الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العمالة غير المنتظمة.. «فى انتظار رنّة الحكومة»

«نظرات حائرة تتوسّط الجزيرة الوسطى فى شوارع المحروسة، عيون يحدوها أمل العمل فى ظل الأوضاع الكارثية التى خلّفها فيروس كورونا حول العالم، وتأثيره الذى طال العديد من كل مناحى الحياة، وبات عمّال اليوميّة يتقلّبون صباح مساء على جمر الوباء، لعل الظروف تتحسّن ويلملمون معداتهم لأول قادم من بعيد يطلبهم للعمل؛ لأن الفيروس المستجد أصبح يهدد «مصدر رزقهم»، خاصة أن حكاواهم اليومية على رصيف الرزق نفدت، وتتطلع عيونهم صبيحة كل يوم إلى تتر فيلم الموسم: هل قارب «كورونا» على كتابة حلقته الأخيرة؟!



 

 

ووفقًًا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن عدد العمالة غير المنتظمة تجاوز مليونى عامل، ما جعل الدولة تسارع إلى دعمهم لمجابهة تداعيات فيروس كورونا بمنحة تقدّر بـ500 جنيه وبإجمالى 1500 جنيه على مدى 3 أشهر، والتى تم صرفها من خلال الفروع التابعة لمكاتب البريد، والبنك الزراعى المصري، حيث تم تخصيص 5700 منفذ، وعلى الرغم من أنهم الفئة الأكثر تضررًًا جراء الوباء العالمي، فإن بعضهم اكتشف أنه لم يعلم شيئًًا عن منحة الحكومة للعمالة غير المنتظمة، فيما لم يصرف آخرون الدعم المقدم الحكومة رغم تسجيل بياناته. 

 

«روز اليوسف» تحدثت مع عدد من عمّال اليومية الذين اعتادوا الخروج من منازلهم كل صباح؛ بحثًًا عن الرزق الحلال؛ ليعودوا آخر النهار لأبنائهم بمصاريف المعيشة وإطعام الأفواه الجائعة فى ظل أزمة عصفت بدول وكيانات اقتصادية كبرى كانت آثارها مدوية على العالم بأسره.

 

 

عامل: «مدخلش جيبى جنيه من شهر»

 

 

يقول منصور عبدالنعيم، أحد عمّال اليومية، إنه لا يعلم شيئًا عن منحة الحكومة التى قدّرتها بـ٥٠٠ جنيه لكل عاطل عن العمل للمساعدة فى ظل أزمة وباء كورونا: «ياريت أهو تساعدنا على المعيشة، ياريت لو حد يساعدنى فى الحصول على منحة الحكومة».

 

أضاف منصور: «بخرج كل يوم من الساعة ٦ الصبح حتى أذان العشاء، لكن بعد قرار الحظر بمشى من الساعة خمسة المغرب»، مؤكدًا أن العمل قلّ بعد ظهور فيروس كورونا:«الناس خايفين يدخلونا بيوتهم.. طب نروح فين؟»

 

وأخذ الرجل الستينى يندب حظه على رصيف الأحزان قائلاً:«أقسم بالله لم يدخل جيبى فلوس من شهر، آخر مرة صاحب شغل أخدنا فى شغلانة عشان كنت صعبان عليه لأنى راجل كبير»، مضيفًا:«أنا عندى 5 أولاد وأمهم مش عارف أأكلهم منين، وسنى كبر ولا عندى معاش».

 

يضيف عم منصور، 65 عامًًا، أنه كان مستأجرًا لقطعة أرض زراعية بمحافظة المنيا، لكن بعد ارتفاع خدمة الأرض تركها وجاء إلى قاهرة المعز للعمل فى العمالة اليومية، لعلّ وعسى، كاشفًا عن أنه تقدم أكثر من مرة للحصول على معاش يساعده على العيش هو وأبناؤه الخمسة وأمهم، لكن دون جدوى.

 

مصطفى: «منحة الحكومة دى لمين؟»

 

لا يختلف الأمر كثيرًا لدى مصطفى إسماعيل، الذى يجلس بجوار عم منصور، بأنه لا يعرف كيفية التقديم فى منحة العمالة غير المنتظمة: «عرفت عن المنحة من التلفزيون، لكن مش عارف المنحة دى لينا ولا لمين؟، متسائلاً عن طرق التقديم فى منحة الـ500 جنيه».

 

وطالب مصطفى برعاية ظروف العمالة اليومية:«إحنا على باب الله يوم آه وعشرة لأ»، مؤكدًا «أنا بدفع إيجار ٤٠٠ جنيه فى الشهر وعندى 4 أولاد، ياريت لو الحكومة توفر لنا معاش أو راتب شهري، فالواحد فينا لو تعب مش هيلاقى يأكل ولاده»، مضيفًا:«أغلبنا ناس مش متعلمين ولا نعرف نروح ولا نيجى لو الحكومة عاوزة تساعدنا بجد تنزل تعمل حصر ومكانا معروف للكل».

 

شكوى جماعية: الـSMS لم يصل

 

فى المقابل، يقول محمد الأسوانى إنه تقدم لمنحة العمالة غير المنتظمة، لكن لم تصل إليه الرسالة، حتى الآن، لافتًا إلى أنه تقدم مع مجموعة من عمال الموقف، لكن رسالة القَدر لم تصل لأى منهم عدا شخص واحد، فقط، من بين ثلاثين آخرين ممَن يترددون على مكان تجمعهم.

 

يضيف محمد أنه تقدم ببياناته فى أحد المكاتب، ولاحظ كتابة لافتة تشير إلى توفير عملية التسجيل فى منحة الحكومة، لكن لم يحالفه الحظ حتى الآن.

 

ويتناول أحمد المنياوى أطراف الحديث ويحكي، لـ«روزاليوسف» قائلاً: «أحوالنا تدهورت بعد فيروس كورونا، ومفيش شغل، عمليات البناء توقفت نتيجة أن الحى رافض السماح للمقاولين بالبناء، حتى يومية الشقق تعطلت نهائياً جراء تخوف أصحاب الشقق من دخول العمال لمحل سكنهم، خوفًا من عدوى وباء فيروس كورونا.

 

وحول عدم خوف عمال اليومية من عدوى الإصابة بفيروس كورونا، يرد أحدهم: «هنعمل إيه؟ يعنى إحنا لو واحد فينا قعد فى البيت هيموت هو وولاده.. مين طيب هيصرف علينا»؟ وبصوت حاد ونظرات غضب قال أحد عمال اليومية: «عدوى إيه يا أستاذة؟ قلبك أبيض إحنا نأكل وبنام 6 فى غرفة واحدة، هوّ فيه حد حاسس بينا ولا فى أولادنا، أغلبنا من الصعيد ومحدش فينا عارف يسافر لأولاده عشان ممعناش فلوس حتى أجرة القطر والله».

 

بخور طارق: «مش معايا أدفع الإيجار»

 

ونتيجة لتوقف أعمال البناء بسبب الظروف الراهنة، جرّب البعض من عمال اليومية العمل كبائعين متجولين، وهو ما فعله طارق الذى قرر التجوال بعلب بخور والذى أبدى استياءه من أحوال العمالة اليومية: «مش معايا أدفع الإيجار، ابنى لو قالى عاوز جنيه يا بابا هيبقى مش معايا أديلو؛ لأنى ببساطة مش معايا إلا ٦ جنيه فى جيبي». 

 

وأكد طارق أنه قدّم فى منحة العمالة غير المنتظمة، ورغم أنه الأحق بالمنحة كما يقول، لكن «محدش فينا استفاد منها، وقدمت معاش تكافل وبرضه يا مولاى كما خلقتني»، موجهًا رسالة للحكومة قال فيها: «عايزين نشتغل فى البُنا اللى بتقوم به الدولة فى الكبارى والطرق أو العاصمة الإدارية، إحنا مستعدين نشتغل فى آخر الدنيا والله، بس نلقى شغل نأكل به ولادنا».

 

القوى العاملة: إجراءات المنحة تمت بشفافية

 

الحكومة كان ردّها سريعًا على معاناة العمالة غير المنتظمة من خلال هيثم سعد الدين، المستشار الإعلامى لوزارة القوى العاملة، الذى قال لـ«روزاليوسف»، إن إجراءات المنحة تمت بكل شفافية، حيث إن عملية التسجيل تتم من خلال العامل بإرسال بياناته إلى موقع الوزارة، ولم يكن الأمر من موظف الوزارة، مؤكدًا أنه تم استقبال بيانات العمال التى وصلت إلى موقع الوزارة ومن الممكن أن العمال المتضررين سجلوا بياناتهم بشكل خاطئ.

 

وقال هيثم إن رسالة منحة الـ500 جنيه تصل إلى العامل قبل عملية الصرف بـ24 ساعة، ومَن لم تصله الرسالة، عليه الاتصال بالخط الساخن لوزارة القوى العاملة على رقم 142، مؤكدًا أن كل عامل سيحصل على كارت خاص به لصرف المرحلتين القادمتين من أى ماكينة صراف آلى.

 

وأضاف متحدث القوى العاملة أن عدد الذين سجلوا بياناتهم بالمنحة نحو مليونى مواطن على الموقع الرسمى لوزارة القوى العاملة، وبعد تدقيق البيانات لتوفير المساعدة للمستحقين الفعليين وصل الرقم إلى مليون و500 ألف شخص، موضحًّا أن الجهات المعنية هى التى حددت المستبعدين بناءً على بيانات مسجلة حال إذا ما كان مستفيدًا من معاش التكافل والكرامة أو معاش الشؤون الاجتماعية، أو لديه سيارة أو قطع أرض.

 

غدًا.. صرف المرحلة الثانية للمنحة

 

وتبدأ اللجنة المُشكلة لتنظيم صرف المنحة الرئاسية المُخصصة للعمالة غير المُنتظمة والمُتضررة من تداعيات فيروس كورونا، صرف المرحلة الثانية اعتبارًًا من غدٍ الأحد وحتى 10 مايو المقبل بكافة مكاتب البريد المصرى وفروع البنك الزراعى المصري، إضافة إلى ضم كل مَن تخلفوا عن الصرف خلال المرحلة الأولى.

 

وأعلن مجلس الوزراء عن إجراءات صرف المرحلة الثانية من المنحة؛ حيث تم التأكيد على اتباع الإجراءات نفسها التى تم تطبيقها فى المرحلة الأولى، بحيث يتوجه المواطن المستحق لمنافذ صرف المنحة بعد إفادته برسالة نصية على هاتفه، والتى توضح الموعد والمكان المُحدد الذى سيتم الصرف منه، إضافة إلى استلام الكارت الذكي، على أن يكون معه بطاقة الرقم القومي، والرسالة المُرسلة له.

 

وأوضحت اللجنة أن مواعيد العمل فى فروع صرف المنحة للمستحقين ستبدأ من التاسعة صباحًا، وحتى الرابعة عصرًا خلال شهر رمضان، وسيتم التنسيق مع وزير التنمية المحلية بشأن مشاركة المحافظين ومسئولى المحليات فى تنظيم هذا العمل بذات الفعالية والجهود التى تمت فى المرحلة الأولى، والتى أشاد بها الجميع.