الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بايدن يستميل الكاثوليك وترامب يؤيده «الإنجيليون الجدد»!

أيام قليلة تفصل المجتمع الأمريكى عن الانتخابات الرئاسية الـ59، فى وقت تسيطر الانقسامات الحادة على المشهد الداخلى بشكل واضح، وبلغ الأمر مداه بتحول بعض مؤيدى المرشحين إلى متطرفين متشددين أو إرهابيين محليين. فكما رسم «الدين والعقيدة» طريقًا نحو البيت الأبيض، كانت هناك تنظيمات، ربما تكون مسلحة، للدفاع عن المرشح الرئاسى القادم، فنرى تنظيمات يمينية متطرفة موالية للرئيس «دونالد ترامب»، وأخرى مناهضة لسياساته.. مما أثار قلق المحللين السياسيين الأمريكيين الذين حذروا من تأجج الصراع بين تيارى «اليمين»،الذى يمثله المرشح الجمهورى «دونالد ترامب»، و«اليسار» الذى يمثله المرشح الديمقراطى «جو بايدن» بشكل ينذر بكارثة. وهو ما أكده «بروس هوفمان»، أستاذ جامعة «جورجتاون»، ولخص ما قاله أغلب المحللين السياسيين، وكتاب الرأى الأمريكى خلال الفترة الأخيرة، بأن الجماعات المتطرفة داخل «الولايات المتحدة»، تهدد بتعطيل الانتخابات الأمريكية، وإثارة الاضطرابات فى أعقابها، بشكل مثير للمخاوف.



 

لكن تظل أعمال العنف أو الشغب فى أعقاب الانتخابات الأمريكية مجرد مخاوف لا يمكن تأكيدها خاصةً أن مظاهرات حاشدة شهدتها الشوارع الأمريكية بعد فوز الرئيس «دونالد ترامب» عام 2016، إلا أنه تمت السيطرة عليها واحتواؤها. ومع ذلك فإن الحديث المعتاد عن الانتقال السياسى الهادئ فى «الولايات المتحدة الأمريكية» يصعب استساغته هذه المرة وسط صخب الميليشيات المسلحة المؤيدة للمرشحين والحديث عن العرق والدين والأمور التى لم تكن على رأس أجندة المرشحين الأمريكيين سابقًا.. ومن جانبه، لم يقم الرئيس «ترامب» بأى تحرك ملموس لتهدئة هذه المخاوف. بل على العكس، فقد أدت تصريحاته الصاخبة، إلى زيادة الانقسام الأمريكى الداخلى، فضلًا عن رعونة الجماعات المتطرفة التى أعلنت أغلبها أنهم جهات منفذة لسياسات إدارة «ترامب»!

لذلك، رأى «هوفمان» أنه ليس من المستغرب أن يتعهد مؤيدو الرئيس الأمريكى باللجوء إلى العنف فى حال خسر «ترامب» الانتخابات. خاصة أولئك الذين يؤمنون بـ«نظريات المؤامرة» مثل: نظرية (Qanon) أو «كانون»، والميليشيات المدججة بالسلاح المتنوعة، بما فى ذلك: (Oath Keepers) أو (حراس القسم)، وغيرها من المتطرفين اليمينيين.

 «كانون»

جدير بالذكر، أن (Qanon) هى نظرية مؤامرة يؤمن بها المنتمون إلى تيار اليمين المتطرف.. وتزعم أن مجموعة من المتحرشين بالأطفال، الذين يعبدون الشيطان، يديرون عصابة عالمية للإتجار بالأطفال جنسيًا، ويتآمرون ضد الرئيس الأمريكى «ترامب»، الذى يقاتل تلك العصابة!

 حراس القسم أو Keepers Oath 

أما (حراس القسم)، فقد أوضح الخبراء أنهم من بين أكبر الجماعات المدنية الأمريكية المسلحة، التى نمت شعبيتها خلال فترة «ترامب»، وزادت قوتها مع انتشار مظاهرات (العدالة الاجتماعية) هناك. 

يسافر أعضاء هذه الجماعة فى جميع أنحاء «الولايات المتحدة»، بالبنادق، والمعدات الواقية، ويرهبون الناس عبر وقوفهم أمام المتظاهرين، أو فوق أسطح المنازل. كما انضم إلى الجماعة، أو بالأحرى، الميليشيا قدامى المحاربين، وضباط إنفاذ القانون الأمريكى.

أحدث تهديد نفذه أتباع هذه الجماعة، هو تجمع عدد كبير منهم فى 24 سبتمبر الماضى فى «لويزفيل»، وهم يحملون بندقية من طراز (AR-15) خلف حواجز خرسانية عند كل مدخل شارع، منتظرين تعليمات «حراس القسم». وقال أحد التابعين للمجموعة، يدعى «رودس»، لجريدة «واشنطن بوست»، إن «حراس القسم» حصلوا على موافقة كتابية من أصحاب الأعمال لحماية حفنة من المبانى، بعد أن تعرضت محطة وقود للتخريب، فى أعقاب حادث إطلاق نار على رجل أسود ببندقية فى أغسطس الماضى نفذه موظف أبيض.

علق «هوفمان» أن المشكلة الآن ليست مجرد حركة متماسكة فحسب، بل المشكلة تكمن فى وجود مجموعات، وخلايا، وكيانات أخرى بدرجات متفاوتة من التنظيم والتماسك على المستوى القومى والمحلى، مدججون بالسلاح، ويتبنون آراء متعصبة لتفوق البيض، والمناهضة للحكومة، والآراء اللاسلطوية.

ولكن، المأساة الأمريكية الحقيقية، هى صعوبة قياس حجم هذه المجموعات، لأن بعض أعضائها تقتصر مشاركتهم عبر الإنترنت. ولكن، وفقًا لتحقيق أجراه مركز أبحاث «Tech Transparency Project»-(TTP)، أو «مشروع الشفافية التقنية»، فإن هناك 300 مجموعة وميليشيا مختلفة، يصل عدد أعضاؤهم من 15 ألفًا إلى 20 ألف شخص مسلحين بشكل جيد، وغالبًا ما يكون هؤلاء مدربين عسكريًا، وينشطون فى كل ولاية.

 براود بويز أو Proud Boys

تأسست هذه المجموعة عام 2016 ويصف أعضاؤها أنفسهم بأنهم «شوفينيين غربيين» بمعنى أنهم شديدو التعصب لصالح الغرب. أما الأفكار التى يؤمنون بها فهى التفوق الأبيض ومعاداة المسلمين والمهاجرين والمتحولين جنسيًا إلى جانب كراهيتهم للنساء بل وتأييدهم للاغتصاب! 

بوجالوو بويز أو Boogaloo Bois

المثير لقلق المحللين السياسيين أيضًا، هو الدعوات المفتوحة للثورة الداخلية الأمريكية، والفتنة الصريحة، من قبل ما يسمى يـ(Boogaloo Bois)، وهى حركة سياسية يمينية متطرفة منظمة فى «الولايات المتحدة»، وصفت بأنها ميليشيا. ويشير مصطلح (Boogaloo) إلى الحرب الأهلية الأمريكية الثانية القادمة. وتضم هذه الميليشيا جماعات «النازييين الجدد» والمعارضين لقوانين حظر حمل المدنيين للسلاح إلى جانب العنصريين المؤمنين بـ«تفوق العرق الأبيض»، ويخطط هؤلاء لما يسمونه: (big igloo)، (boog)، (boojihadeen)، وكلها تشير إلى حرب أهلية أمريكية جديدة. 

وجد تحليل (TTP) أن بعض مجموعات (بوجالو) على (فيسبوك) ينشرون صورًا لـ«هتلر»، وتشير منشوراتهم إلى أيديولوجيات التفوق الأبيض. وخلال الفترة بين شهرى فبراير وأبريل هذا العام، زادت صفحات ومجموعات (فيسبوك) التى تدعو إلى الفتنة بنسبة 60%، بوجود أكثر من 73 ألف متابع.

ناقش الأعضاء على تلك الصفحات الاستراتيجيات التكتيكية، والطب القتالى، وتعريف أنواع مختلفة من الأسلحة، بما فى ذلك: كيفية تطوير المتفجرات، ومزايا استخدام المقذوفات. موضحًا أن بعض الأعضاء استلهموا أفكارهم من تغريدات «ترامب» الأخيرة، عندما دعا إلى (تحرير «الولايات المتحدة»)، كما تفاعلت عناصر الحركة مع خطابات الرئيس الأمريكى وتغريدات من خلال منشورات احتفالية، كما تبادلوا تفاصيل الاحتجاجات المناهضة للحجر الصحى فى كل من: «ريتشموند، فرجينيا، وهاريسبرج، بنسلفانيا».

والغريب أن موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» سمح لمثل هذا النشاط بالانتشار، على الرغم من التهديدات الصريحة بالعنف.

من جانبه كان أحد مسئولى إنفاذ القانون الفيدرالى، قد صرح مؤخرًا أن «مكتب التحقيقات الفيدرالى» FBI، و«وزارة العدل» يخططان لاحتمال وقوع أعمال عنف تسبق الانتخابات الأمريكية!

أما الجماعات اليسارية فهى أقل عددًا من جماعات اليمين ولكنها بدأت تنشط منذ وصول «ترامب» إلى «البيت الأبيض» فى يناير 2017 فى محاولة لمواجهة ميليشيات اليمين المتطرف.ومن أشهر الجماعات:

 أنتيفا 

أعلن «ترامب»، أن بلاده ستعمل على تصنيف حركة «أنتيفا»، والتى تعنى مناهضة الفاشية، جماعة إرهابية، وذلك عقب موجة الاحتجاجات العارمة والغضب الشعبى الذى اجتاح البلاد فى أعقاب حادثة مقتل «جورج فلويد».

ويعود أصول الحركة إلى عشرينيات القرن الماضي؛ إذ كانت «أنتيفا»، مصطلحًا يصف الجماعات المناهضة للفاشية الأوروبية ما بين (1920-1930)، إلا أن الحركة لم تبدأ فى «الولايات المتحدة» قبل الثمانينيات، وذلك بهدف الوقوف فى وجه تنامى خطر العنصرية داخل المجتمع الأمريكى. رغم ذلك كانت تلك الحركة خامدة تمامًا منذ بداية القرن الحادى والعشرين، وحتى تولى دونالد ترامب منصب الرئاسة الأمريكية وصعود ما أطلقوا عليه «اليمين البديل» و«العنصرية البيضاء» و«الفاشية الجديدة».

ووفق تصريحات لأعضاء المنظمة فى بعض الصحف الدولية، يتضح أن «أنتيفا» ليست منظمة موحدة ذات أيديولوجية واضحة،، بل يأتى معظم أعضائها من خلفياتٍ سياسية مختلفة، شيوعيين واشتراكيين وأناركيين، إلا أن هدفهم الرئيسى هو محاربة التمييز بشتى أشكاله، وهو الأمر الذى جعلهم فى مواجهة مع الإدارة الأمريكية الحالية، والتى تعمل سياساتها على تعزيز الاستبداد فى «عصر ترامب».. ووفق ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن تدخل حركة «أنتيفا» فى الشارع الأمريكى لمناهضة سياسات الإدارة الأمريكية هو أحد الأسباب الرئيسية الذى دفعت «ترامب» نحو محاولة إعلانها «منظمة إرهابية»، على الرغم من أن القانون الأمريكى لا يحمل بين مواده تشريعًا لـ«الإرهاب المحلى».

 الأناركيون 

تمثل الأناركية بالنسبة إلى أتباعها، رفض أية سلطة منظمة، لأن السلطة بالنسبة إليهم هى السبب الرئيسى وراء اضطراب المجتمع.

وترى «الأناركية» أن السلطة والطاعة والخضوع إلى القانون لا يساعدون على نشر السلام فى المجتمعات، وقد شاركوا فى المجال العام خلال السنوات الأخيرة عبر بعض المنافذ مثل: «الأناركية السلمية» و«اليسار الأمريكى الجديد».

وخلال الاحتجاجات الأخيرة التى شهدها الشارع الأمريكى، كان الظهور القوى للأناركيين، ونتيجة لذلك قام الرئيس الأمريكى، باتهام الأناركيين بافتعال الفوضى والسعى نحو تدمير الرأسمالية، وذلك عن طريق الاحتجاجات والتظاهرات، كما جرى اتهامهم بالعنف وحرق المؤسسات الحكومية والمالية وترويع المجتمع.