الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ميس مامى!

لم يعد 21 مارس من كل عام عيدًا للأم فقط، بل تحوَّل إلى موسم لشراء الهدايا لكل مَن يتعامل مع الأبناء عدا الأم نفسها التى بدلًا من الجلوس مُكرَّمة فى منزلها تنتظر هدية عيدها، تدّخر من مصروف منزلها من أجل «هدية الميس»!.



 

مع بداية شهر مارس من كل عام، تبدأ حيرة الأم للاستقرار على الهدية المناسبة لمُدرسات أطفالها، بعد أن تحوَّل اليوم لما يشبه فرض إتاوات على أولياء الأمور، تذهب لجيوب المُدرسات، وكذلك يوم إظهار الرضا وكسب الوُدّ بين المُعلمات والطلاب، ورُغم تنبيه العديد من الإدارات التعليمية على مُدرسيها بعدم قبول هدايا من الطلاب؛ فإن الأمور لا تتغير من عام إلى آخر.

 

 

تختلف أنواع الهدايا التى يقدمها الطلاب لمعلماتهم، والتى تبدأ من وردة صغيرة مرروًا بالملابس والاكسسوارات والبرفانات وصولًا إلى هدايا قيّمة تقدّر قيمتها بآلاف الجنيهات، ومنها الغريب ومنها ما تطلبه المُدرسة لنفسها، وهو ما نرصده فى التقرير التالى:

 

 

قلم تالف

 

 

«هاجر إيسر»- معلمة لغة إنجليزية- قالت إنه فى احتفالية عيد الأم التى تقيمها المَدرسة فى 21مارس من كل عام، يعتاد تلاميذ مرحلة kg2، على جلب الهدايا، وأغلب الأوقات تكون (ورْد) للتعبير عن الحب المتبادل، ومن أغرب وأجمل الهدايا التى تلقّتها كانت من طفل رفضت والدته إعطاءه فلوس لشراء هدية، فأتى بقلم تالف من إحدى ألعابه رسم به قلبًا وقدّمه هدية.

 

تضيف: «رُغم الهدايا القيمة التى منحها لى الأطفال؛ فإنها أكثر هدية لمست قلبى؛ لأنه مَن فكّر وصَنعها بنفسه، وفرحته وهو بيجرى ليعطيها لى ممزوجة بشعور أنه يمنحنى أغلى حاجة فى الدنيا.. كانت أغرب وأكثر هدية سعدتُ بها على الإطلاق، وفى اليوم التالى منحته هدية».

 

 

بنطلون فيزون

 

غالبًا ما تكون الهدايا، التى تتلقاها «حنان المحمدى»- مُدرسة لغة عربية (35 عامًا)- من الطلاب بين عطور وورود، ويكون اختيارها من أولياء الأمور وليس الأطفال نظرًا لصغر أعمارهم، لكن فى احتفالية عيد الأم العام الماضى قدّم لها أحد الأطفال هدية مغلفة كانت أكثر الهدايا غرابة وإحراجًا بالنسبة لها : «كان داخل العلبة بنطلون فيزون ملون، ما أصابنى بالفزع والضحك معًا».

 

وقالت: تحدثتُ مع الطفل بمفردنا عن مَن اشترى هذه الهدية، وكانت المفاجأة أن الطفل هو مَن حَوّش المال واشترى الهدية بمفرده من دون علم والدته، وكان سعيدًا للغاية»،. لافتة إلى أن الطفل فى الصف الثالث الابتدائى، ما جعلها تتقبل الأمْرَ وتشكره دون ملاحظات. 

 

 

حروف أسماء الطلاب

 

 

أمّا «نورهان سلامة»- مُدرسة رياضيات لطلاب kg1- فكانت أكثر الهدايا كوميديا من طفلة قررت أن تشترى لها هدية مكتوب عليها أول حرف من اسم الطفلة نفسها، وعندما سألتها لماذا اخترتِ حرفك وليس حرفى أجابت بكل تلقائية: «عشان بحبك يا ميس وعايزة حضرتك تحبينى كل ما تشوفى المج»، وبالفعل كل مَرّة أرى فيها الكأس أضحك ويزداد حُبى لها.

 

معلمة أخرى بإحدى مدارس الإعدادية، جلبت لها إحدى الطالبات فوطة مكتوبًا عليها «شفيتم»، وكانت ضمن احتفال رسمى من المَدرسة، وكانت أكثر الهدايا استفزازًا، وذهبت إلى مكتب الإخصائية الاجتماعية، وطلبت منها أن تساعدها فى كيفية التصرف: «كنت حاسّة أن المقصود بالهدية إهانتى».

 

وأوضحت، إنه ثمة خلاف كان بينها وبين الطالبة يتعلق بمدى الانضباط السلوكى داخل الفصل، وبالفعل اتفقنا على قبول الهدية وشكرت كل الطلاب على هداياهم، وبعد أسبوع خصصتُ الحصة كاملة عن آداب التعامل مع الكبار ومن بينها فن اختيار الهدايا، دون توجيه أى حديث للطالبة: «شعرتُ أن هذا هو دورى أن يعلم كل الطلبة أن الأمر لم يمر كما تعتقد الطالبة، لكنى تصرفت كمُعلمة».

 

سمارت فون

 

فوجئت «إيمان أحمد»- مهندسة اتصالات، وليّة أمر لتلميذة فى إحدى مدارس اللغات- بتخطيط ابنتها مع صديقاتها لشراء موبايل- سمارت فون- لمُعلمتهم: «رُغم التكلفة لم أعترض اعتقادًا منّى أن الأمر نابع من حُب الطلاب للمُعلمة، ولكنى فوجئت بها تحدثنى أن المُعلمة هى من طلبتْ ذلك بشكل مُزحة من الطلبة المقربين لها».

 

وأضافت: «استفزنى الأمر، ورفضت تمامًا أن يقوم الطلبة بشراء هدية؛ لأنه ليس فرضًا مَدرسيّا عليهن، ولا بُدَّ أن تخجل المُعلمة من طلبها، وقررتُ أن أذهب لمديرة المَدرسة والتحدث فى الأمر بعد أن وجدت ابنتى وصديقتها مُصرّتين على شراء الهدية». مشيرة إلى أنهما بعد أن علمتا بأمر ذهابى لمديرة المَدرسة غضبتا ورفضتا خوفًا على علاقتهما بمُعلمتهما، وواتفقتا معى، على عدم شراء الهدية مقابل ألّا أذهب لمديرة المَدرسة. 

 

صك الرضا

 

فى بعض المدارس تُعد هدية عيد الأم بمثابة «صك رضا» من المُعلمة على طلابها وبحسب قيمة الهدية يزداد الرضا!!، تقول «مها ناصر»- إحدى الأمهات: «ابنتى فى مَدرسة تجريبى، وكل عام فى احتفالية عيد الأم تُصر على شراء هدية لكل معلماتها، وأصبح الأمرُ عبئًا علينا فى المنزل؛ لذلك رفضتُ أن تجلب ابنتى هدايا وتحدثتُ معها أن الوردة شىء قيّم يمكن تقديمه للتعبير عن الحب.. لكنها ظلت تبكى وترفض حتى تحدثت معى أن المعلمات سيكرهنها وستتغير معاملتهن لى كما يحدث مع بعض الطلبة فى الفصل، وهذا أزعجنى جدّا واضطررتُ أن أذهب معها فى الاحتفال وتقديم الورود، وتحدثت مع المعلمات أن الفتاة تشعر بالخجل من الأمر وأن يحتفوا بالورد، حتى لا تشعر بأنها أقل من صديقاتها».

 

من جانب آخر رفضت مدارس عديدة تلقّى الهدايا بكل أشكالها، وفى بادرة طيبة قررت إحدى المدارس، بمنطقة العباسية، طرح مبادرة إيجابية، بالتبرع بقيمة الهدية لمستشفى بهية؛ لتستفيد منها الأمهات المريضات غير القادرات على نفقات العلاج، مؤكدين أن المُدرسة يكفيها كلمة مَحبة وشكر وكارت بسيط، وستصل الرسالة لها، وستقدر ما تحمله الطالبات من مشاعر نبيلة وتقدير لجهودها معهم.

 

 

طقوس الاحتفال

 

تختلف طقوس الاحتفال بعيد الأم فى الدول بعضها البعض، فينتظر الأطفال عيد الأم فى كرواتيا؛ حيث يقوم الأطفال بمساعدة والدهم بتقييد الأم أثناء نومها وعندما تستيقظ تجد الغرفة مليئة بالهدايا والورود مع إفطار شهى والحلوى المحببة لها.

 

وفى تايوان؛ حيث يتزامن عيد الأم مع الاحتفال بعيد ميلاد الإله «بوذا» فى الديانة البوذية، وهى الديانة الرسمية فى تايوان، تبدأ مَظاهر الاحتفال فى بداية اليوم بالشعائر الدينية ويسهر المواطنون ليلًا وسط مهرجانات شعبية فى شوارع تايوان احتفالًا بالعيدين معًا وإقامة شعائر دينية تُعبر عن مكانة الأم وقدسيتها فى الديانة البوذية.. أمّا فى السويد، فيبدأ الأطفال بمساعدة والدهم بإعداد وجبة الإفطار والحلوى وترتيب المنزل، وتجلس الأم فى الفراش لتأخذ قسطًا من الراحة من الأعباء اليومية.