الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أنا وبناتى والحق فى العمل

«بيت العز» هو العنوان الراسخ فى أذهاننا عن فيلم (أنا وبناتى)، ببدايته المرحة ومشهد ما قبل العناوين للفتاة بفستان زفاف وفتاة أخرى مركبة شنب، مع غنوة لـ«فايزة أحمد» ويدخل الأب يبشرهن بعريس وتنزل العناوين، بعد أن أخبرتهن المؤلفة بينهن أنها تكتب قصة عنوانها (أنا وبناتى). 



يدفع الموظف المطحون «محمود» مكافأة معاشه لرجل ليوظفها له، يثق فى حصوله على شهرية تبلغ نفس راتبه يبشر بناته الأربع فيغنون فى سعادة بيت العز، الأب يجلس سعيدًا وأمامه طبق عنب، وتنتهى الغنوة بـ«ابعد يا شيطان»، لكنه قريب وسيتبين أن التاجر نصاب أخذ معاش الأب وهرب، يسقط الأب وتكسر قدمه، البنات «ولا يهمك يا بابا هنشتغل والقرش نجيبه بعرق جبينا» ينزعج جدًا، «معنديش بنات تشتغل، أنا ربتكم علشان تكونوا ستات بيوت وتخدموا أزواجكم. بيعوا عفش البيت علشان المصاريف. أنا لسه بصحتى وأقدر اشتغل 20 سنة كمان». يتناقض مع ما يقوله مع قدمه فى الجبس فى قطع دال من المخرج المؤلف عليها.

يأتى صوت العقل من «مايسة» التى تصر على فكرة العمل، عندنا مهارات لازم نستغلها، صوت «محاسن» تغنى فى حفلات، و«مرفت» تبيع قصتها، وأنا أشتغل عارضة أزياء لننتقل إلى ما يمكن اعتباره الفصل الثانى من قصة الفيلم. يظهر البطل «سمير»، ثرى يحضر عرض الأزياء لاصطياد الفتيات، سينتبه إلى «مايسة» ويرمى بشباكه عليها. تتعثر بخطوتها فى الفستان الأول، ولكنها تكون مناسبة مع فستان زفاف وكأنه تعويض خيالى عن رغبتها المحمومة فى الزواج من عريس مليونير.

الحوار مؤثر جدًا والجمل مختارة بعناية تناسب كل شخصية. هل يدعُم الفيلم فكرة بقاء الفتيات فى البيت؟، التى غنت عادت بسجحات فى رأسها، وعارضة الأزياء تم اصطيادها وستسقط فى الغواية، و«منى» النموذج المثالى على ماكينة الخياطة. لم تنجح فى جمع مبلغ لسداد مستشفى الوالد. الأب يوصى «منى»: «خلى بالك من مايسة لابسة ثوب غير ثوبها لحد ما أسلم الأمانة لغيرى». هناك مشهد مكثف لـ«محاسن» تغنى بينما يعد «سمير» لدبح «مايسة» فى حفل عيد ميلاده المزعوم. 

يقوم «سمير» بمؤامرة كاملة الأركان ويحكى عن نيته لصديقه كما يتفاخر ذكور بلادنا السعيدة بقدرته على إيقاع الجميلات. نسمعها منه ونشاهد كيف يعطيها الخمر كدواء للمغص، يلعب بوردة قطفتها من حديقته، يعترف لها بأن الدواء كونياك ويقول: «كنت بامتحن أخلاقك».

مجتمع الفساد فى أغلب أفلامنا القديمة يظهر أغنياء بلا أخلاق ، امرأة تصف نفسها بالمدمرة وهى بمايوه فى نادٍ بجوار حمام السباحة.

شاهدت هذا الفيلم للمرة الأولى بسينما النصر بقويسنا، كنت طفلة وما بقى فى ذاكرتى أغنية (بيت العز)، والجانب المشرق فى الفيلم للأب وبناته الأربع. وأعتقد أن أغلب المتفرجين مهما كانت أعمارهم لن يتوقفوا عند سفالة «سمير» الذى خطط ليفقد الفتاة عذريتها ثم يعرض عليها بعض المال، سيتوقف الجميع عند «مايسة» يتهمونها بالتفريط فى شرفها وجلب العار لأبيها وأخواتها، أما «سمير» الذى خطط وصرح ونفذ، فما فعله مجرد غلطة عليه أن يصلحها، و«مايسة» هى المذنبة التى استحقت الموت وألا تهنأ بتحقيق حلمها.

نسبة كبيرة تحتاج إحصاءً دقيقًا لأفلامنا تفقد فيه  فتاة عذريتها لسبب أو لآخر، ويعاقب المجتمع الفتاة فقط وأغلب المخرجين يتبنون وجهة نظر المجتمع فتعاقب بالموت بعد العيش ذليلة، ويتم التغاضى عن مسئولية الرجل، الشريك الأقدر، ومطلوب منه فقط أن يصلح غلطته.

يطرح الفيلم مسئولية الأب الذكر فى إعالة بناته كأمانة حتى يتسلمها ذكر آخر، زوج «يأنيها» فى مقابل أن تخدمه طول العمر. هذه الصيغة الاجتماعية كانت موجودة فى أمريكا وأوروبا فى الأربعينيات تناولها فيلم (ابتسامة الموناليزا)؛ حيث يتم تأهيل الفتيات ليكن زوجات مطيعات لأزواجهن، وما تعليمهن إلا لرفع قيمتهن فى سوق الزواج. لم تكتمل النهاية السعيدة للم شمل الأسرة وانقلبت إلى فاجعة موت «مايسة» و«سمير» يعرض عليها الزواج وكأن المخرج المؤلف أراد أن يمسك العصا من منتصفها ويجعل عقابها إلهيًا لإرضاء أصحاب الأخلاق المنافقين المتغاضين عن مسئولية الرجل فى خداع فتاة بريئة رغم كل ما وهبه الله من شباب ومال وقدرة على حد وصفه لنفسه.>