الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

12,000 قضية إنكار نسب أمام «الأحوال الشخصية»

 لم تكن قضية محمد هادى، صاحب دعوى المطالبة بإلغاء نسب أولاده الثلاثة بعد 11 عاما من الزواج والتى شغلت الرأى العام طوال الأيام الماضية الأولى أو الأخيرة.. سبقتها 12 ألف قضية إنكار نسب مقامة أمام محاكم الأحوال الشخصية وعادة ما تحيل محاكم الأحوال الشخصية مثل هذه القضايا لمصلحة الطب الشرعى لإجراء تحليل إثبات النسب dna لبيان صحة نسب هؤلاء الأطفال لآبائهم أو عدمها. 



 

 وغالبا وطبقا لما قاله لنا الأطباء الشرعيون والمحامون فإن المحاكم ترفض دعاوى النسب، والسبب هو الأخذ بالقاعدة الشرعية «الولد للفراش وللعاهر الحجر» أى نسب الأولاد يبقى للأب والأم ترجم أو تحبس.

وهو الأمر الذى جعل الكثيرين يطالبون بتعديل قانون الأحوال الشخصية بإلغاء هذه القاعدة من الأحكام وإن كان هذا المطلب قد يصطدم بالمادة الثانية من الدستور المصرى التى تؤكد أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع فى مصر، وطبقا لآخر إحصائية كشفت عنها محاكم الأسرة فإن هناك 12 ألف دعوى إنكار نسب تتراوح مدة الزواج منها من سنة إلى 18 عامًا. 

 وأن 53 % من تلك الدعاوى أقيمت خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج أما النسبة الباقية فكانت الدعاوى رفعت بعد أكثر من 10 سنوات وحتى 18 عاما زواجا. 

 ومن هذه القضايا أن زوجًا أقام دعوى  أمام محكمة الأسرة يطالب بعدم إثبات ثلاثة أبناء له أكبرهم عمره 16 عامًا.

صدفة تقود لاكتشاف الكارثة

 

وقال الزوج : اكتشفت ذلك عندما أصبت بوعكة صحية واضطررت على أثرها للجوء للطبيب الذى طلب منى إجراء فحوصات طبية شاملة وكنت اصطحبت معى ابنى البالغ من العمر 16 عاما وعندما سألنى الطبيب عنه قلت له إنه ابنى البكرى ولدى آخر عمره 12 عاما وبنت عمرها 8 سنوات. 

 وفجأة تبدلت ملامح الطبيب وواجهنى بعدم قدرتى على الإنجاب وطلب منى إجراء تحليل آخر أكثر دقة ليؤكد لى صدق كلامه. 

 وأجريت التحليل وأثبت استحالة قدرتى على الإنجاب واكتشفت أنهم ليسوا من صلبى فلجأت للمحكمة لأقيم دعوى إنكار نسب لأطفالى الثلاثة.

«أما مدحت  ع.أ وقف أمام محكمة الأسرة بزنانيرى طالب فى دعوى نفى نسب بمحو اسمه من شهادة ميلاد نجله بعدما ثبت له عدم قدرته على الإنجاب. 

 وأكد مدحت فى دعواه التى حملت رقم 6532 أنه تزوج من هناء ع. ع وأنجب ولدًا على فراش الزوجية وطلقها بسبب خلافات على سلوكها وتصرفاتها التى لا تليق بمجتمعنا الشرقى وتزوج بأخرى ولم ينجب لمدة خمس سنوات  مما دفعه لإجراء فحوصات طبية لمعرفة السبب فتبين من خلال الفحوصات والتحاليل أنه عقيم لا ينجب مما دفعه لإقامة هذه الدعوى مطالبا بإصدار حكم قضائى ينفى نسب الولد له. 

 وفى قضية أخرى وقف أب أمام محكمة الأسرة يطالب بإصدار حكم بنفى نسب ابنته له بعد اكتشافه بعد 13 عاما من إنجابها خيانة زوجته له وقال إنه اكتشف أنها على علاقة برجل آخر وعندما واجهها بعد ضبطى لها فى وضع مخل أخلاقيا بمنزلى اعترفت لى بكل شيء وهددتنى بأننى لن أستطيع أن أثبت الاتهامات. 

 وطالب الزوج فى دعواه بإجراء تحليل البصمة الوراثية DNA واستكمال التحقيقات مع زوجته فى بلاغ الزنا المقدم بناء على شهود الواقعة وتحريات المباحث.

 وأمام محكمة الأسرة بالجيزة أيضا  قدم زوج دعوى طالب فيها بنفى نسب ابنه وإلزام زوجته بإجراء تحليل البصمة الوراثية.

الزوج قال أمام المحكمة إنه يعمل فى وظيفة محترمة وزوجتى دمرت حياتى بعد أن صارحنى صديقى بسلوكها وعلاقتها وأنا أعيش عامًا كاملاً  فى عذاب عندما علمت زوجتى أننى علمت ما قامت به هربت من المنزل وتحدثت معها مئات الرسائل  لتصحيح الوضع ونفى نسب الطفل، ولكنها رفضت وقالت إنها تخشى من إيذائها والفضائح.

أما عادل. ع. أ فأقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة طالب فيها بإصدار حكم قضائى بإلزام وزير الداخلية بمحو اسمه من شهادة ميلاد ابنه بعد اكتشاف عدم قدرته على الإنجاب. 

 

الصدمة

 وقال فى دعواه إنه تزوج من هبة ع. ع. وأنجب ولد على فراش الزوجية وطلقها وتزوج بأخرى ولم ينجب لمدة ثلاث سنوات مما دفعه لإجراء فحوصات طبية لمعرفة السبب واكتشف أنه عقيم  ولا ينجب  الأمر الذى جعله يقيم دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة بعين شمس طلب فيها الحكم بنفى نسب الولد له وحكمت المحكمة برفض دعواه. 

 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها فى دعوى عادل بالرفض وقالت فى أسباب حكمها بأن التقرير الطبى المقدم للمحكمة لم يحزم بعدم قدرته على الإنجاب أثناء فترة زواجه بأم الطفل. 

 فى دراسة للدكتور هشام الشاعر أستاذ واستشارى أمراض النساء والتوليد والحقن المجهرى والعقم بكلية الطب جامعة القاهرة قال إن العقم عند الرجال نوعان عقم أولى وهو الذى يولد به الرجل أى عيب خلقى وله طرق محددة للعلاج وآخر يسمى بالعقم الثانوى ويصيب الرجال فى الكبر. 

 وأكد أن الرجل يمكن أن ينجب مرة واثنين وثلاثة وبعد ذلك يكتشف أنه مصاب بالعقم وهو ما يسمى  بالعقم الثانوى وهذا العقم ناتج عن سلوكيات خاطئة وأكلات محددة بالإضافة إلى بعض الأدوية وللأسف العقم الثانوى هو الأصعب  فى العلاج.

الدكتور «أيمن فودة» رئيس مصلحة الطب الشرعى الأسبق قال لنا: محاكم الأحوال الشخصية فى مصر لا تعترف بتحليل DNA لأنها تأخذ بالقاعدة الفقهية الولد للفراش وللعاهر الحجر.

حالة واحدة تأخذ بها المحكمة كما جاء فى كتب الفقه أن يحدث اللعان بمعنى أن يذهب الأب للجامع خلال ثلاثة أيام بعلمه بالولادة وينكر النسب. 

قانون الأحوال الشخصية

 ولهذا لابد من تعديل قانون الأحوال الشخصية ليبرز نفى النسب وإن كان هذا صعبًا لأن جميع مواد قانون الأحوال الشخصية تتكلم عن الابن للفراش طبقا للقاعدة الفقهية ولهذا أى ولد ينجب من زوجة تنسب للزوج فورا مهما حدث. 

 وأكد الدكتور أيمن فودة أنه إذا كان أصيب  الأب بعقم ثانوى فإن الطب الشرعى يستطيع إثبات نسب وإنكار نسب الأطفال قبل إصابته بالعقم من خلال  تحليل البصمة الوراثية DNA.

وقال الدكتور أيمن: رغم أن الجميع يؤكد أن تحليل البصمة الوراثية يثبت وينفى النسب مائة فى المائة إلا أننى أؤكد أنه قد يخطئ ولو بنسبة واحد من عشرة فى المائة 0.01% لأننا حتى نصل لنسبة مائة فى المائة لابد من إجراء جميع مراحل التحليل فى جو معقم تماما والأطفال يكونون معقمين أيضا وهذا قد لا يحدث فى بعض الأحيان.

ويقول الدكتور أيمن فودة: تمر مراحل إثبات النسب فى الطب الشرعى بخمس مراحل  الأولى اختبار لياقة الرجل والمرأة والتأكد من قدرتهما على الإنجاب 

 المرحلة الثانية : لابد من تطابق فصائل الدم بين الأبوين والابن

المرحلة الثالثة : التأكد  من سابقة حمل وإنجاب الأم 

الرابعة: عمل اختبار H&a وهو اختبار مقارنات، أما المرحلة الأخيرة فالجينات وهى إجراء تحليل البصمة الوراثية DNA.

فتحى كشك المحامى بالنقض والمتخصص فى قضايا الأحوال الشخصية قال لنا: أنا أعمل بالمحاماة منذ أربعين عاما وجميع محاكم للأسرة والقضاة يأخذون بالقاعدة الشرعية الولد للفراش وللعاهر الحجر،  وقاعدة أن المشرع مشوق وشغوف بإثبات النسب حفاظا على الولد بمعنى لو جاء الأب بشهود أمام المحكمة يؤكدون أن الزوجة خائنة وأن الولد ليس ابنه وظهر أن أحد الشهود كاذب لا يأخذ برأى أى من الشهود.

البصمة الوراثية

وقال كشك إن تحليل البصمة الوراثية فى النسب ينقسم إلى قسمين لا ينفع إذا كان الولد أو البنت جاءت من علاقة زوجية شرعية وينفع فى حالة إثبات النسب من زواج عرفى. 

 وأكد كشك  أن مشكلة النسب عند المسلمين والمسيحيين واحدة أمام المحاكم وعلى العموم لا يجوز تعديل قانون الأحوال الشخصية فى مواد النسب لأننا مرتبطون بالشريعة الإسلامية فى نصوص القانون وأيضا من أجل مستقبل هؤلاء الأطفال الذين يضيعون مستقبلهم وقد يصبحوا ناقمين على المجتمع ويصبح الكثير منهم مجرمين.

على العموم القانون أعطى للزوج تقديم الزوجة الخائنة التى يثبت أن أبناءها ليسوا من صلبه للمحاكمة الجنائية بتهمة الزنا.

الشيخ فكرى حسن وكيل وزارة الأوقاف الأسبق والداعية الإسلامية قال: رأى الدين واضح فى قضية النسب وحسب القاعدة الشرعية الولد للفراش وللعاهر الحجر.

كما لا يجوز للزوج أن يشك فى زوجته ويتهمها بالخيانة إلا فى حالة وجود  شهود أربعة يرون واقعة الخيانة وفى حالة شك أى أحد من الأربع لا تؤخذ بأى شهادة فالإسلام له أحكام مشددة فى الزنا. 

 فهناك قاعدة شرعية أيضا «لا يرفع الشك باليمين» والشىء المستحدث مثل البصمة الوراثية لا يؤخذ به طالما الدين له رأى صارم ومحدد، الولد للفراش. 

 كما أن هذا الشيء المستحدث بالتأكيد قد يكون به نسبة خطأ ولو واحد فى المليون وكيف نأخذ به.