لعنة «اليانصيب»!

«الثراء السريع».. حلم يراود الملايين حول العالم، يسعون للحصول عليه بمختلف الطرُق والوسائل ومن بينها «اليانصيب»، الذى كان فى القِدَم من خلال أوراق تحمل أرقامًا يتم توزيعها فى العديد من الأماكن، ومع التطور التكنولوجى انتشرت «أونلاين لوترى»، التى جذبت الملايين من الناس فى كل دول العالم لجنى ثروة مفاجئة دون جهد أو تعب.

 

 

تكرار قصص الفائزين الذين تحولت حياتهم بالكامل، وآخرهم الأمريكى مارك كلارك الملقب بأكثر الرجال حظا فى العالم، الذى فاز باليانصيب مرتين وجنى ثروة تقدر بأربعة ملايين دولار بسبب عُملة معدنية قديمة، دفع العديد للحلم بالثروة السريعة، لكن للمال لعنة أصابت الكثيرين، وحولت حياتهم بين عشية وضحاها إلى جحيم.

فضائح وإفلاس

 

لعنة اليانصيب أصابت رجل الأعمال الأمريكى أندرو جاكسون ويتاكر، المعروف باسم جاك ويتاكر بعد عام واحد من الفوز بالجائزة الكبرى، التى بلغت 314.9 مليون دولار فى يانصيب باور بول متعدد الولايات، وكان أكبر فوز يانصيب بتذكرة واحدة فى تاريخ الولايات المتحدة. فى البداية تكفل بحفيدته براندى براغ البالغة من العمر 17 عامًا وكان يمنحها 2000 دولار أسبوعيّا بالإضافة لأربع سيارات للاستعمال الشخصى، ولم يستغرق الأمرُ وقتًا طويلًا قبل أن تبدأ المشاكل فى طريقه بعد أقل من عام من فوزه باليانصيب؛ حيث ترك ويتاكر سيارته متوقفة فى موقف للسيارات فى نادٍ للتعرى فى كروس لانز فى فيرجينيا؛ فاقتحم لصوص السيارة  وأخذوا حقيبة بها 545000 دولار نقدًا، وبعد وقت قصير اقتحم لصان سيارته للمرة الثانية وسرقوا 200 ألف دولار.

 

الثروات أيحانًا تؤثر سلبًا على أصحابها، فقد تورط فى قضية كبيرة بعد العثور على جثة صديق حفيدته براندى جيسى تريبل فى منزله وبعد تشريح الجثة، تم التأكد من أن الطفل البالغ من العمر 18 عامًا تناول جرعة زائدة من المواد غير المشرو عة، وبعد عدد من القضايا والاتهامات دخلت حفيدته فى حالة اكتئاب حادة وتركت المدرسة وبعد 3 أشهُر أبلغ عن فقدانها وبعد عملية بحث استمرت 11 يومًا تم العثور عليها متوفاة فى أحد مساكن صديقتها ملفوفة فى كيس بلاستيكى وموضوعة خلف شاحنة.

 

أصيب جاك بحالة من عدم الاتزان وأصبح شغله الشاغل القيام بزيارة أسبوعية مزرية لقبر حفيدته، وهو يردد «ماتت بسبب المال»، وبعد ذلك توالت عليه المشاكل القانونية بعد دخوله فى مشاجرة مع قيصر أتلانتيك سيتى بسبب تراكم مبلغ ضخم من خسائر المقامرة، بعدما حاول تسديد 1.5 مليون دولار مستحقة للكازينو بشيكات، لم يكن لها رصيد، وتمت مقاضاته.

 

فى آخر مرحلة من قصته المأساوية قامت مجموعة من الناس بسرقة كل ثروته المتبقية، وبحسب ما ورد صرف اللصوص المعنيون 12 شيكًا فى 12 فرعًا مختلفًا لبنك سيتى الوطنى وتم العثور عليه ميتًا هو وابنته الوحيدة.. ولم تتوقف لعنة المال بعد الوفاة؛ حيث اشتعلت النيران فى منزله فى فرجينيا الذى كانت تعيش فيه زوجته ورُغم وصول رجال الإطفاء للمكان الحادث؛ فإن المنزل كان قد تم تدميره بالكامل.

 

كان جاك ويتاكر البالغ من العمر 55 عامًا فى الأصل رائد أعمال فى ذروة صلاحياته رئيس شركة مقاولات باسم Diversified Enterprises Construction لديه كل ما يحتاجه فى الحياة، وكان لديه نشاط مزدهر وعائلة سعيدة وسمعة محترمة، فضلًا عن صافى ثروة كان يبلغ 17 مليون دولار أمريكى،  إلى أن حصل على تذكرة يانصيب أنهت حياته وحياة عائلته عن طريق الصدفة عندما توقف فى إحدى محطات البنزين لملء سيارته ببعض الوقود وشراء شطيرة إفطار لذيذة وبعد أن رأى الجائزة الكبرى المحتملة بقيمة 100 مليون دولار قرر إنفاق 100 دولار على التذاكر وجرب حظه فى Quick Pick، إلا أن حظه ضرب جميع الأرقام الصحيحة ما أدى به مباشرة للجائزة الكبرى الضخمة التى بلغت 314.9 مليون دولار أمريكى.

 

موت غامض

 

تغيرت حياة الكندى الإثيوبى مايكل جبرو فى لحظة عندما ربح 10.7 مليون دولار، فى البداية أعلن أنه ربح 15 دولارًا فقط وذهب للحصول على المال ليكتشف المفاجأة أنه ربح 10.7 مليون دولار وسرعان ما تغيرت حياته ليتحول من عامل فقير فى مصنع تجميع فى كندا لصاحب ملايين.

 

لعنة المال لم تتركه مثل غيره، فى البداية عاش شهورًا صعبة من الاضطراب والخوف من الناس وكان قلقًا جدّا من أن الجميع إذا سمعوا الأخبار سيأتون إليه للحصول على بعض المساعدة رُغم أنه أعلن أن المجتمع الإثيوبى والكنيسة هما الأولوية الأولى له وتبرع بالفعل للعديد من الكنائس فى تورونتو وإثيوبيا والصومال بعد الحصول على ثروته المكتشفة مباشرة.

 

حرص على شراء منزل لنفسه، إلا أنه لم يهنأ به  حيث مات بعد شرائه ببضعة أسابيع؛ حيث  سافر إلى إثيوبيا ليزور المنطقة التى نشأ فيها، ليموت فى ظروف غامضة عن عمر يناهز ٤١ عامًا، ورجحت التحقيقات أنه قُتل بشكل ما.

طلاق وتبرؤ من الأبناء

 

تغيرت حياة كولين البالغ من العمر ٧٢ عامًا وزوجته كريس وير ٦٢ عامًا بعد فوزهما بإحدى أكبر جوائز اليانصيب فى بريطانيا بقيمة 161 مليون جنيه إسترلينى؛ حيث حرصت كريس على التقاعد من العمل؛ حيث كانت تعمل مدير تمريض فى NHS بمستشفى محلى،  وتخلى كولين عن وظيفته كمصور STV بعد أن قضى نحو عشرين عامًا فى العمل خلال حياته المهنية وقاما بانشاء مؤسّسة Weir Charitable Trust فى عام وتبرعا لنادى كرة قدم مجتمعى فى منطقتهما Largs المحلية.

 

خطط الزوج لزيارة الصين وأستراليا وتايلاند وكمبوديا فى المستقبل القريب، وخططت الزوجة لبناء منزل ثان فى موقع غريب، ولكن لم يستمر الوضع كثيرًا فانقلبت حياتهما بعد أعلن الزوج عن نيته فى الانفصال عن زوجته والرغبة فى الطلاق الودى بعد فترة زواج دامت 36 عامًا، وبعد فترة قصيرة من إعلان الانفصال توفى كولين فجأة بعد أسابيع من التوسط فى صفقة بمليونَى جنيه إسترلينى لصالح نادى باتريك.

 

لعنة أموال اليانصيب، لم تترك «ميليسا إيد»  التى لقت حتفها بعد عام واحد فقط من الفوز؛ حيث فازت ميليسا فى أواخر ديسمبر 2017 وهى متحولة جنسية من بريطانيا وتعمل سائق تاكسى بالجائزة الكبرى على البطاقة الزرقاء التى تبلغ قيمتها أربعة ملايين جنيه إسترلينى بعد أن اشترت تذكرة بقيمة 10 جنيهات إسترلينى للتسلية عندما توقفت لملء سيارتها بالبنزين وهى فى طريقها للعمل.

 

كغيرها من أصحاب الثروات الذين حصلوا عليها عن طريق الصدفة تغيرت حياة ميليسا، تمامًا بعد الفوز؛ حيث تركت حملة حقوق المتحولين جنسيّا وظيفتها بعد حصولها على شيك اليانصيب فى يناير 2018، كما تبرأت من أطفالها الأربعة، وتعهدت بعدم إعطائهم أى نقود. حرصت ميليسا على العمل بسلسلة من عمليات التجميل التى تكلفت مبالغ طائلة وأنفقت عليها أكثر من نصف ثروتها لتبدو أصغر سنّا، وأنفقت  50 ألف جنيه إسترلينى على حشوات الشفاة والأسنان الجديدة.

 

فى مايو 2019 دخلت للمستشفى بعد آلام شديدة فى الصدر وخضعت لفحوصات الدم وفحوصات القلب والأشعة السينية الرئوية، وبمجرد أن خرجت من المستشفى صورت مقطع فيديو تشكر فيه الأطباء وذكرت أنها شاكرة لبقائها على قيد الحياة، لكنها توفيت بعد يومين فقط من خروجها من المشفى فى الحديقة الأمامية لمنزلها؛ حيث وجدتها صديقتها راشيل ناسون جثة خلف مقود سيارتها، وكشف فحص ما بعد الوفاة أن إيد ماتت بسبب نقص تروية القلب بسبب كثرة عمليات التجميل.