الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

(يا بلدنا يا حلوة).. والغناء على طريقة الأفراح الشعبية!

بشكل مفاجئ أصدر «عمرو دياب» أغنية دعائية لإحدى شركات الاتصالات الكبرى فى مصر والعالم بالتزامن مع احتفالات عيد الأضحى المبارك، وأيضًا فى فصل الصيف المحبب والمفضل لـ«الهضبة» وجمهوره، حيث صدرت معظم أعماله فى مثل هذا التوقيت فى كل عام، وارتبطت مع المستمعين بذكريات جميلة.



المعروف عن «عمرو دياب» أن أغانيه الصيفية دائمًا ما تكون وفق منهجه الغنائى الذى أسس عليه إمبراطوريته، حيث تتحدث عن تفاصيل علاقة الحبيب بالحبيبة، وتحتوى على البهجة والإيقاعات الموسيقية الراقصة والجمل اللحنية الرنانة، ولكن كان الأمر مختلفًا بشكل كلى هذه المرة، فالأغنية كانت تتغزل فى حب مصر ومناطقها ومحافظاتها وأهم معالمها السياحية.

بالنظر إلى فريق عمل الأغنية سنجد أنها من كلمات الشاعر «تامر حسين»، وهى الأغنية رقم خمسين له مع «عمرو دياب» بعد أول تعاون جمعهما منذ 11 عامًا، وبالتحديد عام 2009 فى ألبوم (وياه)، وهذا رقم كبير للغاية، ويستحقه «تامر حسين» الذى كنا قد تحدثنا عن تجربته فى عالم الكتابة الغنائية بشكل مفصل فى مقال نشر هنا على صفحات (روزاليوسف)، بعنوان (كنز عمرو دياب).

أما ملحن الأغنية فهو «عزيز الشافعى»، الذى تحدثنا عن تجربته أيضًا بشكل مفصل فى المقال السابق، والتوزيع الموسيقى لـ«طارق مدكور» شريك أهم نجاحات «عمرو دياب» الغنائية ورفيق مشواره الفنى منذ ألبوم (غنى من قلبك) الصادر عام 1984، وكذلك المخرج «طارق العريان» والذى صنع لـ«عمرو دياب» العديد من الكليبات الناجحة من قبل. هذا يعنى أننا نتحدث عن فريق عمل نموذجى يعمل تحت رؤية فنية لمغنى هو الأنجح عربيًا فى الثلاثين عامًا الأخيرة.

ولكن كل ما تحدثنا عنه لا يمنعنا من ذكر بعض الملاحظات السلبية على الأغنية. منها أن الفكرة بنيت على ربط محافظات مصر ببعضها وهذا ليس بجديد، فالفنانة «داليدا» كانت لها أغنية بعنوان (أحسن ناس)، وأيضًا الفنان «محمد منير» فى (الفل والياسمين)، والفنان «حسين الجسمي» فى (بشرة خير). ولذلك كان هناك تحد أمام «عمرو دياب» أن يقوم بالتعبير عن نفس الفكرة بمفهوم جديد، ولكن أغنية الهضبة لم تمتلك هوية واضحة فى طريقة الكتابة، فهى لم تلتزم بمنهج ثابت، حيث نجد أن «عمرو دياب» ذكر اسم 14 محافظة، بالإضافة إلى خمس مناطق، وخمس مدن.

الأغنية قالت إن «بلدنا حلوة»، ولكنها لم تفسر أسباب هذا الحكم! وهذه أزمة رئيسية فى كتابة الأغنية، خاصة أن «عمرو دياب» مع نفس الشاعر «تامر حسين»، كان له تجربة أكثر تميزًا على مستوى الكتابة فى أغنية (القاهرة) حيث تم تشبيه القاهرة بالبنت الجميلة، وتحدثت كلماتها عن علاقة أهل عاصمة مصر بالنيل والفن وما إلى ذلك من المعانى التى أجابت عن سبب جمال المكان، وهذا لم يحدث فى الأغنية الأخيرة، ولولا بعض المشاهد التى اعتمد عليها المخرج «طارق العريان» لمحاولة توضيح سر جمال الأماكن محور حديث الأغنية لكان هناك مشكلة كبيرة، ولذلك نعتبر تصوير الأغنية عاملًا رئيسيًا فى الأغنية وليس مساعدًا، كما جرت العادة فى أغلب الأغانى، فالصورة هى التى فسرت الكلمات المجتزئة، علمًا بأن المخرج لم يراع فى بعض الأحيان الاستعانة بأهم مميزات كل مكان يتحدث عنه، مثلما حدث مع الجزء الخاص بمحافظة المحلة فكانت الصورة معبرة عن الطبيعة الزراعية وليست الصناعية التى يشتهر بها المكان!

أيضًا التوزيع الموسيقى لـ«طارق مدكور» اعتمد فى فواصله الموسيقية على آلة الـ«بوزوكي»، وهى آلة يونانية، فكان من الضرورى أن يتم استخدام آلة موسيقية معبرة عن الهوية الموسيقية المصرية لكى يكون الأمر منطقيًا!

وربما الجمل اللحنية لـ«عزيز الشافعي»، وأداء «عمرو دياب» المبهج بعد غياب طويل عن الظهور فى الـ«كليبات» هما الأكثر تكاملًا فى كل عناصر الأغنية.

أما فكرة حشد كل هذه المحافظات والمدن والمناطق فى أغنية واحدة لم تتعد الخمس دقائق، لها سلبياتها، ولكن فى الوقت ذاته جعلت الكثيرين من المستمعين يسعدون بذكر اسم المكان الذى ينتمون إليه بصوت «عمرو دياب»، مثلما يحدث فى الأفراح الشعبية عندما يصعد «النبطشي» على خشبة المسرح ويذكر أسماء المناطق التى ينتمى إليها السادة الحضور، وربما لو لم يكن هناك كل هذا الزخم لذكر أسماء كل هذه المحافظات والمدن والمناطق لكانت هناك مساحة أفضل للتعبير عما استمعنا إليه وشاهدناه فى الأغنية.>