الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الرؤية المصرية تنتصر فى ليبيا!

توقفت البنادق، وبدأ حديث أهل الحل والعقد، هذا باختصار  الوضع على الساحة الليبية، منذ إعلان وقف إطلاق النار فى 21 أغسطس الماضى، فرغم حدوث بعض المناوشات البسيطة، إلا أن المساعى لحل سياسى يضع نهاية لأزمات ما يقرب من عقد كامل، تكاد تكون لسان حال جميع الأطراف الداخلية والخارجية المعنية بالتوصل إلى تسوية شاملة للأزمات التى مزقت البلاد وفرقته إلى أطياف متعددة.



 

الساحة الليبية شهدت خلال الأسابيع الماضية تطورات متسارعة، منذ إعلان وقف إطلاق النار من قبل حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، والبرلمان برئاسة عقيلة صالح إلى المؤتمر الذى عقد فى المغرب، بالإضافة إلى المشاورات التى جرت فى ضواحى جنيف بسويسرا من 7 إلى 9 سبتمبر  الماضى برعاية «مركز الحوار الإنساني» وبحضور بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، مرورًا بالاتفاق بين الجيش والمجلس الرئاسى على فتح موانئ النفط، وصولًا إلى زيارة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبى وعقيلة صالح رئيس البرلمان الليبى إلى القاهرة الأسبوع الماضي، ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعقد جلسة مباحثات مع المسئولين المصريين.

 

حكومة وطنية

 

المشاركون فى مشاورات سويسرا التى عقدت بداية الشهر الجارى اتفقوا على وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى نهاية فترة تمتد لـ18 شهرًا وفق إطار دستورى يتم الاتفاق عليه، على أن يجرى خلال الفترة المقبلة إعادة تشكيل المجلس الرئاسى وإنشاء حكومة وحدة وطنية تمثل الجميع، وهو ما سيكون المحور الرئيس فى الاجتماع المقبل، بالإضافة إلى الاتفاق على نقل الوظائف والمكاتب الحكومية الرئيسية مثل السلطة التنفيذية ومجلس النواب، إلى سرت بعد تنفيذ الترتيبات الأمنية واللوجستية الملائمة، بحيث تكون المدينة المقر الرئيسى للسلطة المركزية خلال الفترة الانتقالية وهو ما يتوافق مع إعلان القاهرة.

التحركات والتربيطات السياسية، على الصعيد الداخلى والخارجى حول الملف الليبي، لم تتوقف خلال الأيام الماضية، ولن تتوقف خلال الأيام القادمة، خاصة فى ظل العديد من الأحداث التى تنتظر طرابلس خلال شهر أكتوبر المقبل، أبرزها اجتماع جنيف الذى ترعاه الأمم المتحدة بحضور 80 شخصية ليبية تمثل كافة الأطياف داخل المجتمع الليبى ممثلة عن جميع المناطق، من أجل الاتفاق على رسم خريطة المستقبل السياسى للبلاد، بالإضافة إلى أنه بحلول الشهر المقبل سيترك رئيس حكومة الوفاق المسيطرة على طرابلس فايز السراج منصبه، مفسحًا المجال لحكومة جديدة، ربما تكتب نهاية للوجود التركى فى الغرب الليبي.

بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا حددت الشخصيات التى سيتم توجيه الدعوات لها للمشاركة فى الحوار السياسى فى جنيف، ووصل عدد المدعوين للمشاركة إلى 85 شخصية يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة، حيث من المقرر أن تختار لجنة الحوار السياسى فى جنيف، المجلس الرئاسى الجديد وحكومة مستقلة تتولى عملية إدارة شئون البلاد والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة فى البلاد. 

 

الحوار الليبي

وتسـتأنف المغرب غدًا الأحد جلسات الحوار الليبي، بمشاركة أعضاء فى المجلس الأعلى للدولة الليبية، وأعضاء من مجلس النواب، من أجل التوافق على آليات اختيار أعضاء المجلس الرئاسى الجديد الذى سيتكون من رئيس ونائبين ورئيسِ حكومة منفصل، وكذلك آليات اختيار من يتقلد المناصب السيادية.

يأتى اجتماع المغرب بعد 5 أيام فقط من اللقاء الذى احتضنته القاهرة  الأسبوع الماضي، بين رئيس البرلمان عقيلة صالح وقائد الجيش الليبى خليفة حفتر، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعدد من المسئولين المصريين المعنيين بالأزمة الليبية، والتى تم فيها التأكيد على ضرورة التوصل إلى حل سلمى لإنهاء الأزمة السياسية فى البلاد، والتأكيد على خط مصر الأحمر  المتمثل فى «سرت والجفرة»، المرشحة لتكون مقر الحكومة والمجلس الرئاسى خلال الفترة الانتقالية التى تقود البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة.

الرئيس السيسى جدد خلال اللقاء دعم القاهرة لتحقيق الأمن والاستقرار للدولة الليبية، ودعم شعبها فى الحفاظ على سلامة ومقدرات بلاده فى مواجهة التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة وتقويض التدخلات الخارجية، وأثنى على الجهود والتحركات التى قام بها عقيلة صالح لدعم المسار السياسى وتوحيد المؤسسات التنفيذية والتشريعية فى ليبيا، داعيًا كافة الأطراف للانخراط الإيجابى فى مسارات حل الأزمة الليبية المنبثقة من قمة برلين برعاية الأمم المتحدة «السياسى والاقتصادى والعسكرى والأمني» و«إعلان القاهرة» وصولًا إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى ستتيح للشعب الليبى الاستقرار والازدهار والتنمية.

الخط الأحمر

 

لقاء القاهرة، تضمن تأكيد مصر الخط الأحمر الذى وضعته بين مدينتى سرت والجفرة، هو التصريح الذى جاء بعد تواتر  معلومات تشير إلى تخطيط الميليشيات التى تدعمها تركيا لعمليات ممنهجة تجاه المدينتين، حيث تسعى أنقرة مع عناصر من حكومة الوفاق لإنشاء جيش مسلح يتبع لطرابلس ويكون مقر قيادته فى العاصمة، من أجل إجهاض إعادة بناء الجيش الوطنى الليبي.

تأتى المعلومات الجديدة، بعد الأحداث السريعة التى شهدتها طرابلس خلال الفترة الماضية، والتى تسببت فى حالة من الانشقاق الكبير داخل حكومة الوفاق، والتى ظهرت صراعاتها على السطح بعد تفجر المظاهرات الغاضبة بسبب تراجع مستوى المعيشة والعديد من المشاكل الاقتصادية التى يعيشها المواطنون فى غرب ليبيا.

 

رجل تركيا

 

الأحداث التى شهدتها العاصمة الليبية دفعت برئيس حكومة الوفاق إلى إقالة رجل تركيا الأول فتحى باشاغا وزير داخلية الوفاق، والذى عاد إلى منصبه مرة أخرى بعد 4 أيام من الوقف وبعد زيارته إلى أنقرة، ما دفع الكثيرين إلى القول أن تركيا تسعى لإعادة باشاغا من أجل تصعيده خلال المرحلة المقبلة لضمان استمرار مصالحها فى ليبيا، خاصة بعد إعلان السراج عزمه الاستقالة من منصبه بنهاية أكتوبر المقبل.

المشهد على الساحة الليبية، يميل إلى كفة الجيش الوطني، خاصة مع تعاطى جميع الأطراف بما فيها أطراف من جبهة طرابلس للتوافق على عدد من النقاط المطروحة من جانب بنغازي، ومن بينها ما تم التوافق عليه مؤخرًا حول إعادة إنتاج النفط من أجل خدمة جميع مناطق ليبيا، فضلًا عن المساعى الجديدة من أجل توحيد البلاد، من خلال مجلس رئاسى وحكومة وحدة وطنية، وصولًا إلى استقالة السراج التى ستكون لها انعكاسات على المستويات كافة على الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.

وفى الوقت الذى يتنظر فيه الجميع مخرجات اللقاء المزمع عقده فى جنيف منتصف الشهر المقبل، والذى سيجتمع فيه الفرقاء فى ليبيا من أجل التوافق على تشكيل سلطة تنفيذية جديدة وتوحيد المؤسسات السيادية، عاد التوتر والانتقادات والاتهامات بين تركيا والاتحاد الأوروبى على خلفية فرض عقوبات أوروبية على عدد من الشركات التركية التى اخترقت حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011.

تطورات الصراع التركى الاوربي، تأتى فى إطار محاولات عدة دول أوربية ومن بينها فرنسا التصدى للأطماع التركية فى المتوسط من خلال دعم التحركات الرامية إلى حل سلمى فى ليبيا، وكذلك الدخول فى تحالفات مع الدول التى تقف على الجبهة المضادة من أنقرة ومن بينها مصر، كما هو الحال فى إعلان باريس رغبتها الانضمام إلى منظمة غاز شرق المتوسط الذى تم الإعلان عنها مؤخرًا فى القاهرة بمشاركة 6 دول هى «مصر، إيطاليا، قبرص، اليونان، الأردن، السلطة الفلسطينية، وإسرائيل»  وهو ما يقطع الآمال أمام تركيا لأن يكون لها موضع قدم فى البحر المتوسط، لذلك تسعى أنقرة إلى استمرار الوضع فى طرابلس إلى ما هو عليه، من خلال دعمها رجلها داخل حكومة الوفاق فتحى باشا أغا وزير الداخلية، ليكون له موطئ قدم فى النظام الجديد الذى يتم الترتيب له بعد اجتماع جنيف بعد إعلان السراج استقالته، من أجل استمرار مصالحها فى طرابلس .

إعلان القاهرة

 

رئيس البرلمان الليبى عقيلة صالح أكد أن إعلان القاهرة الأقرب لحل الأزمة الليبية بكل حيادية، مشيرًا إلى أن لقاءه مع قائد الجيش الليبى خليفة حفتر برعاية مصرية كان لدعم الحل السياسى وتوحيد مؤسسات ليبيا، مشيرًا إلى أنه وحفتر فى مسار واحد لحل الأزمة الليبية.

وأكد صالح أنه بمجرد تكوين السلطة ستندمج القوات المسلحة الليبية وسيتم طرد المرتزقة من البلاد، لافتًا إلى أن الجيش الليبى جاهز للدفاع عن البلاد، وأن كل إقليم ليبى سيقوم بتسمية ممثله فى المجلس الرئاسي، منوهًا إلى أن التشكيل الجديد للسلطات فى ليبيا، لن يجعل رئيس المجلس الرئاسى ورئيس الحكومة من إقليم واحد.

وأكد رئيس البرلمان الليبى أنه عندما تأتى سلطة جديدة معترف بها دوليًا ستطلب من الأتراك الرحيل عن ليبيا وستقوم بمراجعة كافة الاتفاقيات التى أبرمت معهم، مشيرًا إلى أن الميليشيات المسلحة تشترى أسلحة من تركيا، وأن أموال النفط تحول إلى تركيا لذلك طالب أن يكون هناك حساب خاص بأموال النفط لحين وجود سلطة جديدة.