الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

طلاق قبل الزفاف!

كثيرًا ما يتم إلغاء أفراح وفشل زيجات فى اللحظات الأخيرة لأسباب تافهة.. وكثيرًا ما تحدث خلافات بين أهل العروسين بسبب أشياء صغيرة.. فربما نجد عريسًا يفسخ خطبته لأن فستان الزفاف الذى اختارته عروسه لم يعجبه.. أو للاختلاف على الشبكة أو دعوات الفرح أو على المكان الذى يقيمون فيه حفل الزفاف.. والمدهش أن تلك الخلافات رغم بساطتها فإنها تتطور بسرعة مذهلة وتصنع أزمات بين الطرفين تؤدى لإلغاء الزواج والانفصال.



قبل الدماء

كنت قد دُعيت لحفل زفافها بمحافظة قنا بصعيد مصر.. فقد أخبرتنى أنها ستتزوج من حب عمرها.. كان زميلها فى جامعة أسيوط.. لكنه من قرية أخرى تبتعد عن قريتها ومن عائلة معروفة من عائلات الصعيد.. وقد بدأت قصتهما منذ التحاقها بالسنة الأولى بكلية الطب، بينما هو كان بالفرقة الثالثة.. ربما كان حبًا من النظرة الأولى منذ أن التقى بها فى الكلية بصحبة شقيقته الصغرى.

صداقتها لشقيقته سهلت قصة الحب بينهما فكانت تتبادل الزيارات مع شقيقته فى الإجازات  فتلتقى به وحبهما يكبر يومًا بعد يوم.. حتى إنه يعدها بأنه سيتقدم لخطبتها بعد التخرج.. ويفى بالوعد بعد تخرجه ويتقدم لخطبتها بالفعل ويوافق والدها ويتم عقد قرانهما ويتم تأجيل الزفاف  لبعد تخرجها.

وخلال هذه الفترة كان العريس يقوم بإعداد شقة الزوجية.. وعلى حسب تقاليد الصعيد يكون كل الأثاث على العريس، بينما تحضر العروس الأجهزة الكهربائية وأدوات المطبخ والستائر.

وقبل سفرى لحضور حفل الزفاف أتلقى تليفونًا من والدة العروس تعتذر لى وتخبرنى بإلغاء حفل الزواج وطلاق ابنتها المعقود قرانها قبل دخلتها بأسبوع!

وتسرد ما حدث بأنه قبل الزواج بأيام ذهبت أسرة العروس لبيت العريس لنقل أشياء العروس وفرش شقة ابنتهم وترتيبها.. وقد ذهبوا بدون العروس.. فحسب تقاليد الصعيد يجب ألا ترى العروس شقة الزوجية إلا يوم زفافها مهما كانت متعلمة وتشغل منصبًا مرموقًا.. وكان والد العروس وأشقاؤها هم من يقومون بنقل الأدوات الكهربائية بينما تقوم والدتها وخالاتها وعماتها  بترتيب المطبخ وتنظيم أطقم الأوانى الكثيرة التى أحضرتها العروس.. ورص الدولاب والمفروشات، ولم يتبق لهم سوى تعليق الستائر.

ورغم تعبهم فإنهم أصروا على الانتهاء من إعداد الشقة وفرشها وكان ذلك بحضور عائلة العريس التى تسكن فى نفس البيت.. انتهوا من ترتيب كل شىء  فى حين لم يكن والد العريس موجودًا.. لكنه قد جاء فى نفس اليوم متأخرًا.. وفوجئ أبو العروسة بوالد العريس ينتقد الستائر ويتهم أهل العروس أنهم أحضروا ستائر رخيصة لا تليق بشقة ابنهم الطبيب.. وطالبهم بتغييرها مما أثار غضب والد العروس.. فرد عليه بغضب وتحدٍ بأنه لن يغير الستائر لو انقلبت السماء على الأرض!

كبر الموضوع فى رأس أبوالعريس حتى إنه هدد والد العروس أنه لن يتمم زواج ابنه من ابنته فى حالة عدم تغيير الستائر.. مما زاد من غضب وثورة والد العروس الذى أصر هو الآخر على عدم إتمام زواج ابنته الطبيبة من ابنه وأنه لن يورط نفسه وعائلته بمثل هذا النسب غير المشرف.. ورغم أن ابنته كان معقودًا قرانها على زميلها الطبيب؛ فإن والدها أصر على طلاقها قبل الزفاف.. فرفض العريس وتمسك بعروسه أمام أبيه وأبيها.. ولكن مع إصرار الوالدين وحتى لا تحدث خلافات بين عائلتين كبيرتين من الصعيد، تدخل كبار رجال العائلتين  للضغط على العريس كى يطلق عروسه التى لم يدخل بها.. وبالفعل يقوم بتطليق الفتاة الوحيدة التى أحبها خوفًا من تفاقم المشكلة بين العائلتين والتى ربما تصل للدماء لو أصر على موقفه ورفض طلاقها.

ويتم إلغاء الزواج وكسر قلب حبيبين قبل زفافهما بأيام قليلة.. والسبب خلاف على الستائر!

قاعة أفراح

كلما جلست مع أحد يسألها نفس السؤال: لماذا لم تتزوجى حتى الآن.. فتجيب بضحكة يشوبها مرارة: لأننى لم أجد قاعة أفراح أقيم بها فرحى!، مما يصيب من يسمعها بالدهشة.. لكنها تستطرد وتحكى قائلة: لقد ألغى زواجى بعدما تم تحديد موعد الزواج.. وذلك بسبب القاعة التى سنقيم بها الفرح، حيث كان خطيبى من عائلة ثرية.. يدعى أفرادها الرقى بينما تؤكد سلوكياتهم أنهم (محدثو نعمة) ..فهم ماديون بما تحمله معنى الكلمة لا حديث لهم إلا عن المال والأملاك وعن الملابس البراندات التى يرتدونها والمطاعم الفاخرة التى يدخلونها.. كما كان أبوه يغالى فى طلبات الزواج التى يجب أن تحضرها العروس.. واتفق مع أبى أن يكون الأثاث مناصفة بين أهل العريس وأهل العروس.

ورغم أن أبى لم يكن بالمستوى المادى المرتفع الذى عليه أهل خطيبى فإنه حاول بقدر الإمكان أن ينفذ طلباتهم المبالغ فيها، حيث كان خطيبى ووالده يختاران أثاثًا مرتفع الثمن ويجبران أبى أن يدفع النصف.. وكان أبى يذعن لطلباتهما حتى لا يغضبنى أو يقلل من شأنى أمامهما، مما كلفه الكثير وجعله ينفق ما كان يدخره للزمن من مال.. ولكن بقى أن يدفع نصف تكلفة حفل الزفاف.. والذى أصر والد العريس أن يكون فى أحد الفنادق الخمس نجوم.

بينما أراد والدى أن يكون الفرح فى فندق متوسط أو فى أحد النوادى حتى يستطيع أن يدفع النصف مع العريس.. خاصة أن تكلفة الحفل فى الفندق الشهير الذى اختاره والد العريس ٣٠٠ ألف جنيه وكان مطلوبًا من أبى أن يدفع ١٥٠ألف جنيه للفرح! ولم يكن أبى يملك المبلغ.. ولكن خطيبى ووالده يصران على هذا الفندق.. ووالدى يؤكد لهما أنه قد أنفق كل ما معه على الأثاث وتجهيز الشقة.. لكن والد العريس يصر على الفندق الذى اختاره لعقد القران.. ويتهم والدى بالبخل.

ولم يبق أمام أبى إلا أن يبيع البيت الذى ورثه عن جدى والموجود بمدينة المنصورة.. وذلك كى يستطيع أن يدفع نصف تكاليف حفل الزفاف.. لكننى رفضت أن يبيع أبى البيت.. لأننى أعلم مكانة هذا البيت فى قلبه وكيف أنه يحمل ذكريات طفولته وصباه.. وكان أبى دائمًا يقول لنا أن يستقر فى بيته بالمنصورة حين يخرج للمعاش.. وقد أخبرت خطيبى بذلك وطلبت منه أن يلغى فكرة حفل الزفاف من الأساس ونكتفى بعقد قراننا بأحد المساجد الكبرى وندعو فيه أقاربنا وأصدقاءنا.

كما أؤكد له أن والدى لا يملك ١٥٠ ألف جنيه ليدفعها للفندق وأنه سيضطر لبيع بيت والده من أجل إقامة حفل زفافى وأننى لن أقبل أن يضحى أبى ببيته العزيز عليه من أجل أن يقيم لى فرحًا فى فندق كبير! .. ولكن خطيبى يصر على إقامة الحفل فى فندق خمس نجوم.. وأنه على والدى أن يتصرف ويدفع المبلغ المطلوب منه بأى طريقة.. لكننى أصررت على موقفى فى عمل حفل صغير أو نكتفى بعقد قراننا فى المسجد بين الأهل والأصدقاء ولا داعى لفرح كبير .. وتتفاقم الخلافات بيننا بسبب حفل الزفاف ونفسخ خطبتنا قبل زواجنا بأيام. >