الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

معركة الكبار على اللقاح(!)

حَبَس سُكّان العالم أنفاسه فور انتشار «كورونا المستجد» فى عدد من الدول التى أعلنت حالة الطوارئ وفرضت حظر تجوال فى شوارعها بعد أن اصطاد الفيروس القاتل أرواح المواطنين، وبات الخلاص من (COVID 19) أملاً يراود الكثيرين، خاصة بعد أن دخلت عدة دول كبيرة فى مقدمتها أمريكا وألمانيا وفرنسا والصين، فى صراع شرس وسباق دولى محموم؛ لاكتشاف عقار يُنهى حالة المأساة التى يعيشها العالم الآن.



 

الإمبراطورية «الكورونيّة» مهدّدة الآن بلقاح طوّرته الصين وأعلنت عنه مؤخرًا، كما ذكره سفيرها لدى السعودية، من أن باحثين صينيين بقيادة «المرأة التى دمّرت إيبولا» وهى الباحثة الصينية 54 Chen wei سنة، اختبروا لقاحًا «آمنا وفعّالا» ضد الفيروس الذى قتل أكثر من 10.009 إناس وأصاب 244.427 حتى الآن.

 

«صراع أمريكى – ألمانى»

 

 

قبل أسبوعين، وتحديدًا 2 مارس الجارى، اجتمع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى مكتبه بالبيت الأبيض بمجموعة من العلماء والخبراء الطبيين الذين يعملون على تطوير لقاح لفيروس كورونا (كوفيد - 19) وكان من بين هؤلاء دانيال مانشيلا، مدير عام شركة كور فاك الألمانية.

 

فى الاجتماع، أبلغ دانيال الرئيس الأمريكى بأن الشركة تقترب جدًا من تطوير لقاح لفيروس كورونا، فرد الأخير بتقديم عرض مالى مغرٍ جدًا لمانشيلا، مقابل أن يبيع اللقاح للولايات المتحدة بشكل حصري؛ ليؤكد مجددًا، مساء أمس الأول، أنه «خلال أسابيع سنعلن عن تحقيق نجاح فى لقاح فيروس كورونا، والأولوية لدينا حماية مواطنينا»، مشيرًا إلى أن إدارة الغذاء والدواء أحرزت تقدما لتأمين احتياجات السوق المحلية.

 

كان كريستوف هيتيش، الرئيس التنفيذى لشركة «ديفينى هوب بيو تك»، قد قال إن عقدًا حصريًا مع الولايات المتحدة غير مطروح: «نريد تطوير لقاح لكل العالم وليس لدول منفردة».

 

 

وأكد وزير الصحة يانس شبان، فى تصريحات تليفزيونية، أن الولايات المتحدة أوقفت مساعيها لشراء اللقاح، وأن الشركة، فى حال طورت اللقاح، سيكون متوفرًا للجميع، وليس لدولة واحدة بشكل حصرى، ورغم أن تجارب اللقاح على البشر قد تبدأ بعد نحو 3 أشهر، فإن اللقاح لن يكون متوفرًا قبل العام المقبل، بحسب التقديرات. إذ يجب أن يمر بعدة مراحل سريرية، قبل أن يتمكّن من الحصول على التراخيص القانونية لاستخدامه لقاحًا معتمدًا.

 

«كوفيد -19»: رحلة انتقال الفيروس

 

ومن سوق للمأكولات البحرية والحية فى مدينة ووهان بمقاطعة (هوبى) وسط الصين بدأ كورونا رحلته فى الانتقال من الخفافيش كما يعتقد بعض العلماء إلى البشر مسببا بعض الأعراض أبرزها الحمى، والسعال، وضيق النفس، وتمكن من الانتقال من شخص إلى آخر دون حتى ظهور أعراض، وقد صنفته منظمة الصحة العالمية فى 11 مارس الجارى وباء عالمى (جائحة) بعد أن وصل إلى معظم أنحاء العالم.

 

وأمام عدم وجود علاج أو لقاح لهذا الوباء الذى يجتاح العالم أو سلالات كورونا الأخرى، مثل (سارس) و(فيروس كورونا)، واتجاه أنظار البشرية جمعاء لما يقوم به العلماء فى مختبرات البحث العلمى بكبرى شركات الأدوية والجامعات فى العديد من الدول، لم يكن أمام الحكومات إلا فرض إجراءات وقائية مثل غلق الحدود وإيقاف التجمعات وإلغاء الفعاليات الرياضية والثقافية والاجتماعية، ووصلت فى بعض الدول إلى فرض حظر التجوال خوفا من انتشار الفيروس.

 

هزيمة «كورونا» فى الصين

 

 

استطاعت سيدة الجيش الصينى اللواء الدكتورة تشن وى، الشهيرة بـ«قاهرة الإيبولا» أن تهزم فيروس كورونا بعد أن أعلنت إنتاج الصين أول لقاح ضد الفيروس المستجد، لتصبح «شن وى» قاهرة لـ 3 فيروسات هى: إيبولا وسارس وكورونا الجديد.

 

وقالت شين وى، فى تصريحات لتليفزيون الصين، «إن نجاح دولتها فى إنتاج اللقاح بهذه السرعة يدل على أن الصين دولة عظمى، وفريقنا البحثى يستعد لنشر اللقاح على نطاق واسع بعد استكمال الإجراءات واللقاح تم إنتاجه وفق أعلى المعايير العالمية».

 

وأضافت اللقاح هو أقوى سلاح علمى لإنهاء الفيروس التاجى، وإذا كانت الصين هى الدولة الأولى التى تخترع مثل هذه الأسلحة ولديها براءات اختراع خاصة بنا، فهذا يدل على تقدم علمنا وصورة الدولة العملاقة».

 

أمريكا: تجارب على لقاح جديد

 

 

الاثنين الماضى، كان الموعد مع البدء فى تجارب لقاح تجريبى لفيروس كورونا، على عدد من المتطوعين فى مدينة سياتل الأمريكية، فمن المتوقع أن يحصل 45 رجلًا وامرأة تتراوح أعمارهم بين 18 و55 عامًا على جرعات متنوعة من اللقاح المعروف باسم (mRNA-1273)، الذى يعتمد على دفع الخلايا البروتينية لإنتاج بروتينات قد تقى من الإصابة بفيروس كورونا، أو تُسهم فى معالجته.

 

بدأ علماء فى معهد أبحاث كايزر الدائم بواشنطن بإعطاء 4 متطوعين أصحّاء لقاحًا محتملاً لـ(COVID-19) فى المدينة الأمريكية كانت المتطوعة الأولى هى «جنيفر هالر»،43 عامًا، ونيل براوننج، مهندس شبكات فى شركة «مايكروسوفت»، ذو الـ46 عامًا، واثنان آخران.

 

اللقاح أنتجته شركة «Moderna»، ومقرها مدينة  «بوسطن»، وولد هذا اللقاح من رحم لقاح سابق لـ«متلازمة الشرق الأوسط التنفسية» (Mers)، الذى أنشأه «المعهد الوطنى الأمريكى للحساسية والأمراض المعدية»، وقال «ريتشارد هاتشيت» الرئيس التنفيذى لمنظمة تحالف ابتكارات التأهب للوباء (Cepi)، إن: «السرعة التى أنجزنا فيها إنتاج اللقاحات المرشحة، تعتمد إلى حد كبير على الاستثمار فى فهم كيفية تطوير لقاحات ضد فيروسات كورونا الأخرى».

 

أحد المسئولين، كشف معلومات لوكالة «أسوشيتد برس»، أن المشاركين ليسوا معرّضين لخطر الإصابة بأى خلل؛ لأن العينات لا تحتوى على الفيروس نفسه، وأن هذه التجارب عبارة عن تمهيد الطريق لتجارب واسعة النطاق، أما مدير «المعهد الوطنى للحساسية والأمراض المعدية» فى الولايات المتحدة، الدكتور «أنتونى فوسى»، فقد أوضح أنه إذا سار البحث بشكل جيد، فلن يكون اللقاح متاحًا للاستخدام على نطاق واسع قبل مدة تتراوح من 12- 18 شهرًا.

 

أثار هذا الموضوع عدة تساؤلات عند الناس، وعلى رأسها ما هو اللقاح، وكيف يعمل؟، ولماذا يستغرق كل هذا الوقت؟ هل هناك مؤسسات أخرى تعمل على صنع لقاح؟، وكيف يتم شفاء حالات فيروس كورونا حاليًا؟

 

 

لماذا كل هذا الوقت لإنتاج لقاح؟

 

 

إن اعتماد أى لقاح طبى يستوجب مراعاة عدد من الشروط، كما يتطلب موافقة كثير من الهيئات الصحية المختصة، وهذا ما أكده بروس طومسون، عميد الصحة بجامعة سوينبرن الأسترالية، إذ قال: «لكى يتم بيع أى دواء يجب أن يمر بعملية قياسية من التجارب السَّريرية، نحن بحاجة للتأكد من أن الدواء آمن ولن يضر، ونعرف مدى فعاليته»، ويمكن تقسيم العملية إلى6 مراحل (تصميم اللقاح)، إذ يدرس العلماء مسببات الأمراض، ويقررون كيف سيتمكن الجهاز المناعى من التعرف عليه وإجراء دراسات على الحيوانات، ويتم فيها اختبار اللقاح الجديد على نماذج حيوانية، من أجل البحث فى فعاليته وإثبات أن ليس له آثار ضارة شديدة.

 

 

صراع دولى: 35 شركة تبحث عن لقاح

 

 

كشفت صحيفة الجارديان البريطانية أن هناك 35 شركة ومعهدا أكاديميا تحاول إنتاج لقاح لعلاج فيروس كورونا، وأكدت 4 منها أن لديها عينات تم اختبارها على الحيوانات يعود الفضل فى هذه السرعة غير المسبوقة إلى الجهود الصينية المبكرة، التى عرفت تسلسل المادة الوراثية لـ(Sars-CoV-2)، الفيروس الذى يقال إنه المسبب لـ«كوفيد - 19» إذ شاركت «الصين» فى معرفة المواصفات الجينية للفيروس الجديد أوائل يناير الماضى، ما سمح لمجموعات البحث فى جميع أنحاء العالم بزراعة الفيروس الحى، ودراسة كيف يغزو الخلايا البشرية.

 

وأكد مدير المعهد الوطنى للحساسية والأمراض المعدية الأمريكى أن العلماء الصينيين استغرقوا 65 يومًا فقط، لمعرفة التسلسل الجينى للفيروس.

 

وتقوم بعض المجموعات البحثية مثل: «مستشفى بوسطن للأطفال» بفحص أنواع مختلفة من المواد المساعدة التى تساعد على تضخيم الاستجابة المناعية، وفقا لجريدة هارفارد، فإن هذا النهج هدفه المسنّين، الذين لا يستجيبون بشكل فعّال عند التطعيم إذ يأملون من خلال دراسة المواد المساعدة لتعزيز اللقاح، أن يمكن تطعيم كبار السن بمزيج من المكونات، التى من شأنها أن تزيد من مناعتهم.

 

على جانب آخر، قال رئيس مختبر فى معهد حكومى للتكنولوجيا الحيوية، إن العلماء الروس بدأوا فى اختبار النماذج الأولية للقاح الفيروس ويخططون لتقديم أكثرها فعالية بحلول يونيو إذ قال إيلناز إماتدينوف من «معهد فيكتور» في تصريح متلفز، الاثنين الماضى، إنه «تم إنشاء النماذج الأولية.. نبدأ الاختبارات المعملية على الحيوانات، لضمان الفعالية والسلامة».

 

أما جريدة «الشعب اليومية» الصينية، فقد نشرت تقريرًا حول تحالف استراتيجى بين شركة الأدوية الألمانية «بيونتيك»، ومجموعة «فوسون جروب» الصينية، لتطوير وتسويق لقاح ضد مرض (COVID-19) في «الصين»، وستجرى الشركتان الألمانية والصينية تجارب سريرية على لقاح أطلق عليه اسم (mRNA). وبموجب الاتفاق، ستقوم فوسون الصينية بتسويق اللقاح في الصين بعد الموافقة التنظيمية، بينما تحتفظ الشركة الألمانية «بيونتيك» بحقوق تطوير اللقاح، وتسويقه فى بقية دول العالم.

 

كما ذكر موقع CNET الأمريكى أنه تم استخدام دواء فيروس نقص المناعة البشرية فى «الصين» لعلاج (COVID-19)، ووفقا لبيان صادر عن شركة AbbVie، وهى شركة أدوية مقرها إلينوى، وقد تم توفير العلاج كخيار تجريبى للمرضى الصينيين خلال الأيام الأولى لمكافحة الفيروس.

 

على صعيد آخر، طرح دواء استخدم لعلاج الملاريا منذ 70 عامًا، وهو «كلوروكين»، كمرشح محتمل، وقد أوضح موقع «CNET» أن الدواء يبدو قادرًا على منع الفيروسات من الارتباط بالخلايا البشرية، والدخول إليها للتكاثر، كما أنه يحفّز الجهاز المناعى، لافتًا إلى دراسة صينية صادرة عن جامعة قوانجدونج أفادت أن «كلوروكين» حسّن نتائج المرضى، وقد يحسن معدل نجاح العلاج، ويقصّر الإقامة فى المستشفى.