الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رسالة من امرأة مجهولة.. رؤية مغايرة لعلاقة الحب المحرمة

«أمل» تلميذة فى ثانوى، يسكن أمامها المطرب المشهور «أحمد سامح»، تنجذب إليه، تصادق خادمه الأمين، فالمطرب محاط بشلة منتفعين ونساء طامعين فى الزواج منه، يرغب فيمن تحبه بصدق، تحبه «أمل» دون أى أطماع وتمضى قصتهما حتى يحدث لقاء ينتج عنه حمل. رسالة تصل للنجم تشرح له ولنا كل شيء. 



على خلاف أفلام كثيرة لم تقدم قصة الحمل خارج الزواج كنتيجة لخداع رجل وتغريره لفتاة بريئة، بل كمسئولية مشتركة بين فتاة أحبت وأصرت على تتبع خطوات حبيبها وتجاوبت معه حتى حدث لقاء كامل حملت بعده ثم سافر الحبيب، لم يعرف ولم يهرب بل هى طبيعة عمله. وجدت «أمل» سندًا فى عمتها التى صارحتها بحملها ودافعت عن الحبيب، «هوه مالوش دعوة، دى غلطتى أنا، أنا اللى رحت له برجلية». وحين تقاطعها العمة، «يعنى تصعبى مستقبلك وتسكتى، مش عاوزاه يحس إنه غلط وضميره يأنبه، قد كده بتحبيه!»، «هوه مسافر كل اللى عاوزاه منك إنك تسترى عليا»، فترد العمة بجملة مورال الفيلم بالمفهوم المصرى، «ربنا حليم... ستار يا بنتى». بطريقة أداء «أمينة رزق» وبتوجيه «صلاح أبو سيف» دون صراخ ولا انهيار. تخلع دبلتها وتلبسها لـ «أمل».. سترت العمة ابنة أخيها وساعدتها على مواجهة المجتمع الذى لا يرحم. هل الالتزام بالأصل الأجنبى كان السبب لهذه النظرة المغايرة للعلاقة المحرمة؟.

سارالفيلم فى طريق الرحمة فلم يمت الطفل ثمرة الخطيئة، بل تم إنقاذه بعدما أوصلت «أمل» رسالتها إلى الحبيب، تستنجد به لينقذ ابنهما بعد حادث أفقده دماء، سيعوضها له الأب فى مشهد تشويق يحبس الأنفاس، يتم إنقاذ الطفل والأب يطلب السماح، «سامحينى». 

الفيلم أحد الأعمال التى نجح صناعها فى تمصيرها عن أصل أجنبى، اقتباس لم يخل بأساس الأصل وبالطبع تم تغيير ما يلزم ليشعر المشاهد بأنه مستمد من واقعنا بكل «تحابيشه»، الأم «مارى منيب» وحقها فى الزواج بعد ترملها، انتقال البطلة للعيش لدى عمتها وليس فى بنسيون، والعمل فى شركة تأمين، أحد مظاهر ستينيات مصر فى عصر «عبدالناصر». قامت «أمل» بجهد أجبر الزملاء ورئيس العمل على احترامها، نجاحها بمساعدة العمة فى تربية ابنها بمال تكسبه من عمل شريف، لم تضطر إلى العمل فى ملهى ليلى أو أن تبيع جسدها، بل عزمت ونجحت فى الارتقاء بحياتها ومنحت ابنها حنانًا وظروفًا معيشية لا ينقصه فيها إلا الأب، برسالتها ستعيده إليه فتعوض الغياب وتحقق للأب النجم حلمه بحب بلا أطماع. حب حقيقى كحب «أمل» له.

أضفى حوار «السيد بدير» واقعية مصرية على القصة الأجنبية، ومع رؤية «صلاح أبوسيف» التقدمية، وضعت نهاية ممكنة ورحيمة لعلاقة حب سبقت الزواج الشرعى الذى يمكن أن يحدث حتى بعد ولادة الطفل. 

المقارنة مع فيلم (أنا وبناتى) الذى سبق إنتاجه بعام واحد يوضح دور المخرج فى طرح مفاهيم محافظة أو رجعية، تقدمية وطليعية، أو أن يبدو حائرًا فيتقدم خطوة ويتراجع خطوات تحت ضغوط شباك التذاكر، والخوف من الاتهام بالإساءة إلى قيم المجتمع، يتميز الفيلم أيضًا باحتوائه لمعلومات عن مصر دون مباشرة، المنصورة ومدارسها، المنشآت الجديدة من المصانع ورجال الرأسمالية الوطنية، أهمية العمل للمرأة لتتكفل بمعيشتها، ولا تلقى ببلاءها على أحد. لماذا نشعر بالأسف لتراجع مفاهيمنا وقيمنا الاجتماعية كشعب وكصناع فن. 

فى فيلمنا هذا امتلكت البطلة شجاعة الاعتراف بمسئوليتها عما حدث لها، لم تنهار ولم تطلب من الرجل أن يصلح خطأه، بل اختارت أن تعمل جاهدة لتوفر لابنها «سامح» حياة كريمة تليق بكونه ابنًا للنجم «أحمد سامح».

أدهشنى هذا الفيلم لاختلافه عن أغلب أفلام «فريد الأطرش» وأفلام «صلاح أبوسيف» أيضًا، ظننت أن الاختلاف مرجعه أن القصة مأخوذة عن الكاتب النمساوى «توماس سفايج». ولكن بمشاهدة النسخة المصرية التى صدرت عام 1962 والنسخة الأمريكية فى عام 1948 شعرت بأن التغيير مصدره الأساس «لبنى عبد العزيز» والمنتج «رمسيس نجيب» الذى اكتشفها وقدمها فى أدوار مختلفة كفتاة متمردة تسعى إلى الحرية.>