الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كامب الكوتش الصغير!

على شاشة الكمبيوتر وفى عالم افتراضى، يجتمع (5) أطفال صغار يتشاركون اهتماماتهم ويتناقشون حول موضوعات مختلفة، يُعبّرون عن أحلامهم ويتحدثون كما لو أنهم مدرِّبون محترفون.. تدير الجلسة إحدى أبطال ذوى الهمم فى تنس الطاولة، إذْ اهتدت إلى تلك الفكرة من خلال رحلتها ومحطات حياتها الحافلة بالكثير من التجارب والتحديات، وذلك بعد اعتمادها بصفتها مدربًا مُعتمدًا.



 

بدأت «فتحية عبدالمؤمن»- 43 عامًا- حياتها منذ لحظة إصابتها بشلل الأطفال وعمرها عام ونصف العام، كانت والدتها الجندى المجهول طيلة رحلتها، تشد أزرها وتساندها فى كل خطوة تخطوها، كانت متفوقة فى جميع مراحل دراستها، إلى أن حصلت على بكالوريوس تجارة، شعبة إدارة أعمال، تقول: «أمى كانت  صاحبة فطرة سليمة وشافتنى إنى رسالتها فى الحياة ونجاحى يعنى نجاحها، كنت متفوقة فى الدراسة لحد ما اتخرجت من الجامعة،  كانت بسبب ظروف الإعاقة فكرة الانتقالات هى أصعب حاجة فكرت برّا الصندوق خالص فى الوقت دا.. وركبت موتوسيكلات فترة الجامعة.. كنت دايمًا شاطرة فى تكوين علاقات صداقة من الطراز المميز، ولأنى فهمت أنى بكم أستطيع، فكان عندى مهارة التأثير فى الأفراد، ومن هنا كان بداية ظهور ملامح بذرة شغفى».

عملت السيدة المقاتلة فى مهن كثيرة، كما تفوقت فى السباحة والقوس والرماية والسهم، لكنها اهتدت فى النهاية إلى تنس الطاولة التى حصدت فيها بطولة الجمهورية وميداليات فضية وبرونزية، مؤكدة أن فكرة «الكامب» جاءت بعد اعتمادها من قِبَل أكاديمية كن الدولية، بصفتها مدربًا محترفًا: «بدأت أعمل جلسات كوتشينج للكبار، وبدأت ألاحظ أن مشاكل كتير جدّا الكبار بيعانوا منها نتيجة تربية غلط أو حاجات حصلت ليهم وهُمّا صغيرين، من هنا فكرت إننا لو بدأنا بالشخص من وهو طفل، يتعلم إزاى يعرف احتياجاته ويُقدّر نفسه ويفكر بشكل واعى ويتقبل نفسه والآخر ويتواصل ويتناغم مع الطبيعة والحياة ويكون إنسان إيجابى،أكيد ده هيكون ليه تأثير مميز فى حياته وحياة المحيطين وهتخليه يتجنب الكثير من التجارب المؤلمة أو على الأقل هيقدر يتعامل معاها بشكل واعى».



«فتحية»، عملت على فكرتها منذ نهاية يونيو من العام الجارى،مؤكدة أنها لم تكن تعلم من أين تبدأ.. خصوصًا أنها تميل إلى التواصل المباشر مع الأشخاص فى الوقت الذى تفشّى فيه فيروس كورونا: «الأونلاين هو اللى كان متاح، وفكرة إنى بشتغل مع أطفال من سن 4 سنين لـ 12 سنة ده مش بيكون سهل، بدأت التنفيذ الفعلى فى يوليو 2020 وأنا مؤمنة جدّا بالفكرة، بدأت ومعرفش هيجيلى أطفال ولّا لأ، مكنتش بملك غير شغفى وإيمانى إن أى فكرة حقيقية لما تتقدم بشكل مناسب لسن العميل هتحقق نتائج بس مش عارفة إمتى، وكون إنها فكرة جديدة من نوعها وهى استخدام تقنيات الكوتشينج فى التواصل والتربية بالإضافة لاستخدام الـ hand craft أضافت كتير؛ لأنها غطت نوعيات كتير من الأطفال.. بالإضافة كمان لتفاعل الماميز معايا فى السيشن».

تتواصل المرأة الأربعينية مع (5) أطفال فقط خلال السيشن، حتى تتمكن من التركيز معهم: «ردود أفعال الأولاد بتبهرنى،عندهم وعى وأفكار بس محتاجين مساحات استماع وقبول غير مشروط ليهم، بينتعشوا ومبتهجين وبيقدروا فى السيشن يتواصلوا مع بعض مع إنهم ميعرفوش بعض، شعورهم بالإنجاز والثقة واضح لمّا بينفذوا قطعة الـ hand craft بتاعتهم. وكمان لمّا بياخدوا مساحتهم الحُرة يتكلموا فيها». مشيرة إلى أن مدة السيشن تبلغ ساعة ونصف الساعة، ونظرًا لضعف الإنترنت وقطع البرنامج يكون الفرق بين السيشن والآخر 3 أيام حتى تعرف بالتغيير الذى شعروا به: «خطتى للتطوير إن يكون ليّا مكان أأدى فيه الكورسات دى للأطفال والأمهات كمان بالإضافة إنى بفكر فى تسويق فكرة الكوتشينج فى التواصل والتربية فى المدارس أو الحضانات بشكل بسيط، وكمان نعمل كورسات للمدرسين والآباء والأمهات نوصل ليهم أهمية أداة الكوتشينج من حيث التأثير على الأشخاص».

تكمن الصعوبات التى واجهتها المدربة فى أزمة «كورونا» ولجوئها إلى الأونلاين.. تشرح هذا الأمر قائلة: «أحلامى إنى أحاول أساعد فى صُنع مجتمع آمن نفسيّا للأجيال اللى طالعة، مجتمع يرفض الأحكام. ويقبلك بدون شروط، وإن منهجى اللى اتعلمت منه الكتير وهى منهجية أكاديمية «كن» تنتشر وتساعد فى رفع وعى المجتمع المصرى والعربى».

تم تصميم المشروع بشكل احترافى ومختلف فى التربية، واكتشاف المهارات وإكساب الطفل مهارات شخصية لم يكن يهتم بها من قبل، وأن يكون قادرًا على التعبير عن نفسه دون أن يخشى من آراء مَن حوله: «بعَلَمه إنه ميخفش من الأحكام، وإنه يحس بقيمته الشخصية بعيدًا عن إنه ناجح أو فاشل أو مختلف أو غريب حتى من وجهة نظر المحيطين فينتقدوه فيشوف نفسه قليل، وبتقل ثقته فى نفسه يا إمّا يكبر متمرد أو يكبر انطوائى أو تابع علشان خايف يعبر لإنه خايف من رأى الناس، والنوع دا من التواصل طول فترة الكامب بندور دايمًا على مساحات مشتركة معايا أو مع حد من صحابه فى الكامب وبيحس إنه فى مجتمع آمن وشخص مقبول بكل تفاصيله بيرتاح وبيتعامل بمشاعره وبشكل تلقائى..

اهتمينا كمان فى البرنامج إننا نراعى سن الكوتش الصغير  فى قطعة الهاند كرافت، بحيث إن على أد ما يقدر يعملها لوحده فيحس بالإنجاز إنه يقدر يعمل حاجات جديدة لوحده، وإنه يفك التعلق شوية بشوية بمامته أو باباه فيكون التواصل صحى أكتر، بالإضافة إن منهجيتنا إلى بنشتغل بيها منهجية دولية معتمدة من الاتحاد الدولى للكوتشينج (ICF) وواخدة أعلى اعتماد دولى».



«كامب الكوتش الصغير» عبارة عن مساحة لكل طفل يتحدث فيها عن نفسه مثلما يحب، يسمع بإنصات ويتعلم مهارة الاستماع العميق: «بنسأله عاوز تكون إيه لمّا تكبر، ونسمع أحلامه، وطول وقت السيشن بنندهله بيها دكتور فلان، ميس فلان، الباشمهندس فلان، كوتش فلان، فيسمعها كتير ويتعلق بيها، بنعمل تمرين تنفس عميق بيزود هدوءه وبيزود وعيه وإحساسه بمشاعره، بيتواصل مع عالمه الداخلى أكتر، وبالوقت معانا بنعمله تمارين تأمُّل، وفيه فقرة الـ hand craft، الطفل بيركز فيها إزاى مع الحاجة اللى بنعملها علشان يطلعها بأفضل جودة فيحس بذاته، هدفنا الكبير صناعة مجتمع آمن لأولادنا الكل فيه مقبول، مجتمع تعاونى مش مجتمع تنافسى، مش بنقيم أولادنا بمين الأشطر ومين المتفوق ومين الأول!..

ففى الحقيقة كل إنسان «بيحاول» فهو بالنسبة لنا إنسان ناجح قرر أن يكون أفضل.. لذلك، فهله كل الدعم والاحترام».

تؤمن «فتحية» بأن الاهتمام بالأطفال بشكل إنسانى فيه رحمة سوف يجنبهم الكثير من المشكلات النفسية.

وتضيف: «الكوتش الصغير رسالة إنسانية لصُنع مجتمع آمن نفسيّا لأولادنا.. عندنا منهجية كوتشينج إنسانية عظيمة، وعندنا حلم هنحققه».

«سلمى عصام».. واحدة من أطفال كامب الكوتش الصغيرة، تستخدم كرسيّا متحركا.. تحب الموسيقى وأعمال الهاند ميد، وتسعى لتغيير نظرة المجتمع لها من خلال وجودها ووعيها وتفاعلها. أمّا «رفيق رامى»- 7 سنوات- فتقول والدته: «من أول ما شارك وصلتلى منه طاقة إيجابية رهيبة بعد ما خلص السيشن، كان سعيد وبيحكى بطاقة وسعادة وإنه نفسه يستمر فيها دايمًا، الجو العام وتجمُّع الإطفال مع إدارة جلسة ناجحة من كوتش محترف وعنده خبرة طلعت من الولد حاجات أنا مكنتش بشوفها فيه، وهى مشاركته الفعالة مع الجماعة وقدرته على التعبير، كنت بحس إن ابنى وسط أى مجموعة مش بيتفاعل كويس أو عنده مشكلة فى التواصل يا إمّا بيبعد ومش بيشارك  أو يشارك بشكل غلط فيه اندفاع شوية أو عنف لكن دلوقت الأداء اختلف، بيشارك وحابب إنه يقول ويتكلم ويحكى».

اكتشفتْ الطفلة «نادين شريف» شغفَها بالرسم منذ بداية انضمامها للكامب، وهى ذكية ومبتكرة وعنصر مهم فى أسرتها، تقول فتحية: «طفلة حساسة، ورسمت رغم إن السيشن مكنش فيه رسم، ولأنها شخص مختلف وعندها خطط بديلة، أدواتها فى السيشن معملتش الـ hand craft ولكن فى الحقيقة طلت علينا بتحفة ورسمة من عالمها الداخلى، عندها روح المقاتل، كان ممكن ببساطة تنسحب من الكامب وتزعل وتغضب وتلعن الظروف، ولكن نادين أبهرتنى شخصيّا بإحساسها ووعيها المميز رسمتها فيها معانى كتير».