الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ماذا يريد ماكرون من لبنان؟!

وسط حالات شديدة من الاستقطاب فى أعقاب انفجار مرفأ بيروت، الثلاثاء الماضى، فوجئ كثير من اللبنانيين بدعوات على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، تطالب بعودة الانتداب الفرنسى للبلاد فى السنوات العشر المقبلة، تضمنت العريضة توقيعات أكثر من 36 ألف لبنانى.



أثارت تلك الدعوات - التى تزامنت مع زيارة «ماكرون»- حالة انقسام وجدل فى الشارع اللبنانى؛ إذ رأى البعض أنها انعكاس لحالة الغضب والإحباط التى تعانيها لبنان منذ تفجير مرفأ بيروت، معللين ذلك بأن لبنان «لم يكن بلدًا مستقلًا فى أى وقت من الأوقات»، وأن ذلك الطرح قد يكون حلًا للمشهد المعقد الذى تعيشه البلاد فى ظل حالة انعدام الثقة فى الطبقة السياسية الحاكمة، فيما استنكر آخرون المطالبات بعودة الاحتلال واصفًا إياها بـ«خيانة للوطن».

 زادت حدة الانقسام فى الشارع اللبنانى بعد الكلمة التى ألقاها «ماكرون»، وحملت رسائل مهمة تكشف مستقبل لبنان خلال السنوات المقبلة، والتى كان أبرزها «سنقدم صفقة سياسية» و«لبنان بحاجة إلى تغيير».

وحذّر «ماكرون» فور وصوله إلى بيروت، من أن لبنان سيواصل الغرق، فى حال لم تنفذ إصلاحات يضعها المجتمع الدولى شرطًا للحصول على دعم يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادى.

أوضح الرئيس الفرنسى أنه يريد تنظيم مساعدة دولية، بعد الانفجار الضخم الذى حول العاصمة اللبنانية إلى مدينة منكوبة، قائلًا: «سنساعد فى الأيام المقبلة على تنظيم دعم إضافى على المستوى الفرنسى وعلى المستوى الأوروبى، أود تنظيم تعاون أوروبى وتعاون دولى أوسع».

وتابع :«الكثير من الناس طلبوا منى إعادة الانتداب.. وأقول لهم أنتم تطلبون منى بشكل ما أن أكون ضامنا لثورة ديمقراطية».

لاقت تصريحات ماكرون ردود فعل متعاطفة من بعض اللبنانيين ممن التفوا حوله للهتاف بسقوط النظام، خاصة بعد تصريحه أنه «لا ثقة للمجتمع الدولى بلبنان الرسمي»، إذ صاحت إحدى اللبنانيات موجهة رسالتها للرئيس الفرنسى قائلة:«لا تقدم مساعدات لحكومتنا الفاسدة».

 أرجع البعض حالة التعاطف حول زيارة الرئيس الفرنسى،لما يشهده لبنان، منذ عدة أشهر، من أزمة اقتصادية طاحنة، أثارت احتجاجات شعبية، وتزايدت حدة الأزمة بعد الانفجار الذى نجم عن 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم كانت مخزنة فى المرفأ، ومشاهد الهلع والدمار فى العاصمة اللبنانية، التى أُعلنت «مدينة منكوبة».

المبادرة السياسية التى تحدث عنها ماكرون، وطرحها  خلال اجتماعه مع القيادات اللبنانية فى قصر الصنوبر، لم تكن سوى أفكار عامة حول تحييد لبنان والاهتمام بالاقتصاد وإجراء الإصلاحات فى قطاعات أساسية، كما أشار لـ«إمكانية تطوير النظام السياسي».

حديث الرئيس الفرنسى عن «ميثاق سياسى جديد لتغيير النظام» كان مثارًا للكثير من التساؤلات حول ما يريده ماكرون، وطبيعة مبادرة فرنسا للحل فى لبنان.

على الجانب الآخر، رأى لبنانيون أن تصريحات ماكرون لا يمكن التعامل معها بشكل عاطفى،ولا يمكن إغفال ما وراء سطورها باعتبارها إعلانًا عن عودة لبنان لما قبل عام 1943م تحت الانتداب الفرنسى،وتوقيع الميثاق الوطنى اللبنانى الذى ترتب عليه جلاء آخر جندى فرنسى فى العام 1946م.

واعتبر البعض أن زيارة الرئيس الفرنسى لم يكن هدفها تقديم الدعم للبنان، بقدر ما هدفت لإيصال عدد من الأوامر التى تستغل الأزمة، والتى تمثلت فى فرض الوصاية على لبنان وتسليم الموانئ والمطار والجوانب العسكرية لقوات الأمم المتحدة.

واستنكر عدد من اللبنانيين تصريحات ماكرون حول استقالة الحكومة والبرلمان قائلًا «فى حال رفض المسئولين هذه المطالب سيصدر قرار عن مجلس الأمن خلال 10 أيام يقضى بتكليف حلف الناتو تولى فرض الأمن فى لبنان»، واعتبروا ذلك محاولة للسيطرة على لبنان وليس مساعدته.