السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حفيد طلعت حرب .. محمود ابراهيم: جدى لم يكن عدوا للمراة والدليل روزاليوسف

خلال احتفالية بنك مصر، الخميس الماضى، بالمئوية الأولى.. حرصت «روزاليوسف» على إحياء الذكرى على طريقتها الخاصة بالحديث مع الخبير المصرفى محمود إبراهيم، حفيد طلعت باشا حرب، مؤسس بنك مصر.



 

قص لنا العديد من الحكايات عن إنشاء الصرح الاقتصادى القومى كما أكد على ثقته بعبور مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى بالاقتصاد الوطنى من تلك الأزمة التى ضربت أنحاء العالم وتعانى منها دول كبيرة، وإلى نص الحوار:

 

 

 بداية.. ما صلة القرابة التى تربطكم بالاقتصادى الشهير طلعت حرب باشا؟

 

- طلعت حرب هو والد جدتى خديجة هانم، حيث إن كريمتها هى والدتى نادية محمود سامى.

 

 يبدو أن كثيرًا من المرتبطين بعائلة طلعت باشا تأثروا بعمله فى القطاع المصرفى.. فماذا عن علاقات العائلة بهذا القطاع؟

 

- يضحك.. هناك بالفعل صلة قوية بين الأجيال المختلفة (القطاع المصرفى بصفة عامة وبنك مصر بصفة خاصة)، ففى الستينيات تولى زوج كريمته الثانية هدى طلعت حرب رئاسة بنك مصر، كما تولى والدى نبيل إبراهيم رئاسة بنك مصر فى الثمانينيات، أما أنا فقد عملت فى نفس المجال، لكن بالخارج فتوليت منصب نائب رئيس أول بنك ميريل لينش الأمريكى فى باريس، كما توليت منصب نائب رئيس تنفيذى لبنك يورو فايننشال جروب فى مونت كارلو وحاليًا عضو مجلس إدارة إحدى شركات تداول الأوراق المالية.

 

جدى كان بمثابة المثل الأعلى لنا بعدما نشأنا على المُثل والأخلاق التى كان يتمتع بها مؤسس بنك مصر؛ لأننا كنا نقرأ عنه كثيرًا ونحاول بقدر الإمكان أن يكون لدينا تاريخ أسرى وبنكى نحافظ عليه.

 

 ماذا عن الذكريات أو الأسرار التى قد لا يعرفها البعض عن طلعت باشا حرب؟

 

- من الأشياء التى قد لا يعرفها الكثيرون عن جدى أن اختياره لصورة كليوباترا لتكون شعار بنك مصر لم تكن لتأتى من فراغ، لكنها جاءت من تأثره الشديد بالأصول والتاريخ المصرى القديم، حيث كان يمتلك مجموعة وصف مصر التى جاءت فى 20 جزءًا وهى مجموعة نادرة جدًا، أهدتها الأسرة لمتحفه فى مقر البنك بوسط القاهرة.

 

من المعروف أن كليوباترا باللغة المصرية القديمة تعنى فخر والدها، حيث إن كلمة كليو معناها فخر وباترا تعنى الوالد، ومن المعلوم أيضًا أن طلعت باشا كان له 4 كريمات وابن واحد اسمه حسن الذى توفى فى صباه، ومن المرجّح أن يكون قد اختار هذا الشعار لاعتزازه ببناته، فهو على عكس ما اتهمه البعض بأنه كان له موقف متشدد من النساء على وقع معاركه الأدبية مع محرر المرأة قاسم أمين.

 

 وكيف ترد على اتهامات بعض المؤرخين لنظرة طلعت حرب تجاه المرأة؟

 

- يمكن الرد على ذلك بسرد المواقف التى سجّلت له فى مضمار تشجيع المرأة، حيث إنه أول مَن شجع سيدة الغناء العربى أم كلثوم أن تقوم ببطولة أول فيلم مصرى وهو فيلم «وداد» بعدما أنشأ استوديو مصر بمنطقة الهرم، كما أنه وفّر التمويل اللازم للسيدة فاطمة اليوسف لتأسيس مجلتكم الغرّاء «روزاليوسف» مقابل نشر إعلانات عن البنك فى المطبوعة.

 

كما كان لجدّى نظرة متفتحة لا تحمل تمييزًا ضد أى مصرى، والدليل أنه عندما أسس بنك مصر أصرّ أن يكون أعضاء مجلس الإدارة المؤسسون يمثلون جميع الطوائف المصرية، حيث كان إسكندر مسيحة يمثل الطائفة القبطية، فيما مثّل يوسف أصلان قطاوى باشا الطائفة اليهودية التى كان يرأسها.

 

 هل هناك دروس تعلمتها من الأسرة فى مجال الائتمان والمعاملات المصرفية؟

 

- بالطبع، هناك درس مهم للغاية فى الائتمان تعلمته من قصة طلعت باشا مع شركة ياسين للزجاج، حيث كانت الشركة تحتاج إلى تمويل، لكن إدارة الائتمان ببنك مصر اعترضت على منحة القرض؛ نظرًا لظروف مصنعه السيئة، لكن طلعت باشا أصرّ على منحه القرض؛ لأن صاحب المصنع باع أصولاً ليستمر مصنعه وهو ما يعنى جديته وإيمانه بمشروعه، وكان لا يعطى قروضًا فحسب، بل يتابع العملاء بطريقة فيها نبل لا يُشْعر العميل بالضيق، حيث كان يطلب من معاونى ياسين فى المصنع بالزيارة، لتكون فرصة ليتابع نتائج العمل ويتأكد من قيام العميل بتجديد الآلات ووجود المخزون والأرصدة ليتأكد فى النهاية من سير العمل بشكل صحيح.

 

 كان مقررًا الاحتفال بمئوية تأسيس بنك مصر الشهر الماضى.. لكنها تم تأجيلها نتيجة انتشار وباء كورونا.. كيف تقيم أداء البنك خلال الفترة الأخيرة؟

 

- لا أتدخل فى عمل البنك؛ لأنى لست عضوًا عاملاً به، لكن يشرفنى فى أى وقت الانضمام لفريق العمل، واستطاعت إدارة البنك الحالية برئاسة صديقى محمد الإتربى أن تصل بالبنك من ناحية تأهيل الكوادر والأرقام التى حققها إلى إنجازات ممتازة ومدهشة، فهذه الإدارة نجحت فى نقل البنك لعصر البنوك الإلكترونية، لذلك أرى أن الإدارة الحالية للبنك من أفضل الإدارات التى تولت هذه المهمة.

 

 هل تتوقع تكريمًا جديدًا لطلعت باشا حرب حال إحياء ذكرى المئوية؟

 

- طلعت حرب كُرّم فى مناسبات عديدة، كان أولها من أم كلثوم عندما غنت له قصيدة من كلمات الشاعر صالح جودت وألحان الموسيقار رياض السنباطى بعنوان «اذكروه خلدوه» كما كُرّم من الرئيس جمال عبدالناصر عندما أطلق اسمه على شارع سليمان باشا ووضع تمثاله بوسط الميدان الشهير، وفى 1980 فى الذكرى الستين لتأسيس بنك مصر تم تكريم اسم جدّى بقيام الرئيس الراحل أنور السادات بمنحه قلادة النيل العظمى؛ تكريمًا لمجهوداته العظيمة فى الاقتصاد الوطنى.

 

 طالبت فى الآونة الأخيرة بتحويل منزل طلعت باشا حرب لمتحف اقتصادى.. ما قصة المنزل وكيف تحول لمبنى تابع لجامعة عين شمس؟

 

- طرأت ظروف على العائلة، حيث إن جدى محمود سامى، زوج خديجة طلعت حرب توفى فى 1938، فطلب طلعت باشا من خديجة العيش فى منزله الواقع بشارع رمسيس بالعباسية، فعاشت جدتى ووالدتى معه فى هذا المنزل وبعد 3 سنوات توفى هو الآخر وظلت جدّتى ووالدتى فى المنزل، لكن للأسف نزعت ملكية هذا المنزل أواخر 1957، فاضطروا لترك المنزل الذى يعد مقرًا، الآن، لكلية التربية النوعية بجامعة عين شمس، وزرت المنزل من عدة أشهر وكان فى حالة سيئة للغاية، حيث كان هناك مسرحً فى حديقة القصر تقام فيه عروض لأم كلثوم وعبدالوهاب وجدته حرق تمامًا.

 

لكن القصر لايزال يحتفظ بنفس تصميمه المعمارى، لذلك أتمنى أن يتحول إلى متحف لنهضة مصر الاقتصادية منذ طلعت حرب إلى عصر الرئيس عبدالفتاح السيسى لتأريخ المشروعات الاقتصادية الكبرى كمشروع شرق التفريعة والعاصمة الإدارية ومدينة العلمين، لتعرض فى هذا البيت وتكون أمام الشعب؛ ليتعرف على دور رجال الاقتصاد والقوات المسلحة فى نهضة اقتصاد بلدهم.

 

 ماذا عن منزل طلعت حرب الذى شهد مولده ومراحل حياته؟

 

- طلعت باشا ولد فى منزله حمل رقم 3 بشارع قصر الشوق بحى الجمالية، وهذا المنزل كان قد باعه فى ثلاثينيات القرن الماضى، وبالمناسبة زرت قبل فترة وجيزة هذا المنزل ولايزال يحتفظ بالمشربية القديمة.

 

 هل هناك مساهمة من بنك مصر لتحقيق فكرة إنشاء متحف اقتصادى بمنزل جدّك؟

 

- علمت أن بنك مصر تبرّع بعدة ملايين لإعادة بناء المسرح الذى حرق فى حديقة القصر، لكن لايزال المسرح لم يشهد أى ترميم حتى الآن، وللعلم اتصلت بـ7 وزراء لتحقيق فكرة تحويل هذا المنزل لمتحف، لكن دون جدوى.

 

 تمتلك خبرة مصرفية دولية.. كيف ترى مستقبل الاقتصاد العالمى وسط تداعيات فيروس كورونا؟

 

- لا أحد كان يتخيل سيناريو فيروس كورونا ولا العواقب الجسيمة التى ألحقها باالاقتصاد العالمى، بالطبع هذا الوباء من المحتمل أن يغيّر أنماط العمل، وأنا أرى أنه لا بدّ أن تعود الشركات للعمل مرة أخرى، لكى تدور عجلة الاقتصاد؛ لأن العالم قد لا يستطيع تحمل شلل الاقتصاد، لكن فى الوقت نفسه لا بدّ من اتخاذ أقصى الاحتياطات الممكنة لأسوأ الاحتمالات.

 

 كيف تقيّم تعامل البنوك المركزية فى العالم مع تلك «كوفيد-19»؟

 

- أرى أن البنوك المركزية والحكومات تعلمت من أزمة 2008، التى تم التعامل معها ببطء شديد، حيث كان هناك تضييع للوقت، ما اضطر الحكومات للتضحية ببعض البنوك وعلى رأسها ليمان برازرز الأمريكى، لكن حاليًا مع كورونا الوضع مختلف، حيث تدخلت البنوك المركزية سريعًا جدًا وتم التعامل بمهنية، لذلك لم تنهر البورصة الأمريكية وأعتقد أن الولايات المتحدة لن تسمح بانهيار بورصتها، خاصة أن الوضع ليس بسبب أخطاء مالية أو مصرفية من الإدارة، وأعتقد أنه لا توجد حلول فى الوقت الراهن سوى تخفيف الإجراءات الاحترازية لعودة النشاط والحياة إلى طبيعتها.

 

 وكيف ترى تعامل مصر مع تداعيات الفيروس المستجد؟ 

 

- يمكن القول بأن القيادة السياسية تعاملت مع أزمة كورونا بمنتهى الحرفية والحكمة والذكاء، خاصة أنه قبل انتشار فيروس كورونا كان الاقتصاد يسير بخطى ثابتة، حيث حققت السياحة والصادرات طفرات ممتازة، لذلك أعتقد أن قرار الرئيس الاستمرار فى تنفيذ المشروعات القومية كان بمثابة تحدٍ لهذه الأزمة، وأثق فى عبور رئيس الجمهورية بنا من هذه الأزمة مثلما عبرنا من قبل فى حرب أكتوبر 1973.

 

 أخيرًا.. كيف ترى توجه مصر مجددًا للاقتراض من صندوق النقد الدولى؟

 

- القرار كان صائبًا للغاية؛ لأننا نواجه بسبب هذه الأزمة انخفاضًا فى إيرادات العملة الصعبة التى تُدرها السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وقناة السويس والصادرات، خاصة أن الصندوق متفهم للأوضاع الجديدة التى فرضها هذا الوباء على اقتصاديات الدول، لذلك فلا أتوقع أن يفرض شروطًا قاسية على الحكومة المصرية.