الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«منصبهن» عظيم!

شهدت السنوات الخمس الأخيرة صعود المزيد من النساء ليشغلن مناصب إدارية وتنفيذية وسياسية مهمة، لم يتوقع أحد فى أن ترأسها امرأة فى يوم من الأيام.. خاصة فى دول لم تصل فيها نسبة مشاركة المرأة فى العمل إلى ٥٠٪.. فى الوقت نفسه شكَّل وصول عدد من النماذج النسائية لمناصب مهمة عالميًا إجابة واقعية للسؤال السائد حول فاعلية المرأة فى المناصب القيادية وقدرتها على تحمُّل المسئولية.  



سيدات الفضاء

 

منذ عدة أيام، ترقت «كاثى لودرز» إلى رئيس مديرية رحلات الفضاء البشرية التابعة لوكالة ناسا، حسبما أعلن مدير الوكالة «جيم بريدنشتاين» بعد أسبوعين فقط من الإطلاق الناجح لرائدة الفضاء ضمن فريق Artemis إلى محطة الفضاء الدوليّة.

 

وشغلت «لودرز» منصب مدير برنامج الطاقم التجارى التابع لوكالة ناسا، بعد رحلة عمل فى وكالة ناسا منذ العام 2014، وتم اختيارها للمنصب الجديد بسبب اهتمامها العميق بتطوير الأسواق التجارية فى الفضاء والتى يعود تاريخها إلى عملها الأول فى برنامج مكوك الفضاء من شركة Commercial Cargo وCommercial Crew، حيث ساعدت بأمان ونجاح فى الضغط لتوسيع القاعدة الصناعية خلال تلك المشاريع.

 

 لم تكن «لودرز» أول امرأة تتولى منصبًا مهمًا فى ناسا؛ إذ سبقها كثيرات حاربن من أجل المشاركة فى العمل الحقيقى وارتقاء المناصب، وعملت النساء فى البداية داخل وكالة ناسا فى الدعم كمديرات وأمناء وأطباء وعلماء نفس ومهندسات فى الستينيات، وسط ضغط من الرجال داخل الوكالة؛ حيث حارب «جورج لو» رئيس ناسا لرحلات الفضاء وقتها وجود النساء داخل الوكالة، معتبرًا أن أن العمل مع النساء سيؤخر عمله.

 

 جاءت توجيهات جون كينيدى، الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت، بضرورة تشجيع المساواة بين الجنسين فى القوى العاملة، ما أدى إلى خلق توجيه سياسة جديدة على مستوى الوكالة ينص على أن وكالة ناسا توفر فرصًا متساوية لجميع أنواع الأشخاص الراغبين فى العمل مع وكالة ناسا، ورغم ذلك لم يتم اختيار أى امرأة للانضمام إلى فريق رواد الفضاء.  وكانت السبعينيات نقطة انطلاق دفعت النساء خطوة نحو التحوُّل إلى رواد فضاء، وبالتزامن مع تلك الخطورة بدأ الجيش بقبول النساء لتدريب الطيارين الذى أدى فى النهاية إلى وجود رواد فضاء من النساء.

 

 وفى يونيو 1983،  صنعت «سالى رايد» التاريخ كأول رائدة فضاء أمريكية، وبعد نحو عام استقلت «جوديث ريسنيك» مكوك الفضاء ديسكفرى وأصبحت ثانى امرأة أمريكية فى الفضاء.

 

تبع ذلك انضمام «إلين أوتشوا» إلى وكالة ناسا فى عام 1988، لتصبح أول رائدة فضاء من أصل إسبانى، وتولت مهمات متعددة شملت 4 رحلات وقرابة الألف ساعة فى الفضاء. فى عام 1985، قامت شانون لوسيد برحلتها الأولى، وبحلول نهاية حياتها المهنية قضت 188 يومًا فى الفضاء وسجلت لوسيد رقمًا قياسيًا أمريكيًا للرجال والنساء على حد سواء، فى قضاء أكبر عدد من الأيام فى الفضاء حتى عام 2002.

 

 وبحلول التسعينيات، كانت ناسا تقوم بالكثير من الأبحاث فى أجساد النساء وتأثيرات الفضاء على أجسادهن، استمرت الوكالة بعد ذلك فى إطلاق عدد النساء فى البعثات الكوكبية، وتم إعطاء النساء معظم الأدوار كمحققين مشاركين وعلماء مشاركين بنسبة لا تزيد على 10 ٪ من الفريق.

 

 بدأت هذه النسبة فى الزيادة فى العقد الأول من القرن الحالى لتصل مشاركة النساء فى الرحلات الفضائية إلى نحو 30 ٪ من طاقم العمل، وفى عام 2007 أصبحت «بيجى ويتسون» أول امرأة تتولى قيادة محطة الفضاء الدولية، كما أجرت عشرات الاختبارات فى الفضاء التى عززت تقنيات الفضاء التى لا تزال تستخدم حتى اليوم.

نساء المخابرات

 

وصلت «جينا هاسبيل» ضابطة الاستخبارات أمريكية إلى منصب مديرة وكالة المخابرات المركزية (CIA) وهى أول امرأة تشغل هذا المنصب على أساس دائم، بعدما شغلت منصب نائب مدير الوكالة، وأصبحت مديرة بالإنابة بعد استقالة «مايك بومبيو» ليصبح وزير خارجية الولايات المتحدة.

 

 رُشحت«هاسبيل» من قبل الرئيس دونالد ترامب فى 17 مايو 2018، بعد حصولها على عدد من الجوائز من بينها جائزة بوش الأب للتميُّز فى مجال مكافحة الإرهاب، وجائزة دونوفان، ووسام الاستخبارات، وجائزة الرتبة الرئاسى.

 

 ركزت «هاسبيل» بعد استلامها المنصب على تعزيز الأساسيات مثل إعادة بناء المعنويات ودفع المزيد من الضباط إلى المناصب الخارجية والتأكيد على مهارات التجسُّس الأساسية، مثل الخبرة اللغوية.

 

ولا تزال «هاسبيل» من الشخصيات العالمية المثيرة للجدل؛ حيث عملت قبل توليها المنصب، كرئيسة لموقع أسود لوكالة المخابرات المركزية فى تايلاند فى عام 2002، وكانت مسئولة عن تعذيب الأسرى بشتى الطرق بما فى ذلك الغمر بالمياه وأنواع تعذيب أخرى تحت مسمى تقنيات الاستجواب المحسنة حتى لقبت حينها بـ«جودى الدموى».. وفى أغسطس 2018 تم الاطلاع على كل ما أذنت به أو كتبته «هاسبيل» أثناء عملها كرئيس لقاعدة تايلاند، وهو ما أكد تورطها. 

 

قادة وساسة وجنرالات

 

ورغم ما حقّقته المرأة فى مجالات العمل وصولًا إلى مناصب رفيعة وسرية حتى فى الدول النامية والعالم الثالث، لكن لايزال هناك انخفاض ملحوظ فى وجود الإناث المشاركات فى العمل العام والساحة السياسية.. ففى سنغافورة على سبيل المثال تشكل الإناث 42 ٪ من القوى العاملة ومع ذلك يشغل جزء كبير مناصب غير محورية ذات رواتب منخفضة.. ويرجع ذلك إلى المؤهلات التعليمية المنخفضة للمرأة وخبرات العمل الأقل من الرجل وتركيز المرأة وتفانيها فى دورها فى الحياة الأسرية.

 

وتظهر فى سنغافورة كل ١٠ سنوات امرأة واحدة فقط تلمع فى مجال العمل العام، وتتقلد منصبًا كبيرًا، وتعتبر «جان سيو هوانج» أهم امرأة سنغافورية، وحصلت على شهرة عالمية كونها أول امرأة تصل إلى منصب رئيس أركان سلاح الجو السنغافورى، بعد أن تلقت تعليمها ما قبل الجامعى فى فيكتوريا جونيور كوليدج ثم حصلت على منحة الاستحقاق للقوات المسلحة السنغافورية فى عام 1993، كما حصلت بعد ذلك على بكالوريوس العلوم من كلية لندن للاقتصاد وحضرت دورة القيادة والأركان فى كلية الدفاع النيوزيلندية عام 2003.

 

وشغلت «هوانج» عدة مناصب عسكرية منها القيادة والأركان فى القوات المسلحة السنغافورية بما فى ذلك قائد السرب 203، قائد مجموعة المراقبة والتحكم الجوى، وكانت رئيسة قسم القوى العاملة المشتركة فى وزارة الدفاع، حيث خلفت «العميد نيو هونج كيت» كقائد لقيادة توليد الطاقة الجوية فى 5 أكتوبر 2016.

 

وفى يوليو 2019 تم تعيين «هوانج» رئيسًا للأركان الجوية خلفا للعميد «تومى تان آه هان»، وكانت جان أيضًا عضوًا فى اللجنة التنفيذية لمرشدات سنغافورة فى عامى 2016 و2017 وحصلت على ميدالية الإدارة العامة العسكرية فى عام 2013، لكنها فى مارس 2020 استقالت من منصب رئيس الأركان الجوية لجمهورية سنغافورة ويشاع أنها فى مرحلة التجهيز لمنصب رفيع سيغير مستقبل المرأة السنغافورية بالكامل.

 

من سنغافورة إلى بنجلاديش، تعتبر الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنجلاديش، واحدة من أكثر النساء نفوذًا فى العالم وأهمهن على الإطلاق، إذاحتلت المرتبة 26 فى قائمة فوربس من أعظم ١٠٠ امرأة قوية فى العالم، كما احتلت أيضًا المرتبة الـ٣٠ فى قائمة أعلى 100 مفكر عالمى فى العقد الحالى.

 

وتشغل الشيخة حسينة عضوية مجلس القيادات النسائية العالمية وهى شبكة دولية من الرئيسات الحاليات والسابقات ورئيسات الوزراء امتدت مسيرتها السياسية لأكثر من أربعة عقود، كما عملت فى السابق كقائدة معارضة من عام 1986 إلى عام 1990، تبع تلك الفترة توليها رئاسة الوزراء حتى العام 2001.

 

عادت «حسينة» لرئاسة الوزراء بانتصار ساحق فى يناير 2014 لولاية ثالثة فى انتخابات غير معارضة وفى انتخابات قاطعتها المعارضة وانتقدها مراقبون دوليون وفازت بولاية رابعة فى ديسمبر 2018 بعد انتخابات شابتها أعمال عنف وانتقدتها المعارضة بأنها مزورة.  ولقُبت حسينة بالمرأة العالمة وذلك بسبب حصولها على أكثر من ٤٠ جائزة وحملها ٣٠ شهادة دكتوراه فخرية القانون من جامعة بوسطن فى 6 فبراير 1997 ودكتوراه فخرية.

سيدة المحيط الهادئ

 

حتى فى الجزر النائية والمنفصلة حصلت المرأة على مكانة رفيعة ووصلت إلى العالمية، وتعتبر «شارمين إيرادينومو سكوتى» وزيرة داخلية جزيرة «ناورو» هى أشهر نساء جزر المحيط الهادئ،  ولقبت بسيدة الجزر.

 

صنعت التاريخ باعتبارها ثانى امرأة تدخل البرلمان، وبعد انتخابها فى البرلمان تم تعيينها من قبل الرئيس المنتخب حديثا بارون وقا للعمل فى إدارته كوزيرة للداخلية التى تشمل شئون المرأة والتعليم والشباب وإدارة الأراضى، كما عملت مديرة فى أعلى مستويات الخدمة العامة وبلغت ذروتها كسكرتيرة دائمة فى وزارات الصحة والشئون الداخلية والعدل قبل انشغالها بالسياسة.