الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

Zero waste خليك صديق للبيئة!

تُعَد مشكلة التخلص من النفايات من أكثر المشاكل المجتمعية التى تتفاقم يومًا بَعد يوم، فرُغْمَ الجهود الحكومية، والمبادرات المجتمعية؛ فإن مَظاهر انتشار النفايات وطرُق التخلص العشوائى من المخلفات، لا تزال تسبب أزمة كبيرة، وما يترتب عليها من تشويه المَظهر الحضارى للعديد من المدن وانتشار الأمراض والأوبئة.  



خلال العَقد الأخير، سعت العديدُ من دول العالم، إلى تقليل النفايات من خلال استخدام أدوات صديقة للبيئة؛ للحد من تكوين المخلفات الشخصية، ومخلفات المصانع، التى يتم التخلص منها من خلال طمرها فى مدافن تحت الأرض، وهو ما يشكل خطرًا على البيئة؛ خصوصًا أن بعضَ النفايات تكون غير قابلة للتحلل البيولوجى، وبعضَها الآخر يستغرق آلاف السنين للتحلل والتفكك، فى حين يتحول بعضُها إلى موادّ سامة بالجَوّ، مثل البلاستيك.

فى مصر، أطلق العديدُ من الشباب والمهتمين بالبيئة، مبادرات مجتمعية من أجل الانضمام إلى المحاولات الجادة للتقليل من إنتاج المخلفات والنفايات المصرية، سواء من قِبل المنشآت الكبرى، أو على مستوى الاستخدامات اليومية الشخصية، ليكن كل فرد مشاركًا بشكل ما فى نجاح الفكرة، وانتصار الطبيعة.

‏Zero-waste

تُعتبر صفحة «zero waste Egypt» من أوائل المبادرات التى دعت إلى تقليل استخدام المواد التى قد تؤدى إلى صدور كمية كبيرة من النفايات والمخلفات، فى حياتنا اليومية، من خلال نشر مجموعة من الطرُق المختلفة؛ لتجنُّب النفايات، فى الحياة اليومية؛ حيث يحاول الكثيرون اتباع الطرُق الصحيحة، ولكن بعض المواقف الحياتية تقف أمام تحقيق ذلك بسهولة، وهو ما تسعى إليه المبادرة من خلال إرشاد المواطنين للطرُق الصحيحة للتخلص من المخلفات والحفاظ على البيئة.

ضمن الطرُق التى عرضها المبادرة كيفية شراء الخضار دون الحاجة إلى الكيس البلاستيك، أو الأوراق، من خلال العودة إلى كلاسيكيات عملية الشراء، باستخدام «حقيبة الشّبَكة» التى استخدمها أسلافنا لشراء حاجتهم، وهى حقيبة من القماش، واسعة الحجم، اُستخدمت فى شراء الخبز، الخضروات والفاكهة، ويمكن إعادة استخدامها مرارًا وتكرارًا عَقب تفريغ ما بها، إضافة إلى إمكانية تنظيفها وغسلها جيدًا، للاستخدام الآمن.

‏Zero waste وضعت طريقة لاستخدام أشياء بديلة عن «ليفة غسيل الأطباق» التى تستخدمها كل السيدات فى المنزل، وعند الانتهاء من صلاحيتها، يتم التخلص منها فى صندوق القمامة، من خلال استخدام فرشاة من الخشب، ووضع مواد التنظيف والصابون عليها، فيتم استخدامها على المدى الطويل، وإعادة استخدامها كلما ذبلت الفرشاة، من خلال وضع واحدة جديدة على المقبض الخشبى نفسه،وإعادة استخدامه مرّة جديدة، دون أى تلوث.

 

مبادرات فردية

صفحة أخرى تحمل اسم Zerowasteegyptianaliy أطلقتها «ألى صابر»، للحد من إنتاج التخلفات والنفايات على مدار اليوم، بدأت «ألى» التحدى منذ قرابة 5 شهور، وأطلقت صفحتها الخاصة بالفكرة نفسها على الفيس بوك أغسطس الماضى؛ لمشاركة عدد كبير من المستخدمين والرواد تجربتها، وطرُق لحل الأزمات التى تواجههم فى مواقف يومية.

تقول ألى: «التقليل من استخدام المواد التى تؤدى إلى نفايات، لها أكثر من سبب واتجاه، منها الأخلاقى والاجتماعى والاقتصادى.. الأسباب الاقتصادية ترجع إلى أن الصانع دائمًا يتعمد صناعة منتجات تنتهى خلال مدة قصيرة؛ ليذهب المستخدمُ لشراء منتج جديد، فيتمكن من الإنتاج أكثر، لكن إذا صنعت أى شركة منتجًا يمكن أن يعيش مع الإنسان على المدى الطويل، لن يعود الفرد للشراء مرّة أخرى وبالتالى ستخسر، لذلك يتعمدون بيع منتجات قصيرة المدى للناس».

وأضافت «ألى»: «الصناعة السريعة السبب فيما نحن عليه الآن، فيتم إنتاج منتجات سريعة جدّا، تلبى الاحتياجات مؤقتًا، وتنتهى سريعًا، بسعر رخيص إلى حد ما، فينتهى صلاحيته سريعًا، فنقوم بشراء غيره مرّة أخرى، ما يزيد حجم النفايات، ويُزيد العبء المادى على المستهلك، الذى أصبح مضطرّا لشراء المنتج نفسه أكثرَ من مرة على مدار دورة حياته، كذلك توجد أسباب مالية، وتبنّيت تلك المبادرة من أجلها، فمعظمنا يُعتبر موظفًا، دخله الشهرى محدود، فما هو المانع أن نبدأ فى تصليح ملابسنا وأحذيتنا بدلًا من شراء غيرها عند التلف، حتى نتمكن من الادخار، وتقليل العبء المادى».

تتبع «آلى» بعضَ الخطوات لتحقق نجاح فعال لتجربتها: «أبدأ يومى فى العمل وأصطحب معى زجاجة مياه من الألومنيوم قوية الملمس، إضافة إلى مج النسكافيه المصنوع من المواد نفسها، كذلك أحضر فى بداية اليوم صندوقًا صغيرًا يحمل طعامَ اليوم إضافة لأدوات الطعام الأخرى، وبذلك أتجنب شراءَ أى طعام من الخارج، وأتجنب استخدامَ أدوات الطعام والشراب البلاستيكية، فأحافظ على صحتى الجسدية والبيئة أيضًا».

تُعتبر «الحمَّامات المنزلية- والعامة» من أكثر الأماكن التى تترك نفايات كثيرة حولها عقب مخلفات المطبخ، لذلك تضع «ألى» عدة قواعد للتعامل مع الأمر: «أقوم باستعمال فرشاة شَعر خشب، موسى استنليس ستيل، وبواقى صابون كشور جيل وليفة طبيعية، كل تلك الأدوات تنتهى على مدى طويل، ولا تختلف فى شىء عن المنتجات غالية الثمن التى نجلبها بشكل شبه شهرى فى الحمّامات المنزلية أو بالشركات، وأتعمد دائمًا مشاركة الخشب فى كل شىء؛ لأنه صديق للبيئة، لا يلوثها، بعكس ما يفعل البلاستيك لاسيما حين يتحلل».

وعن إطلاق صفحة الفيس بوك: «مع بداية رحلتى لم أكن أعلم من أين أبدأ، لاسيما أن المصادر التى تتحدث عن الموضوع كانت معظمها أجنبية، ولم أجد إلّا بضع مواقع عربية غير كافية لاستخدمها فى مثل هذه الرحلة، لذلك قررت إطلاق صفحة على الفيس بوك؛ لمشاركة كل مَن يحاول البدءَ فى الرحلة؛ لأن الأرض تحتاج مساعدتنا، وتحتاج أن ننقذها من التلوث البيئى، إضافة للاستفادة المالية والادخار بقدر الإمكان، وكان الخشب هو أول مادة نصحت بها زوار الصفحة؛ ليستخدموه فى كل شىء، لأنه صديقٌ للبيئة، ويمكن إعادة تدويره بسهولة فى أكثر من منتج، وتثقل قيمته دائمًا على عكس البلاستيك.

 

جهود حكومية

وزارة البيئة من جانبها أطلقت العديدَ من المبادرات والحملات التوعوية والمشاركة المجتمعية من أجل التخلص الآمن من النفايات والمخلفات؛ حيث أطلقت مؤتمر الكلايمثون كايرو العالمى Climathon بالقاهرة لتعريف الشباب بمنظومة إدارة المخلفات وتأثيرها على التغيرات المناخية بمشاركة نخبة من الخبراء والمنظمات الدولية والشباب والقطاع الخاص، بالإضافة إلى مبادرة التشجير وزراعة الأسطح، التى تم تنفيذها بالمركز الثقافى التعليمى بيت القاهرة.

وزارة البيئة فى سبيل إدماج الشباب وتوعيتهم بمنظومة المخلفات، عملت على خَلق كيانات شبابية من طلاب الجامعات؛ للنهوض بالعمل البيئى فى مصر عن طريق عَقد الدورات التدريبية والحملات التوعوية فى مجال إدارة المخلفات وإدماج البُعد البيئى فى مشروعات التخرج، بالإضافة إلى تشجيع المشروعات الميدانية للشباب فيما يتعلق بعمليات الفرز والجمع والتدوير.

لم تتوقف مبادرات وزارة البيئة عند هذا الحد بل أطلقت مبادرة «انتى البداية» لتجميع زيت الطعام المستعمل وإعادة تدويره من أجل الحفاظ على شبكة الصرف الصحى من التلوث، وكذلك توعية طلاب المدارس من خلال مبادرات الفصل من المنبع بالمدارس، وحملات للنظافة، ومنها حملة «صحتنا فى بيئتنا» بمحافظة أسيوط، وحملات التوعية للفصل من المنبع بمراكز وقرى الغربية، والأسبوع البيئى بجامعة وادى النيل بقنا.