الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سلوى خطاب: تعلمت من عظماء المهنة وسعيدة بعملى مع الشباب

اسمها دائمًا مرادف للجودة منذ وجودها على الساحة الفنيّة. تحمل بداخلها طاقات هائلة من الموهبة المثقلة بالدراسة والتى جعلتها تنجح فى العديد من الأدوار المختلفة.. قدمت شخصيات من لحم ودم؛ سواء كانت للفتاة المثقفة الأرستقراطية أو المرأة الشعبية البسيطة أو حتى الشخصية الكوميدية خفيفة الظل ونجحت على مدار مشوارها الفنى فى كسب ثقة الجمهور. 



الفنانة «سلوى خطاب» صاحبة الوجه المصرى الأصيل التى عاصرت جيل كبار المخرجين الذين وثقوا فى موهبتها وأسندوا لها أدوارًا مهمة فى تاريخ السينما والتليفزيون  أمثال «عاطف الطيب ومحمد خان ورضوان الكاشف ويحيى العلمي» وغيرهم.. التقينا «سلوى خطاب» وكان هذا الحوار:

>يعرض لك حاليًا مسلسل (مملكة إبليس) الذى يتميز بنوعيته المختلفة عن السائد.. كيف ترين هذه النوعية من الأعمال؟  

أشعر أن هذه النوعيّة من الأعمال ممتعة وشيّقة والمسلسل لمؤلف غير تقليدى هو «محمد أمين راضي» الذى يعطى مساحة كبيرة للممثل فى إخراج طاقته..  فكتابته خالية من المط والتطويل ودائمًا يجعل المشاهد فى انتظار الأحداث دون ملل.. وعلى المستوى الشخصى دائمًا ما يقول لى «لا أتخيل عملًا لى بدون وجودك به» وهذه ثقة أشكره عليها. 

>ألم تخشى من أن العرض الأول للمسلسل جاء خلال منصة، وثقافة المنصات لاتزال غير منتشرة عند الجمهور العادي؟  

لا بُدّ أن نواكب التطور وأن تأخذ الدراما الشكل الجديد، المتمثل فى المنصات والذى أصبح موجودًا فى العالم كله، ولا أعتقد أن المنصات لها تأثير سلبى على المسلسلات أو غيرها، فالأعمال يُعاد عرضها على القنوات الفضائية مرة أخرى ويكون لها مشاهدها الذى ينتظرها ويتشوق لرؤيتها من خلال الحديث عنها مسبقًا من خلال جمهور المنصات. وهذه النوعيّة من العرض لن تلغى أهمية القنوات والعروض التى تقدم عليها.

> ساندت الكثير من المخرجين والكتاب والفنانين الشباب؛ أليس فى ذلك مغامرة؟ 

كلنا لا بُدّ أن نقف مع جيل الشباب لأننا كنا فى يوم من الأيام مثلهم نحتاج لمن يمد لنا يد المساعدة. وأنا أتعلم من كل من عملت معهم والشباب لديهم رؤية جديدة ومتطورة تضيف لجيل الكبار؛ سواء فى الكتابة أو الإخراج أو طريقة التمثيل وأكون سعيدة عندما يرانى هؤلاء الشباب فى مناطق جديدة لم أقدمها من قبل. فى النهاية يجب علينا أن نتقبل الجديد لأن الزمن لا يتوقف وهذه سُنة الحياة. 

>عاصرت جيل الكبار وكنت يومًا فى مرحلة الشباب واليوم أنت نجمة كبيرة؛ كيف ترين حال الدراما والسينما المصرية حاليًا؟ 

لدينا تاريخ سينمائى ودرامى عظيم ويُحْتَرم. ولكن فى أى مجال تحدث مرحلة انتقالية عن طريق اختلاف الأجيال والأفكار والظروف التى نمر بها، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية، ولكل عصر كتابته الخاصة به والتى يتأثر صناعها بما يدور حولهم، وهو ما يخلق اختلافًا فى نوعية ما يُقدَّم ولكن من المهم أن نحافظ على الثوابت. 

>تعاونت مع كبار المخرجين مثل «عاطف الطيب، رضوان الكاشف، محمد خان، أسامة فوزي» وغيرهم؛ هل وجدوا بك الفنانة «المثقفة» التى تصل للدور بحرفية؛ أم كنت مجتهدة؛ أم ماذا؟ 

من المؤكد أن المخرجين الكبار كانت لديهم رؤية، وكل منهم كان يرى بداخلى جانبًا قدمنى من خلاله فى شخصيات مختلفة. كما كانت لديهم ثقة فى قدراتى لأننى وبعض زملائى دارسون لمهنتنا فلم نكتف بالموهبة وبالتالى كنا على الأقل نمتلك  لغة حوار مفهومة ومتبادلة من خلال معرفتنا لأبعاد الشخصيات وحركة الكاميرا وكل ما يخص العملية التمثيلية، وبالتالى يكون التعاون معنا أسهل. 

>كيف تأثرت بالمخرجين الكبار، وهل لايزال هذا التأثير موجودًا حتى الآن فى الأعمال التى تقدمينها ؟ 

لم يقتصر تعاونى مع الكبار على المخرجين فقط؛ بل تعاونت مع كبار الممثلين مثل «سناء جميل، كمال الشناوي، محمود عبدالعزيز، نور الشريف، جميل راتب» وغيرهم الكثير. وكان لكل واحد منهم أثر فى تكوين خبراتي  بجانب دراستى التى كنت حريصة عليها لأننى أحب الفن والتمثيل فكان يجب علىَّ أن أُثقل الموهبة بالدراسة. وكان أحسن قرار اتخذته فى حياتي. أما المخرجون فقد وفقنى الله للعمل مع كبار المخرجين، فأنا أتذكر المخرج الكبير «عاطف الطيب» والذى كان العمل فى أيامه – وفقا للمتعارف عليه – يصل لثمانى ساعات يوميًا. أما مع «عاطف» فكانت ساعات العمل تصل إلى 14 ساعة. وكان بالنسبة لنا وقتها حدثًا ومن كثرة تفانيه كان يجعلنا نشعر بالخجل «مكنش بيضيع أى دقيقة». وتعلمت منه شيئًا مهمًا جدًا وهو عدم الاستسهال  فى الأداء.  فأتذكر أنه فى أحد مشاهد فيلم (كتيبة الإعدام) وكنت متخيلة أن أبكى فى المشهد ولكنه قال لى «مش كل الخوف عياط، من الممكن أن يكون صوت عالى أو ذهول وصمت، فالبكاء أسهلهم، بلاش تستسهلي».   أما «محمد خان» فكان «غاوى مرمطة» لأنه كان عاشقًا للنزول فى المناطق الحقيقية والطبيعية؛ سواء فى الشوارع أو الحارات، لدرجة أنه أثناء تصوير فيلم (فتاة المصنع) أصبت بقصور فى الدورة الدموية من شدة الرطوبة الموجودة فى البيوت التى كنا نصور بها.  أما «رضوان الكاشف» فكان «يهتم زيادة عن اللزوم، يفضل رايح جاى حتى لو فى 3 متر»، طول الوقت مشغول ويفكر وكان حساسًا جدًا وفى الوقت نفسه لديه شخصية قوية وقيادية داخل التصوير. ولكنه كان ديمقراطيًا يترك الممثل لإحساسه ويناقشنا وكان يواظب على عمل البروفات والاهتمام بالتحضير. أما عن «أسامة فوزي» فأنا مدينة له بأنه أخرج منى طاقات لم أكن أعلم أنها موجودة بداخلي، ساعدنى على تغيير طريقتى فى التمثيل، كان  يفسح لى المجال لإخراج شحنة قوية من داخلى لم أكن أعلمها عن نفسي. 

>دائما ما تقدمين أدوار المرأة القوية هل هذا بهدف توصيل رسالة معينة للمراة أم جزء من شخصيتك أم رؤية مخرجين؟ 

فى المقام الأول هى رؤية مخرج العمل، لكنى قدمت أيضًا أدوار المرأة المظلومة والمكسورة والضعيفة، ومن الممكن أن تجمع الشخصية بين الصفتين مثل دورى فى (الساحر) أو (عفاريت الأسفلت) والشخصيات التى قدمتها بها جوانب كثيرة كانت تجمع بين القوة والضعف والجدعنة وخفة الدم. فلا أحب الشخصية التى تسير على وتيرة واحدة لأن الأشخاص الطبيعيين يحملون بداخلهم الضعف والقوة والحب والقسوة وليسوا على خط واحد. 

>وماذا عن الأدوار الكوميدية؟ 

ضاحكة.. كنت أقول لزملائى الكوميديانات «لو مثلت كوميدى هكسحكوا» والأدوار الكوميدية فى غاية الصعوبة. ولكن للأسف البعض يفهمون الكوميديا خطأ، على اعتبار أنها «تلطيش وإفيهات مبتذلة» ومن حسن حظى أن هناك من اقتنع أن لدىَّ إمكانية لتقديم الأدوار الكوميدية والتى قدمتها من خلال شخصية «الست عزيزة» فى (سجن النسا) ثم فى مسلسلات (امبراطورية مين) و(نيللى وشريهان) فالمخرج هو الأساس فى اكتشاف طاقات الفنان وهو من يكتب للممثل النجاح وهو من يخسف به الأرض. 

>لايزال يعرض لك حتى الآن وبنسب مشاهدة عالية ونجاح كبير مسلسلات مثل (رأفت الهجان، الضوء الشارد، حديث الصباح والمساء وهند والدكتور نعمان)؛ كيف تكون مشاعرك تجاه ذلك؟

أشعر بسعادة كبيرة أننى شاركت فى أعمال كبيرة مثل هذه المسلسلات وتعاونت مع كبار المخرجين ومع نخبة كبيرة من الفنانين وبعض هذه الأعمال كان فى بداياتى وكنت موفقة، ولكنى لست مشاهدة جيدة لأعمالى، لأننى أراها بعين الناقد وتضيع فرحتى بها لمحاسبتى لنفسى طوال الوقت فى إمكانية تقديم بعض المشاهد بشكل أفضل وهذه الأعمال تحمل العديد من الذكريات الجميلة مع المخرجين والنجوم. ففى مسلسل (رأفت الهجان) كان المخرج «يحيى العلمي» يأخد رأينا باستمرار، فيسألنا «ايه رأيكوا يا ولاد اتبسطوا من المشهد دا؟» وكنا لانزال طلبة فى المعهد العالى للفنون المسرحية وهو الكبير «يحيى العلمي». أما الفنان الكبير «كمال الشناوي»  فأثناء تصويرنا لـ(هند والدكتور نعمان)، جعلنى أشعر بالخوف من التمثيل لأننى رأيته وهو الفنان الكبير يرتعش عند وقوفه أمام الكاميرا وعندما سألته «مالك» قال لى «علشان المشهد والتصوير» فتعجبت وقلت له «إذا كنت أنت كمال الشناوى وبترتعش أُمال أنا أعمل ايه؟» كما تعلمت الكثير من القديرة «سناء جميل» فقد حالفنى الحظ وتعاونت معها فى بداياتى فى مسلسل (الامتحان) وكنت أراها تهتم  بالحرف، وكنت أراقب تصرفاتها مع المؤلف والمخرج ومع الفنان «جميل راتب» وأذكر أننى فى إحدى المرات وكانت غرفتى بجوار غرفتها، سمعتها تتناقش مع مؤلف المسلسل «كرم النجار» فى حرف «واو» وتذاكر وتكتب ملاحظتها. كانوا فنانين عظماء لن يعوضوا. 

>هناك نقد يوجه لك بأنه منذ أن قدمت شخصية «سمرا» فى (نيران صديقة) و«الست عزيزة» فى (سجن النسا) وأنت تتحدثين بنفس الطريقة فى الشخصيات التى قدمتيها فى أعمالك التالية؟ 

هذا النقد غير صحيح، فهل شخصية «سمرا» القوادة  فى (نيران صديقة) مثل شخصية المرأة الأرستقراطية في  (امبراطورية مين) أو (جمع سالم) أو مثل شخصية «صباح» فى (نيللى وشيريهان).  يجوز أنه فى الفترة الأخيرة عرضت علىَّ أدوار شعبية متشابهة فى طبيعة الشخصية ولكنى أيضًا قدمت كلًا منها بروح مختلفة، فـ«صباح» كانت سيدة شعبية دلوعة و«الست عزيزة» كانت تاجرة مخدرات تتكلم بحدة  وفى نفس الوقت خفيفة الظل. يجوز أن طريقة الكلام واحدة لكن يظل لكل شخصية روح وصفات وحركات مختلفة. أنا لا أدافع عن نفسى بالطبع وأحترم النقد وما يهمنى رأى الجمهور.  

>ماذا لا نراك على خشبة المسرح رغم أنك خريجة المعهد العالى للفنون المسرحية ؟ 

«متقلبيش عليا المواجع»، لأننى حزينة بسبب هذا الموضوع،  فقد قدمت «مسرح» فى بداياتى وكان صعبًا مثل (دقة زار)  و(شهرزاد) مع «جميل راتب» و(فى عز الظهر) مع «سميحة أيوب» و(كيد النسا) لـ«زكريا الحجاوى» ولكن للأسف أين المسرح الآن؟. فالتقصير ليس مني. للأسف كانت لدينا أعمال مسرحية رائعة وعملاقة وأنا «نفسى أشتغل فى المسرح» ولكن يجب أن يكون المسرح مواكبًا للعصر. فالمسرح أصبح متطورًا جدًا على مستوى العالم ونحن لانزال للأسف نملك مسارح «عقيمة» ولا نستطيع حتى تشغيلها، هل يعقل أن تكون معظم مسارحنا مغلقة؟ أظن أنه من المفترض أن تلتفت وزارة الثقافة لهذه الظاهرة التى تفشت ويجب أن تنتبه وتدرك الوزارة أهمية المسرح الذى يربى ثقافة الفرد وأخلاقه. >