الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تحركات دبلوماسية مصرية لفضح ألاعيب إثيوبيا: معركة القفازات الحريرية

حالة من الضبابية تواجه المسار التفاوضى بين مصر وإثيوبيا، بشأن سد النهضة، بعد انسحاب أديس أبابا من المشاركة فى الاجتماع الأخير الذى كانت ترعاه الإدارة الأمريكية للوساطة والذى كان مخصصا للتوقيع على مسودة الاتفاق النهائى حول قواعد ملء السد، وتزامن مع ذلك تغير فى الخطاب الإثيوبى تجاه القاهرة.



 

مر ما يقرب من شهر على التحول المفاجئ فى موقف أديس أبابا من مفاوضات سد النهضة التى كانت قاب قوسين أو أدنى من وضع نهاية لخلافات استمرت ما يزيد على 6 سنوات، شهدت العديد من الاجتماعات واللقاءات بين «مصر- إثيوبيا- السودان» من أجل التوصل إلى اتفاق شامل وعادل يحقق مطالب الدول الثلاث، إلا أن المراوغات الإثيوبية دائما ما كانت تفشل أى محاولات لإحراز تقدم، وتعيد الأزمة للمربع صفر.

 

خلال الأيام الماضية صعدت أديس أبابا من خطابها تجاه القاهرة، محاولة استمالة عدد من الدول الأفريقية إلى جانب موقفها، ضاربة باتفاق المبادئ الموقع عام 2015 عرض الحائط، وعزمها اتخاذ إجراءات أحادية بتحويل مسار نهر النيل والبدء فى ملء السد دون الحاجة إلى موافقة الأطراف الأخرى، وهو ما تراه القاهرة مخالفة صريحة للقانون والأعراف الدولية.

 

الرفض الإثيوبى للاتفاق الذى كانت ترعاه الولايات المتحدة والبنك الدولى، واجهته مصر بتكثيف تحركاتها الدبلوماسية لحشد دعم دولى لموقفها الرافض لأى إجراء أحادى يؤدى لأضرار على حصتها المائية فى مياه نهر النيل، وفضح مراوغات وألاعيب إثيوبيا، فخلال الأسبوعين الماضيين لم تتوقف تحركات وزير الخارجية سامح شكرى عربيا ودوليا وأفريقيا حاملا رسائل من الرئيس عبدالفتاح السيسى، تكشف عن موقف مصر تجاه أزمة سد النهضة.

 

تحركات شكرى

 

تحركات الخارجية بدأت باجتماع وزراء الخارجية العرب فى القاهرة، وكذلك لقاء شكرى مع سفراء عدد من دول الاتحاد الأفريقى وكشف لهم موقف مصر تجاه التعنت الإثيوبى، ومساعيها من أجل التوصل إلى اتفاق شامل وعادل يضمن حقوق جميع الأطراف.

 

اجتماع وزراء الخارجية العرب صدر عنه بيان يدعم الموقف المصرى، وشددوا على رفضهم المساس بالحقوق التاريخية لمصر والسودان فى مياه النيل أو الإضرار بمصالحهما، وأن الأمن المائى لمصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، والتأكيد على تضامن الدول الأعضاء مع مصر والسودان فى مواجهة المخاطر والتأثيرات والتهديدات المحتملة لملء وتشغيل سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن مع إثيوبيا حول قواعد الملء والتشغيل، ورفض أى إجراءات أحادية قد تُقْدِم عليها إثيوبيا، بما فى ذلك بدء ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق شامل يحكم عملية الملء والتشغيل لما ينطوى عليه ذلك من تهديد مباشر لمصالح مصر والسودان وحقوقهما المائية.

موقف عربى

 

 

وفى أعقاب اجتماعات القاهرة بداية الشهر الجارى، انطلق وزير الخارجية فى جولة مكوكية على ثلاثة محاور بدأها بالمنطقة العربية، حاملًا رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وشملت جولته العربية كلًا من الأردن والسعودية والعراق والكويت وسلطنة عُمان والبحرين والإمارات.

 

وقال المُستشار أحمد حافظ المُتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، إن الوزير شكرى استهل زيارته العربية بلقاء مع العاهل الأردنى وسلم جلالته رسالة من الرئيس السيسى بشأن آخر التطورات المتعلقة بملف مفاوضات سد النهضة، حيث أكد الملك عبدالله الثانى على وقوف الأردن مع مصر فى كل ما يحفظ حقوقها وأمنها المائى، مشددًا على موقف المملكة الداعم لمصر فى ملف سد النهضة.

 

وفى المحطة الثانية من جولة شكرى العربية، التقى برئيس جمهورية العراق «برهم صالح»، حيث أشار برهم إلى تفهم بغداد ودعمها لمساعى القاهرة فى الحفاظ على مصالحها وأمنها المائى، لاسيما كون العراق دولة مصب.

 

وفى الكويت، سلم شكرى أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رسالة من السيسى بشأن آخر المستجدات المتعلقة بمسار مفاوضات سد النهضة، ومن جانبه أعرب الشيخ صباح الأحمد عن وقوف الكويت مع مصر فى كل ما يصون المصالح المصرية ويحفظ حقوقها وأمنها المائى، بما فى ذلك دعم بلاده لمصر فى ملف سد النهضة، كما التقى رئيس مجلس الوزراء الكويتى ووزير الخارجية، الذى أكد مساندة مصر فى كل ما يصون الأمن القومى والمصالح المصرية بما فى ذلك قضية سد النهضة.

 

كمـا التـقى وزيـر الخارجيـة سـامح شـكرى، 9 مـارس، بنظيره السعودى الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، المُكلَف باستلام رسالة الرئيس السيسى إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بشأن الموقف الحالى من قضية سد النهضة وآخر المستجدات المتعلقة بمسار المفاوضات، مُعربًا عن الأمل فى مواصلة المملكة دعمها وتضامنها مع الموقف المصرى، كما سلم شكرى نظيره الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان رسالة الرئيس السيسى إلى رئيس دولة الإمارات، حيث أكد الوزير الإماراتى مساندة بلاده لمصر ودعم كل ما يصون الأمن القومى المصرى.

 

وفى سلطنة عمان، استقبل السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، وزير الخارجية سامح شكرى، فى إطار جولته لعدد من الدول العربية، والذى أكد على موقف بلاده الثابت المُساند لمصر فى ضوء العلاقة الاستراتيجية بين البلدين وكون مصر العمق الاستراتيجى للمنطقة، ومشيرًا كذلك إلى مساندة السلطنة لمصر فى موقفها من ملف سد النهضة.

 

واختتم شكرى جولته العربية فى البحرين، بلقاء الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ونقل له تحيات الرئيس السيسى، وأطلعه على مستجدات مفاوضات سد النهضة، حيث أوضح الملك تقدير بلاده لمصر ودعم البحرين التام وتضامنها مع مصر فى جميع القضايا، وكل ما يحفظ حقوق مصر وأمنها المائى.

رسالة مصر لأوروبا

 

 

المحطة الثانية من الجولات المكوكية لسامح شكرى كانت إلى أوروبا لنقل الموقف المصرى من مسار المفاوضات حول سد النهضة، وكشف ألاعيب أديس أبابا للمماطلة ورفضها التوقيع على اتفاق عادل يضمن حقوق الدول الثلاث، وشملت الجولة الأوروبية كلاً من بلجيكا وفرنسا.

 

عقد شكرى لقاءات مع عدد من قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبى خلال زيارته إلى بروكسل لبحث تطورات علاقات التعاون وسُبل تعزيز أوجه الشراكة القائمة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مختلف المجالات، وكذلك عقد مشاورات ثنائية مع كبار المسئولين الفرنسيين خلال زيارته إلى باريس.

 

وعرض وزير الخارجية خلال لقاءاته المختلفة رؤية مصر إزاء سائر الملفات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الأزمة الليبية وتطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية، إضافة إلى الموضوعات المتعلقة بالإرهاب والهجرة غير المشروعة، وآخر مستجدات ملف سد النهضة.

 

وبحث وزير الخارجية مع المفوض الأوروبى لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع «أوليفر فاريلى» أوجه الشراكة التى تجمع بين مصر والاتحاد الأوروبى فى المجالات المختلفة، وتناول اللقاء التحديات المشتركة التى تواجه مصر والاتحاد الأوروبى، وفى مقدمتها ظاهرة الهجرة غير المشروعة، حيث استعرض شكرى جهود مصر، موضحًا أن مصر استطاعت أن توقف تدفقات الهجرة غير المشروعة من السواحل المصرية منذ سبتمبر 2016. 

 

التقى شكرى فى العاصمة البلجيكية بروكسل مفوض الاتحاد الأوروبى للميزانية والإدارة يوهانس هان، حيث حرص «هان» على الاستماع للرؤية المصرية إزاء الملفات الإقليمية والدولية، كما تم استعراض آخر التطورات المتعلقة بملف سد النهضة، وطالب شكرى الاتحاد الأوروبى بحث إثيوبيا على توقيع اتفاق الملء والتشغيل حفاظًا على الأمن والاستقرار فى منطقة القرن الأفريقى.

 

كما التقى شكرى، «جوزيب بوريل» الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبى ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية، فى بروكسل، وسلمه رسالتين موجّهتين من الرئيس السيسى إلى كل من «شارل ميشيل»، رئيس المجلس الأوروبى، و«أورسولا فون دير لاين»، رئيسة المفوضية الأوروبية، بشأن آخر التطورات المتعلقة بمسار مفاوضات سد النهضة.

 

وعقد شكرى، جلسة مباحثات مع وزير أوروبا والشئون الخارجية الفرنسى «جان إيف لودريان»، وسلمه رسالة من الرئيس إلى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون حول تطورات سد النهضة، وشدد على أهمية قيام فرنسا ودول الاتحاد الأوروبى ببذل جهودها لدفع إثيوبيا للتوقيع على اتفاق ملء وتشغيل السد.

 

المحطة الأفريقية

 

المحطة الثالثة فى جولات الوزير سامح شكرى كانت إلى أفريقيا، بدأها الثلاثاء الماضى، بزيارة العاصمة البوروندية بوجمبورا فى جولة أفريقية تشمل كلًا من جنوب أفريقيا وتنزانيا ورواندا والكونجو الديمقراطية وجنوب السودان والنيجر، لتسليم رسالة من الرئيس السيسى إلى قادة الدول الأفريقية، بشأن آخر التطورات المتعلقة بملف مفاوضات سد النهضة، والموقف المصرى.

 

خلال زيارته للدول الأفريقية حرص شكرى على استعراض مجمل تفاصيل وتطورات ما تم فى مسار المفاوضات خلال السنوات الخمس الماضية وصولًا إلى ما نتج عنها مؤخرًا من توصُل لصيغة اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح الدول الثلاث برعاية أمريكية.

 

وأعرب رؤساء الدول الأفريقية تقديرهم للرئيس السيسى، بإيفاده مبعوثا مصريا رفيع المستوى حاملًا رسالة الرئيس وشارحًا آخر تطورات الموقف المصرى فى ملف سد النهضة، وأنهم يقدّرون ما أبدته مصر من جهد ومرونة سعيًا للتوصُل لاتفاق يحقق مصالح الأطراف الثلاثة.