الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بالعقيدة لا بالتهريج

كنا نعلم ما ينتظرنا من النحاس باشا ومكرم عبيد بعد أن ألقينا القفاز فى وجهيهما خارجين على زعامة هزيلة فى ذاتها مفرطة كل التفريط فى حقوق مصر بدافع تكالب أصحابها على الدنيا ومتاعها.. كنا نعلم ذلك علم اليقين وكنا - وما برحنا - نقابل هذا العِلْمَ بالسُّخرية والطمأنينة، وها هى الحوادث تأتى إلا أن تزيد علمنا يقينًا فوق يقين ونفوسنا طمأنينة فوق طمأنينة!!



فبَعد القرارات الخائبة والتصريحات الصبيانية وانتعال الأقلام التى احتذاها قبلهم الإنجليز فى فجر النهضة القومية الأخيرة وجعلوا منها حربًا خائبة على مصر وزعيمها سعد الخالد، يأتى الآن دورُ المظاهرات المفتعلة يسيرونها إلى دار هذه الجريدة من فلول حملة القماقم المكرمية!!

ويأبَى الحق إلا أن ينصر أصحابه وحُماته، ويأبَى إلا أن يدمغ جباة الخارجين عليه بالعار والفضيحة.

فإذا بالقرارات حبر على ورق تقرأ ليسخر منها الناس ويقبلوا علينا ويحيونا!!

وإذا بالتصريحات ألفاظ فى الهواء ترددها الألسُن ضاحكة مترحمة على ما انتهى إليه أدب الزعيم وراكب كتفَيْه!

وأخيرًا.. إذا بالمظاهرة التى سيروها على دارنا تنقلب عليهم وتهتف بسقوطهم!!

وقف المتظاهرون المساكين وحناجرهم تهتف بغير ما فى قلوبهم، وقفوا يتقدمهم ضابط البوليس وبعض رجاله ينظمونهم ويشدون حيلهم، وأشفقت على تلك الحناجر من صيحات متقطعة، وأشفقت على ضابط البوليس من «لطعة» غير مشرّفة، فبرزت إليهم أتقدم جمعًا من الطلبة والمجاهدين الذين يعمرون دار هذه الجريدة فى كل وقت، فكان أن وجم المتجمهرون لِمَ هذا السكوت؟

وأردت أن أكون صريحة فى عقيدتى، جريئة فى سبيل الحق الذى أرفع له اليوم راية جديدة فهتفت «ليسقط النحاس الرئيس الواهن».. وردّد المتظاهرون الهتاف الذى رفعت به صوتى وكان حارّا صادقًا!

وهنا أشفق البوليس على خيبة المتظاهرين ولم يجد بُدّا من أن يفرق المتظاهرين والمتفرجين.

وهنا أخلدت إلى التفكير لم أفكر فى خيبة مظاهرة افتعلها النحاس ومكرم لأنى أعرف منذ أن جهرت بخروجى عليهما، أنهما فقدا مكانتيهما فى نفوس الأمّة بعد أن باعا جهادهما السابق للشيطان الذى يزين لهما الدنيا وراحة التربع على الكراسى الوثيرة من مقاعد الحكم أو ما يشبهه.

ولكننى فكرت فى شىء آخر؟؟

فى واجب البوليس ورجاله..

ما كنت أعرف قبل اليوم أن البوليس ينظم المظاهرات ويحرسها ويساعد على تكدير الأمن العام وإقلاق الناس فى وقت عصيب، أصبح التفكير فى شئون مصر ومصيرها يستلزم الجو الهادئ والسكون الرصين!!

وكنا نعرف أن البوليس يفرّق شتات المتظاهرين الذين يعملون مع الوفد.

ولكن فى عهد هذه الوزارة، وزارة آخر الزمن، أصبح البوليس يحرس المتظاهرين الذين يلقنهم الوفد هتافاته وأقواله، وهذه صحيفة مجيدة فى تاريخ دولة نسيم باشا لا يشك أحد فى معرفة كُنْه مكافأته من الوفد عليها!!

«روزاليوسف»

(14 أكتوبر 1935م)