السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أيام «الأغا» السوداء في ليبيا!

تتلاحق وتيرة الأحداث سريعًا على الساحة الليبية، بسبب جنون الرئيس التركى رجب طيب إردوغان الذى لا يزال يعيش فى الحقبة العثمانية ويسعى لإحياء زمن أجداده الغابر الكئيب، عن طريق نهب ثروات ليبيا ونفطها، ووضع موطئ قدم له فى «شرق المتوسط» لتحقيق حلم آخر بالتنقيب عن الغاز فى تلك المنطقة الغنية بالآبار.. لكن يبدو أن مخبول إسطنبول سيفيق قريبًا على كابوس وأيام سوداء تنهى كل أحلامه المريضة.



 

طبول الحرب

 

فى خطوة لافتة من حيث التوقيت والمكان، أعلنت القوات البحرية التركية، أنها ستجرى مناورات بحرية ضخمة قبالة السواحل الليبية خلال الفترة المقبلة.. ونقلت وسائل إعلام تركية عن سلاح البحرية التركى أن المناورات المرتقبة سيطلق عليها اسم «نافتيكس»، وستجرى قبالة السواحل الليبية فى 3 مناطق مختلفة، وسيحمل كل منها اسما خاصا، وهى «بربروس» و«ترجوت رئيس» و«تشاكا باى».

 

وكشفت وسائل إعلام تركية أن هذه المناورات بمثابة تدريب تحسبا لاندلاع أى حرب فى شرق المتوسط، علاوة على ما وصف بالتوترات المتصاعدة التى شهدتها ليبيا فى الفترة الأخيرة، وأفادت بأن المناورات البحرية التركية ستجرى فى المياه الدولية بمشاركة 17 طائرة حربية و8 قطع بحرية، كى تثبت «تركيا قدرتها على السيطرة على المنطقة جوا وبحرا».

 

ويأتى الإعلان عن هذه المناورات بعد أيام معدودة من زيارة قائد القوات البحرية التركية، الأدميرال عدنان أوزبال إلى العاصمة الليبية طرابلس إلى جانب وزير الدفاع خلوصى آكار.

 

الرد السريع

 

كان رد الجانب المصرى سريعًا وحاسمًا على الخطوة التركية، إذ قامت القوات المسلحة المصرية، أول أمس الخميس، وبعد يوم واحد من إعلان أنقرة تنفيذ مناورات عسكرية قرب ليبيا بتنفيذ مناورات عسكرية بالتزامن مع إعلان البحرية التركية، حيث أطلق الجيش المصرى على المناورات اسم «حسم - 2020» واعتبر المراقبون أن لهذا الاسم معنى ودلالة كبيرة ويحمل رسالة مهمة فى حد ذاته.

 

وقال وزير الدفاع والإنتاج الحربى، الفريق أول محمد زكى، إن مصر لا تهدف للتدخل فى الشؤون الداخلية لأى دولة ولكنها لن تسمح بتهديد الأمن القومى المصرى من الاتجاه الغربى، وأضاف زكى أثناء تنفيذ المرحلة الرئيسية من المناورة البرية والبحرية «حسم 2020» بالاتجاه الاستراتيجى الغربى إن القوات المسلحة المصرية بكافة أفرعها تواصل استعدادها للتصدى لأى تهديد وترسل رسالة اطمئنان للشعب المصرى بأن قواته المسلحة تعمل على مدار الساعة لحماية الدولة المصرية والتصدى لأى تهديد.

 

وكان وزير الدفاع المصرى قد تفقد بالمنطقة الغربية أعمال المرحلة الرئيسية للمناورة الاستراتيجية «حسم 2020» التى نفذتها تشكيلات ووحدات المنطقة الغربية العسكرية بالتعاون مع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، واستمرت لعدة أيام فى إطار خطة التدريب القتالى لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة.

 

تأتى هذه المناورات غداة تصريحات للأمين العام للامم المتحدة أنطونيو جوتيرش قال فيها إن هناك «قلقا بالغا» حول التحركات بشأن مدينة سرت الليبية، كما نقلت وكالة «إنترفاكس» للأنباء عن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف قوله يوم الأربعاء الماضى، إن حكومة الوفاق تعوّل على الحل العسكرى، وقال لافروف، «إن الجيش الوطنى الليبى مستعد لتوقيع وثيقة تقضى بوقف إطلاق النار، لكن حكومة الوفاق لا ترغب فى ذلك».. وبذلك تؤكد المناورة المصرية الجديدة على الجاهزية التامة للتعامل مع كافة السيناريوهات المحتملة والممكنة فى العمق الاستراتيجى الغربى وفى هذا التوقيت، الذى كثرت فيه المؤشرات على تحركات تركية محتملة تجاه مدينة سرت التى أعلنت القاهرة فى وقت سابق أنها خط أحمر بالنسبة لأمنها القومى. 

 

احتلال تركى

 

بالتزامن مع تلك التحركات الساخنة على الارض خرج المتحدث باسم الجيش الليبى اللواء أحمد المسمارى ليؤكد إن كل الأراضى الليبية تحت الاستطلاع الرادارى والإلكترونى بشكل كامل وأن جميع المدن الليبية مؤمنة.. وأضاف المسمارى، خلال مؤتمر صحفى فى بنغازى، أن وزير الدفاع التركى اعترف خلال زيارته الأخيرة لطرابلس بأنهم موجودون فى ليبيا إلى الأبد وليس لهذا اسم آخر سوى الاحتلال، وهو تهديد بتحويل ليبيا لمصير قبرص.

 

وتابع المسمارى: «لا سلام مع وجود استعمار أو غازى أو إرهابي».. وأشار إلى أن انسحاب الجيش من طرابلس كان حماية للمدنيين من القصف العشوائى التركى ولا يعنى ذلك أن المعركة انتهت.

 

وقال إن الجيش الليبى أعلن عدة هدن إنسانية ووقف القتال إلا أن الموقف الآن مغاير «الآن أمامنا واجب قتالى آخر».. وطالب المسمارى الليبيين بالوحدة للحفاظ على الاستقلال والسيادة ومقدرات البلاد ومحاربة الغزاة الأتراك، وشدد على أن تركيا استولت على مليارات الدولارات من أموال الليبيين، قائلا: «أى دولار يصل لمصرف ليبيا المركزى يصل مباشرة إلى أنقرة، وتمت سرقت مليارات الدولارات، ولو استمر صمتنا ستنتقل السيادة الليبية إلى العاصمة التركية».

 

وأوضح المتحدث باسم الجيش الليبى، أن أردوعان قام بإنزال معدات عسكرية فى موانئ المنطقة الغربية ومطاراتها من صواريخ سام 3، وهى متطورة للغاية، وتم تحديثها وإدخالها إلى ليبيا عبر الأتراك كما تم إدخال مدرعات ودبابات وتحاول أن تتقدم إلى منطقة الهلال النفطى.. وكشف المسمارى أن القوات الليبية قادرة على صد ميليشيات أردوغان، لا سيما مع الزخم الدولى ومساندة المبادرة المصرية وتأييد مجلس الأمن، مؤكدا أن الأحداث تتصاعد داخل ليبيا واصفا المعركة الليبية ستكون معركة قومية وإقليمية.

 

رسائل «مجهولة»

 

تأتى تلك التطورات بعد الضربة الموجعة التى تلقاها أردوغان مساء السبت الماضى فى ليبيا، إذ تعرضت قاعدة الوطية الجوية الليبية، التى تعد أحد أهم مراكز العمليات الحربية التركية فى ليبيا، للقصف عبر تسع غارات جوية من قبل طائرات حربية مقاتلة مجهولة لم يتحدد أصلها. وتعقيبًا على تلك الواقعة، قالت كل من تركيا والحكومة الليبية فى طرابلس التى يرأسها مندوب الاحتلال التركى فايز السراج، إن تلك الطائرات الحربية تابعة لدولة أجنبية، ولا تتبع الجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر.

 

كانت الضربة قوية ورسائلها شديدة القسوة على الرئيس التركى، إذ وقع الهجوم بعد يوم واحد من اجتماعات ومباحثات استمرت يومين، خلال الأسبوع الماضى، عقدها وزير الدفاع التركى خلوصى أكار، ورئيس الأركان العامة ياشار غولر مع حلفائهم فى حكومة الوفاق الليبية، حيث جاءت الضربات الجوية للوطية ردًا على الاتفاق الذى أبرمه وزير الدفاع التركى مع رئيس حكومة الوفاق، الذى يقضى بمنح امتيازات استثنائية للضباط الأتراك فى ليبيا، إذ توفّر الاتفاقية الجديدة حصانة للقوات التركية فى ليبيا ضد أى ملاحقة قضائية، وتمنح الضباط الأتراك فى ليبيا صفة دبلوماسية لضمان حصانتهم.. كما جاءت الضربات «المجهولة» فى أعقاب شروع تركيا فى نشر جميع أنواع الأنظمة الهجومية والدفاعية فى قاعدة الوطية، ولكن استُهدفت منظومات الدفاع الجوى «صونغور»، والرادارات الثابتة والمُتحركة، ومنظومة «كورال» للتشويش الإلكترونى، التى كانت وحدات الجيش التركى قد ركّزتها فى قاعدة الوطية.. وخلفت الضربة خسائر كبيرة لتركيا.

 

رفض دولى

 

لا تزال تركيا تواصل نقل «المرتزقة» والمقاتلين السوريين إلى ليبيا، من أجل القتال إلى جانب فصائل الوفاق فى وجه الجيش الوطنى الليبى، ولا تزال الميليشيات الموالية لتركيا والمرتزقة السوريون يحشدون قواتهم للهجوم على تمركزات الجيش قرب مدينة سرت نظرًا للأهمية الاستراتجية والعسكرية والاقتصادية لمدينة سرت وموقعها على البحر المتوسط.

 

ومؤخرًا وقع صدام بين فرنسا وتركيا عندما أرادت سفينة حربية فرنسية، تعمل فى إطار عملية «الحرس البحري» لحلف شمال الأطلسى «الناتو»، إيقاف سفينة تركية، متجهة إلى مصراتة يشتبه فى أنها تنقل أسلحة إلى ليبيا، إلا أنه كان هناك ثلاث فرقاطات تركية مصاحبة لها لم تسمح بذلك، وبينما تزعم تركيا أنها كانت ترسل فى تلك السفينة أدوية ومعدات طبية إلى المستشفى المركزى فى مصراتة، تقول فرنسا والدول المعارضة لتركيا إن حراسة سفينة تحمل معدات طبية من خلال ثلاث فرقاطات حربية يبدو أمرًا واهيًا لا معنى له. 

 

كما عزز الرفض الدولى للتدخل التركى فى ليبيا والسياسات التركية فى البحر المتوسط إلى بلورة مجموعة من المواقف والخطوات الدولية التى ضيقت الخناق، ولا تزال تفعل، على الرئيس التركى، حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تعتزم إجراء تدريبات عسكرية مع قبرص للمرة الأولى.. كما أعلنت السفارة الفرنسية فى قبرص أيضا مشاركة فرنسا فى مناورات عسكرية مع 3 دول أوروبية مجاورة لتركيا، هى قبرص واليونان وإيطاليا، فى مياه البحر الأبيض المتوسط.. وأدى ذلك الإدرك الأوروبى للمطامع التركية إلى العمل على إفشال القبضة التركية على ليبيا لأن ذلك من شأنه أن يضعف أنقرة أيضا فى ابتزازها لأوروبا بملف اللاجئين.