جداريات «الجيش الأبيض»!
آلاء البدرى
عندما وقف الأطباء فى الصفوف الأمامية فى المعركة ضد جائحة «كورونا»، وبرز دورهم بشدة، وقفت الدنيا بأسْرها احترامًا وتقديرًا لجهود الأطقم الطبية من أطباء وممرضين.. انطلقت الأغانى والأشعار فى تبجيلهم.. وأشادت الحكومات فى كل مكان بمواقفهم الشجاعة النبيلة.. وأخيرًا بدأت بعض الدول فى تخليد مواقفهم بوضع تماثيلهم فى الميادين العامة.
تماثيل ولوحات
فى مصر قررت جامعة بنى سويف تشييد نصب تذكارى تخليدًا لأرواح شهداء فيروس «كورونا» من الفرق الطبية بطلب من رئيس الجامعة الذى كلف أستاذ النحت والتشكيل الفراغى محمد ماضى، بعمل تصميم للنصب التذكارى تمجيدًا لأرواح الشهداء من الفرق الطبية من أطباء وصيادلة وممرضين والعاملين بالصحة، ومن المقرر أن يتم وضع النصب التذكارى فى ميدان شهداء الجيش الأبيض الواقع فى تقاطع نهاية شارع عبدالسلام عارف بكورنيش النيل بجوار مستشفى التأمين الصحى ومركز المؤتمرات، وسيكون النصب بارتفاع سبعة أمتار على شكل صورة فراغية لفيروس «كورونا» يتوسطه جدار مشقوق لنصفين بلون داكن وتتوسط الحائط المشقوق يدان بلون أبيض تساند إحداهما الأخرى لتمثلان الطاقم الطبى وفوقهما طائر مستعد للانطلاق الذى يمثل روح الشهيد وفوقه عبارة «الجيش الأبيض».
ووضعت العاصمة اللاتفية ريغا تمثالًا منحوتًا بارتفاع ستة أمتار لطبيب مُقنّع من أعمال الفنان إيغارس بيكشى، وتم وضعه فى مكان بارز أمام المتحف الوطنى لتكريم الأطباء والممرضات الذين عملوا بلا كلل وفى مخاطر شخصية كبيرة خلال الجائحة، وسيتم عرضه لمدة سبعة أشهُر أمام المتحف، وتم التخطيط للعمل الفنى فى ذروة الحرب على الفيروسات التاجية فى البلاد وتم رفع الستار عنه بعد أن نجت لاتفيا من الوباء سالمة نسبيّا مسجلة ما يزيد قليلًا على 1000 حالة إصابة بفيروس «كورونا» و30 حالة وفاة.
وكشف الفنان إيغارس بيكشى النقاب عن تمثاله العملاق، الذى أطلق عليه «Medics To The World»، وهو عبارة عن مجسم لطبيبة ترتدى معطف مختبر أبيض وقناعًا وذراعاها ممتدتان نحو السماء، واستغرق نحته نحو ثلاثة أشهُر ومستوحَى من التضحيات البطولية للأطقم الطبية، وألقى فنان العمل كلمة مختصرة خلال الافتتاح عن بداية نشأة فكرة التمثال؛ حيث بدأ الأمر عندما كان يشاهد الأخبار ويراقب كيف يواجه الأطباء صعوبات كبيرة فى إيطاليا وكيف ناموا على أرض المستشفى وكيف أصيبت وجوههم بسبب ارتداء الأقنعة لساعات طويلة ووقتها أدرك أن عليه كفنان ونحات أن يقول شيئًا كما أكد أن فى العاصمة الجميع يقدر جهود الأطقم الطبية ويصفقون لها فى الشوارع، أمّا فى بلدته الصغيرة فلم يكن هناك من يصفق لذلك كانت هذه طريقة تصفيقه من أجل الأطباء.
وأكد أنه حصل على دعم نحو 20 من الرعاة للمساعدة فى تمويل التمثال بالإضافة إلى دعم الكثير من الناس وأن الأمر فى البداية لم يكن سهلًا، ولكن الاستجابة والترحيب بمشروع عمل تمثال ضخم كنوع من الشكر تشير إلى مستوى الدعم العام الموجود الآن فى البلاد للعاملين الطبيين؛ خصوصًا أن معظمهم يحصلون على أجور زهيدة للغاية فى لاتفيا ولا يرغب الكثير من الشباب فى دخول هذه المهنة كما أكد أن العمل ليس مجرد تكريم بل أراد به تغيير المواقف والنظرة العامة تجاه العاملين فى المجال الطبى وأنهم ليسوا أقل أهمية أو قيمة من السياسيين والفنانين.
وفى مدينة كولكاتا الهندية تم رفع الستار عن تمثال عملاق ثلاثى الأبعاد لطبيب يرتدى معطفًا أبيض وكمامة تكريمًا لجميع الأطباء الذين يبذلون جهودهم بلا كلل للحفاظ على صحة المجتمع العالمى وتم وضعه أمام مستشفى وودلاندز وكشف عنه فى حفل صغير جمع عددًا من الأطباء والممرضين وبعض الصحفيين مع الحفاظ على جميع معايير السلامة، وألقى مدير المستشفى كلمة شُكر للأطقم الطبية فى يوم الأطباء. وأكد أنهم أظهروا عرضًا مثاليّا للشجاعة والتفانى والالتزام لإنقاذ البشرية من هذه الأزمة العالمية ولا شىء يمكن أن يكون أكثر من مجرد التعبير عن التحية الطيبة لجميع الأطباء والعاملين بالصحة.
بالإضافة إلى ذلك برز عدد من المعارض الفنية التى تناولت معاناة الأطباء والأطقم الطبية وأيضًا قصص عمال النظافة وفرق التعايش فى الصين وغيرها من الدول.
نُصب تذكارى
وفى موسكو كشف النقاب عن تكريم من نوع آخر، وهو نُصب تذكارى لعمال التوصيل الذين جعلوا العزلة الذاتية ممكنة والذين واصلوا ولايزالون يواصلون العمل طوال فترة تفشى الفيروس التاجى فى كل المدن الموبوءة.. العمل من تصميم الفنان أليكسى جاريكوفيتش، ويبلغ طوله نحو ثلاثة أمتار، ويتميز بشكل رجل يقف مجوفًا من صفيحة سميكة من المعدن البرونزى وتحته لوحة مكتوب عليها «مخصص لأولئك الذين جعلوا العزلة الذاتية ممكنة»، وكان يكرم أكثر من 60.000 عامل توصيل.
كما أعلن مجموعة من فنانى ومبدعى روسيا عن تنظيم مسابقة للمحترفين فى روسيا لتصميم نسخة لنصب تذكارى للأطباء الأبطال الذين يقفون فى الصف الأول فى جبهة مواجهة «كوفيد - 19» كتعبير عن الامتنان لعملهم، ومن المفترض أن يتم رفع الستار عن النُّصب الموعود فى 5أكتوبر المقبل، فى اليوم العالمى للطبيب، ودعا القائمون على المسابقة رجل الأعمال إيغور ريباكوف والفنان أليكسى سيرغينكو الجميع للانضمام إلى المسابقة والفوز بالجائزة التى ستمنح إلى أصحاب أفضل خمسة مشاريع نُصب والتى تبلغ 100 ألف روبل، أى نحو 1300 دولار لكل منهم، وبعد ذلك سيتم تحديد المدينة التى ستتم إقامة النصب التذكارى فيها.
جرافيكس وجرافيتى
وفى الوقت الذى تم فيه إغلاق المتاحف والمعارض والاستوديوهات الفنية فى جميع أنحاء العالم انتشرت بشكل كبير أعمال الجرافيتى والكتابة على الجدران فى جميع أنحاء العالم، وترك فنانو الشوارع وراءهم تعليقات نابضة بالحياة ومثيرة للتفكير ومسلية عن الأزمة تنقل رسائل قوية وملهمة لرفع معنويات الناس وشكر وتقدير للعاملين بالصفوف الأمامية فى مواجهة الفيروس التاجى المستجد وأشهَر هذه الأعمال لوحة جدارية صنعها فنان الشارع لابو فاتاى بجوار مستشفى سان لوكا المساعد على شرف العاملين فى المجال الطبى فى ميلانو أثناء إغلاق إيطاليا على الصعيد الوطنى للحد من انتشار العدوى الناجمة عن فيروس «كورونا»، وأيضا جدارية تحتوى رسالة شكر خلال جائحة الفيروس التاجى فى حى هارلم فى مانهاتن فى مدينة نيويورك وأيضًا جدارية أصبحت حديث مواقع التواصل الاجتماعى لفنان مغربى مجهول يشكر العاملين الأساسيين وسط تفشى جائحة الفيروس التاجى فى مدينة سلا شمال العاصمة، التى عمل عليها لمدة أسبوع كامل دون كلل وكتب تحتها رسالة شكر باللغة العربية، وأيضًا اشتهرت جداريات الفنان السورى عزيز الأسمر ومساعده بشار حمدون التى تصور وضع النازحين السوريين فى المخيمات وسط جائحة فى بلدة بنش محافظة أدلب غرب سوريا.
كما برزت أيضًا أعمال الجرافيكس بشكل واضح من أجل شكر الأطقم الطبية؛ حيث أضيئت أشهَر أبراج العالم برسومات رمزية للأطباء، وكان أشهَرُ هذه الأعمال إضاءة تمثال المسيح الفادى الأيقونى، إحدى عجائب الدنيا الواقع فوق جبل كوركوفادو، الذى يطل على ريو دى جانيرو فى البرازيل فى يوم عيد الفصح، وهو أحد أقدس أيام السنة بالنسبة للمسيحيين، وأشاد بالعاملين الطبيين الذين يكافحون الفيروس التاجى فى جميع أنحاء العالم، وعرضت الأنوار زيّا طبيّا على التمثال وحولت تصوير يسوع إلى طبيب، وظهر التمثال يرتدى سماعة الطبيب ومعطف المختبر الأبيض، وظهرت عبارة «شكرًا لك» المكتوبة بلغات مختلفة، ثم أظهر الإسقاط صورًا للعاملين الحقيقيين فى الرعاية الصحية فى الغرف الخاصة بهم وكتب فوقها بضوء واضح «Fique em casa» ابقى فى المنزل.
وأضاء تمثال المسيح الفادى من قبل فى عرض للتضامن مع دول محددة تأثرت بالوباء، وتم عرض الصلاة معًا بلغات متعددة عبر التمثال الأيقونى الذى يبلغ ارتفاعه 125 قدمًا.
وفى الصين قام الفنان الصينى المحترف روى وانج بعمل معرض كامل للرسم بالضوء، وهو نوع من الفن الحديث يعتمد بشكل أساسى على استخدام الأضواء المختلفة بشكل احترافى وموجّه لتكوين صورة معبرة مخصص لشكر الأطقم الطبية والعاملين بالمجال الصحى، وكانت أهم لوحاته هى لوحة لممرضة صينية لها جناحان فى ظهر لباسها الواقى الأبيض صممها عن طريق تشغيل الكاميرا على النمط الليلى وتوجيه الأضواء على الموديل التى تلبس زى الممرضات مستخدمًا كشافه الخاص ليرسم لوحته المطلوبة فى الهواء. وجسّد فى ما يزيد على ٦ لوحات فنية للأطباء وطاقم التمريض مستخدمًا أضوء النيون الملونة. وأكد وانج أنه ينوى تصميم عمل خاص بعنوان «فلنضىء العالم كله» بكل لغات العالم ؛ خصوصًا الدول التى تضررت بشكل كبير من الفيروسات التاجية.