الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أبوزهرة.. إن ضاعت فى الفن حقوق الكبار

فى ظل أيام التباعد الاجتماعى وتراجع إنتاج الأعمال الفنية فى مصر والعالم، كان أن شعر الفنان الكبير عبدالرحمن أبوزهرة بنوع من الغربة، وهو الذى قضى عمره كله على خشبات المسارح وأمام الكاميرات ومع ميكروفون الإذاعة.



فتحدث عن أنه لا يعمل وأنه يفكر فى الاعتزال، بطريقة أخرى عبر الفنان الكبير يوسف شعبان عن افتقاده لممارسة عشقه فن التمثيل.

هذا الصوت من أمير التمثيل يوسف شعبان والقدير أبوزهرة، هو صوت أفهمه جيدا، فالفنان فى مرحلة اكتمال مشواره الإبداعى وقد كون رصيدا إبداعيا وماليا يمكنه من ممارسة الراحة والاسترخاء، لا شىء يمنحه تلك الراحة والسعادة إلا ممارسة فنه.

بهجة لقاء الزملاء والأصدقاء، تجربة الإبداع والاحتشاد له.

وعندما يعلن أبوزهرة ذلك، فهو يعلن عن شعور خاص بالغربة فى وسط أصبح لا يعرف مساراته وطبيعة ما يدور فيه. وهو حين يعلن مشاعره، فهو يعبر عن مطلب عادل عام يتحرك فى صدور أجيال عدة من خريجى المعاهد والكليات المختصة بفن التمثيل فى مصر.

ألا وهو الرغبة فى ممارسة المهنة، إنها إذن مشاعر جماعية عامة حاضرة فى الصدور فيما قبل كورونا.

وهى تتجدد الآن وتحتاج لتدخل النقابات الفنية، خاصة أن أعضاء النقابة المهنية المختصة بفنون التمثيل لا تتحرك ذات التحركات القوية تجاه الأعمال التى تعجّ بوجوه لا يعرفونها، وليسوا بأعضاء فى نقابة المهن التمثيلية.

مع ازدياد موجات فرق الهواة فى مصر وتعدد أماكن التدريب على فن التمثيل واختلافها، لم يعد قسم التمثيل والإخراج هو الباب الشرعى الوحيد كما كان فى مصر حتى نهاية التسعينيات.

ولم يعد مسرح الدولة قادرا على استيعاب كل تلك الأعداد، وفاض بهم سوق العمل وضاقت فرص العمل والنجاح.

أتذكر هنا نقيب المهن التمثيلية المصرى القدير الشريف لحد كبير حتى إن أهل المهنة كانوا يخافون عدله الحقيقى وحرصه على الحقوق ولم يكن يستطيع أحد المنتجين فى مصر تجاوز نسبة العشرة بالمائة غير النقابيين من إجمالى أفراد العاملين بالعمل الفنى، وإلا تمتنع النقابة عن التصريح بعرض العمل، وكان رحمه الله شريفًا لحد أن يوم خروجه من الخدمة وكيلا لوزارة الثقافة، وتركه مقعد النقيب لم يكن يملك أى مدخرات إلا زوجة عظيمة وأبناء أحسن تربيتهم علمًا وخلقًا.

وجلسنا هو القامة الكبيرة وأنا نضحك ونسخر فى ميدان الأوبرا، وكانت نافورة الميدان آنذاك تداعبنا برزاز الماء اللطيف فى صيف القاهرة الحار، كان منتصرا فى معركة طويلة مع الذات، كسب فيها حبه لفنه ولبلده وأخذنا ليلتها نحتفل ونردد: «يعيش الفلس مع الجدعنة»!

وكانت تحيات المارة لعملاق الفن الذى يجلس فى الميدان ضاحكًا هى ثروته الحقيقية، شهور وغادر العملاق عبدالغفار عودة الحياة كريمًا تاركًا فى قلبى وقلوب كل الذين عرفوا فضله حزنًا مقيمًا إلى الآن.

تأمل معى الدرامات التى تم إنتاجها بملايين كبيرة، وأسأل عن نسبة الحق القانونى والتى هى تسعون بالمائة من إجمالى العاملين بالعمل الفنى أعضاء النقابة.

هو أمر يمكن مراجعته فى إطار القانون حتى لا يستمر المهنيون فى انتظار الفتات واليأس وألم السؤال عن العمل، بينما هو حق يقره قانون النقابات المهنية للأعضاء العاملين.

أتذكر ذلك لأن السنوات الأخيرة ساهمت فى وجود مجموعة من صغار الممثلين يهيلون التراب ويسبون، بل يفتعلون الشجار، مع كل من يتحدث فى هذا الشأن.

طابور متماسك يحصل على فتات متكرر منتظم ويذر الرماد فى العيون فى وجه كل من يتحدث عن المهنة وأصولها وتطويرها، ولذلك فمع كل الاحترام للزميلة التى وصفت الفنان الكبير عبدالرحمن أبوزهرة بأوصاف صعبة، وكانت حديث وسائل التواصل الاجتماعى، هى تعبر عن تلك الحالة التى أصفها، الحالة التى تجعل كل المهتمين بالشأن النقابى المهنى يفرون بعيدا، حتى لا يدخلوا فى هذا النوع من الحوارات الغرائبية.

فكيف فى ظل الهدوء التام يخرج أبوزهرة ليتحدث عن رغبته فى الإبداع؟ ولذلك يأتى الاعتداء ثم الاعتذار، ثم بيان نقابة المهن التمثيلية على لسان أحد أعضاء المجلس على حسابه فى فيس بوك.

احذر أن تتكلم هذه هى الرسالة.

يوسف شعبان، عبدالرحمن أبوزهرة فنانان يتجنب أى مخرج غير مهنى التعاون معهما، لأن ما قيل ضد «أبوزهرة» الفنان الكبير عن تدخلاته فى التفاصيل حقيقة له لا عليه فالفنان الكبير فى موقع المعلم، أهم دور فى حياته الآن الحفاظ على التقاليد.

عبدالرحمن أبوزهرة من جيل يحضر قبل ميعاد العمل بساعة ويستذكر ويحرص على الانضباط المهنى، والمخرج الذى لم يتعامل مع هذا الجيل وأفراده المتميزين فاته الكثير، القامات يوسف شعبان أشرف عبدالغفور، عبدالرحمن أبوزهرة مجرد وجودهم فى مواقع الأعمال الفنية هو حضور للبهجة وللقيم النبيلة وللطاقة الإيجابية وللأصول المهنية.

الفنان المفكر المصرى المنتمى الكبير عبدالرحمن أبوزهرة كم نحبك! أطال الله فى عمرك ومتعك بالصحة والإبداع.>