا ميس مى متفاوتة، موضحة أن هناك ما يقارب 125 جنيهًا زيادة بين كل مقاس والمقاس السابق له، مشيرة إلى أن  مقاس «2» يبلغ سعره  1230 جنيهًا، بينما مقاس 4 يصل ثمنه لـ 1355 جنيهًا وهكذا 

>المكسب فاحش

حماده محمود  صاحب ورشة لتفصيل الزى المدرسى فى منطقة بولاق الدكرور قال لنا  إن المدارس تحصل على  أرباح خيالية من حصيلة بيع الزى المدرسى بسبب الفارق الشاسع بين التكلُفة الإنتاجية وسعر البيع، موضحًا أن  تكلفة  الطقم المصنوع من خامات جيدة والمكون من بنطلون وقميص لا تتعدى 150 جنيهًا، وأن التكلفة الفعلية تنخفض ما بين 60 : 80 جنيهًا فى حال كانت الخامة المستخدمة أقل جودة، فى المقابل يتم البيع فى المدارس بأسعار تصل لـ 500 جنيه للطقم الصيفى الواحد، وترتفع  أسعار أطقم الشتاء لتصل  لضعف ثمن طقم الصيف -نحو1000 جنيه-،  مؤكدًا أن حركة التصنيع  تأثرت كثيرًا بعد تقليص الوزارة لأيام الحضور والتى تتراوح بين  2 : 4 أيام  فى الأسبوع، وأنهم يحاولون تعويض خسائرهم من زى المدارس الخاصة والدولية.

 > وزارة التعليم والعقوبات !

 الدكتور رضا حجازى نائب وزير التربية والتعليم علق على الأمر قائلاً: إن لائحة تنظيم المدارس الخاصة التى وضعتها وزارة التعليم تعطى الحق لإدارات المدارس فى اختيار الزى الخاص بها، وتوفير منفذ لبيع الزى فى حالة صعوبة وجود الزى فى منافذ البيع العامة، ولكن خارج المدرسة، ودون أن تحصل إدارة المدرسة على أى مقابل مادى نظير هذا الأمر، فهى - وفقًا للائحة-  مجرد وسيط فقط، مؤكدًا أنه يحظر أيضًا فرض الشراء من منفذ بعينه على أولياء الأمور طالما استطاع ولى الأمر توفير نفس الزي.

وأضاف حجازي:  أنه يمنع  أيضًا ممارسة أى نشاط تجارى داخل المدرسة سواء من إدارة المدرسة أو المعلم وأنه  فى حالة إثبات الواقعة يعاقب المعلم بعقوبات متدرجة تبدأ من لفت النظر وتنتهى  بالحرمان  من أى امتيازات أو حقوق فى حالة تكرار الأمر.

نائب وزير التعليم، أوضح لنا أن الوزارة لم تتلق  شكاوى من أولياء الأمور بخصوص الزى المدرسي،  مضيفًا أن الشكاوى تطرح فقط عبر مجموعات التواصل الاجتماعى الخاصة بأولياء الأمور، وأن الوزارة لا تنظر  للشكاوى على «سوشيال ميديا»، مؤكدًا أن الباب مفتوح لتلقى الشكاوى بالطرق الرسمية للتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات المناسبة إما عبر القسم المخصص لذلك فى مديرية التعليم أو الإدارة التعليمية، أو من خلال الخط الساخن للوزارة أو الخدمات الإلكترونية المخصصة للشكاوى مثل واتساب أو البريد الإلكتروني.

وتابع قائلا: أن الإجراءات المتبعة فى مثل هذه الأمور أو غيرها من المخالفات المالية تكون بتحويل المدرسة إلي  التوجيه المالى والإداري، حيث  يتم ندب  موظف  من  الإدارة المالية بمديرية التعليم التابعة لها المدرسة ، للتحقيق واتخاذ إجراء مبدئى بمنع تحصيل المبالغ المالية من قبل المدرسة، على أن تحول تلك المبالغ إلى حساب بالبنك يخضع لرقابة الوزارة، وفى حالة ثبوت وجود أى مخالفات مالية تغلق المدرسة نهائيًا.