الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بيزنس اللوحات المسروقة!

فى يوم السبت الموافق 21 أغسطس 2010، اكتشف أمناء متحف محمد محمود خليل بوسط القاهرة اختفاء لوحة زهرة الخشخاش للفنان العالمى فان جوخ والتى رسمها عام 1887، وتبلغ قيمتها الفنية نحو 50 مليون دولار، ومثل الحادث صدمة فى الأوساط العالمية، ليس لقيمة اللوحة المادية فقط، ولكن لمكانة صاحبها كأحد أبرز فنانى الحداثة الأوروبية.



 

 

10 سنوات كاملة على اختفاء لوحة «زهرة الخشخاش» ولم يتم الكشف عن الجناة حتى يومنا هذا، لتمثل الواقعة واحدة من أشهر حوادث سرقة المقتنيات الفنية النادرة، فاللوحات الفنية العالمية دائما ما تكون مطمعا للكثير من اللصوص، من أجل الحصول على مئات الآلاف من الدولارات نظير بيع أحد اللوحات الشهيرة، بعد أن أصبحت اللوحات المسروقة تجارة عالمية رائجة صنفت كثالث أكبر تجارة محرمة دوليا بعد المخدرات والسلاح، وتديرها عصابات منظمة ومتخصصة فى سرقة الأعمال الفنية بطرق مختلفة وحديثة.

 

وعلى مدار سنوات طويلة، تعرضت متاحف مراكز الفنون العالمية، للعديد من السرقات التى كانت حديث العالم أجمع، بسبب سرقة لوحات عالمية تصل أسعارها لملايين الدولارات.

 

 

سرقة معرض أكسفورد

 

 

الأسبوع الماضى عاد الحديث مرة أخرى عن السرقات المنظمة للوحات الفنية النادرة ،بعد اختفاء ثلاثة من المقتنيات الثمينة لمعرض فى اكسفورد، تبلغ قيمتها حوالى 10 ملايين جنيه إسترلينى (حوالى 12 مليون دولار أمريكي) إذا تم بيعها فى السوق المفتوحة بعد أن قام مجهولون بالتسلل للمعرض فى الثامنة مساء السبت الماضى وسرقوا ثلاثة أعمال فنية هى «فتى الشرب» للفنان أنيبالى كاراتشى ولوحة «حركة ساحل صخرى مع جنود يدرسون خطة» للرسام الإيطالى سالفاتور روزا ولوحة «الجندى على الخيل» لأنتونى فان دايك أشهر رسامى العائلة المالكة والارستقراطيين.

 

يعود تاريخ اللوحات المسروقة إلى عام 1580 وأواخر 1640 و1618 على التوالى ويعتبر معرض الصور جزءا  من كلية كنيسة المسيح فى أكسفورد، الذى افتتح عام 1765 عندما أهدى ضابط   جيش وجامع فنى يدعى جون جويز مجموعته التى تضم 200 لوحة و2000 رسمة لكلية سابقة من بينها مجموعة قوية من الأعمال الفنية القديمة الرئيسية، وقتها ساعدت  الهدية على بدء دراسة الفن فى أكسفورد، مما سمح للتلاميذ مشاهدة مجموعة غنية من الروائع دون الحاجة إلى السفر إلى إيطاليا أو الوصول إلى منازل إنجلترا الفخمة.

 

يعتبر معرض أكسفورد أحد أهم المجموعات الخاصة فى المملكة المتحدة لرسومات Master القديمة من بينها أعمال ليوناردو دا فينشى ومايكل أنجلو ورافائيل، وأغلقت كنيسة المسيح معرضها بعد سرقة اللوحات مباشرة، وطلبت الشرطة من الجمهور الذين ربما شاهدوا أو سمعوا شيئا مريبا  فى المنطقة أن يتصلوا بها أو التقدم إذا كان لديهم أى كاميرات مراقبة أو لقطات أخرى قد تسلط الضوء على الجريمة.

 

القبو الأخضر

 

تعد عملية القبو الأخضر أكبر عملية سرقة فى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تعرضت غرفة الكنوز بمتحف القبو الأخضر التابع للقصر التاريخى التى تم انشاؤها بين عامى 1723 و1730 بأمر من أمير سكسونيا  القوى للاقتحام والسرقة من قبل مجهولين فى نوفمبر الماضى، حيث افتعل اللصوص حريقاٍ بالقرب من المتحف دمر صندوق كهرباء المبنى وتمكنوا من قطع قضبان الحديد واقتحام القبو الأخضر وكسر الواجهات الزجاجية للمعروضات وسرقتها.

 

تبلغ قيمة مسروقات القبو الأخضر حوالى مليار يورو، وتعتبر أغلى سرقة فى التاريخ، تم جمع العديد من القطع المسروقة من قبل حاكم سكسونيا فى القرن الثامن عشر، وتمكن الجناة من الهرب رغم أن المتحف وغرفه المجوهرات مؤمنة ومحصنة ومراقبة بشدة.

 

أكدت السلطات إنه بعد البحث الدقيق فى لقطات CCTV المحلية اكتشفوا أن سبعة أشخاص على الأقل شاركوا فى عملية السطو، وتم تحديد طراز السيارة التى استخدمت فى الجريمة «أودى A6» وتم بيعها لمشترى غير معروف فى أغسطس الماضى فى ماجدبورج وهى مدينة فى شرق ألمانيا من قبل رجل تعتقد السلطات أنه مرتبط بالجريمة، وتم إعادة طلاء السيارة قبل الاختراق مما يشير إلى أن السرقة تم التخطيط  لها مسبقًا.

 

عثر على السيارة المستخدمة فى السرقة بعد إشعال النيران فيها، وبحسب النيابة العامة فإن 4 حراس يخضعون للتحقيق، حارسان أمنيان كانا فى الخدمة للتدقيق لعدم القيام بما يكفى لمنع السرقة والأخرين يشتبه فى مساعدتهما اللصوص.. تم تفتيش شققهم ولكن لم يتم العثور على أدلة ولا تزال أضخم سرقة فى التاريخ لغزا  حتى الان.

 

الإطارات الفارغة

 

 

من بين العمليات الأكثر غموضا فى التاريخ عملية سرقة متحف ايزابيلا ببوسطن، حيث قام لصان متخفيان فى زى ضباط شرطة عام 1990 بسرقة ثلاثة عشر عملا فنيا نادرا يبلغ قيمتها 500 مليون دولار من متحف ايزابيلا ستيوارت جاردنر - متحف الفن فى بوسطن ماساتشوستس- ويضم أمثلة فنية كبيرة من أوروبا وآسيا والفن الأمريكى.

 

يضم المتحف مجموعة من اللوحات والنحت والمنسوجات والفنون الزخرفية ومن بين الأعمال المسروقة    لوحة الحفل  الموسيقى التى يعود تاريخها إلى عام 1664 وهى واحدة من 34 فقط المعروفة للفنان  يوهانس فيرمير، ويعتقد أنها اللوحة الأكثر قيمة غير المستردة بأكثر من 200 مليون دولار ولوحة العاصفة على بحر الجليل التى يعود تاريخها إلى 1633 وهى المنظر البحرى الوحيد المعروف لرامبرانت، ولم يتم استرداد الأعمال الفنية حتى الآن، وعرض المتحف فى البداية مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات عن اللوحات وتضاعف المبلغ فى مايو 2017 إلى 10 ملايين دولار والآن يعرض المتحف 10 ملايين إضافية مكافأة شخصية.

 

أطلق على عملية السرقة اسم الإطارات الفارغة بسبب تعليق الإطارات الفارغة فى معرض الغرفة الهولندية كعناصر بديلة للأعمال المفقودة، ووفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالى تم نقل الأعمال الفنية المسروقة عبر المنطقة وعرضت للبيع فى فيلادلفيا خلال أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، ويعتقد أن هؤلاء اللصوص أعضاء فى منظمة إجرامية مقرها فى منتصف المحيط الأطلسى ونيو انجلاند.

 

فى وضح النهار

 

 

تعد سرقة تمثال أغرب عملية سرقة حتى الان، حيث قام   شخصان بسرقة تمثال نصفى  برونزى فى كيس أسود فى وضح النهار من متحف كوبنهاجن فى الدنمارك عام 2015 وتظاهر الرجلان بأنهما سائحان وسرقا التمثال الذى تصل قيمته إلى 300 ألف دولار.

 

يعود التمثال للفنان والنحات الفرنسى أوجست رودين الذى أطلق عليه اسم «الرجل ذو الأنف المكسور» ويعود تاريخ نحته لعام 1863، ووفقا لبيانات الشرطة  جاء اللصوصان مرتدين زى سائحين وشقا طريقهما مباشرة إلى غرفة Rodin وأزالا التمثال وأخرجاه معهم فى حقيبة، واستغرق الأمر 12 دقيقة فقط ولم يتم اكتشافهما من قبل حراس الأمن وضيوف المتحف الآخرين.

 

وأكدت الشرطة أن اللصين زارا المتحف لاستكشاف المبنى مرتين، مرة للاستعداد لسرقة من خلال فك النحت من القاعدة وتعطيل المنبه قبل حوالى أسبوع من العملية، ومرة ​​ثانية لأخذه، وتوصلت الشرطة لفيديو يبين أوصاف اللصوص التى تتراوح أعمارهما  بين 30 و40  سنة وهما متوسطا ​​القامة ما بين 170-175 سم، ملامحهما تبدو أنهما من شرق أوروبا ورغم كل ذلك لم تتمكن الشرطة من الإمساك بهما حتى الآن.

 

 

عملية بودابست

 

 

عملية بودابست الأشهر فى تاريخ سرقات الفن، قام بها مجموعة من اللصوص الإيطاليين فى نوفمبر 1983 بسرقة لوحات عصر النهضة المرموقة من متحف الفنون الجميلة فى بودابست ووصفتها الصحف بأنها سرقة القرن، وتم خلال العملية سرقة سبع روائع إيطالية نادرة  من عصر النهضة بما فى ذلك عمل لرافائيل سانتى يسمى «إسترهازى مادونا» والذى كان فى ذلك الوقت يبلغ قيمته 20 مليون دولار، وصورة لرجل شاب لرافائيل ولوحة العائلة المقدسة فى رحلة إلى مصر وصورة لرجل وصورة امرأة من تينتوريتو وغيرهم وقدر المبلغ الإجمالى للقطع الفنية المسروقة بنحو مليار و 436 فورنت هنجارى.

 

تمكنت السلطات من القبض على الجناة بعد تقليل عدد المشتبه بهم إلى 50 وبسبب الحب سقط أحد اللصوص بعد أن قام أب بتقديم بلاغ للشرطة بتغيب ابنته البالغة من العمر 17عاما لعدة أيام، وبعد أن وجدتها الشرطة على الحدود فى طريق عودتها إلى بوخارست تم استجوابها  وأفادت الفتاة كاتالين جوناس الإيطالية اأها أرادت الزواج فى إيطاليا واعترفت بأنها سافرت إلى رومانيا لمتابعة حبيبها الإيطالى الذى وعدها أنها يمكن أن تهرب إلى إيطاليا معه بجواز سفر مزيف وأنهم سيتزوجان هناك، إلا أنها أدركت أن خطيبها أحد اللصوص الذين ارتكبوا الجريمة، وتم القبض على اللصوص، وظهرت اللوحات فى حديقة دير مهجور فى Ageion باليونان.

 

لسوء الحظ تضررت اللوحات بشكل خطير بسبب طريقة نقلها وتخزينها لكنها أعيدت إلى متحف الفنون الجميلة، وحكم على اللصوص بالسجن لمدد تترواح بين 12 سنة و17سنة  بينما حكم على الفتاة كاتالين جوناس بالسجن لمدة ستة أشهر، أما رجل الأعمال اليونانى الذى أمر بسرقة اللوحات لم يحكم عليه  بسبب نقص الأدلة، وتحولت عملية السرقة لفيلم وثائقى إيطالى مجرى تم إنتاجه بشكل مشترك تحدث فيه بعض اللصوص الحقيقيين الذين أخذوا لوحات النهضة من متحف الفنون الجميلة فى بودابست.

 

 

لوحة البازلاء

 

من أشهر اللوحات التى تعرضت للسرقة لوحة «حمامة البازلاء» لبيكاسو للسرقة من قبل لصوص من متحف الفن الحديث فى باريس عام 2010، ووضعوها فى سلة مهملات بعيدا عن أعين السلطات، ولم يتمكن المسئولون حتى الآن من استعادة اللوحة التى تبلغ قيمتها أكثر من 26 مليون دولار فى مزادات اليوم.

 

 

على طريقة الأفلام

 

 

تعد سرقة لوحات المتحف الوطنى للفنون الجميلة بباراجواى عام 2002، مشابهة لعدد من قصص الأفلام الشهيرة، حيث قامت إحدى العصابات بحفر نفق طولة 80 قدما من تحت متجر إلى قاعة المتحف، وقاموا بسرقة أعمال تصل قيمتها إلى 500 ألف جنيه إسترلينى ولم يتم الاستدلال على هذه الأعمال حتى الآن.

 

كما قام رجلان بسرقة لوحة «مادونا» من قلعة درم لانريج فى اسكتلندا عام 2003، بعد أن انضما إلى إحدى الجولات السياحية داخل قلعة درم لانريج، وتمكنوا من مغافلة الحراس وسرقا لوحة «مادونا» للفنان الإيطالى ليوناردو دافنشى والتى قدرت بـ50 مليون دولار ولم تتمكن السلطات من العثور على اللوحة حتى الآن.

 

 

أرقام وإحصائيات

تشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 350 ألف عمل فنى مسروق فى العالم لم يتم استرجاعها منها ما يعاد بيعها فى السوق السوداء، ومنها ما يتعرض للتخريب لسبب أو لآخر، ويقدر حجم السوق السوداء لتجارة الفن المسروق حول العالم بنحو 6 مليارات دولار سنويا، كما أن معدلات استرداد اللوحات والتحف الفنية المسروقة وإعادتها منخفضة للغاية حيث تتراوح نسبة القطع الفنية المستردة ما بين%5  إلى 8 %. 