الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الثعلب مات.. وداعًا «ابن مصر» سمير الإسكندرانى

غيّبَ الموتُ، مساء أمس الأوّل، الفنان الكبير سمير الإسكندرانى (8فبراير 1938م) بَعد مسيرة فنية حافلة قدّم خلالها عددًا كبيرًا من الأغانى الوطنية عن عُمْر ناهز 82 عامًا.



«وإن مُت اجعلنى طوبة.. يعلو بيها جدار»، قالها الإسكندرانى فى أغنيته الشهيرة «يارب بلدى وحبايبى» ورحل عن دنيانا بَعد مسيرة عطاء حافلة لوطنه بدأت فصولها أواخر الخمسينيات عندما جذب انتباه شاب يهودى من أصل مصرى الذى عرض عليه تجنيده لجمع المعلومات من داخل مصر مقابل راتب كبير.

وُلد «الإسكندرانى» فى حى الغورية بالقاهرة 1938م، لوالد كان يعمل تاجرًا كبيرًا للأثاث وكان محبًا للفن وصديقًا لمجموعة من كبار الشعراء والملحنين مثل زكريا أحمد، بيرم التونسى، وأحمد رامى.

درس «سمير» فى كلية الفنون الجميلة، وبدأ تعلم اللغة الإيطالية بها، واستمر فى تعلمها بعدما ألغيت اللغة الإيطالية من الكلية فى مدرسة لتعليم الأجانب والمصريين، ثم دعاه المستشار الإيطالى فى مصر لبعثة دراسية إلى إيطاليا، وهناك ذهب لاستكمال دراسته بمدينة بيروجيا الإيطالية عام 1958م وعمره عشرون عامًا؛ حيث درس وعمل بالرسم والموسيقى وغنّى فى فناء الجامعة: «وقت تكليفى بالمهمة لم أكن متزوجًا؛ حيث كان عمرى 20 عامًا، ثم تزوجت بعد أداء دورى الوطنى من زوجة كانت دائمًا بجانبى ومتفاهمة لطبيعة عملى وتشاركنى كل حياتى بتفاصيلها، وحاضنة لبناتى».

يقول ثعلب المخابرات المصرية إنه تعلم الكتابة بالحبر السّرّى، وكيفية إرسال الرسائل المهمة لجهاز الموساد الإسرائيلى، وبعد عودته لمصر قَصّ على والده ما حدث وتواصَل والدُه مع صديق له يعمل فى المخابرات، وعندما حكى له عن الأمر اعتبرها مُزحة، لكن بعد أن قابل «الإسكندرانى» بدأ فى أخذ الموضوع بجديّة، وطلب منه أن يحكى له كل التفاصيل لكنه رفض، وطلب مقابلة الرئيس «جمال عبدالناصر»، وبعد ذلك تحقق له ما أراد.

بمجرد أن قابل «الإسكندرانى» الرئيس «جمال عبدالناصر» فى صالونه الخاص، احتضنه وحاول أن يقبّل يدَه لكن الأخير رفض، ومن هنا بدأ تعامُله مع المخابرات المصرية:«كان جمال رمز، وكنت عايز أروحله أقول له أنا عملت كذا وكذا، رأيك أعمل إيه ياريس؟ فوقتها كانت لدَىّ مخاوف كثيرة».

استطاع «سمير الإسكندرانى» وقتها أن يحبط محاولتين لاغتيال أهم رموز الدولة «عبدالناصر»، و«عبدالحكيم عامر»، كما أخبرهم بأسماء المتورطين فى التنفيذ، وظل يعمل متخفيًا إلى أن أوقع الشبكة بأكملها، وحاولوا الانتقام منه بقتل شقيقه فى النمسا، لكن المخابرات المصرية كانت تعى ذلك وسارعت باستعادته، وبهذا خَدَع «سمير» المخابرات الإسرائيلية وحمى بلده.

ويحكى «الإسكندرانى» عن حياته الأسرية لأوّل مَرّة قائلًا:«علاقتى بوالدى كانت طيبة، فهو كان يبحث دائمًا عن الكمال فى كل شىء، كما أنه كان شديد الحنان والعطاء، وغرَس فينا هذه الصفات، فأبى بنَى نفسَه بنفسه وكان أحد العناصر المؤثرة فى حزب الوفد، ثم نائبًا عن دائرة أوسيم بالجيزة، ثم عضوًا فى اتحاد الملاكمة واحترف الرياضة، كما كانت لوالدى ندوة يديرها كل شهر، ويحرص كبار الفنانين على حضورها».

ويتذكر ست الحبايب بكل الحب والاعتزاز قائلًا:«والدتى زى كل أمّ مصرية، طيبة وودودة وهادئة الطباع وحبّوبة، فأنا لدَىّ أخ وحيد (سامى) وهو حاصل على الدكتوراه فى هندسة الكهرباء، وسامى تركيبته ذكية جدّا، وكنا بنحب بعض ومرتبطين جدّا لحد ما تزوج والموضوع اختلف تمامًا وكل واحد فينا انشغل بحياته عن التانى:«أهو سامى ده كان دلوعة ماما وكان الأكثر قربًا من ست الحبايب».

فنيّا؛ قدّم «سمير الإسكندرانى»، طوال مشواره الفنى عشرات الأغانى المميزة؛ حيث أحب الغناء وكان يمتلك حنجرة ذهبية، وقدّم عشرات الأغانى المميزة، منها: «مين اللى قال»، «طالعة من بيت أبوها»، «ابن مصر»، و«فى حب مصر»، وانتقل إلى العالمية بعدما تدرّب على يد مُغنى الأوبرا الإيطالى «بوجولينى»، كما قدّم أغنية للفنان العالمى «فرانك سينارتا»  Strangers in the Night.

سريعًا؛ حرص عددٌ كبيرٌ من نجوم الفن على نعى النجم «سمير الإسكندرانى»، الذى وارَى جثمانه تراب الوطن أمس، وشاركت الفنانة «إسعاد يونس» صورة للنجم الراحل عبر حسابها الرسمى بموقع التواصل الاجتماعى «إنستجرام» مُعلقة عليها:«وداعًا سمير الإسكندرانى.. إلى لقاء»، فيما غرد الفنان «محمد البزاوى» عَبْرَ تويتر، قائلًا:«رحل الأستاذ سمير الإسكندرانى الذى أعطى للوطن والفن الكثير.. ألف رحمة ونور عليك يا أستاذ»، فى حين كتب الفنان «أحمد فهمى»: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون.. خالص التعازى فى وفاة الفنان الكبير سمير الإسكندرانى»، كما قال الفنان «محمد صبحى» على حسابه الرسمى بفيسبوك :«إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون.. بكل الحزن والأسى تلقيت نبأ وفاة الصديق والزميل الفنان سمير الإسكندرانى، هذا الرجل الوطنى العظيم.. ثعلب المخابرات المصرية ضد الصهيونية.. المطرب المثقف الراقى والحنجرة الرائعة التى عزَف عليها أجمل الألحان.. وداعًا الفنان والإنسان، دعائى إلى الله تعالى لك بالرحمة والمغفرة وللأسرة الصبر والسلوان».

وغرّد الفنان «نبيل الحلفاوى» عَبْرَ تويتر ناعيًا: «رحم الله الفنان سمير الإسكندرانى وألهم أهله ومحبيه الصبر، تميز كمطرب بطعم خاص سواء فى أغانيه الخفيفة أو الوطنية، وكان له دور وطنى مع المخابرات المصرية قبل مشواره الفنى»، كما نعت الصفحة الرسمية لنقابة المهن التمثيلية الفنان الكبير، وكتبت: «البقاء لله.. تنعى نقابة المهن التمثيلية وفاة الفنان الكبير سمير الإسكندرانى.. رحم الله الفقيد وألهم أهله وجمهوره الصبر والسلوان».