السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

يسرا على عهدها مع الجمهور

«يسرا» واحدة من النجمات القليلات اللاتى يعطين طعمًا خاصًا لشهر رمضان وسباق الدراما الرمضانى، ولا نتخيل موسم رمضان من دونها، ويعز علينا عندما تغيب فى أحد المواسم، وكثيرًا ما سألت نفسى هل بات الأمر يتعلق بعادات الفرجة والمشاهدة أمْ أن الأمر يحمل أكثر من ذلك؟. واكتشفت أن وجود «يسرا» وطلتها على الشاشة يرتبط وبشكل كبير بحالة من الحنين، نعم إنه الحنين لأزهى عصور الدراما المصرية لعادات وطقوس كانت مرتبطة بتلك الفترة والحالة كلها، من لمّة العيلة حول مسلسلات الكبار، لشخصيات لانزال نذكر بعضها لأن الدراما كانت تشبهنا فى ذلك الوقت.



 

 

«يسرا» هى نجمة برائحة أيامنا الحلوة والخالية من التعقيد، لذلك لم أتوقف يومًا عن متابعة ما تقدمه من أعمال تتنافس بها فى الموسم الرمضانى، وهى الأعمال التى مرّت بمنحنيات بيانية من صعود وهبوط، ورُغم ذلك فلاتزال قادرة على العطاء والمنافسة بقوة. مثلما يحدث هذا العام، فى مسلسلها (خيانة عهد) من تأليف «أحمد عادل سلطان»، وسيناريو وحوار «أمين جمال».

 

جاءت الحلقات الأولى من المسلسل هادئة ودون أحداث كبيرة، فقط تقديم عائلة «عهد» والتعريف بها، وظلال بسيطة تعكس شكل العلاقات بينهم لذلك لم يلفت الانتباه كثيرًا. تدور أحداث المسلسل حول «عهد - يسرا»، الأخت غير الشقيقة لـ «فرح ومروان - حلا شيحة وخالد سرحان». تعرف منذ صغرها قراءة الفنجان، وفى الأغلب كانت هذه القراءات تتبعها أحداث مؤسفة أو مصائب؛ لنتفاجأ بأن ابنها «هشام - خالد أنور» مدمن مخدرات وأخويها يضمران لها الشر دون علمها، ويسعيان للانتقام منها. ومن يتابع العمل فى البدايات، كان يتابع «يسرا» بالأساس، متسائلًا هل ستظل وتيرة المسلسل بهذا الشكل. هل يخرج من السباق مبكرًا، ما سر الكراهية التى تكنها «فرح» لـ«عهد»؛ خصوصًا أن الفلاش باك الوحيد هو الذى كشف كيف أن «فرح» عانت من زوجة أبيها (والدة عهد)؟. بالطبع لم يكن كافيًا ولا مشبعًا لباقى الأحداث الدرامية التى بنيت عليه. ولكن ما حدث هو العكس تمامًا؛ حيث إن إيقاع المسلسل أخذ فى التصاعد التدريجى بإيقاع شديد الانضباط يجعلك تنتظر الحلقة المقبلة، وهذا الأمر يحسب لمونتير العمل «أحمد شحم» والمخرج «سامح عبد العزيز».  لتأتى ذروة الأحداث مع قيام «فرح» بقتل «هشام» ابن «عهد» بعد أن اكتشف مؤامرتها. والحقيقة أن المشهد تم تنفيذه بحرفية عالية جعلت معظم المتفرجين يكتمون أنفاسهم للحظة غير مصدقين ما يشاهدونه على الشاشة، وكيف تقوم خالة بقتل ابن شقيقتها والأقرب إلى روحها وتلقى به فى الشارع!!.

 

تلك الحالة الانفعالية لم تنته بل تواصلت فى الحلقة التالية مع مشهد المشرحة وذهاب «عهد» لتتعرف على جثة ابنها، وأدت «يسرا» المشهد بإحساس واحتراف عالٍ، وانفعالات فى مكانها وتوظيف لحركة جسدها فى ظل حالة النكران التى سيطرت عليها، وكيف لها أن تصدق ذلك وهو الذى دائمًا ما كان يقف أمامها مليئًا بالطاقة والحيوية، كيف لها أن تصدق أن فرحة عمرها وأملها فى الحياة يرقد أمامها دون حراك وأن هذه هى المرة الأخيرة التى ستراه؟. كل تلك المعانى والانفعالات جسّدتها «يسرا»، بلا مبالغات وبصدق، وتماهٍ مع الشخصية الدرامية التى تجسّدها لتلك الأم المكلومة، والمصدومة - بعد ذلك - فى أقرب الناس إليها، مع كل مفاجأة جديدة تكتشفها، تلك المَشاهد تضعها مع كبار النجمات اللاتى قدمن تلك النوعية من المَشاهد.

 

(خيانة عهد) دراما اجتماعية تحمل خطوطًا من الإثارة والتشويق، تكشف كثيرًا عن الخلل الذى بات يحكم العلاقات الإنسانية، والخواء النفسى والعاطفى، (الخط الدرامى لسارة تجسدها هنادى مهنى، وشقيقها على يجسده تيام قمر)، والعلاقات الزوجية القائمة على المصالح والتواطؤ (مروان يجسده خالد سرحان، ونادية تجسدها عبير صبرى) وفرح (حلا شيحا) التى ينهش الانتقام روحها. 

 

رُغم الصياغة الدرامية الجيدة للمسلسل؛ فإننى أعتقد أن فكرة الـ30 حلقة تؤثر بشكل كبير على طبيعته الدرامية وإيقاعه؛ خصوصًا أن بطلة العمل بدأت رحلتها فى الانتقام كما هو متوقع.

 

وجود المخرج «سامح عبدالعزيز» صاحب الموهبة والخبرة والتجارب المتباينة فى الدراما، الذى يعرف جيدًا طبيعة المسلسل الذى يقدمه لذلك يبذل جهدًا كبيرًا فى الحفاظ على الإيقاع، كما أنه مخرج يجيد التعامل مع الممثل لذلك نجد «بيومى فؤاد» يقدم واحدًا من أفضل أدواره، والقديرة «سلوى عثمان، خالد سرحان، خالد أنور، وجومانة مراد» علاوة على خبرة «يسرا» التى تألقت فى الكثير من المَشاهد.>