الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

محمد فؤاد.. الحاضر الغائب!

دائمًا ما يتم التعامل الإعلامى مع «محمد فؤاد» باعتباره فى منزلة واحدة مع «عمرو دياب»، لأن الأول نجح فى بعض الفترات الزمنية «القصيرة» أن يكون ندًا لـ«عمرو دياب» على المستوى الجماهيرى «وليس الفنى»، فيما يخص الألبومات الغنائية، أما فيما يخص الأعمال التمثيلية فالتفوق واضح لـ«فؤاد» بكل تأكيد.



ولكن هل يليق بفنان مثل «محمد فؤاد» وشعبيته التى يتحدث عنها الجميع بدافع «النسوتالجيا» أن يعود بأغنيتين على مدار أسبوعين، ويفشل فى أن يصبح حديثًا للسوشيال ميديا، أو يحقق الانتشار الجماهيرى المطلوب، أو حتى يُحدِث حالة من الجدل حول طريقة عودته بين مؤيد ومعارض؟. فما حدث بكل صراحة ووضوح أن «محمد فؤاد» عاد من حيث الفعل وإصدار الأعمال الجديدة، ولكنه لا يزال غائبًا من حيث التأثير والانتشار الجماهيرى.

عندما نقوم بتصنيف «محمد فؤاد»، سنجده ضمن فئة المغنين العاطفيين، ومن المنطقى بعد غياب نحو 10 سنوات على آخر ألبوماته، أن يعود بنوعية الأعمال العاطفية التى صنعت جماهيريته، ولكن «فؤاد» فاجأنا بأغنية دينية بعنوان (شكوى) كتب هو كلماتها وقام بتلحينها والتوزيع الموسيقى لها «كريم عبدالوهاب»، ولم تستطع هذه الأغنية أن تصل إلى ربع مليون مشاهدة على مدار أسبوعين كاملين!

والأغنية الثانية كانت بعنوان (مركب النجاة) وهى تابعة للمبادرة الرئاسية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، ومن حيث الهدف المرجو من الأغنية، فلا أحد يختلف عليه، ولكن من حيث التنفيذ فالأمر عليه الكثير من الملاحظات.. فإذا قمنا بعمل مقارنة سريعة بين أغنية «محمد فؤاد»، (مركب النجاة) وأغنية (الحراجة) لـ«الشاب خالد» بما إن الأغنيتين تتحدثان عن نفس القضية فسنجد أن الكفة تميل بكل قوة للإصدار الجزائرى،  وذلك لعدة أسباب، أولها أن الإصدار الجزائرى لا يحتاج إلى تصوير بطريقة «الفيديو كليب» لأن كلماته وصفت كل التفاصيل بدقة رائعة وتركت للمستمع حرية رسم أشكال الشخصيات، لكى تساهم أيضًا فى تنمية الخيال.. فـ«الشاب خالد» يتحدث فى أغنيته بلسان الأب الذى يروى قصة رحيل ولديه «رضا» و«الهادى» على مركب هجرة غير شرعية لاقتناعهما التام بأن سبل الرزق أصبحت مقفولة فى البلاد، وإذا ماتا فى البحر، وأكلهما الحوت، فهو خيرمن أن يموتا فى البر ويأكلهما الدود، كما قالت الكلمات بشكل فلسفى أن «الحوت خير من الدود»، فالموت من الحوت يعنى أن هناك شرفًا فى المحاولة لتغيير الواقع، أما الموت من الدود فهو يعنى الاستسلام للأمر الواقع، أيضًا الأب فى الأغنية عبر عن حبه لأولاده بنفس القدر لحبه لبلاده كما قالت الغنوة «بكيت على ولادى، بكيت على بلادى، شفت دموعى فى الخدود»، فحبه لأولاده بنفس القدر لبلاده، وهذا يعود بنا الى مفهوم أن البلد هى الناس.

(الحراجة) أشبه بالرواية الأدبية القصيرة، لها نقطة بداية وبها أحداث متفاعلة، ونهاية منطقية، ولها أبطال معروفون بأسمائهم، وأيضًا على المستوى الموسيقى الأغنية معبرة عن ثقافة وهوية الفنان صانعها وهذا يظهر من طريقة استخدام الوتريات والعود وتنفيذها بشكل «الراى» الذى يعتبر «خالد» واحدًا من صُنّاعه.

وهذا بعكس أغنية «محمد فؤاد» وكلماتها التقليدية الاعتيادية المتوقعة، فلو حاول أى شاعر مبتدئ كتابة كلمات تناسب نفس الموضوع لن يختلف عما سمعناه، ولذلك لم يتفاعل الجمهور معها رغم أهمية مضمونها.

يجب على «محمد فؤاد» إعادة حساباته بشكل كلى،  خاصة بعد النتائج المخيبة لآخر إصدراته بعد كل هذا الغياب الطويل، فواضح أن هناك أزمة حقيقية فى اختياراته لفريق عمله، وأيضا اختياراته لنوعية الموضوعات التى قرر العودة بها للجمهور من جديد، وهذا ما تؤكده النتائج.>